سجّلت مستشفيات العاصمة الجزائرية أرقاماً مرعبة عن النساء ضحايا الاعتداء الجنسي. فمنذ بداية العام الحالي، أحصى قسم الطب الشرعي في «مستشفى مصطفى باشا»، أكبر هيكل طبي في البلاد، 189 حادثة من هذا النوع.
أما «مؤسسة ترقية الصحة»، فتحصي 2000 اعتداء كل عام. وتتراوح أعمار الضحايا بين 4 سنوات و22 سنة، وفق تقارير متخصّصين.
وفي هذا السياق، نقل موقع «الصحة» الإلكتروني المتخصّص، عن رئيس مصلحة الطب الشرعي في «مستشفى مصطفى باشا» الطبيب رشيد بلحاج، أنّ النساء ضحايا الاعتداء الجنسي، يستفدن من علاج نفسي بغرض تجاوُز الصدمة بعد الاعتداء، كاشفاً عن أنّ التحقيقات حول ظروف الاعتداءات، أظهرت أنّ بعضها مصدره فرد في العائلة والجيران، داعياً آباء الضحايا إلى «مراقبة تصرّفات بناتهم، خصوصاً اللاتي يستعملن الهواتف الذكية، لكونهنّ يقعن بسهولة في قبضة (المفترسين الجنسيين)»، وفق تعبيره.
يطرح ناشطو جمعيات تُحارب هذه الظاهرة، صعوبات تحول دون تنفيذ أعمالهم بنجاح، منها أنّ الفتيات الضحايا لا يُبلّغن، في كثير من الأحيان، عما يتعرّضن له، لعدِّ بعض المجتمع الجزائري الاعتداء الجنسي بمثابة «تابو»، فتفضّل الضحية الصمت خوفاً من «انتشار الفضيحة»، خصوصاً إذا كان «الجلاد» من العائلة أو الأقارب، وفق تقرير لـ«الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل» المعروفة بـ«ندى».
وصرَّح المحامي وعضو «الشبكة» فؤاد غلام الله، لموقع «الصحة»، بأنّ النصوص القانونية المُحارِبة للاعتداء الجنسي ضدّ الأطفال والنساء، عُزِّزت منذ عام 2015، لكنه أشار إلى «معوقات» تجعل منها «مجرّد نصوص مكتوبة؛ أهمها، قلة البلاغات عن الاعتداءات»، مؤكداً أنه «عندما يُبلَّغ عن حالة اعتداء، تستفيد المرأة المعنية من الرعاية فوراً».
وشدّد المحامي على «أهمية نشر الوعي في المجتمع بخصوص التحذير من آفة الاعتداءات الجنسية»، موضحاً أنّ العام الدراسي الجديد، «يمكن أن يشكّل فرصة لإثارة الموضوع، وحضّ الضحايا على التحدّث»، داعياً وسائل الإعلام إلى الانخراط في مسعى التوعية بالقضية.
وتعالت أصوات في السنوات الأخيرة تطالب بتطبيق عقوبة الإعدام ضدّ مَن يثبت تورّطه بتهمة الاعتداء الجنسي. والمعروف أنّ حكم الإعدام تصدره المحاكم، لكنّ تنفيذه متوقف منذ عام 1992 جراء ضغوط حكومات غربية ومنظمات حقوقية دولية.
بدوره، قال رئيس «مؤسسة ترقية الصحة» الطبيب الباحث مصطفى خياطي، في تصريحات، إنّ تقديراته بشأن الاعتداءات الجنسية تؤكد أنّ «نحو 2000 حالة تقع سنوياً، ويشكل الأطفال 90 في المائة من الضحايا». ويقول إنّ الحالات التي تعامل معها «أظهرت نتائج نفسية كارثية على الضحايا الذين يعيشون صدمات، بينما يظل الجرح مفتوحاً يرافقهم مدى العمر». ومن مظاهر المعاناة، وفق خياطي، الإدمان على المخدرات واللجوء إلى العنف، فضلاً عن الإصابة باضطرابات عصبية، وصعوبات في النوم، مشيراً إلى أنّ آثار الاعتداء الجنسي مختلفة ومتنوّعة.