أغلى «قهوة» في العالم مُستخرجة من روث الطيور

تُوَزَّع في متاجر شهيرة بينها «هارودز» في لندن

الاعتماد على شهية جاكو لبذور البن (شاترستوك)
الاعتماد على شهية جاكو لبذور البن (شاترستوك)
TT

أغلى «قهوة» في العالم مُستخرجة من روث الطيور

الاعتماد على شهية جاكو لبذور البن (شاترستوك)
الاعتماد على شهية جاكو لبذور البن (شاترستوك)

في مزرعة «كاموسيم» الواقعة في منطقة جبلية ريفية في دومينغوس مارتينز، في ولاية إسبيريتو سانتو، جنوب شرقي البرازيل، ينمو نبات البنّ في غابة كثيفة الأشجار. وتنتج البرازيل أحد أنواع القهوة الأغلى في العالم، من حبوب مُستخرجة من روث الجاكو، وهو نوع من طيور الدراج يعيش في الغابات الاستوائية، حسب وكالة «الصحافة الفرنسية».

الجاكو وهو نوع من طيور الدراج (شاترستوك)

يقول إنييل كوستا (23 عاماً) وهو يجمع الفضلات الثمينة بين جذعي إحدى الأشجار، إنّ طائر جاكو الذي يعشق حبوب البنّ «يختار منها أفضل البذور وأكثرها نضجاً». كما يقول صاحب المزرعة، إنريكه سلوبر، وهو من محبي الزراعة الحيوية: «من دون هذا النموذج من الزراعة الحرجية المستدامة، سيكون من المستحيل إنتاج قهوة جاكو».

ويذكر أن الكيلوغرام الواحد من هذا المنتج يُباع في البرازيل لقاء 1118 ريالاً (نحو 229 دولاراً)، وبسعر أعلى عندما يُصدَّر إلى الخارج، إذ يُوَزَّع في متاجر كثيرة في مختلف أنحاء العالم، بينها «هارودز» البريطانية.

ويذكر أيضاً أن «جاكو»، وهو طائر بري ذو ريش أسود وحلق قرمزي، لم يكن في السابق مرغوباً فيه في مزرعة «كاموسيم» لأنّه كان يُعد آفة تهدد المحاصيل.

وقرر إنريكه الاستفادة من هذا الطائر، والكف عن اعتباره عدواً لمزرعته، عندما اكتشف قهوة «كوبي لواك» التي تُصنّع في إندونيسيا من فضلات الزباد، وهو حيوان صغير من الثدييات يبدو كأنه مزيج بين ابن عرس والقط البري.

موظفون يقفون خلف حانة مقهى في صنعاء (أ.ف.ب)

وبينما يحظى إنتاج قهوة «كوبي لواك» التي تباع أيضاً بسعر مرتفع، بتنديد واسع لارتباطه بسوء معاملة حيوانات الزباد التي تعيش في الأسر، فإنّ طائر جاكو البرازيلي يتمتع بحريته في البرية.

ويؤكد المشرف على الإنتاج في المزرعة روجيريو ليمكه، أنّ جاكو يعيش في موئله الطبيعي، وهو غابة ماتا أتلانتيكا (غابة الساحل الأطلسي البرازيلي).

ويقول: «إنها منطقة محمية (...)، ونحن لا نستخدم أي منتج كيميائي» في زراعة البن. وفضلات جاكو مماثلة نوعاً ما للوح من الحبوب تبرز فيه حبوب لونها بيج ضمن كتلة سوداء. وبعد جمعها، تخضع الفضلات للتجفيف في دفيئة. ثم يجري فرز الحبوب وتقشيرها بدقة قبل وضعها في غرفة باردة.

ويقول إنريكه: «إنّ العملية تتطلب جهداً كبيراً، ولهذا السبب نبيع المنتج بسعر مرتفع»، مضيفاً: «من المستحيل إنتاج قهوة جاكو بتكلفة منخفضة. إنه منتج نادر، وإنتاجه ليس بعملية مؤكدة لأنّه يعتمد على شهية جاكو» على بذور البن. وتشكّل القهوة المستخرجة من فضلات الطائر أقل من 2 في المائة من إجمالي إنتاج المزرعة.

ويضيف إنريكه: «إنّ الطائر يساعدنا على تحديد أفضل وقت لقطف البن؛ لأن انكبابه على الأكل يعني أنّ الحبوب قد نضجت».

ويوضح المتخصص في القهوة إنسي نيتو، أنّ «عملية الهضم لدى جاكو سريعة جداً؛ إذ تستمر لبضع ثوانٍ فقط». وهذه العملية أبطأ بكثير لدى حيوانات الزباد والفيلة التي يُستخدم روثها أيضاً لإنتاج هذا النوع من القهوة في تايلاند.

ويضيف نيتو: «لا يوفّر جاكو أي نكهة إضافية للقهوة؛ لكن الفرق الرئيسي الوحيد هو أنه يختار أفضل أنواع الحبوب؛ لأنه يسترشد بغريزة البقاء».

وبما أن الحبوب التي يتناولها تكون ناضجة جداً، فذلك يوفّر «قهوة ذات ملمس وحموضة جيدتين».

وتقول بوليانا كريستيانا بريغو، وهي سائحة برازيلية تبلغ 37 عاماً، حضرت إلى المزرعة لتذوق قهوة جاكو، إنّ «هذه القهوة لذيذة وقصة إنتاجها مميزة جداً. إنها تجربة جديدة لنا».

ويشير إنريكه إلى أن «زبائن المزرعة من محبي المنتجات الاستوائية؛ لكنّهم أيضاً أشخاص يعتبرون أن فكرة التنمية المستدامة مهمّة».

ويرى أنّ «مستقبل القهوة يكمن في البرازيل». فالدولة اللاتينية التي تشكل أوّل منتج لهذه القهوة في العالم «بدأت تسوّق نفسها بصورة أفضل، لتظهر أنها قادرة على صنع قهوة لا مثيل لها في أي منطقة أخرى».

موظف يعد~ طلب قهوة لأحد العملاء في مقهى (أ.ف.ب)


مقالات ذات صلة

ماذا يحدث لجسمك عند تناول رشفة من الكافيين؟

صحتك لا يقتصر حب القهوة على تناول فنجان أو اثنين في اليوم... فمنهم مَن يشرب 50 منها (رويترز)

ماذا يحدث لجسمك عند تناول رشفة من الكافيين؟

يرصد التقرير كيف يؤثر الكافيين علينا ويسبب تغيراً بيولوجياً في أجسامنا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد نائب أمير منطقة جازان يدشن المركز وإلى جانبه نائب الرئيس للشؤون العامة في «أرامكو» خالد الزامل (أرامكو)

«أرامكو» تدشّن مركز تطوير البن السعودي في منطقة جازان

دشّنت «أرامكو السعودية» مركز تطوير البن السعودي في جازان ضمن مبادرات المواطنة التي تقدمها لدعم زراعة وإنتاج البن في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (الظهران)
يوميات الشرق لا يقتصر حب القهوة على تناول فنجان أو اثنين في اليوم... فمنهم مَن يشرب 50 منها (رويترز)

ومن البُنِّ ما قتل... مشاهير أدمنوا القهوة فشربوا 50 فنجاناً في اليوم

وصل هَوَس الكاتب هونوري ده بالزاك بالقهوة حدّ تناول 50 فنجاناً منها يومياً، أما بريتني سبيرز فتشربها بالـ«غالونات». ما سر هذا المشروب الذي أدمنه المشاهير؟

كريستين حبيب (بيروت)
صحتك توصي الإرشادات الدولية النساء الحوامل بالحد من كمية القهوة التي يقمن بتناولها (أ.ب)

هل يتسبب شرب النساء الحوامل للقهوة في إصابة أطفالهن بفرط الحركة؟

هل يتسبب شرب النساء الحوامل للقهوة -حقّاً- في إصابة الأطفال ببعض الاضطرابات العصبية، مثل اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك كوب من القهوة وكابتشينو في متجر في بوغوتا - كولومبيا (أرشيفية - رويترز)

دراسة تحذر من الإفراط في القهوة... ومفاجأة عن «الشاي بالحليب»

أشارت دراسة جديدة إلى أن تناول المشروبات الغازية وعصائر الفاكهة، وأكثر من أربعة أكواب من القهوة يومياً قد يزيد بشكل كبير من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

معرض قاهري يستلهم جمال «حتحور»

«حتحور» تحضر في لوحات فنية بوسط القاهرة (الشرق الأوسط)
«حتحور» تحضر في لوحات فنية بوسط القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

معرض قاهري يستلهم جمال «حتحور»

«حتحور» تحضر في لوحات فنية بوسط القاهرة (الشرق الأوسط)
«حتحور» تحضر في لوحات فنية بوسط القاهرة (الشرق الأوسط)

خَلّد المصريون القدماء اسم «حتحور» رمزاً للحب والجمال؛ وأعاد فنانون مصريون استلهام هذا الرمز بما يحمله من معانٍ ودلالات في فعاليات مختلفة، ضمن أسبوع ثقافي تشهده العاصمة المصرية القاهرة، من بينها معرض «حتحور وسط البلد»، الذي يستضيفه مركز «الفاكتوري» حتى 16 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.

ويتزيّن بهو المكان بنحو مائة لوحة للفنانة المصرية لينا أسامة، تتراوح في أحجامها وكذلك في تنويعات استلهامها لـ«حتحور» التي تتسيّد بطولة اللوحات، وإلى جانب كونها رمزاً للحب والجمال في مصر القديمة، فهي أيضاً كانت «منبعاً للموسيقى والأمومة»، كما تشير لينا أسامة في حديثها مع «الشرق الأوسط».

وتضيف: «تلك الثيمات التي اجتمعت لدى (الإلهة حتحور)، كانت مُلهمة بشكل كبير لتنظيم تلك الفعالية، التي تحاول كسر الشكل التقليدي للمعرض الفني، بجعل المعرض نفسه مناسبة لاستضافة فعاليات فنية مختلفة تتناغم مع اللوحات وفلسفتها».

وخلال أسبوع «حتحور وسط البلد»، يجري تنظيم فعاليات تتحاور مع اللوحات، منها جلسات شِعر وموسيقى وغناء، وكذلك محاضرات حول أسطورة «حتحور»، وفلسفة الفنون البصرية في مصر القديمة، وكذلك نظرة حول الطعام في مصر القديمة، وعرض أزياء يستلهم التراث ويستفيد من ثيمات الموسيقى والأمومة التي تُعززها «حتحور» في الأسطورة المصرية القديمة، وكذلك عروض أفلام.

«كما ستكون هناك أيضاً ندوة للقائمين على مستشفى (بهية) خلال أسبوع الفعالية، المتخصصة في الكشف المُبكر وعلاج سرطان الثدي للسيدات، وهي محاولة لدمج الفن مع مُعطيات اجتماعية شديدة الحساسية والأهمية»، كما تقول صاحبة المعرض لينا أسامة.

أبعاد مختلفة لعرض اللوحات في معرض «حتحور وسط البلد» (الشرق الأوسط)

وتدعم المساحة المفتوحة التي يُقام بها معرض «حتحور وسط البلد»، المفهوم الفني للفعالية التي تستقبل على مدار أسبوع عدداً كبيراً من الفنانين والمتحدثين، الذين تجتمع أعمالهم حول مفردات «الجمال» و«الأمومة» و«الموسيقى» المُشتقة من عالم «حتحور»، كما تُعزز جدران المكان ذات الملمس الخشن والعفوي التجربة البصرية المُفعمة بالألوان المُشتقة من «البالتة» المصرية القديمة، لا سيما درجات الأزرق والأخضر والأصفر التي تستدعي إيقاعات قصة الحضارات القديمة على ضفاف النيل في قالب مُعاصر مفتوح على التجريب واللعب مع الخامات.

وخلال التجوّل بين لوحات المعرض، تقترب لينا من لوحة بعنوان: «مدينة مشتركة»، تُبرز فيها طبقات زمنية متراكمة ومتداخلة، وتقول: «تعلّمتُ مفهوم تكسير الزمن من دراستي لفن السينما، وتحديداً فن المونتاج، وصار التحدي الذي أمارسه هو توظيف تلك التقنية داخل اللوحة».

اللوحات تستلهم الأسطورة المصرية في قالب معاصر (الشرق الأوسط)

ويُمثل الزمن السيّال في اللوحات أحد أبرز عناصر تشكيلها، أما «حتحور» فهي إما حاضرة بهيئتها الأسطورية القديمة بصفتها امرأة بأذني «بقرة»، وإما بدلالتها المتخفية وراء أوجه النساء والفتيات التي لا تخلو منها أعمال المعرض، وربما تحضر بهيئتها القديمة في سياقات حديثة يتبادل بها عاشقان الحب في مدينة متخيّلة وزمن غير محدد، وتُضاعف الفنانة من سريالية المشهد بحضور ديناصورات من زمن الانقراض، لتُجاور فتيات في لقطة «سيلفي» عفوية.

لوحات المعرض شهدت تنويعات بين الأساطير والحياة اليومية (الشرق الأوسط)

أما الموسيقى التي تُنسب كذلك لـ«حتحور»، فقد وجدت سبيلها إلى المتن التشكيلي للأعمال، عبر تشكيلات الراقصات التي ظهرت في بعض اللوحات لتمنحها بُعداً سينوغرافياً، يستفيد من عناصر اللوحة، ويضيف إليها، في حين يظهر الرقص في سياقات معاصرة ترتبط بالأمومة بتنويعاتها وهوامشها المختلفة، كما في لوحة تُهدهد فيها أم طفلها، وأخرى تتفقد أم ابنتها راقصة الباليه، وكأنهما في وضع تحليق.

وتقول لينا: «تلك الحالة التي تستحضر الحركة والرقص والموسيقى كانت من أبرز الدوافع لجعل المعرض مناسبة للاستمتاع بفنون أخرى من عروض موسيقية وشعرية وسينمائية تحت مظلة فعالية (حتحور وسط البلد)».