«أوبرا البنادق» في واشنطن تندد بعنف الأسلحة

موسيقى الموت تسبق إظهار الفرحة والحرية

البنادق التي تسبّبت بكثير من الألم تحوّلت إلى شيء جميل (أ.ف.ب)
البنادق التي تسبّبت بكثير من الألم تحوّلت إلى شيء جميل (أ.ف.ب)
TT

«أوبرا البنادق» في واشنطن تندد بعنف الأسلحة

البنادق التي تسبّبت بكثير من الألم تحوّلت إلى شيء جميل (أ.ف.ب)
البنادق التي تسبّبت بكثير من الألم تحوّلت إلى شيء جميل (أ.ف.ب)

شهدت واشنطن مؤخراً، نوعاً جديداً من العروض الملتزمة بقضايا مجتمعية، فأحاط راقصون وموسيقيون يعزفون على آلات غير تقليدية مصنوعة من الأسلحة النارية، بمغني أوبرا في جو مظلم.

لا أوركسترا سيمفونية هنا. في الفصل الثالث والأخير من العرض الأوبرالي «نيفر إن آور إيمدج» (Never in Our Image) الذي صممته الفنانة ستيفاني مرسيدس، تأتي النغمات مباشرة من الآلات المعدنية والصنوج، وحتى الأجراس المنتجة من المسدسات أو البنادق الهجومية.

في الفصل الأخير من العرض تأتي النغمات مباشرة من الآلات المعدنية والصنوج (أ.ف.ب)

تمَّت عملية تحويل هذه الأسلحة أمام أعيُن المتفرجين، حيث قطّعتها المناشير خلال الفصل الأول، ثم اجتاحها لهيب مواقد اللحام والأفران المعدنية.

تقول مغنية السوبرانو فيرو فوتي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أثناء التدرّب على العرض: «هذه البنادق التي تسبّبت بكثير من الدمار والألم في مختلف أنحاء العالم وفي هذا البلد، تحوَّلت إلى شيء جميل».

ترتدي الفرقة ملابس سوداء، وتعزف الجزء الأخير من موسيقى الموت؛ إذ إنه الصوت المرتبط بعالم العنف، قبل إظهار فرحة وحرية عالم خالٍ منه.

شهدت واشنطن نوعاً جديداً من العروض الملتزمة بقضايا مجتمعية (أ.ف.ب)

بدأت ستيفاني مرسيدس، وهي فنانة من أميركا اللاتينية، تقديم أعمالها بالبنادق بعد إطلاق النار في أورلاندو في عام 2016، الذي خلَّف 49 قتيلاً في نادٍ للمثليين في المدينة الجنوبية الشرقية، في أسوأ حادث إطلاق نار جماعي في تاريخ الولايات المتحدة، بسبب كراهية المثليين.

تمّت عملية تحويل هذه الأسلحة أمام أعيُن المتفرّجين وسط الظلام (أ.ف.ب)

لمحاربة هذا العنف، تسعى مرسيدس لتحويل هذه الأشياء المرعبة إلى أعمال فنية، وتعرض عملية التحويل في الأوبرا. تقول: «نحاول خلق مساحة للتنفيس، لطقوس يمكن للناس من خلالها الحزن... والشعور بمتعة تدمير وتحويل هذه الأشياء العنيفة إلى شيء أكثر إنسانية».

من جهتها، تقول فيروز فوتي عن المطربين والراقصين والموسيقيين على المسرح: «كل واحد منا لديه قصة تتعلق بالأسلحة النارية، وهو للأسف شيء حاضر جداً».

تحت الأيدي الخبيرة لستيفاني مرسيدس، تذوب بنادق «آر - 15» نصف الآلية التي تستخدم في العديد من عمليات إطلاق النار، والمسدسات القديمة، بسهولة.

أحاط موسيقيون يعزفون على آلات مصنوعة من الأسلحة بمغنّي أوبرا في جوّ مظلم (أ.ف.ب)

أما جورج جوردان، الذي جاء لحضور العرض العام الأول، فيقول: «لم أكن أعلم حتى أنه يمكنك إذابة مسدس». ويضيف الرجل الخمسيني مبتسماً: «إنه أمر يمنح الأمل». ويأمل في أنهم «إذا تمكنوا من تغيير المعدن، فربما نتمكن كمجتمع من تغيير الأشياء».

لكن هذا التحول لا يرضي الجميع، خصوصاً في الولايات المتحدة حيث تُسهم قضية الأسلحة النارية في تمزيق المجتمع. وتوضح ميرسيدس أنها «تعرضت لمضايقات كثيرة من اليمين المتطرف» على شبكات التواصل الاجتماعي. وإذ تؤكد أنها تتفهم رد الفعل هذا، تقول: «أعتقد أن الناس خائفون بشدة من فكرة صهر الأسلحة، لأنها مهمة ورمزية لهويتهم الخاصة ولفكرة أنها نتاج هذا البلد».


مقالات ذات صلة

لندن... المحطة الرابعة لحفل روائع الأوركسترا السعودية

يوميات الشرق الأوركسترا السعودية تزور لندن الشهر القادم (هيئة الموسيقى)

لندن... المحطة الرابعة لحفل روائع الأوركسترا السعودية

تستعد هيئة الموسيقى لتنظيم حفل «روائع الأوركسترا السعودية» يوم السبت الموافق 28 سبتمبر (أيلول)، في مسرح سنترال هول وستمنستر في قلب العاصمة البريطانية لندن.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق حلمه الغناء عالي المستوى في لبنان والمنطقة العربية (صور روي حاج)

التينور اللبناني - الأميركي روي حاج: حلمي الغناء في المنطقة

يتحدّث التينور اللبناني، روي حاج، عن «اتصال الروح مع العالم لسرد القصص» لدى الصعود إلى مسرح. يرى الغناء الأوبرالي داخلياً يمتد إلى جذور المغنّي وأصوله.

فاطمة عبد الله (بيروت)
رياضة عالمية لقطة من أوبرا كرة القدم التي تعرض الآن في هامبورغ (رويترز)

حمى كرة القدم مصدر إلهام لدار الأوبرا الألمانية

لا يمكن الشعور بحمى كرة القدم في بطولة أوروبا 2024 في ألمانيا داخل الملاعب المزدحمة والحانات الصاخبة وساحات المدن فحسب، بل أيضاً في دار الأوبرا.

«الشرق الأوسط» (هامبورغ)
لمسات الموضة علاقة «ديور» بالباليه تعود إلى عهد المؤسس كريستيان ديور مما جعل لها باعاً في هذا المجال (صوفي كار)

«ديور» ترقص في دار الأوبرا بدبي على موسيقى فيليب غلاس

التقطت المصممة ماريا غراتزيا تشيوري الخيط من كريستيان ديور، واستعملت الرقص تيمات لبعض عروضها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مغنية الميزو سوبرانو الشهيرة سارة كونولي تلعب دور «زرقاء اليمامة» (هيئة المسرح والفنون الأدائية السعودية)

«تايمز»: «زرقاء اليمامة» تمهد لنهضة فنية وثقافية كبرى في السعودية

تُغنى عروض أوبرا «زرقاء اليمامة» باللغة العربية، وظهر العرض لأول مرة في الرياض الثلاثاء الماضي، ليكون أول عرض أوبرالي سعودي في تاريخ المملكة والأضخم عربيا

«الشرق الأوسط» (لندن)

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)
لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)
TT

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)
لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)

حظي مسلسل «رقم سري»، الذي ينتمي إلى نوعية دراما الغموض والتشويق، بتفاعل لافت عبر منصات التواصل الاجتماعي، وسط إشادة بسرعة إيقاع العمل وتصاعد الأحداث رغم حلقاته الثلاثين.

ويُعرض المسلسل حالياً عبر قناتي «dmc» و«dmc drama» المصريتين، إلى جانب منصة «Watch IT» من السبت إلى الأربعاء من كل أسبوع، وهو من إخراج محمود عبد التواب، وتأليف محمد سليمان عبد الملك، وبطولة ياسمين رئيس، وصدقي صخر، وعمرو وهبة، وأحمد الرافعي.

ويعد «رقم سري» بمنزلة الجزء الثاني من مسلسل «صوت وصورة» الذي عُرض العام الماضي بطولة حنان مطاوع، للمخرج والمؤلف نفسيهما. وينسج الجزء الجديد على منوال الجزء الأول نفسه من حيث كشف الوجه الآخر «المخيف» للتكنولوجيا، لا سيما تقنيات الذكاء الاصطناعي، وكيف يمكن أن تورط الأبرياء في جرائم تبدو مكتملة الأركان.

السيناريو تميز بسرعة الإيقاع (الشركة المنتجة)

وتقوم الحبكة الأساسية للجزء الجديد على قصة موظفة بأحد البنوك تتسم بالذكاء والطموح والجمال على نحو يثير حقد زميلاتها، لا سيما حين تصل إلى منصب نائب رئيس البنك. تجد تلك الموظفة نفسها فجأة ومن دون مقدمات في مأزق لم يكن بالحسبان حين توكل إليها مهمة تحويل مبلغ من حساب فنان شهير إلى حساب آخر.

ويتعرض «السيستم» بالبنك إلى عطل طارئ فيوقّع الفنان للموظفة في المكان المخصص بأوراق التحويل وينصرف تاركاً إياها لتكمل بقية الإجراءات لاحقاً. يُفاجَأ الجميع فيما بعد أنه تم تحويل مبلغ يقدر بمليون دولار من حساب الفنان، وهو أكبر بكثير مما وقع عليه وأراد تحويله، لتجد الموظفة نفسها عالقة في خضم عملية احتيال معقدة وغير مسبوقة.

وعَدّ الناقد الفني والأستاذ بأكاديمية الفنون د. خالد عاشور السيناريو أحد الأسباب الرئيسية وراء تميز العمل «حيث جاء البناءان الدرامي والتصاعدي غاية في الإيجاز الخاطف دون اللجوء إلى الإطالة غير المبررة أو الثرثرة الفارغة، فما يقال في كلمة لا يقال في صفحة».

بطولة نسائية لافتة لياسمين رئيس (الشركة المنتجة)

وقال عاشور في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «المخرج محمود عبد التواب نجح في أن ينفخ الروح في السيناريو من خلال كاميرا رشيقة تجعل المشاهد مشدوداً للأحداث دون ملل أو تشتت، كما أن مقدمة كل حلقة جاءت بمثابة جرعة تشويقية تمزج بين ما مضى من أحداث وما هو قادم منها في بناء دائري رائع».

وأشادت تعليقات على منصات التواصل بالمسلسل باعتباره «تتويجاً لظاهرة متنامية في الدراما المصرية مؤخراً وهي البطولات النسائية التي كان آخرها مسلسل (برغم القانون) لإيمان العاصي، و(لحظة غضب) لصبا مبارك؛ وقد سبق (رقم سري) العديد من الأعمال اللافتة في هذا السياق مثل (نعمة الأفوكاتو) لمي عمر، و(فراولة) لنيللي كريم، و(صيد العقارب) لغادة عبد الرازق، و(بـ100 راجل) لسمية الخشاب».

إشادة بتجسيد صدقي صخر لشخصية المحامي (الشركة المنتجة)

وهو ما يعلق عليه عاشور، قائلاً: «ياسمين رئيس قدمت بطولة نسائية لافتة بالفعل، لكن البطولة في العمل لم تكن مطلقة لها أو فردية، بل جماعية وتشهد مساحة جيدة من التأثير لعدد من الممثلين الذين لعبوا أدوارهم بفهم ونضج»، موضحاً أن «الفنان صدقي صخر أبدع في دور المحامي (لطفي عبود)، وهو ما تكرر مع الفنانة نادين في شخصية (ندى عشماوي)، وكذلك محمد عبده في دور موظف البنك».