اثنان من أفضل المؤشرات على الصحة والرفاهية مدى الحياة هما مهارات ضبط النفس في مرحلة الطفولة المبكرة وعادات الأكل الصحية، وفق نتائج دراسة جديدة نُشرت (الخميس)، في دورية «تنمية الطفولة».
وكما أفادت نتائج الدراسة، فإن القيام بأشياء مثل خلط مكونات الطعام معاً دون سكبها على الأرض، وغناء أغنية أثناء وجود شيء ما في الميكروويف، يساعد الأطفال الصغار على تعلم العديد من مهارات ضبط النفس المهمة، مثل الانتباه والتحكم في أجسادهم والانتظار بصبر والتعاون مع والديهم.
قال الباحث الرئيسي، روبرت نيكس، أستاذ التنمية البشرية والدراسات الأسرية بجامعة ويسكونسن ماديسون الأميركية، في بيان صادر الخميس: «من المشجع أن الآباء والأطفال الصغار متحمسون جداً لطهي الأطعمة الصحية معاً».
ويتعلم الآباء بسهولة استراتيجيات جديدة تحول الروتين اليومي، مثل إعداد الغداء، إلى شكل من أشكال الوقت الجيد مع أطفالهم الصغار الذين يكون هذا النشاط بالنسبة لهم تعليمياً وممتعاً في الوقت نفسه.
وسلّطت الدراسة الضوء على برنامج جديد مصمم خصيصاً بحيث يعلم الآباء كيفية طهي الطعام بمشاركة أطفالهم الذين يبلغون من العمر عامين، مما يساعد الأطفال الصغار على تنمية مهارات ضبط النفس وعادات الأكل الصحية.
قال دكتور أسامة إبراهيم، أستاذ علم النفس التربوي بحامعة سوهاج في مصر: «كلمة السر في اكتساب الطفل مهارات ضبط النفس، هو ما يُعرَف بـ(تأجيل الإشباع)، لما له من علاقة قوية بأمرين؛ الأول هو قدرة الطفل على التحكم في حاجاته، والتنظيم الذاتي من أجل تحقيق أهدافه».
وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «يحتاج الإنجاز إلى ضبط النفس ومواصلة العمل وتأخير بعض المتع السريعة لحين إتمامه، وهو ما يمكن أن يتوفر في ممارسة نشاط مثل طهي الطعام».
وشدد على أنه «على المربين أن يدربوا أبناءهم على آليات تأجيل الإشباع وضبط النفس، حتى وإن كانوا يستطيعون تلبية احتياجاتهم بشكل فوري حتى يعتاد الأطفال ذلك».
ووفق الدراسة، يتحمس الأطفال الصغار أيضاً للمشاركة في نشاط «الكبار». ومن المرجح أن يجربوا الأطعمة الجديدة التي يساعدون في صنعها.
وأظهرت أبحاث سابقة أن ضبط النفس في مرحلة ما قبل المدرسة يتنبأ بنتائج البالغين مثل ارتفاع الدخل ومواجهة مشاكل صحية أقل. وبالمثل، فإن عادات الأكل الصحية في مرحلة ما قبل المدرسة تتنبأ بعدد المرات التي يأكل فيها البالغون الفواكه والخضراوات.
ومن أجل تنمية مهارات ضبط النفس لدى الأطفال الصغار، تم تطوير برنامج «الوصفة الرابعة من أجل النجاح» (Recipe 4 Success) واختباره بدقة من قبل فريق من الباحثين من جامعة ويسكونسن ماديسون وجامعة ولاية بنسلفانيا الأميركيتين، وموظفي برامج الزيارات المنزلية في 7 مدن وبلدات ومناطق ريفية عبر ويسكونسن وبنسلفانيا بالولايات المتحدة، وفق الدراسة.
تم تقديم البرنامج ضمن برنامج آخر للزيارة المنزلية Early Head Start، وهو أحد برامج الزيارات المنزلية العديدة المرتكزة على الأدلة العلمية المصممة للعائلات الشابة التي تعيش في فقر وتمولها الحكومة الأميركية.
وتعمل برامج الزيارات المنزلية مع أولياء الأمور على تعزيز النمو المعرفي والاجتماعي والعاطفي والجسدي للرضع والأطفال الصغار، حتى يكونوا مستعدين للنجاح في المدرسة.
قال نيكس: «تُعدّ الزيارات المنزلية طريقة رائعة لضمان حصول جميع الأطفال على فرصة النمو».
وتظهر نتائج البرنامج أنه عندما تم دمج دروسه في الزيارات المنزلية، طور الأطفال الصغار مهارات أفضل في ضبط النفس، وكانوا على استعداد لتناول المزيد من الأطعمة المغذية، مما قد يساعد الأطفال على البقاء بصحة جيدة وأقوياء.
كما وجدت نتائج الدراسة أن الآباء الذين شاركوا في هذا البرنامج كانوا أكثر تفاعلاً واستجابة وقدموا دعماً أفضل لتعلم أطفالهم الصغار مهارات جديدة، كما أنهم كانوا أكثر فعالية في الطريقة التي قدموا بها أطفالهم الصغار إلى الأطعمة الصحية الجديدة.
علاوة على ذلك، كان لدى أطفالهم الصغار مهارات أفضل في ضبط النفس، ومدى انتباه أكبر، وكانوا أكثر امتثالاً للأوامر، كما هو موضح في مهام تقييمات المراقبين، وتقارير أولياء الأمور. كما أنهم كانوا أكثر عرضة لمواصلة المساعدة في صنع وتناول الأطعمة الصحية في المنزل، كما يتضح من مذكرات الطعام والأنشطة.