يتحكم الجهاز العصبي المركزي عادة لدى البشر، في معظم وظائف الجسم، بما في ذلك الوعي والحركة، والتفكير، وكذلك القدرة على التعلم من الأخطاء والتجارب السابقة.
لكن في المقابل، لا تمتلك قناديل البحر الكاريبية جهازاً عصبياً مركزياً مُعقداً كالإنسان، وعلى الرغم من ذلك يمكنها أن تتعلم من تجاربها السابقة مثل البشر والفئران والذباب، حسب دراسة نشرت السبت في دورية «كارنت بايولوجي».
ولا يزيد حجم قنديل البحر الكاريبي (Tripedalia Cystophora) عن عقلة الإصبع، وهي تبدو بسيطة، ولها نظام بصري مُعقّد يضمّ 24 عيناً مدمجة في جسمها الذي يشبه الجرس.
ويعيش هذا الحيوان في مستنقعات المانغروف، ويستخدم رؤيته للتوجيه عبر المياه العكرة والانحراف حول جذور الأشجار تحت الماء لاصطياد الفريسة.
وأثبت العلماء لأول مرة أن قنديل البحر الكاريبي يمكنه أن يكتسب القدرة على تجنب العقبات من خلال ما يسمى بـ«التعلم الترابطي»، وهي عملية تُشكّل من خلالها الكائنات الحية روابط عقلية بين المحفزات الحسية والسلوكيات.
وتتحدى الدراسة المفاهيم السابقة القائلة بأن التعلم المتقدم يتطلب دماغاً مركزياً وتلقي الضوء على الجذور التطورية للتعلم والذاكرة.
وللوصول إلى نتائج الدراسة، درّب الباحثون قنديل البحر الكاريبي لتعلم كيفية اكتشاف العوائق وتفاديها، من خلال إجراء محاكاة للموطن الطبيعي لقناديل البحر تحت الماء.
وفي بداية التجربة، اصطدم قنديل البحر بالعوائق بشكل متكرّر، لكن في نهاية التجربة التي استمرت لمدة 7.5 دقيقة، تمكن قنديل البحر من مضاعفة عدد المحاولات الناجحة لعبور العوائق من دون أن يصطدم بها.
وأشار الباحثون إلى أن نتائجهم تثبت أن قناديل البحر يمكنها التعلم من التجربة من خلال المحفزات البصرية والميكانيكية، وذلك عبر جهازها العصبي البسيط.
يقول كبير الباحثين في الدراسة، أندرس غارم من جامعة كوبنهاغن بالدنمارك: «إذا كنت تريد فهم الهياكل المُعقدة للدماغ، فمن الجيد دائماً أن تبدأ بالبساطة قدر الإمكان».
ويضيف في تصريحات نقلها موقع «نيوروساينس نيوز»: «بالنظر إلى هذه الأجهزة العصبية البسيطة نسبياً في قنديل البحر، لدينا فرصة أكبر بكثير لفهم كل التفاصيل وكيف تجتمع معاً لأداء السلوكيات».
ويتابع: «من المدهش مدى سرعة تعلم هذه الحيوانات، إنها تقريباً السرعة نفسها التي تفعلها الحيوانات المتقدمة. حتى أبسط نظام عصبي يبدو قادراً على القيام بالتعلم المتقدم».
بعد ذلك، يخطط الفريق للتعمق أكثر في التفاعلات الخلوية للجهاز العصبي لقناديل البحر لفهم عملية تكوين الذاكرة.
ويخططون أيضاً لفهم كيفية عمل المستشعر الميكانيكي الموجود في قنديل البحر الكاريبي لرسم صورة كاملة عن آلية «التعلم الترابطي» عند هذا الحيوان.