التشكيلي المصري عز الدين نجيب يغادر «برواز الحياة»

رحل بعد عمر حافل بالفن والمعارك الثقافية

التشكيلي المصري الراحل عز الدين نجيب (أتيليه العرب)
التشكيلي المصري الراحل عز الدين نجيب (أتيليه العرب)
TT

التشكيلي المصري عز الدين نجيب يغادر «برواز الحياة»

التشكيلي المصري الراحل عز الدين نجيب (أتيليه العرب)
التشكيلي المصري الراحل عز الدين نجيب (أتيليه العرب)

غيَّب الموت الفنان التشكيلي والناقد المصري عز الدين نجيب، عن 83 عاماً، بعد صراع مع المرض. ونعى قطاع الفنون التشكيلية الفنان الذي رحل اليوم (الجمعة)، تاركاً خلفه تراثاً من الإبداع بعد مشوار ثري.

من أعمال التشكيلي الراحل عز الدين نجيب تُبيّن تأثره بالبيئة المصرية (أتيليه العرب)

وقال قطاع الفنون: «فقدت مصر قامة كبيرة صاحبة تاريخ من العطاء العظيم في الفن والنقد والحراك التشكيلي والوطني»، لافتاً إلى أنّ «مشوار نجيب في العطاء امتد أكثر من نصف قرن؛ ناضل خلالها على دروب عدّة، مبتغياً حب الوطن ورفعة الفن، لا يشغله سوى الواجب والرسالة».

كما نعاه رئيس مجلس إدارة «أتيليه العرب للثقافة والفنون» الناقد هشام قنديل، وقال إنّ الراحل أقام عشرات المعارض في مصر وخارجها، وكتب عشرات البحوث المتخصّصة في الفنون التشكيلية والتراث الثقافي، بالإضافة إلى موسوعة الفنون التشكيلية التي أنجزها في أجزاء، مشيراً إلى أنّ لنجيب مجموعات قصصية نالت حفاوة بالغة من القراء والنقاد.

ووفق قنديل، ألهمت الطبيعة الراحل الذي توغّل في تجسيد مختلف أنحاء مصر النائية، كما تناول في أعماله أسوان والواحات وسيناء وسيوة والمناطق الصحراوية والساحلية، مختزنا أبعاداً حضارية وملامح تشكيلية تبرز عبقرية المكان.

وتابع: «على مسطح أعماله، تفاعل المكان مع الطاقات التعبيرية المحرِّكة لإبداعه، وامتزج الحسّ الخيالي والأسطوري والمنظور الفكري معاً، عاكساً وعيه بالتاريخ والواقع وتواصله مع الجذور والهوية وروح العصور»، ورأى أنّ نجيب «لعب دوراً بارزاً في تزويد الجمهور العربي بذائقة أدبية وفنية ونقدية عبر أعماله التشكيلية وكتاباته؛ فقد أبدع في تكوين مساحة؛ بل ساحة فنية كبرى لها لوحاتها وقصائدها، وتميّزت بخيال مبدع وروح فياضة بثراء الأركان والأشكال».

توجّه التشكيلي إلى المناطق النائية في مصر وجسّدها بلوحاته (أتيليه العرب)

من جهته، كشف الفنان سالم أمين، أنّ نجيب «خاض معارك ونقاشات شرسة دفاعاً عن قضايا الفن والثقافة، فقد كان غيوراً على مصلحة الحركة التشكيلية والموروث المصري، من أبرزها معاركه لإنشاء وزارة للحرف اليدوية لإيمانه بأنّ بلده يتمتّع بإرث عريق منذ آلاف السنوات في هذا المضمار».

وتجسدت رؤية نجيب، وفق أمين، بكون «الحرف اليدوية قابلة لدعم الاقتصاد الوطني بشكل كبير»، مضيفاً أنه «خاض معركة أخرى لتأسيس مجلس قومي للفنون اليدوية لم يرَ النور أيضاً؛ إلى معارك ضد إزالة بعض المباني والمتاحف والمقابر ذات الطابع التراثي، مثل متحف نبيل درويش، فضلاً عن معركته ضد الاستخدام الخاطئ للذكاء الاصطناعي في الفن من دون ضوابط».

وقال أمين إنّ الراحل انتقد إقامة أول معرض للوحات الفنية بالذكاء الاصطناعي في مصر، بـ«غاليري بيكاسو» مؤخراً تحت عنوان «الذكاء الاصطناعي وأنا»، واصفاً هذا الاتجاه بـ«تزييف الفن».

من أعمال التشكيلي المصري الراحل عز الدين نجيب (أتيليه العرب)

يُذكر أنّ الفنان الراحل وُلد في 30 أبريل (نيسان) 1940 بمحافظة الشرقية (شرق مصر) لأسرة من الطبقة المتوسطة. التحق بكلية الفنون الجميلة في القاهرة عام 1958وتخصّص في الرسم الزيتي، وبدأ منذ عام 1985 نشر قصصه القصيرة في جريدة «المساء».

والراحل كان عضواً مؤسِّساً في اتحاد الكتّاب المصريين، وعضواً مؤسِّساً في جمعية نقاد الفن التشكيلي (1987)، ورئيس مجلس إدارة الجمعية الأهلية للفنون الجميلة (1996 ـ 1998).


مقالات ذات صلة

«كأس العالم لكرة اليد»: مصر تهزم الأرجنتين وتهدي العرب الفوز الأول

رياضة عربية إحدى الهجمات للمنتخب المصري على مرمى الأرجنتين (رويترز)

«كأس العالم لكرة اليد»: مصر تهزم الأرجنتين وتهدي العرب الفوز الأول

حقق منتخب مصر فوزاً عريضاً على الأرجنتين، اليوم الأربعاء، ليمنح العرب أول انتصار في بطولة كأس العالم لكرة اليد «رجال» التي تقام في كرواتيا والدنمارك والنرويج.

«الشرق الأوسط» (زغرب)
شمال افريقيا رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان خلال استقبال بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)

مصر تجدد دعمها الكامل للسودان ومؤسساته الوطنية

تعد زيارة بدر عبد العاطي إلى بورتسودان، الثانية خلال شهرين، حيث كانت الأولى مطلع ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بهدف «تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين».

أحمد إمبابي (القاهرة ) وجدان طلحة (بورتسودان)
يوميات الشرق مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية (إدارة المهرجان)

مصر وتونس تستحوذان على جوائز «الأقصر السينمائي»

استحوذت مصر وتونس على جوائز الدورة الـ14 من مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية، الذي اختتمت فعالياته، الثلاثاء، في محافظة الأقصر (جنوب مصر)

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
تحليل إخباري رد فعل امرأة وهي تتفقد الدمار الذي خلفته غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين وسط غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري هل تكون خطة «اليوم التالي» في غزة «نقطة خلاف» جديدة؟

وسط جهود مكثفة نحو تنفيذ هدنة جديدة في قطاع غزة، تزايد الحديث عن خطة «اليوم التالي» لانتهاء الحرب، كان أحدثها تصريحات أميركية شملت تفاصيل، بينها وجود أجنبي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق شكري سرحان في أحد مشاهد فيلم «ابن النيل» (أرشيفية)

كتاب مصري جديد يحتفي بشكري سرحان في مئوية ميلاده

في ظل الجدل الذي أثير أخيراً حول «موهبته» احتفى مهرجان الأقصر السينمائي في دورته الـ14 بذكرى مئوية ميلاد الفنان المصري الكبير شكري سرحان.

انتصار دردير (القاهرة )

نشرة أخبار فرنسية على «تلفزيون لبنان» بعد غياب ربع قرن

«لو جورنال» من «تلفزيون لبنان» بدءاً من 23 الحالي (الشرق الأوسط)
«لو جورنال» من «تلفزيون لبنان» بدءاً من 23 الحالي (الشرق الأوسط)
TT

نشرة أخبار فرنسية على «تلفزيون لبنان» بعد غياب ربع قرن

«لو جورنال» من «تلفزيون لبنان» بدءاً من 23 الحالي (الشرق الأوسط)
«لو جورنال» من «تلفزيون لبنان» بدءاً من 23 الحالي (الشرق الأوسط)

ازدحم المدخل المؤدّي إلى استوديوهات «تلفزيون لبنان» بالمحتفين بالحدث. فالتلفزيون الرسمي الذي ذكَّر وزير الإعلام زياد المكاري، بأنه «أول قناة تلفزيونية في الشرق الأوسط، والشاهد الوحيد على العصر الذهبي للبنان ومهرجان بعلبك الأول عام 1956»، يُحيي في 2025 ما انطفأ منذ 2001. ذلك العام، توقّفت «القناة التاسعة» الناطقة بالفرنسية في «تلفزيون لبنان»، مُعلنةً الانقطاع النهائي للصوت والصورة. بعد انتظار نحو ربع قرن، تعود نشرة الأخبار باللغة الفرنسية بدءاً من 23 يناير (كانون الثاني) الحالي.

ميزة الحدث رفضه التفريط بالقيم الفرنكوفونية (المكتب الإعلامي)

تتوقّف مستشارة وزير الإعلام، إليسار نداف، عند ما خطَّ القدر اللبناني منذ تأسيس هذه الخريطة: «التحدّيات والأمل». ففور اكتمال المدعوّين، من بينهم سفير فرنسا هيرفيه ماغرو، وممثل رئيس الجمهورية لدى المنظمة الفرنكوفونية جرجورة حردان، ورئيس الوكالة الجامعية الفرنكوفونية جان نويل باليو، والمسؤولة عن برامج التعاون في المنظمة الفرنكوفونية نتالي ميجان، بجانب سفراء دول وشخصيات؛ شقَّ الحضور طريقهم نحو الطابق السفلي حيث استوديوهات التلفزيون في منطقة تلّة الخياط البيروتية المزدحمة، مارّين بصور لأيقونات الشاشة، عُلّقت على الجدار، منهم رجل المسرح أنطوان كرباج، ورجل الضحكة إبراهيم مرعشلي... اكتمل اتّخاذ الجميع مواقعه، لإطلاق الحدث المُرتقي إلى اللحظة الفارقة، مُفتَتَحاً بكلمتها.

صورة إبراهيم مرعشلي تستقبل زوّار التلفزيون (الشرق الأوسط)

فيها، كما في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، تُشدّد نداف على الأمل: «إنه ما يحرِّض دائماً على استعادة ما خسرناه». تُشبه إحدى مقدّمات النشرة، نضال أيوب، في تمسّكها بالثوابت. فالأخيرة أيضاً تقول لـ«الشرق الأوسط» إنّ ميزة الحدث رفضه التفريط بالقيم الفرنكوفونية، من ديمقراطية وتضامن وتنوّع لغوي.

تُعاهد نداف «بقلب ملؤه التفاؤل والعزيمة» مَن سمّته «الجمهور الوفي»، الذي تبلغ نسبته نحو 40 في المائة من سكان لبنان، بالالتزام والوعد بأنْ تحمل هذه الإضافة إلى عائلة الفرنكوفونية ولادة جديدة، بدءاً من 23 الحالي؛ من الاثنين إلى الجمعة الساعة السادسة والنصف مساء مع «لو جورنال» من «تلفزيون لبنان».

كان كلّ شيء فرنسياً: لغة السلام والخطاب، والروح، وبعض الوجوه. في كلمته، رحَّب زياد المكاري بالآتين إلى «بيت الفنانين اللبنانيين الكبار؛ فيروز، وزكي ناصيف، ووديع الصافي، والإخوة رحباني». وفيما كان الخارج يبعث الأمل لتزامُن الحدث مع يوم الاستشارات النيابية المُلزمة لتسمية رئيس للحكومة، ألمح الوزير إلى أنّ اللقاء يجري «غداة فصل جديد من تاريخ لبنان، للاحتفال بإعادة إطلاق أخبارنا التلفزيونية باللغة الفرنسية، بعد مرور 24 عاماً على توقُّف برامج (القناة التاسعة) المُرتبط اسمها بعملاق الإعلام الفرنكوفوني جان كلود بولس». وبأمل أن تلفت هذه النشرة الانتباه وتثير الفضول، أكد التزامها «تقديم رؤية واضحة ودقيقة لموضوعات تمسّنا جميعاً»، متوقفاً عند «رغبة متجدّدة في دعم قيم الانفتاح والتعدّدية وحرّية التعبير تُجسّدها عملية إعادة الإطلاق هذه».

تُشدّد إليسار نداف على الأمل في كلمتها (المكتب الإعلامي)

ليست الأخبار المحلّية والإقليمية والدولية ما ستتضمّنه النشرة فحسب، وإنما ستفسح المجال «للثقافة وصوت الشباب وتطلّعاتهم ورؤيتهم للبنان سيّداً علمانياً متعدّد اللغات؛ يجد كل مواطن فيه مكانه»، بوصف زياد المكاري. تشديده على أهمية الفرنكوفونية في وسائل إعلام القطاع العام مردّه إلى أنّ «الفرنسية ليست مجرّد لغة؛ إنها ثقافة وتاريخ وتراث مشترك؛ فتتيح لنا، في إطار هذه الأخبار، فرصة نقل صوت لبناني قوي ومميّز إلى الساحة الدولية، مع البقاء مُخلصين لجذورنا وثقافتنا وهويتنا».

يعلم أنّ «هذا الحلم لم يكن ليتحقّق من دون شركاء نتشارك معهم الرؤية والقيم»، ويعترف بذلك. ثم يدعو إلى «متابعة نشرة الأخبار الوحيدة باللغة الفرنسية في القطاع العام التي ستشكّل انعكاساً حقيقياً لتنوّع عالم اليوم». وقبل الإصغاء إلى كلمة ممثل المنظمة الفرنكوفونية ليفون أميرجانيان، يُذكّر بأنّ للبنان، بكونه ملتقى الحضارات والثقافات، دوراً أساسياً في تعزيز الفرنكوفونية.

رحَّب زياد المكاري بالآتين إلى بيت الفنانين اللبنانيين الكبار (الشرق الأوسط)

ومنذ افتتاح مكتب المنظمة الفرنكوفونية في بيروت، تراءى ضرورياً النظر في قطاع الإعلام الفرنكوفوني بخضمّ الأزمة الاقتصادية التي تُنهك المؤسّسات ووسائل الإعلام. يستعيد أميرجانيان هذه المشهدية ليؤكد أنّ الحفاظ على اللغة الفرنسية في المؤسّسات الإعلامية مسألة حيوية للحفاظ على التنوّع الثقافي والتعبير الديمقراطي. يتوجّه إلى الإعلاميين الآتين بميكروفونات مؤسّساتهم وكاميراتها وهواتفهم الشخصية: «دوركم نقل القيم الأساسية للفرنكوفونية، مثل التعدّدية اللغوية، وتنوعّ الآراء، والانفتاح على العالم». ثم يتوقّف عند استمرار نموّ عدد الناطقين بالفرنسية في شكل ملحوظ، مع توقّعات بأنْ يصل إلى 600 مليون نسمة في حلول 2050. من هنا، يعدّ الترويج للغة الفرنسية «مسألة ضرورية لتعميق الروابط بين الدول والحكومات الناطقة بها، والسماح لسكانها بالاستفادة الكاملة من العولمة المتميّزة بالحركة الثقافية العابرة للحدود وبالتحدّيات التعليمية العالمية».

إعادة إطلاق النشرة تُعزّز هذا الطموح، وسط أمل جماعي بالنجاح، وأن تُشكّل مثالاً للقنوات الأخرى، فتُخطِّط لزيادة بثّ برامجها بلغة فيكتور هوغو.