موقع سعودي جديد للتراث الطبيعي يطلّ على العالم، ويفتح نوافذ إلى ما يتمتع به من تنوع طبيعي ومواطن فطرية فريدة، تحتفظ بدهشة الطبيعة، وتزهو غناها النباتي والأحيائي، وقد حصل مؤخراً على اعتراف العالم بوصفه أول موقع للتراث الطبيعي العالمي، وسابع المواقع السعودية المدرجة في قائمة التراث العالمي.
وخلال جلسة يوم الأربعاء، أعلنت لجنة التراث العالمي التابعة لليونسكو، إدراج محمية «عروق بني معارض» السعودية في قائمة اليونسكو للتراث العالمي، بوصفه أول موقع تراث عالمي طبيعي في السعودية، وذلك ضمن أعمال الدورة الـ45 المنعقدة في الرياض. بإجماع أعضاء ووفود لجنة التراث العالمي التي تلتئم اجتماعاتها منذ أسبوعين في العاصمة السعودية الرياض، فاز الموقع السعودي «عروق بني معارض» الذي تتوّجه كثبان الربع الخالي، ويتزين بعيون المها ونباتات الغضا وأشجار الطلح، وتسافر في فلواته طيور الحبارى وأسراب القطا.
وأضيفت المحمية إلى 6 مواقع سعودية نجحت المملكة في تسجيلها في القائمة الدولية خلال السنوات الماضية، الأمر الذي يجتذب المزيد من الضوء على ثراء التراث الطبيعي والبيئي الذي تتمتع به السعودية، ويضاعف من انتباه العالم والزوار إليها، بالإضافة إلى تعزيز العمل لحماية التنوع البيئي وترجمة المبادرات النوعية لصون البيئة وحمايتها التي اتخذتها السعودية خلال الفترة القليلة الماضية.
التزام سعودي بحماية التراث الطبيعي
وقال وزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، إن تسجيل محمية «عروق بني معارض» في قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، بوصفه أول موقع للتراث العالمي الطبيعي على أراضي المملكة، هو امتداد لجهود المملكة المستمرة في حماية أنظمتها البيئية الطبيعية والمحافظة عليها، والاهتمام بتراثها الثقافي.
وقدّم الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان التهنئة للقيادة السعودية على هذا التسجيل الدولي المهم الذي يُترجم الدعم غير المحدود الذي تحظى به الثقافة والتراث في المملكة، ويعكس ما تتميز به المملكة من غنىً تراثيٍ وتنوعٍ طبيعي في مختلف مناطقها، مؤكداً التزام السعودية بحماية التراث الطبيعي وتنميته بصورةٍ مستدامة، انطلاقاً من حرص القيادة الرشيدة على التراث الطبيعي ومكانته الاستراتيجية في رؤية السعودية 2030.
وأضاف: «إن تسجيل المحمية في قائمة التراث العالمي لليونسكو بوصفه أول موقع للتراث الطبيعي في القائمة، يسهم في تسليط الضوء على أهمية التراث الطبيعي على خارطة التراث العالمي، ويعكس القيمة البارزة للمحمية»، مشيداً بالجهود الوطنية المشتركة التي دعمت تحقيق هذا الإدراج المتميز.
خبر عاجلأُدرِجَ موقع جديد في قائمة اليونسكو لـ #التراث_العالمي، وهو موقع "عروق بني معارض" في #المملكة_العربية_السعودية . تهانينا https://t.co/skZvUbWBnc #45WHC pic.twitter.com/KM67FE2PTo
— اليونسكو (@UNESCOarabic) September 20, 2023
نموذج استثنائي للتطور البيئي والبيولوجي
واستوفت محمية «عروق بني معارض» معايير إدراجها في قائمة التراث العالمي بوصفها صحراء رملية تشكل منظراً بانوراميّاً على مستوى العالم لرمال صحراء الربع الخالي، ونموذجاً استثنائياً للتطور البيئي والبيولوجي المستمر لمجتمعات النباتات والحيوانات.
المحمية التي تقع على طول الحافة الغربية للربع الخالي على مساحةٍ تزيد على 12.750 كيلومتر مربع، وتضمّ فسيفساء من التّشكيلات الأرضية والمواطن الفطرية الطبيعية المهمة، متقاطعة مع كثبان رملية مرتفعة وهضبة جيرية متقطعة، وتعتبر هذه الصحراء الرملية المتصلة الوحيدة في آسيا الاستوائية، وأكبر بحرٍ رمليٍ متواصل على سطح الأرض. وتنتشر على امتداد المحمية الفريدة واحدة من أكبر الكثبان الخطية المعقدة في العالم، وتضم وسطها مجموعة من الموائل الطبيعية الحيوية لبقاء الأنواع الرئيسية، وتشمل 5 مجموعات فرعية من النظم البيئية الوطنية في المملكة، وهو أمرٌ حيوي للحفاظ على التنوع الأحيائي في الموقع.
وتتميز المحمية بتنوع نُظمها البيئية، ما جعل منها مثالاً استثنائياً للتطور البيئي والأحيائي المستمر لمجتمعات النباتات والحيوانات الفطرية، وإلى جانب 120 نوعاً من النباتات البرية الأصيلة، والحيوانات الفطرية المهددة بالانقراض التي تعيش في واحدةٍ من أقسى البيئات على كوكب الأرض، تحتضن المحمية القطيع الوحيد الحر من المها العربي في العالم، والظباء الجبلية والرملية؛ لتكون بذلك أغنى منطقةٍ معروفةٍ من الناحية الأحيائية في الربع الخالي، حيث يلتقي أكبر بحر رملي في العالم مع ثاني أطول سلسلة جبلية في الجزيرة العربية؛ لتشكل لوحة طبيعية فريدة وثراء في التنوع رغم صعوبة المناخ.
لحظة مهمة للتراث في السعودية
وجاء إدراج المحمية السعودية الفريدة في طبيعتها وتكويناتها النباتية والحيوانية، سابعَ مواقع التراث العالمي في السعودية، وأول موقع تراث طبيعي سعودي ضمن قائمة التراث العالمي للمملكة، وسط إجماع أعضاء اللجنة وتأييدها الكامل، لما تتمتع به المحمية من تنوع طبيعي وحيواني فريد، وحالة بيئية جيدة، تنهض خلالها الحياة الفطريّة النباتية والحيوانية في تمثيل بديع للبيئات القاحلة.
وبفوز المحمية الطبيعية السعودية، توجت الجهود الوطنية المشتركة من وزارة الثقافة، واللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم، والمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية، وهيئة التراث، وذلك ضمن مستهدفات رؤية السعودية 2030، في زيادة عدد المواقع السعودية المدرجة في قائمة اليونسكو للتراث العالمي إلى الضعف، لتنضم بذلك إلى 6 مواقع سعودية أخرى مسجلة، وهي: واحة الأحساء، وحي الطريف في الدرعية، وموقع الحِجر الأثري، ومنطقة حمى الثقافية، وجدة التاريخية، والفنون الصخرية في منطقة حائل. وتلقى أعضاء الوفد السعودي التهاني من زملائهم وفود الدول المشاركة في اجتماعات الدورة الـ45 الموسعة للجنة التراث العالمي المنعقدة في الرياض، التي شرعت منذ الأحد الماضي في التصويت على إدراج عشرات المواقع المرشحة لدخول قائمة التراث العالمي حتى الـ25 من الشهر الحالي.