أحياناً، تُؤرقنا الأفكار قبل النوم، تُعيد إلينا ذكريات مُحرجة من أمسيةٍ سيئة، أو تُغرقنا بمخاوف بشأن اليوم القادم. مخاوف تأتي بسرعةٍ هائلة، مباشرةً بعد النوم أو عند الاستيقاظ في منتصف الليل، قد يبدو مُستحيلاً التخلّص منها، وتسمى هذه الحالة بـ«آفة النوم الهانئ».
وفي هذا المجال، قالت دومينيك أنتيغليو لصحيفة «تلغراف»: «إنها مشكلةٌ شائعةٌ للغاية، لأن أفكارنا في الواقع تتسابق طوال اليوم، ولا نُدرك ذلك إلا عندما نخلد إلى النوم من دون أي مُشتتات».
وبصفتها خبيرةً مُؤهلةً في علم النفس السكوني أو التأملي (السوفرولوجيا)، بخبرةٍ تزيد عن عشرين عاماً، تُساعد أنتيغليو الناس على «إدارة التوتر والقلق وتحسين نومهم، بالإضافة إلى تقديم أفضل أداءٍ لهم عند الحاجة».
ما هي السوفرولوجيا؟
تُوصف السوفرولوجيا بأنها «تأملٌ للأشخاص الذين لا يستطيعون التأمل»، وتُعرّف بأنها «تمزج بين التأمل الشرقي وممارسات اليوغا والعلوم الحديثة»، كما شرحت أنتيغليو.
وأشارت إلى أن طبيب الأعصاب النفسي الكولومبي الدكتور ألفونسو كايسيدو طور في ستينيات القرن الماضي، علم السوفرولوجي (علم النوم) اليوم، وهو يجمع بين الحركات الجسدية والتنفس والتخيل، بالإضافة إلى تقنيات الاسترخاء الديناميكي، لتخفيف التوتر و«مساعدة الناس على التحكم بشكل أكبر في عقولهم وأجسادهم وتجاربهم الحياتية».
وتُعد الأساليب التي يستخدمها أخصائيو السوفرولوجي فعّالة في تحسين نومنا.
وشرحت أنتيغليو أنها فعّالة لأن النتيجة النهائية هي «إعادة برمجة الدماغ للتعامل مع النوم بشكل أكثر إيجابية والدخول في حالة من الهدوء بسهولة أكبر». يمكن استخدام تقنيات السوفرولوجيا ليلاً أثناء صعوبة النوم، ولكن يمكن أيضاً ممارستها باستمرار طوال اليوم لتحقيق الهدوء، ومنع الأفكار المتسارعة من إزعاجنا في المقام الأول.
إليك ثماني تقنيات من ممارسة أنتيغليو للسوفرولوجيا لمساعدتك على النوم عندما تُبقيك الأفكار المُتطفلة مستيقظاً.
1. افحص جسدك
جزء من مشكلة الأفكار المُتسارعة هو أننا لا نُدرك وجودها دائماً، مُختبئة تحت السطح، إلا عندما نذهب إلى الفراش. لذا، يقول أنتيغليو: «خصص لحظة قبل النوم للانتباه إلى ما تشعر به في جميع أجزاء جسدك المختلفة. لاحظ مدى سرعة وعمق تنفسك، وما إذا كان هناك أي توتر في جسدك، في عينيك، أو صدرك، أو كتفيك. افحص جسدك من الرأس إلى أخمص القدمين، لإخراجك من أفكارك، ومارس بعض التنفس الواعي لتخفيف التوتر الذي قد تشعر به. بعد ذلك، ستتطلب أفكارك قدراً أقل من انتباهك».
2. شد وارخِ
بعد فحص جسدك، قالت أنتيغليو: «استنشق وشد جميع عضلاتك، ثم أرخها، مع زفير طويل». سيساعدك هذا على تنظيم جهازك العصبي على الفور، ويخفف من استجابة الكر والفر المصاحبة للقلق. يمكنك ممارسة ذلك بالاستلقاء في السرير، أو الوقوف، لمنع التوتر من التفاقم.
3. جرب تقنية تراتاك
تقول أنتيغليو: «هذه التقنية تساعدك على تركيز انتباهك فوراً داخل جسمك، والتخلص من الأفكار غير الضرورية. ارفع ذراعك مع تمديد إبهامك لتتمكن من تركيز نظرك عليه. استنشق، احبس أنفاسك، ثم وجّه إبهامك ببطء نحو جبهتك، مع متابعته بعينيك، حتى يلتقي إبهامك بالفراغ بين حاجبيك. كرر هذه الحركة بتتبع إبهامك بعينيك عدة مرات».
وقالت أنتيغليو: «هذا تمرين تأمل مُعدّل، ممزوج بتمارين التنفس، لذا فهو يساعد على تركيز ذهنك فوراً، وينهي دوامة الأفكار المُقلقة المتزايدة».
4. أدر رأسك
أضافت أنتيغليو: «بعد مسح جسمك، اجلس أو قف، ثم ازفر بعمق، احبس أنفاسك، وأدر رأسك برفق من جانب إلى آخر حتى تشعر بالحاجة إلى الزفير». ثم اجلس وتوقف قليلاً لتستمع إلى ما تشعر به في جسدك. إن توليد الأحاسيس من خلال هذه الحركة البسيطة وتعلم التوقف والاستماع إليها يمكن أن يقطع الأفكار المتسارعة، ويساعدك على التخلص من أي توتر في رأسك ورقبتك.
5. حرّك يديك
بعد فحص الجسم، أو أثناء ممارسة دوران الرأس، جرب ضخ يديك: «ضع ذراعيك بجانب جسمك، واضغط على قبضتيك، واستنشق، واحبس أنفاسك، ثم ارفع وأخفض كتفيك بحركة ضخ سريعة حتى تشعر بالحاجة إلى الزفير. استرخِ وانتبه للإحساس».
ولفتت أنتيغليو إلى انه «يمكن أن يساعد هذا التمرين على تعزيز الأكسجين وتنظيم جهازك العصبي بعد يوم طويل، أو عندما تكون لديك مشاعر قوية، مثل الإحباط أو الغضب».
6. تخيّل فقاعة حماية
إذا كنت مستلقياً على سريرك تحت وطأة همومك، فقم بمسح جسمك للاسترخاء وخذ أنفاساً طويلة وبطيئة، ثم «تخيّل فقاعة حماية تُحيط بجسمك، تُصفّي جميع الهموم والقصص السلبية التي تدور في ذهنك، وتُبقيها خارجاً بينما تشعر باسترخاء جسدك التام في السرير»، وفق أنتيغليو.
وأوضحت أنه «بالتزامن مع الوعي، فإن تخيّل مساحة من الاسترخاء والهدوء، أمر يُساعدك على نسيان الأمور، ويُذكّرك أيضاً بأنك مسؤول عن الأفكار التي يُسمح لها بالبقاء في ذهنك».
7. تخيّل النجاح
وبحسب أنتيغليو، عندما تُبقيك مخاوفك بشأن حدث كبير في المستقبل مستيقظاً طوال الليل تخيّل أفضل نتيجة مُمكنة لهذا الموقف، وماذا سيحدث بالضبط إذا سارت الأمور على ما يُرام.
يُفضّل ممارسة هذا بانتظام، إلى جانب استذكار جميع الأحاسيس والمشاعر الإيجابية التي تشعر بها عند تحقيق نجاح باهر. لا يستطيع عقلك التمييز بين ما يحدث بالفعل وما يراه عندما تتخيل الحدث، لذا عندما تأتي اللحظة الحاسمة، ستتمكن من الاسترخاء لأن عقلك سيشعر بأن أي مشكلات محتملة قد عولجت بالفعل.
8. حدد نية
عندما تشعر أن اليوم التالي مُرهق بشكل عام، «خصص لحظة لتحديد نية بسيطة لما تريد إنجازه أو كيف تريد أن تظهر اليوم»، بحسب أنتيغليو.
وقالت: «حدد كيف تريد أن تشعر وما تريد تحقيقه، إلى جانب تقنيات الاسترخاء أو التصور أو الحركة التي تعلمتها، لربط عقلك وجسدك معاً لتشعر بقدرة أكبر على مواجهة تحديات الحياة اليومية».