تقنية واعدة في تشخيص «الصرع» وعلاجه

أثبت الباحثون أن الأقطاب الكهربائية يمكنها تحفيز مناطق مختلفة بالدماغ (بابليك دومين)
أثبت الباحثون أن الأقطاب الكهربائية يمكنها تحفيز مناطق مختلفة بالدماغ (بابليك دومين)
TT

تقنية واعدة في تشخيص «الصرع» وعلاجه

أثبت الباحثون أن الأقطاب الكهربائية يمكنها تحفيز مناطق مختلفة بالدماغ (بابليك دومين)
أثبت الباحثون أن الأقطاب الكهربائية يمكنها تحفيز مناطق مختلفة بالدماغ (بابليك دومين)

طور فريق بحثي من معهد طوكيو للتكنولوجيا (طوكيو تك) نوعا جديدا من الأقطاب العصبية المرنة ذات تصميم مبتكر، يُمكن أن «يؤدي إلى إحداث ثورة في كيفية إجراء تسجيلات تخطيط كهربية القشرة الدماغية (ECoG) والتحفيز العصبي المباشر».

ووفق نتائج الدراسة المنشورة (الخميس) في دورية «أدفانسد ماتيريال تكنولوجيز»، تتطابق هذه الأقطاب الكهربائية المتينة بدقة مع الخواص الميكانيكية لأنسجة المخ، مما يؤدي إلى «أداء أفضل أثناء تسجيلات تخطيط كهربية القشرة والتحفيز العصبي المستهدف». وتُظهر الأقطاب الكهربائية المرنة ذات الأغشية الرقيقة الموضوعة مباشرة على أنسجة المخ «نتائج (واعدة) في تشخيص وعلاج (الصرع)».

ويعد «قياس نشاط الدماغ» تقنية مفيدة لتشخيص الصرع وغيره من الاضطرابات العصبية والنفسية. ومن بين الأساليب العديدة المعتمدة، يعد «تخطيط كهربية الدماغ» (EEG) هو الأقل تدخلاً داخل الدماغ. وفي أثناء التسجيلات تُوضع عادة أقطاب كهربائية على فروة الرأس؛ إلا أن هذا يحدّ من دقة مخطط كهربية الدماغ، حيث يؤثر على الإشارات الكهربائية الآتية من الدماغ، مؤدياً إلى إضعافها وتشويهها عند وصولها إلى فروة الرأس.

في المقابل، يتضمن «تخطيط كهربية القشرة الدماغية» (ECoG) وضع أقطاب كهربائية عصبية مباشرة على سطح الدماغ. وكونها على اتصال وثيق بالمنطقة محل الاهتمام «توفر أقطابها تسجيلات أفضل لنشاط الدماغ». ومن الممكن أيضاً إرسال نبضات كهربائية من خلالها لتحفيز مجموعات محددة من الخلايا العصبية بهدف إدارة نوبات الصرع.

ومع ذلك فإن أقطاب تخطيط كهربية القشرة الدماغية التقليدية بها عيب، حيث لا تتطابق عادة مع الخواص الميكانيكية لأنسجة المخ وانحناءاتها، مما يؤدي إلى زيادة ضغط الدماغ وغيرها من الآثار الضارة. وعلى الرغم من أنه تم تطوير الأقطاب الكهربائية العصبية الناعمة للتخفيف من هذه المشكلة، فإنها «إما تفتقر للمتانة والقوة أو تتطلب عمليات تصنيع معقدة».

وتتكون الركيزة الأساسية من القطب المبتكر من طبقة رقيقة مصنوعة من مادة مرنة، كما يستخدم الباحثون طابعة نافثة للحبر لتصنيع أسلاك موصلة على القطب باستخدام حبر ذهبي نانوي. وأخيراً غطّوا الدائرة عن طريق تكديس طبقة أخرى من المادة المرنة كعازل، مع حفر قنوات صغيرة بالليزر كنقاط للقياس أو التحفيز الدماغي.

ومن خلال الاختبارات والمحاكاة الميكانيكية المكثفة. أثبت الباحثون أن «هذه الأقطاب الجديدة تتوافق بدقة مع شكل أنسجة المخ التي تحتوي على العديد من الحواف غير المنتظمة». ويعدّ تصميمها المباشر وعملية التصنيع ميزة كبيرة، إذ إنها تساعد على اعتماد الأقطاب المبتكرة على نطاق واسع في التطبيقات العملية.

وهو ما علق عليه الدكتور توشينوري فوجي، الذي قاد الدراسة، (الخميس)، قائلاً «هذه هي الدراسة الأولى التي تنتج مثل هذه الأقطاب الكهربائية والتي تعتمد على الإلكترونيات المطبوعة، وتتطابق بشكل وثيق مع الخواص الميكانيكية لأنسجة المخ».

وأجرى الفريق البحثي تجارب عدّة على نماذج من الفئران المختبرية المصابة بالصرع، وتمكنوا من «قياس الاستجابة العصبية بدقة في أدمغة هذه الفئران عندما تم تحفيز إحدى شعيراتها ميكانيكياً». كما تمكنوا أيضاً من «تصوير نشاط النوبات أثناء الصرع الناجم عن المواد الكيميائية».

ومن خلال تحفيز الحركة في شوارب وأذرع الفئران عبر نبضات كهربائية مرسلة عبر قنوات محددة، أثبت الباحثون أن الأقطاب الكهربائية المقترحة يمكنها أن «تحفز مناطق مختلفة من الدماغ». وتُسلط نتائج الدراسة الضوء على إمكانات الأقطاب الكهربائية العصبية ذات الأغشية الرقيقة المرنة في تشخيص وعلاج الصرع وأمراض الدماغ الأخرى.

ويشار إلى أن الأقطاب الكهربائية لم تسبّب أي التهاب أو آثار ضارة في أدمغة الفئران حتى بعد عدة أسابيع من إجراء التجارب، مما يسلط الضوء على توافقها مع الأنسجة البيولوجية.

ويخطط الباحثون لتحسين تصميمهم بشكل أكبر لجعله مناسباً للتطبيقات السريرية. وهنا أوضح فوجي، أن «دمج القطب الكهربائي ذي الأغشية الرقيقة مع جهاز قابل للزرع يمكن أن يجعله أقل تدخلاً وأكثر حساسية للنشاط الكهربائي غير الطبيعي للدماغ». وشدّد على أن «هذا من شأنه أن يتيح تحسين التشخيص والاستراتيجيات العلاجية لإدارة الصرع المستعصي».


مقالات ذات صلة

صحتك استخدام الحوامل لمنتجات العناية الشخصية يؤدي إلى ارتفاع مستويات «المواد الكيميائية الأبدية» السامة في دمائهن (رويترز)

دراسة تحذّر الحوامل: المكياج وصبغة الشعر يزيدان مستويات المواد السامة بحليب الثدي

حذرت دراسة جديدة من الاستخدام الزائد لمنتجات العناية الشخصية مثل المكياج وخيط تنظيف الأسنان وصبغة الشعر بين النساء الحوامل.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك صورة توضيحية تُظهر ورماً في المخ (أرشيفية)

الأول من نوعه... نموذج ذكاء اصطناعي يمكنه اكتشاف سرطان الدماغ

يفترض الباحثون أن شبكة الذكاء الاصطناعي التي تم تدريبها على اكتشاف الحيوانات المتخفية يمكن إعادة توظيفها بشكل فعال للكشف عن أورام المخ من صور الرنين المغناطيسي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك شخص يُجري فحصاً لداء السكري (رويترز)

مرض السكري قد يسرّع من انكماش المخ

كشفت دراسة جديدة أن مرض السكري من النوع الثاني قد يؤدي إلى انكماش المخ بشكل سريع مع التقدم في العمر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك استهلاك الأطعمة التي تحتوي على «أوميغا 3» و«أوميغا 6» مثل الأسماك الزيتية يقلل معدل خطر الإصابة بالسرطان (جمعية الصيادين الاسكوتلنديين)

أطعمة تقلل من خطر الإصابة بـ14 نوعاً مختلفاً من السرطان

وجدت دراسة أن استهلاك «أوميغا 3» و«أوميغا 6»، وهي الأحماض الدهنية التي توجد في الأطعمة النباتية والأسماك الزيتية، قد يؤثر على معدل خطر الإصابة بالسرطان.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

حفر صينية عملاقة تحبس الزمن في باطنها... وتجذب السياح

اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)
اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)
TT

حفر صينية عملاقة تحبس الزمن في باطنها... وتجذب السياح

اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)
اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)

على عمق يتخطى 100 متر تحت الأرض (328 قدماً) ثمة عالم مفقود من الغابات القديمة والنباتات والحيوانات. كل ما يمكنك رؤيته هناك قمم الأشجار المورقة، وكل ما تسمعه صدى أزيز حشرة الزيز وأصوات الطيور، الذي يتردد على جوانب الجروف، حسب «بي بي سي» البريطانية .على مدى آلاف السنين، ظل ما يعرف بـ«الحفرة السماوية» أو «تيانكنغ»، كما تُسمى باللغة المندرينية، غير مكتشفة، مع خوف الناس من الشياطين والأشباح، التي تختبئ في الضباب المتصاعد من أعماقها. إلا أن طائرات الدرون وبعض الشجعان، الذين هبطوا إلى أماكن لم تطأها قدم بشر منذ أن كانت الديناصورات تجوب الأرض، كشفت عن كنوز جديدة، وحوّلت الحفر الصينية إلى معالم سياحية. ويُعتقد أن ثلثي الحفر، التي يزيد عددها عن 300 في العالم، توجد في الصين، منتشرة في غرب البلاد، منها 30 حفرة، وتضم مقاطعة «قوانغشي» في الجنوب أكبر عدد من هذه الحفر، مقارنة بأي مكان آخر. وتمثل أكبر وأحدث اكتشاف قبل عامين في غابة قديمة تحتوي على أشجار يصل ارتفاعها إلى 40 متراً (130 قدماً). تحبس هذه الحفر الزمن في باطنها، ما يحفظ النظم البيئية الفريدة والدقيقة لقرون. ومع ذلك، بدأ اكتشافها يجذب السياح والمطورين، ما أثار المخاوف من أن هذه الاكتشافات المدهشة والنادرة قد تضيع إلى الأبد.

بوجه عام، تعد هذه الحفر الأرضية نادرة، لكن الصين، خاصة «قوانغشي»، تضم كثيراً منها بفضل وفرة الصخور الجيرية. جدير بالذكر هنا أنه عندما يذيب نهر تحت الأرض الصخور الجيرية المحيطة ببطء، تتكون كهوف تتمدد صعوداً نحو الأرض. وفي النهاية، تنهار الأرض تاركة حفرة واسعة، ويجب أن يكون عمقها وعرضها لا يقل عن 100 متر حتى تُعدّ حفرة أرضية. وبعض الحفر، مثل تلك التي جرى اكتشافها في «قوانغشي» عام 2022، أكبر من ذلك، مع امتدادها لمسافة 300 متر في الأرض، وعرضها 150 متراً.

من وجهة نظر العلماء، تمثل هذه الحفر العميقة رحلة عبر الزمن، إلى مكان يمكنهم فيه دراسة الحيوانات والنباتات، التي كانوا يعتقدون أنها انقرضت. كما اكتشفوا أنواعاً لم يروا أو يعرفوا عنها من قبل، بما في ذلك أنواع من أزهار الأوركيد البرية، وأسماك الكهوف البيضاء الشبحية، وأنواع من العناكب والرخويات. وداخل محميات من الجروف الشاهقة، والجبال الوعرة، والكهوف الجيرية، ازدهرت هذه النباتات والحيوانات في أعماق الأرض.