سعيد سرحان: أرفض أدواراً يقدّمها جميع الممثلين

يتحدّث لـ«الشرق الأوسط» عن صناعته فرصاً من «اللافرص»

الممثل اللبناني سعيد سرحان يُفعّل أدوات الكتابة في صناعة شخصياته (حسابه الشخصي)
الممثل اللبناني سعيد سرحان يُفعّل أدوات الكتابة في صناعة شخصياته (حسابه الشخصي)
TT

سعيد سرحان: أرفض أدواراً يقدّمها جميع الممثلين

الممثل اللبناني سعيد سرحان يُفعّل أدوات الكتابة في صناعة شخصياته (حسابه الشخصي)
الممثل اللبناني سعيد سرحان يُفعّل أدوات الكتابة في صناعة شخصياته (حسابه الشخصي)

يجمع مسلسل «الغريب» (شاهد)، سعيد سرحان للمرة الثانية مع بسام كوسا في البطولة وصوفي بطرس في الإخراج، بعد اللقاء في فيلم «محبس». بطرس الآتية من إخراج الفيديو كليب، تقدّم أولى تجاربها الدرامية. يصفها سرحان بـ«الصديقة»، وينوّه بجوّ التفاهم في العمل. يكشف لـ«الشرق الأوسط» عن دوره في المسلسل، بشخصية «خليل» حمّال الأوجه، غير المستقرّ على حال.

سعيد سرحان يبحث عن أدوار خارج المألوف (حسابه الشخصي)

يُرجئ الموافقة على دور حتى التأكد من ليونة الكاتب والمخرج لجهة إضافة لمسته على أبعاده. يسمّي الإضافة «باك ستوري»، وهي البُعد الثاني أو الثالث للشخصية. شيء أقرب إلى «إعادة الكتابة مع احترام الخطوط»، فيُجنّب الدور التسطيح والطبقة الواحدة. يتحدّث عن «خليل»: «أحد قبضايات حيّ شعبي، نفوذه ممتدّ ممَن يستثمرون في أشخاص من صنفه لاعتبارات عدّة. أضفتُ إليه خلفية تُبرر نزوعه إلى العنف. يهرع للمساعدة، لكنه سريع الغضب. تتشابك الأحداث، فيكون ملجأ شخصية بسام كوسا، تزامناً مع قصة حب تضبط إيقاعه. تظهر الشخصية بأكثر من منحى».

بالنسبة إليه، وَصْل «خليل» بماضيه، يمنحه حقيقة أخرى: «لذا نراه بكامل رقّته مع والدته، على عكس حالاته المتناقضة في غير وضعية». يحلو له الإجابة عن سؤال يتعلّق باللمسة: «أستبعد شخصيات لا تُشعرني بجديد أقدّمه. بكثير من التواضع أقول، أرفض أدواراً يؤدّيها جميع الممثلين. أملك أدوات كتابة، فأسعى إلى ربط الدور بخلفية تُبرر منطقه. الشرّ ليس مجانياً، ولا الغضب. ثمة ما يحرّكنا جميعاً، علينا التوقف عنده».

بسام كوسا وسعيد سرحان... لقاء يتجدد للمرة الثانية (صور سرحان)

تدخُّله في الكتابة، لا يعني تجاوزه الكاتب لفرض رؤيته. يوضح: «آخذ المَشاهد كما هي، وقد أضيف جملاً تحمل قوة التأثير. أريد الجمهور أن يقول (آه، مهلاً! لهذه الشخصية قصة علينا انتظارها). أبحث عن أدوار من لحم ودم، يتأكد مَن يشاهدها أنها حقيقية. في شخصية (رضوان) مثلاً، بمسلسل (وأخيراً) الرمضاني، تعمّدتُ تفعيل الغموض والتلاعب ببحّة الصوت. أحمِّل شخصياتي علاقتي بأدوات الكتابة، فأنقلها من بُعد إلى آخر».

تثق شركة «الصبّاح أخوان» بفنان له مكانته فيها، بالأدوار وداخل ورش الكتابة. لا يخفي سعيد سرحان خيبة السعي الذي لا يثمر المرجوّ منه. هو حين يقول، «حتى وإن أُسندت إليّ شخصية من 30 صفحة، فسأحمّلها بُعداً يرفع قيمة العمل»، فلأنه يقدّر حجم ما يملك. مع ذلك، تُطعّم غصّة الحديث بوَقْع المرارة. فسرحان لم يُعطَ بعد دور بطولة مطلقة. ورغم قدرته على خلق ندّ للبطل يُفعّل المنافسة ويُشعل الحماسة، يظلّ ثانياً في المراتب. يتفادى الملامة من منطلق أنه يتفهّم ضرورات التسويق وبورصة الأسماء القادرة على تعجيل بيع مسلسل. رغم الأمر الواقع، لن يكفّ عن محاولة إحداث الفارق، حتى يتبوأ المكانة المُنتَظرة ويبلغ الوصول إلى حيث يستحق.

سعيد سرحان ينقّب في طبقات الشخصية فينقذها من السطحية (حسابه الشخصي)

امتلاك الأدوات، برأيه، «موهبة فطرية لا تُدرَّس». ممثلون يبرعون في تلبُّس الشخصية، إنما ينقصهم حسّ اللمسة. لولاها، لما ظهر «رضوان» كما شاهدناه في رمضان الفائت، غريب الأطوار، مُبطّناً، يتكئ على خفايا وأسئلة. لذا يقول بثقة: «أستطيع النهوض بممثل ضعيف، كما يستطيع ممثل قوي أن يرفعني. هكذا يولد إيقاع المشهد. الكيمياء بين الأبطال تُجمِّل العمل».

ولكن، هل يدقّق في الأسماء المُشارِكة؟ إلى أي حد يعنيه مَن هو الندّ، أو البطل المضاد، أو البطل الذي سيكون يده اليمنى، كما لتيم حسن في «الهيبة»؟ وإن تمهّلنا أمام «الغريب»، أي حلاوة يضيفها بسام كوسا إلى اللعبة؟ يبدأ من هنا: «هو الأهم بالنسبة إليّ، بين أبناء جيله والأجيال الأخرى. يتلوّن بذهول. يملك قدرة ابتكار أنفاس الشخصية. هذا الممثل هو قدوتي في كيفية البناء والتركيب. لكنني لا أتعقّب الأسماء في المسلسلات. أعلم أنّ اعتبارات إنتاجية تتدخّل غالباً في اختيارها، لذلك أقدّم الدور من منطلقي وما سأضيفه إلى السياق».

رغم تسميته المنتج صادق الصبّاح «الأب الروحي»، وإشارته إلى تفهّم قواعد السوق، يعلن سعيد سرحان أنّ الظلم يلحق به: «لم أُعطَ فرصة لقيادة عمل، إلا أنني في كل دور كنتُ رأس حربة، فشققتُ أفقاً نحو أبعاد أخرى. أثبتُ الفرصة باللافرص. لم أسلّم لشخصية من خط واحد، تُنفّر المُشاهد لخوائها. أُدخلها في قالب يسبق سَكْبها».

يكترث للشكل ويتعمّد أن يُقال: «هذا (صولد) في (باب الجحيم) وليس سعيداً! هذا (علي) في (الهيبة) وليس سعيداً...». ومع بدء عرض (الغريب)، يصبح «خليلاً»، متنازلاً عن سعيد كامل التنازل. فمظهر الشخصية مُستمدّ من بيئتها، يُحدّده بعد دراسة: «لكل شخص هوية منطلقها غالباً خلفيته الاجتماعية. أهتم بالإكسسوار والصوت ولغة الجسد، وأيضاً بكل جرح علَّم أو حتى وشم. للندوب والوشوم حكايات».

«حرّكنا الشغف، ولم نفكر بالشهرة. اليوم، الشهرة هدف أول. وهي متاحة وسريعة، لكنّ صنّاعها فارغون من الإرث، لا يشكّلون قدوة. أحلامنا كابوس في هذا البلد، وكل ما نفعله هو محاولة إيجاد ضوء في الظلمة المتمادية».  

الممثل اللبناني سعيد سرحان

لا يخشى ما ترتّبه جماهيرية شخصية ووسْع مداها، على الخطوة المقبلة وشعبيتها المُحتَملة. برأيه، الممثل الحقيقي هو الجاهز للتجديد وإثبات الإمكانات بأي قالب وُضع. يؤلمه أنّ المواهب في لبنان لا تلقى مَن يتبنّاها: «لو أنني في بلد آخر، لحققتُ المزيد المزيد!». يتحدّث عن غياب النقابات، والحاجة إلى العيش، هو الذي ابتلعت المصارف ودائعه، فتحوّل من منتج سينمائي إلى ممثل يطارد الدور الجيّد ويصارع لنيل ما تستحقه الموهبة، قبل الشهرة.

تخلّى عن هندسة الميكانيك وأذعن لنداء الشغف. كان في السادسة حين تقدّم جاراه، آنذاك، الممثلان فادي أبي سمرا ومحمد عقيل، لإجراء امتحان دخول إلى الجامعة. تشارُك المبنى جعله يكثّف زياراته لرؤيتهما يتمرّنان ويتحدّثان عن المسرح. ولا ينسى يوم اصطحباه لمشاهدة عرض إيمائي لفائق حميصي، أستاذه لاحقاً. يتذكّر، ليقول: «حرّكنا الشغف، ولم نفكر بالشهرة. اليوم، الشهرة هدف أول. وهي متاحة وسريعة، لكنّ صنّاعها فارغون من الإرث، لا يشكّلون قدوة. أحلامنا كابوس في هذا البلد، وكل ما نفعله هو محاولة إيجاد ضوء في الظلمة المتمادية».  


مقالات ذات صلة

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

يوميات الشرق لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

حظي مسلسل «رقم سري» الذي ينتمي إلى نوعية دراما الغموض والتشويق بتفاعل لافت عبر منصات التواصل الاجتماعي.

رشا أحمد (القاهرة )
يوميات الشرق زكي من أبرز نجوم السينما المصرية (أرشيفية)

مصر: تجدد الجدل بشأن مقتنيات أحمد زكي

تجدد الجدل بشأن مقتنيات الفنان المصري الراحل أحمد زكي، بعد تصريحات منسوبة لمنى عطية الأخت غير الشقيقة لـ«النمر الأسود».

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق تجسّد شخصية «دونا» في «العميل» (دانا الحلبي)

دانا الحلبي لـ«الشرق الأوسط»: لو طلب مني مشهد واحد مع أيمن زيدان لوافقت

تُعدّ تعاونها إلى جانب أيمن زيدان إضافة كبيرة إلى مشوارها الفني، وتقول إنه قامة فنية كبيرة، استفدت كثيراً من خبراته. هو شخص متعاون مع زملائه يدعم من يقف أمامه.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق آسر ياسين وركين سعد في لقطة من المسلسل (الشركة المنتجة)

«نتفليكس» تطلق مسلسل «موعد مع الماضي» في «القاهرة السينمائي»

رحلة غوص يقوم بها بعض أبطال المسلسل المصري «موعد مع الماضي» تتعرض فيها «نادية» التي تقوم بدورها هدى المفتي للغرق، بشكل غامض.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق مسلسل «6 شهور»   (حساب Watch IT على «فيسبوك»)

«6 شهور»... دراما تعكس معاناة حديثي التخرّج في مصر

يعكس المسلسل المصري «6 شهور» معاناة الشباب حديثي التخرج في مصر عبر دراما اجتماعية تعتمد على الوجوه الشابة، وتحاول أن ترسم الطريق إلى تحقيق الأحلام.

نادية عبد الحليم (القاهرة )

العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)
الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)
TT

العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)
الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)

كشفت دراسة دولية أن 91 في المائة من المصابين باضطرابات الاكتئاب في جميع أنحاء العالم لا يحصلون على العلاج الكافي.

وأظهرت الدراسة، التي قادها فريق من جامعة كوينزلاند في أستراليا، ونُشرت نتائجها، الجمعة، في دورية «The Lancet Psychiatry»، أن كثيرين من المصابين بالاكتئاب لا يتلقون العناية اللازمة، ما يزيد من معاناتهم ويؤثر سلباً على جودة حياتهم.

ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يعاني أكثر من 300 مليون شخص الاكتئاب، مما يجعله السبب الرئيسي للإعاقة عالمياً. وتشير التقديرات إلى أن 5 في المائة من البالغين يعانون هذا المرض. وضمّت الدراسة فريقاً من الباحثين من منظمة الصحة العالمية وجامعتيْ واشنطن وهارفارد بالولايات المتحدة، وشملت تحليل بيانات من 204 دول؛ لتقييم إمكانية الحصول على الرعاية الصحية النفسية.

وأظهرت النتائج أن 9 في المائة فقط من المصابين بالاكتئاب الشديد تلقّوا العلاج الكافي على مستوى العالم. كما وجدت الدراسة فجوة صغيرة بين الجنسين، حيث كان النساء أكثر حصولاً على العلاج بنسبة 10.2 في المائة، مقارنة بــ7.2 في المائة للرجال. ويُعرَّف العلاج الكافي بأنه تناول الدواء لمدة شهر على الأقل، إلى جانب 4 زيارات للطبيب، أو 8 جلسات مع متخصص.

كما أظهرت الدراسة أن نسبة العلاج الكافي في 90 دولة كانت أقل من 5 في المائة، مع تسجيل أدنى المعدلات في منطقة جنوب الصحراء الكبرى بأفريقيا بنسبة 2 في المائة.

وفي أستراليا، أظهرت النتائج أن 70 في المائة من المصابين بالاكتئاب الشديد لم يتلقوا الحد الأدنى من العلاج، حيث حصل 30 في المائة فقط على العلاج الكافي خلال عام 2021.

وأشار الباحثون إلى أن كثيرين من المرضى يحتاجون إلى علاج يفوق الحد الأدنى لتخفيف معاناتهم، مؤكدين أن العلاجات الفعّالة متوفرة، ومع تقديم العلاج المناسب يمكن تحقيق الشفاء التام. وشدد الفريق على أهمية هذه النتائج لدعم خطة العمل الشاملة للصحة النفسية، التابعة لمنظمة الصحة العالمية (2013-2030)، التي تهدف إلى زيادة تغطية خدمات الصحة النفسية بنسبة 50 في المائة على الأقل، بحلول عام 2030. ونوه الباحثون بأن تحديد المناطق والفئات السكانية ذات معدلات علاج أقل، يمكن أن يساعد في وضع أولويات التدخل وتخصيص الموارد بشكل أفضل.

يشار إلى أن الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم، حيث يؤثر على ملايين الأشخاص من مختلف الأعمار والفئات الاجتماعية، ويرتبط بشكل مباشر بمشاعر الحزن العميق، وفقدان الاهتمام بالنشاطات اليومية، مما يؤثر سلباً على الأداء الوظيفي والعلاقات الاجتماعية.