«قل ولا حرج»... مبادرة لتصحيح الأخطاء الشائعة لغوياً عبر «تيك توك»

المذيع المصري خالد عاشور (الشرق الأوسط)
المذيع المصري خالد عاشور (الشرق الأوسط)
TT

«قل ولا حرج»... مبادرة لتصحيح الأخطاء الشائعة لغوياً عبر «تيك توك»

المذيع المصري خالد عاشور (الشرق الأوسط)
المذيع المصري خالد عاشور (الشرق الأوسط)

دفع عدد من الأخطاء الشائعة في اللغة العربية مذيع أخبار مصرياً لأن يقدم مبادرة لتصحيح تلك الأخطاء، منتهجاً أسلوب «قُل ولا حرج»، وفاتحاً آفاقاً من كنوز اللغة العربية للعاملين في الصحافة والإعلام، ولكل المتابعين.

ودشن الدكتور خالد عاشور، مذيع الأخبار بالتلفزيون المصري، وعضو اتحاد كتاب مصر، مبادرة بعنوان «لغة الإعلام في الميزان» لكي يفتح عبر منصات رقمية شعبية، أبرزها «تيك توك» و«فيسبوك»، الفرصة لنشر كلمات عربية بتشكيلات مختلفة جلها مُجازة عبر مجمع اللغة العربية، وأيضاً كلمات متنوعة لمفردة واحدة.

وانطلقت المبادرة بعد أزمة «كورونا» في عام 2020، عندما بادر عاشور بمقطع فيديو قصير لزملائه في غرفة تحرير الأخبار يطرح فيه بدائل لكلمة «فيديو كونفرنس» مثل «عن بُعد» أو «الواقع الافتراضي»... وغيرها. الحلقة التي نشرها عبر حساباته الشخصية لاقت رواجاً بين الزملاء، وحمسه عدد منهم إلى إنتاج المزيد.

يحكي عاشور لـ«الشرق الأوسط» أنه بعد قرابة 40 حلقة من سلسلة «لغة الإعلام في الميزان»، في تصويب الأخطاء الشائعة؛ تَواصل مسؤولون من مجمع اللغة العربية مع المذيع المصري من أجل السماح بنشر المقاطع عبر صفحة المجمع الرسمية على «فيسبوك»، كما فتح التواصل بين عاشور والمجمع الباب لكي يأخذ المذيع من الإجازات الجديدة التي يطرحها المجمع إلى عالم الإنترنت الرقمي.

ومنذ ذلك الحين، تجاوزت حلقات المبادرة 100 مقطع، ويقول عاشور إن المقاطع التي تسعى لتصويب الألفاظ والأساليب المتداولة في وسائل الإعلام، كانت تتبع نهجاً جديداً ومختلفاً عن تجارب شبيهة سابقة مثل البرنامج الإذاعي «قل ولا تقل» و«معجم الأخطاء الشائعة» للعدناني وغيرها؛ النهج الجديد هو أنني لا أتبنى فيه مبدأ «قل وقل»، وإنما مبدأ «قل ولا حرج»، أي فتح نافذة للمتلقي على آفاق الوجوه المتعددة للصواب اللغوي، فللصواب وجوه متعددة وليس وجهاً واحداً، وذلك من خلال الاعتماد على إجازة المجمع اللغوي كثيراً من الألفاظ والأساليب التي كنا نظنها خطأً، مثل إجازته كلمة (مناخ) بفتح الميم وبضمها، أو كلمة (معرض) بفتح الراء وأيضاً بكسرها، وإجازة كلمة (كافة) وسط الجملة وليس فقط في نهايتها، وغيرها من كلمات.

كما تتميز المقاطع المقدمة في سلسلة «لغة الإعلام في الميزان» بأنها قصيرة وليست طويلة ترهق المتابعين، ما جعلها تلقى رواجاً، كما يذكر عاشور أنه في كثير من المقاطع يذكر المرجع من أصل الكلمة أو تشكيلها، مثل ذكر المتخصصين أبرزها الدكتور شوقي ضيف، الرئيس السابق لمجمع اللغة العربية، وكذلك الدكتور عباس حسن، صاحب كتاب النحو الوافي... وغيرهما.

وتأسس مجمع اللغة العربية في عهد الملك فؤاد الأول، وبدأ العمل في عام 1934، بهدف الحفاظ على اللغة العربية، وأن يقوم بوضع معجم تاريخي للغة العربية، وأن ينشر أبحاثاً دقيقة في تاريخ بعض الكلمات وتغير مدلولاتها. كما أن مجمع اللغة العربية يجيز كلمات جديدة طوال الوقت، أو إجازة التشكيل الجديد للكلمة، وذلك من خلال (لجنة الألفاظ والأساليب)، والتي ترفع تقارير بالكلمات التي يجري بحث إمكانية إجازتها إلى المؤتمر العام السنوي للمجمع، والذي يضم أعضاءً من بلدان عربية، ويصدر المؤتمر العام تقريراً سنوياً في أجزاء أو مجلدات فيها إجازات كثيرة، لكنها غير شائعة بين غير المتخصصين في اللغة.

ومن بطون تلك الإجازات تتكون الحلقات في سلسلة «لغة الإعلام في الميزان»، بينما يُصر عاشور أن بعضها قد يُشكل صدمة للمتابعين؛ إذ إن البعض يعتقد أن تلك الكلمات ليست عربية فصحى، مثل جواز كلمة (مُبارك) أو (مبروك) في أقوال مثل التهنئة للنجاح.

لا يخفي المذيع المصري، والحاصل على الدكتوراه في اللغة العربية وآدابها، عن فرحته تجاه زيادة عدد متابعي صفحة المجمع على فيسبوك بعد نشر تلك المقاطع، مثمناً التعليقات الإيجابية من متابعي الصفحة من كل الدول العربية وخارجها من محبي لغتنا الجميلة، كما يعبر عن إبدائه بالتفاعل الإيجابي مع متابعي صفحة المجمع اللغوي، إذ يشكل عدد من الأسئلة والاستفسارات نواة لفيديوهات جديدة من السلسلة.


مقالات ذات صلة

زينة يازجي: «سباق القمة» يقدّم الانتخابات الأميركية من منظور مختلف

إعلام زينة يازجي (الشرق الأوسط)

زينة يازجي: «سباق القمة» يقدّم الانتخابات الأميركية من منظور مختلف

مع احتدام سباق البيت الأبيض، يتجه الاهتمام العالمي نحو الانتخابات الرئاسية الأميركية، التي يُنظر إليها على نطاق واسع بوصفها واحدة من أكثر المنافسات السياسية

مساعد الزياني (دبي)
إعلام اعتماد «ميتا» على منشورات المُستخدمين لتدريب الذكاء الاصطناعي... يجدد مخاوف «الخصوصية»

اعتماد «ميتا» على منشورات المُستخدمين لتدريب الذكاء الاصطناعي... يجدد مخاوف «الخصوصية»

أعلنت شركة «ميتا» عزمها البدء في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، معتمدة على بيانات مصدرها المنشورات العامة للمستخدمين على «فيسبوك» و«إنستغرام»،

إيمان مبروك (القاهرة)
المشرق العربي عربة عسكرية إسرائيلية خارج المبنى الذي يستضيف مكتب قناة الجزيرة في رام الله بالضفة الغربية المحتلة (رويترز)

«الجزيرة» تعدّ اقتحام القوات الإسرائيلية لمكتبها في رام الله «عملاً إجرامياً»

أعلن الجيش الإسرائيلي، الأحد، أنه أغلق مكتب قناة «الجزيرة» في رام الله بالضفة الغربية المحتلة، لأنه «يحرض على الإرهاب».

«الشرق الأوسط» (رام الله)
العالم شعار مجموعة «ميتا» (رويترز)

«ميتا» تحظر وسائل الإعلام الحكومية الروسية على منصاتها

أعلنت مجموعة «ميتا»، المالكة لـ«فيسبوك» و«إنستغرام» و«واتساب»، فرض حظر على استخدام وسائل الإعلام الحكومية الروسية لمنصاتها، وذلك تجنّبا لأي «نشاط تدخلي أجنبي».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
إعلام ميكروفونات القنوات العراقية حاضرة بكثافة في الظهور المدوي لرئيس «هيئة النزاهة»

الإعلام ووسائل التواصل تحاصر السلطات الثلاث في العراق

للمرة الأولى في العراق، منذ تغيير النظام عام 2003 بواسطة الدبابة الأميركية، تتمكّن وسائل الإعلام العادية ووسائل التواصل الاجتماعي من محاصرة السلطات الثلاث.

حمزة مصطفى (بغداد)

صغار البطريق تنجو بأعجوبة من جبل جليدي شارد

جدران الجبل الجليدي حاصرت صغار البطاريق (غيتي)
جدران الجبل الجليدي حاصرت صغار البطاريق (غيتي)
TT

صغار البطريق تنجو بأعجوبة من جبل جليدي شارد

جدران الجبل الجليدي حاصرت صغار البطاريق (غيتي)
جدران الجبل الجليدي حاصرت صغار البطاريق (غيتي)

انفصل في مايو (أيار) الماضي جبل جليدي ضخم عن جرف جليدي في القارة القطبية الجنوبية، لتجرفه التيارات ويتوقف مباشرةً أمام ما يمكن أن تُوصف بأنها أتعس البطاريق حظاً في العالم ليعرّض حياتها للخطر.

وشكّلت جدران الجبل الجليدي الضخمة حاجزاً، كما لو كانت باباً فاصلاً، بين مستعمرة خليج هالي والبحر، مما جعل صغار البطاريق مُحاصَرة في الداخل.

وبدا الأمر كأنه سيشكّل نهاية مأساوية للمئات من فراخ البطريق هناك، التي كانت قد فقست لتوها، والتي ربما لم تَعُد أمهاتها، التي خرجت للصيد بحثاً عن الطعام، قادرة على الوصول إليها، لكن قبل بضعة أسابيع من الآن تحرّك الجبل الجليدي مرة أخرى.

وُصفت بأنها أتعس البطاريق حظاً في العالم (غيتي)

واكتشف العلماء أن البطاريق المتشبثة بالحياة هناك، وجدت طريقة للتغلب على الجبل الجليدي الضخم، حيث تُظهر صور الأقمار الاصطناعية التي حصلت عليها هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) بشكل حصري، هذا الأسبوع، وجود حياة في المستعمرة.

وقد عاش العلماء فترة طويلة من القلق والتّرقب حتى هذه اللحظة، إذ إن الفراخ لا تزال تواجه تحدياً آخر قد يكون مميتاً خلال الأشهر المقبلة، ففي أغسطس (آب) الماضي، عندما سألت «بي بي سي»: «هيئة المسح البريطانية للقطب الجنوبي»، عمّا إذا كانت بطاريق الإمبراطور قد نجت، لم يتمكن أعضاؤها من الإجابة، إذ قال العالِم بيتر فرتويل: «لن نعرف الإجابة حتى تشرق الشمس (على المكان)».

وكان ذلك في فصل الشتاء في القطب الجنوبي، ولذا لم تتمكن الأقمار الاصطناعية من اختراق الظلام الدّامس هناك لالتقاط صور للطيور.

ووصفها فرتويل بأنها «أتعس البطاريق حظاً في العالم»، وهو شارك في متابعة حياتها طوال سنوات، إذ تتأرجح هذه الكائنات على حافة الحياة والموت، ولم يكن ما جرى مؤخراً سوى أحدث حلقة في سلسلة الكوارث التي تعرّضت لها.

كانت المستعمرة مستقرة في الماضي، حيث كان عدد الأزواج الذين يتكاثرون يتراوح بين 14 و25 ألفاً سنوياً، مما جعلها ثاني أكبر مستعمرة في العالم، ولكن في عام 2019، وردت أنباء عن فشل كارثي في عملية التكاثر، حينها اكتشف فرتويل وزملاؤه أنه على مدى 3 سنوات، فشلت المستعمرة في تربية أي صغار.

وتحتاج فراخ البطريق إلى العيش على الجليد البحري حتى تُصبح قوية بما يكفي للبقاء على قيد الحياة في المياه المفتوحة، لكن تغيُّر المناخ يؤدي إلى ارتفاع درجات حرارة المحيطات والهواء، ممّا يُسهم في زيادة اضطراب الجليد البحري وجعله أكثر عرضة للتفكك المفاجئ في أثناء العواصف، ومع فقدان الجليد البحري، فإن الأمر انتهى بالصغار بالغرق.

وانتقل بضع مئات من البطاريق المتبقية إلى مرتفعات ماكدونالد الجليدية القريبة، واستمرت المجموعة في العيش هناك، إلى حين انفصال الجبل الجليدي «A83»، الذي يبلغ حجمه نحو 380 كيلومتراً مربعاً (145 ميلاً مربعاً).

اكتشف العلماء أن البطاريق وجدت طريقة للتغلب على الجبل الجليدي (غيتي)

وكان فرتويل يخشى حدوث انقراض لهذه الطيور بشكل كامل، وهو ما حدث لمستعمرات البطريق الأخرى، فقد حاصر جبل جليدي مجموعة منها في بحر «روس» لسنوات عدّة، مما أدى إلى فشل عملية التكاثر، وفق قوله.

وقبل أيام قليلة، عادت الشمس مرة أخرى إلى القطب الجنوبي، ودارت الأقمار الاصطناعية «Sentinel-1» التي يستخدمها فرتويل فوق خليج «هالي» لتلتقط صوراً للغطاء الجليدي.

وفتح فرتويل الملفات قائلاً: «كنت أخشى ألّا أرى شيئاً هناك على الإطلاق»، ولكن، رغم كل الصعوبات، وجد ما كان يأمل به: بقعة بُنية اللون على الغطاء الجليدي الأبيض، وهو ما يعني أن البطاريق لا تزال على قيد الحياة، وهو ما جعله يشعر «براحة كبيرة».

بيد أن كيفية نجاتها تظلّ لغزاً، حيث يصل ارتفاع الجبل الجليدي إلى نحو 15 متراً، مما يعني أن البطاريق لم تتمكن من تسلّق الجبل، ولكن فرتويل أشار إلى أن «هناك صدعاً جليدياً، ولذا ربما تمكنت من الغوص من خلاله». موضحاً أن الجبل الجليدي يمتد على الأرجح لأكثر من 50 متراً تحت الأمواج، ولكن البطاريق يمكنها الغوص حتى عُمق 500 متر، وأوضح: «حتى لو كان هناك صدع صغير، فقد تكون غاصت تحته».

وسينتظر الفريق الآن الحصول على صور ذات دقة أعلى تُظهر عدد البطاريق الموجودة هناك بالضبط، كما أنه من المقرر أن تزور مجموعة من العلماء من قاعدة الأبحاث البريطانية في خليج «هالي»، للمستعمرة للتّحقق من حجمها ومدى صحتها.

وتظل أنتاركتيكا (القارة القطبية الجنوبية) منطقة سريعة التغير تتأثر بارتفاع درجة حرارة الكوكب، بالإضافة إلى الظواهر الطبيعية التي تجعل الحياة صعبة فيها.

وتُعدّ مرتفعات ماكدونالد الجليدية، حيث تعيش البطاريق الآن، منطقة ديناميكية ذات تغيرات غير متوقعة، كما أن مستويات الجليد البحري الموسمية في القارة القطبية الجنوبية تقترب من أدنى مستوياتها على الإطلاق.

ومع تحرك جبل «A83» الجليدي، تغيّرت تضاريس الجليد هناك، مما يعني أن موقع تكاثر البطاريق بات الآن «أكثر عرضة للخطر»، وفق فرتويل، حيث ظهرت شقوق في الجليد، كما أن الحافة المواجهة للبحر باتت تقترب يوماً بعد يوم.

ويحذّر فرتويل من أنه في حال تفكك الجليد تحت صغار البطاريق قبل أن تتمكن من السباحة، بحلول ديسمبر (كانون الأول) المقبل، فإنها ستموت، قائلاً إنها «حيوانات مذهلة للغاية، لكن الأمر كئيبٌ بعض الشيء، فهي مثل العديد من الحيوانات الأخرى في القارة القطبية الجنوبية، تعيش على الجليد البحري، بيد أن الوضع يتغيّر، وإذا تغيّر موطنها، فلن يكون الوضع جيداً على الإطلاق».