أدوارٌ حطّمت الممثّلين وكادت تُفقدهم صوابهم

من جوني ديب إلى ليدي غاغا: تجويع... امتناع عن الاستحمام... اكتئاب وأكثر

توم هولاند، ناتالي بورتمان، أدريان برودي في أدوار هدّدت صحتهم النفسية (إنستغرام)
توم هولاند، ناتالي بورتمان، أدريان برودي في أدوار هدّدت صحتهم النفسية (إنستغرام)
TT

أدوارٌ حطّمت الممثّلين وكادت تُفقدهم صوابهم

توم هولاند، ناتالي بورتمان، أدريان برودي في أدوار هدّدت صحتهم النفسية (إنستغرام)
توم هولاند، ناتالي بورتمان، أدريان برودي في أدوار هدّدت صحتهم النفسية (إنستغرام)

لا تأتي الأمجاد والجوائز التي يحصدها الممثلون من دون أثمان باهظة. وغالباً ما يسدّدون هذه الأثمان من رصيد صحّتهم النفسيّة. فبعض الأدوار يلبس مؤدّيه إلى حدّ الالتصاق، ولا يغادرهم إلّا بعد أن يكون قد ترك آثاراً وندوباً جسديّة ونفسيّة عليهم.

لزميله الشابّ أوستن بتلر، الطالع من علاقةٍ طويلةٍ مع شخصية إلفيس بريسلي أرّقته على مدى سنتين، قال الممثل المخضرم توم هانكس: «لقد أغرقتَ نفسك في إلفيس، لذلك يجب أن تنتقل فوراً ومن دون تأخير إلى دورٍ آخر، هذا من أجل صحّتك النفسية».

أوستن بتلر بدور إلفيس بريسلي (أ.ب)

خرج بتلر من الدور مع جائزة «غولدن غلوب» ومن دون آثار نفسيّة تُذكَر، لكنّ زملاء له في المجال كانوا أقلّ حظاً. فها هو توم هولاند يقرر الابتعاد سنةً كاملة عن التمثيل من أجل الاعتناء بصحّته النفسية، بعد انتهائه من تصوير مسلسل «الغرفة المزدحمة» (The Crowded Room).

صرّح هولاند بأنّه يعاني من أجل الخروج من الشخصية المركّبة والمعقّدة التي أدّاها. ذهب الممثل الأميركي إلى حدّ القول إن المسلسل حطّمه وجعله يمضي وقتاً عصيباً، حتى أنه فكّر في حلاقة رأسه للتخلّص من شبح «داني سوليفان».

من بين الممثلين من يدفع بالدور أبعد من الحدود المعقولة، ومن بينهم من يدفعه الدور إلى الهاوية.

ممثّلون خنقتهم أدوارهم

لعلّ ليوناردو دي كابريو من أكثر الممثلين الذين خلّفت الأدوار الصعبة آثارها عليهم. في فيلم «الطيّار» (The Aviator)، أدّى شخصية هاورد هيوز الذي يعاني من اضطراب الوسواس القهري، الأمر الذي حرّك أعراض تلك الحالة النفسية لدى دي كابريو نفسه.

أما في فيلم «العائد» (The Revenant)، فهو اضطرّ إلى التصوير وسط درجات حرارة تدنّت إلى ما تحت الصفر بكثير، كما كان عليه الغطس في أنهار متجمّدة، وأن يأكل كبداً نيئاً. يقول إن هذا الدور أخذه إلى أماكن لم يتصوّر أنه قد يذهب إليها، لكنّ أداءه كوفئ بجائزة أوسكار.

ليوناردو دي كابريو بدور هيو غلاس في فيلم «The Revenant» (إنستغرام)

دانيال داي لويس المعروف بأنه ينغمس في الدور حتى قبل بدء التصوير، فاجأ المجتمع السينمائي بقراره اعتزال التمثيل بعد دوره في فيلم «خيط الشبح» (Phantom Thread) عام 2017. تسبّبت له شخصية مصمّم الأزياء رينولدز وودكوك بالاكتئاب، وأغرقته في الحزن، ما اضطرّه للتخلّي عن شغفه.

لم تذهب ناتالي بورتمان إلى حدّ الاعتزال، إلا أنها ظنّت لوهلة أنها على شفير الموت عندما كانت تصوّر فيلم «البجعة السوداء» (Black Swan). تحدّثت عن دورٍ طوّقها وكان على وشك سحقها، مرجّحةً أنها كانت تحتاج إلى علاج نفسي بسببه.

لم يستطع الممثل فال كيلمر الخروج من جلد المغنّي جيم موريسون واسترجاع حياته الطبيعية، إلا بعد الخضوع لعلاج نفسي. أمضى عاماً كاملاً داخل حياة موريسون وهو يستعدّ للفيلم الذي جسّد مسيرته، فكان يجبر الجميع على مناداته «جيم»، كما أنه تعلّم 50 من أغنياته.

تجربة جايمي فوكس خلال أدائه دور أسطورة الموسيقى راي تشارلز لم تكن أسهل، فهو اضطرّ إلى إغماض عينيه بواسطة مادّة لاصقة 14 ساعة يومياً، بما أنّ تشارلز كان فاقداً للبصر. انعكس الأمر على فوكس نوبات ذعر استمرّت أسبوعين خلال التصوير.

من جانبها، أمضت هيلاري سوانك 3 أشهر في النادي الرياضي استعداداً لدورها في «Million Dollar Baby». كلّفتها شخصية الملاكمة ماغي فتزجيرالد التهاباً في قدمها كاد أن يصل إلى قلبها لو لم يتداركه الأطبّاء.

هيلاري سوانك إلى جانب كلينت إيستوود في فيلم «Million Dollar Baby» (إنستغرام)

دخل مشهد جريمة الحمّام في فيلم «سايكو – Psycho» لألفريد هيتشكوك، تاريخ السينما. أما الممثلة التي أدّت الدور، فحملت معها ندوباً مدى العمر، إذ امتنعت جانيت لي عن استخدام الدش خلال الاستحمام، كما أنها باتت تتأكد من أن كل أبواب المنزل ونوافذه مقفلة، وأن باب الحمّام والستارة مفتوحة قبل الاستحمام.

جانيت لي ومشهد جريمة الحمّام الشهير في فيلم «Psycho» (إنستغرام)

من فيلم «خطاب الملك» (The King’s Speech)، حمل الممثل كولن فيرث معه التأتأة وكثيراً من الحركات العصبيّة التي كان يقوم بها جورج السادس، ولم يتمكّن فيرث من التخلّص منها إلا بعد أشهر.

تطول لائحة الممثّلين المتضررين نفسياً من أدوارهم، من بينهم كيت وينسلت عن دورها في «القارئة» (The Reader) حيث أدّت شخصية «هانا» الحارسة في أحد معسكرات الإبادة النازيّة. كذلك كان الأمر بالنسبة إلى خواكين فينيكس في فيلم «جوكر - Joker»، الذي قال إنه كاد أن يفقد صوابه بسبب الدور.

الممثل خواكين فينكس في لقطة من فيلم «Joker» (أ.ب)

انتحاريّو التمثيل

في المقابل، بعض الممثلين يعيش الدور إلى درجة أنه يضيّع الخيط الفاصل بين الواقع والتمثيل. نيكولاس كيج معروف بتخطّيه حدود المنطق خلال التحضير لشخصية ما، فهو اقتلع 12 من أسنانه تمهيداً لبطولته فيلم «بيردي - Birdy» عام 1984.

مثله قرر جوني ديب أن يعيش الحالة خلال تحضيره لفيلم «خوف واشمئزاز في لاس فيغاس» (Fear and Loathing in Las Vegas) عام 1998، فتعاطى المخدرات وأمضى ليالي نائماً قرب مستودعات من البارود والموادّ المتفجرة، تقمّصاً لشخصية هانتر ثومسون.

أما آن هاثاواي فاكتفت بالخسّ ودقيق الشوفان طيلة فترة تصوير فيلم «البؤساء» (Les Misérables)، ما أدّى بها إلى مراحل متقدّمة من الحرمان الجسدي والمعنوي كادت أن تُفقدها صوابها.

ومن بين الممثلين الذين أخضعوا أنفسهم لحمية قاسية، آشتون كوتشر خلال أدائه دور ستيف جوبز. فهو طبّق حمية مؤسس شركة «أبل» المقتصرة على الفاكهة، إلى أن أُدخل المستشفى بسبب انخفاض حادّ في الفيتامينات وفي تراجع كثافة العظام.

أبعد من مجرّد حمية، ذهبت هالي بيري في فيلم «Jungle Fever» حيث رفضت الاستحمام لمدّة أسبوعين، من أجل تجسيد شخصية فيفيان المدمنة على المخدّرات. ومثلها فعل الممثل شيا لابوف الذي لم يستحمّ لمدّة شهر كامل خلال تصوير فيلم «Fury»، ما اضطرّ فريق العمل إلى حجز غرفة خاصة به كي لا تنفّر رائحته زملاءه.

الممثل الأميركي شيا لابوف في فيلم «Fury» (إنستغرام)

منهم مَن قلبَ حياته رأساً على عقب بسبب دور، مثلما فعل أدريان برودي في فيلم «عازف البيانو» (The Pianist). لم يكتفِ الممثل بتجويع نفسه، بل باع منزله وانفصل عن شريكته. أما بعد الفيلم فأمضى سنة مكتئباً وظنّ أنه لن يعود أبداً إلى صوابه.

سوداويّة شخصية باتريزيا غوتشي حملتها معها ليدي غاغا إلى بيتها، فهي عاشت الدور إلى أقصاه. وقد تطوّرت حالتها ما اضطرّها إلى اصطحاب ممرّضة نفسية معها إلى موقع التصوير.

المغنّية ليدي غاغا بشخصية باتريزيا غوتشي في فيلم «House of Gucci» (إنستغرام)

ومن بين انتحاريّي التمثيل تشارليز ثيرون، التي أصرّت على تنفيذ كل المشاهد الخطرة بنفسها في فيلم «Atomic Blonde»، ومن دون الاستعانة بممثلة بديلة. أدّى هذا الأمر إلى إصابتها بكسور عدّة، وبخسارتها اثنين من أسنانها.


مقالات ذات صلة

بين بيونسيه وتايلور سويفت... لماذا لم يكن دعم المشاهير لهاريس كافياً؟

الولايات المتحدة​ المغينة الشهيرة بيونسيه تحتضن المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس خلال تجمع انتخابي (د.ب.أ)

بين بيونسيه وتايلور سويفت... لماذا لم يكن دعم المشاهير لهاريس كافياً؟

رغم قدرة نجوم ونجمات من عيار بيونسيه وتايلور سويفت مثلاً على استقطاب الحشود الجماهيرية، لم ينجح دعمهما هاريس في التغلب على ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الممثل الأميركي الشهير آل باتشينو (أ.ف.ب)

آل باتشينو: نبضي توقف دقائق إثر إصابتي بـ«كورونا» والجميع اعتقد أنني مت

كشف الممثل الأميركي الشهير آل باتشينو أنه كاد يموت في عام 2020، إثر إصابته بفيروس «كورونا»، قائلاً إنه «لم يكن لديه نبض» عدة دقائق.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق «جاك سبارو» في المستشفى (إ.ب.أ)

«القرصان» جوني ديب يُفاجئ أطفالاً في مستشفى إسباني

فاجأ الممثل جوني ديب النزلاء في جناح علاج الأطفال بأحد المستشفيات الإسبانية، وهو يرتدي ملابس شخصية «جاك سبارو» من سلسلة الأفلام الشهيرة «قراصنة الكاريبي».

«الشرق الأوسط» (مدريد)
آسيا ميريل ستريب خلال حدث «إشراك المرأة في مستقبل أفغانستان» (إ.ب.أ)

ميريل ستريب: القطط تتمتع بحقوق أكثر من النساء في أفغانستان

قالت الممثلة الأميركية الشهيرة ميريل ستريب، الاثنين، إن القطط تتمتع اليوم بحرية أكبر من النساء في أفغانستان التي تحكمها حركة «طالبان».

«الشرق الأوسط» (كابل)
يوميات الشرق المنتج الهوليوودي السابق هارفي واينستين 21 فبراير (شباط) 2020 (أ.ف.ب)

بريطانيا توقف الإجراءات الجنائية ضد هارفي واينستين في تهمتي اعتداء جنسي

أعلنت النيابة العامة البريطانية، الخميس، كفّ الملاحقات في تهمتي اعتداء جنسي موجهتين في المملكة المتحدة إلى المنتج السينمائي الهوليوودي السابق هارفي واينستين.

«الشرق الأوسط» (لندن)

في العراق... صور الأقمار الاصطناعية تقود علماء الآثار إلى موقع معركة تاريخية

د. جعفر الجوثري يحمل صور الأقمار الاصطناعية ويستكشف موقع معركة القادسية (أ.ب)
د. جعفر الجوثري يحمل صور الأقمار الاصطناعية ويستكشف موقع معركة القادسية (أ.ب)
TT

في العراق... صور الأقمار الاصطناعية تقود علماء الآثار إلى موقع معركة تاريخية

د. جعفر الجوثري يحمل صور الأقمار الاصطناعية ويستكشف موقع معركة القادسية (أ.ب)
د. جعفر الجوثري يحمل صور الأقمار الاصطناعية ويستكشف موقع معركة القادسية (أ.ب)

قادت صور الأقمار الاصطناعية الأميركية التي تم رفع السرية عنها والتي تعود إلى سبعينات القرن العشرين فريقاً أثرياً بريطانياً - عراقياً إلى ما يعتقدون أنه موقع معركة في القرن السابع الميلادي.

دارت معركة القادسية في بلاد ما بين النهرين - العراق اليوم - في ثلاثينات القرن السابع الميلادي بين المسلمين العرب وجيش السلالة الفارسية الساسانية خلال فترة التوسع الإسلامي. وانتصر الجيش العربي واستمر في مسيرته إلى بلاد فارس، إيران الآن، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس».

عثر فريق مشترك من علماء الآثار من جامعة دورهام البريطانية وجامعة القادسية على الموقع أثناء قيامهم بمسح عن بُعد لرسم خريطة لدرب زبيدة، وهو طريق للحج من الكوفة في العراق إلى مكة في المملكة العربية السعودية تم بناؤه منذ أكثر من ألف عام. ونُشرت النتائج، الثلاثاء، في مجلة Antiquity.

أثناء رسم خريطة الطريق، لاحظ الفريق أن موقعاً يبعد نحو 30 كيلومتراً (20 ميلاً) جنوب الكوفة في محافظة النجف جنوب العراق - وهي منطقة صحراوية بها قطع متناثرة من الأراضي الزراعية - يحتوي على ميزات تتطابق بشكل وثيق مع وصف موقع معركة القادسية الموصوف في النصوص التاريخية.

قال ويليام ديدمان، المتخصص في الاستشعار عن بعد الأثري بجامعة دورهام، إن صور الأقمار الاصطناعية التي التُقطت في حقبة الحرب الباردة هي أدوات شائعة الاستخدام من قِبل علماء الآثار العاملين في الشرق الأوسط؛ لأن الصور القديمة غالباً ما تُظهر معالم تم تدميرها أو تغييرها ولن تظهر في صور الأقمار الاصطناعية الحالية.

وتابع: «لقد تطور الشرق الأوسط كثيراً في السنوات الخمسين الماضية، سواء في التوسع الزراعي أو التوسع الحضري». وأضاف أن بعض السمات المميزة في موقع القادسية، مثل الخندق المميز، كانت «أكثر نقاءً ووضوحاً» في صور السبعينات.

وأكد مسح على الأرض النتائج وأقنع الفريق بأنهم حددوا الموقع بشكل صحيح.

منطقة صحراوية تتضمن قطعاً متناثرة من الأراضي الزراعية ذات سمات تتطابق بشكل وثيق مع وصف موقع معركة القادسية (أ.ب)

وأوضح جعفر الجوثري، أستاذ الآثار في جامعة القادسية، والذي شارك في الفريق الذي أجرى الاكتشاف، أن السمات الرئيسية للموقع كانت خندقاً عميقاً وحصنين ونهراً قديماً قيل إنه كان يعبره ذات يوم جنود فارسيون يمتطون الأفيال. كما عثر فريق المسح على شظايا فخارية تتوافق مع الفترة الزمنية التي وقعت فيها المعركة.

وأفاد الجوثري بأن العراقيين من جيله، الذين نشأوا في ظل حكم صدام حسين، كانوا جميعاً على دراية بالمعركة بتفاصيلها الدقيقة، حتى أسماء الجنرالات من كلا الجانبين.

وكانت المعركة في ذلك الوقت ذات دلالات سياسية - كان العراق منخرطاً في حرب مدمرة مع إيران طوال معظم الثمانينات. أشار صدام إلى معركة القادسية باعتبارها بشيراً بالنصر للبلاد.

مثل معظم الأطفال الذين نشأوا في تلك الحقبة، قال الجوثري إنه شاهد فيلماً شهيراً عن المعركة مرات عدة، حيث كان يُعرض بانتظام على شاشة التلفزيون.

وأوضح جوثري إن الفريق يخطط لبدء أعمال التنقيب في الموقع في العام المقبل.

يأتي هذا الاكتشاف جزءاً من مشروع أوسع نطاقاً تم إطلاقه في عام 2015 لتوثيق المواقع الأثرية المهددة في المنطقة.