تصدّرت لقاحات «كوفيد-19» المشهد خلال الجائحة، باعتبارها سلاحاً وقائياً لصد هجمات الفيروس المُسبب للمرض، وتخفيف أعراضه، خصوصاً بالنسبة للمعرضين لخطر الإصابة بمرض شديد، بمن فيهم المسنون والحوامل والمرضى. لكن فيما يتعلق بالأطفال، وجدت دراسة أجراها باحثو معهد «مردوخ» لبحوث الأطفال في أستراليا، أن تحسين تغطية لقاحات الطفولة الروتينية والرعاية الصحية الوقائية يجب أن يكون أولوية في الوقت الراهن، بالنسبة للبلدان ذات الدخل المتوسط والمنخفض، مقارنة بلقاحات «كوفيد-19».
وأضاف الباحثون، في الدراسة التي نُشرت الأحد بدورية (BMJ Paediatrics Open) التابعة للمجلة الطبية البريطانية، أن الأمراض الأخرى التي يُمكن الوقاية منها باللقاحات، بما في ذلك الحصبة وشلل الأطفال والالتهاب الرئوي وأمراض الإسهال، يمكنها عموماً أن تتسبب في معدلات مرض ووفيات بين الأطفال أعلى بكثير من «كوفيد-19»، ورغم ذلك انخفضت التغطية بهذه اللقاحات أثناء الجائحة مقابل ازدياد الاهتمام بلقاحات «كوفيد-19».
وأشار الفريق إلى أنه رغم أن معظم لقاحات «كوفيد» فعّالة ضد الحالات الشديدة من المرض لدى الأطفال والمراهقين، فإن الغالبية العُظمى من الأطفال اكتسبوا مناعة إضافية ضد الفيروس؛ لذلك فإن الفائدة الإضافية لتلقيح الأطفال الأصحاء تُعد ضئيلة للغاية.
وبناءً على الأبحاث التي أجراها الفريق، كشفت النتائج عن أن ثلثي الأطفال المصابين بـ«كوفيد» والذين ذهبوا إلى المستشفى في العامين الأولين من الوباء لم يحتاجوا لتدخل طبي. وأضاف الباحثون أنه رغم إمكانية إصابة معظم الأطفال بعدوى شديدة، فإن الوفيات بسبب المرض كانت نادرة للغاية بين تلك الفئة العمرية.
عالمياً، تم الإبلاغ عن 16100 حالة وفاة بـ«كوفيد-19»، لمن هم دون سن 19 عاماً، وفق الدراسة. وقال الدكتور جون هارت، قائد فريق البحث بمعهد «مردوخ» لبحوث الأطفال، إنه رغم عدم وجود دليل قوي يدعم التطعيم الروتيني لجميع الأطفال الأصحاء ضد «كوفيد»، فإن الأمر يختلف بالنسبة للأطفال المعرضين لمخاطر عالية، خصوصاً أولئك الذين يعانون من إعاقات وبعض الحالات الأساسية.
وأضاف هارت، في بيان نشره موقع معهد «مردوخ» بالتزامن مع الدراسة: «رغم أهمية تطعيم الأطفال ضد (كوفيد) في البلدان ذات الدخل المتوسط والمنخفض، فإنه يجب اغتنام الفرصة لزيادة تغطية لقاحات الطفولة القياسية مثل الحصبة والالتهاب الرئوي وشلل الأطفال».
من جهته، قال الدكتور أحمد السنوسي، أستاذ علم الفيروسات بجامعة القاهرة، إن الأطفال مثلهم مثل البالغين يمكن أن يصابوا بالفيروس، وتختلف مناعتهم من طفل لآخر، لكن في العموم، يجب أن تكون الأولوية في إعطاء تطعيم «كوفيد-19» للأطفال من ذوي المناعة الضعيفة، أو الذين يعانون من أمراض مصاحبة تعرضهم لخطر أكبر للإصابة بحالة وخيمة من مرض «كوفيد-19».
وأضاف، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن الأطفال الأصحاء عادة لا تظهر عليهم أعراض «كوفيد-19» الشديدة، عند الإصابة بالفيروس، لأن لديهم رد فعل مناعياً قوياً ضد الفيروسات، ما يجعلهم أقل عرضة أيضاً لمجموعة من أمراض الجهاز التنفسي بشكل عام.