واحة جانت الجزائرية توقع السياح في أسرها

المكان يجدّد الطاقة ويغمر الروح بسلام داخلي

يكفي أن يأتي السائح إلى جانت مرّة ليرغب في العودة إليها (أ.ف.ب)
يكفي أن يأتي السائح إلى جانت مرّة ليرغب في العودة إليها (أ.ف.ب)
TT

واحة جانت الجزائرية توقع السياح في أسرها

يكفي أن يأتي السائح إلى جانت مرّة ليرغب في العودة إليها (أ.ف.ب)
يكفي أن يأتي السائح إلى جانت مرّة ليرغب في العودة إليها (أ.ف.ب)

تجذب واحة جانت في الصحراء الجزائرية عدداً متزايداً من السياح الأجانب لاكتشاف مشهد صحراوي فريد من نوعه في العالم، يبعث السلام الداخلي والراحة التامة.

ووفق أرقام نشرتها وسائل إعلام محلية، فإنه، منذ اعتماد نظام التأشيرات عند الوصول في عام 2021، زار أكثر من 4 آلاف أجنبي منطقة جانت الواقعة على بُعد 2300 كيلومتر في جنوب شرقي الجزائر العاصمة، وطاسيلي ناجر، وهو موقع ساحر مُدرَج على قائمة «اليونيسكو» للتراث العالمي.

تحظى حديقة طاسيلي ناجر الوطنية بتكوين فريد يتمثل بمنظر قمري طبيعي تتخلله غابات صخرية من الصلصال الرملي المتآكل، وتشكيلات جيولوجية بألوان تتأرجح بين البرتقالي والأسود، ما يقدم مشهداً آسراً يستقطب خصوصاً محبي التصوير عند غروب الشمس.

السلطات تفتح «خطاً كبيراً للسياحة من أوروبا إلى الجنوب» الجزائري (أ.ف.ب)

ويقول كريم بنعاسين (57 عاماً)، وهو سائح فرنسي يعمل في مجموعة «يونيفرسال ميوزيك» للإنتاج، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «يكفي أن نأتي إلى جانت مرة لنرغب في العودة إليها. هذا بالضبط ما حدث لي. أتيتُ إلى هنا مع صديقين، وتنتابهما رغبة واحدة فقط، وهي العودة في أسرع وقت ممكن».

أما مواطنته أنتونين دو سان بيار (49 عاماً)، فتقول: «أرغب في المجيء إلى هنا بصورة متكررة لأعيد شحن طاقتي، سأحتاج إلى ذلك. وبعدما تعرفتُ على المكان، أعتقد أنني سأفعل ذلك بانتظام».

وتضم منطقة طاسيلي، وهي هضبة شاسعة تتخطى مساحتها 70 ألف كيلومتر مربع، «إحدى أكبر المجمعات الفنية الصخرية التي تعود إلى فترة ما قبل التاريخ في العالم»، عبر «15000 رسم ومنحوتة تعود إلى عام 6000 قبل الميلاد وتستمر حتى القرون الأولى من عصرنا»، وفق ما تؤكد «اليونيسكو» عبر موقعها الرسمي.

وتتيح هذه الرسوم والمنحوتات «متابعة التغييرات في الطقس وهجرة الثروة الحيوانية وتطور الحياة البشرية في غياب الصحارى».

في عام 2022 أمضى أكثر من 2900 أجنبي من 35 جنسية مختلفة إجازات في جانت (أ.ف.ب)

في عام 2022، أمضى أكثر من 2900 أجنبي من 35 جنسية مختلفة، معظمهم من الغربيين، إجازات في جانت، مقارنة بـ1200 في العام الأول الذي سهَّلت فيه الجزائر الحصول على التأشيرات. إلى هؤلاء الزوار، في العام الماضي، يُضاف 17 ألف جزائري جاءوا للاستمتاع بسحر هذه المدينة الصحراوية.

وترى سميرة رموني (41 عاماً)، وهي عالمة نفس أتت من الجزائر العاصمة لتمضية إجازة في هذه الواحة أن جانت توفر «السلام الداخلي والراحة التامة»، مع الانفصال عن ضغوط الحياة بحثاً عن الهدوء، و«تعلم أشياء جديدة» و«شحن الطاقة» للتمكن من استعادة القوة المطلوبة لمواجهة مصاعب الحياة.

مشهد صحراوي فريد من نوعه يبعث السلام الداخلي والراحة التامة (أ.ف.ب)

أما عبد القادر رقاقدة، وهو مدير وكالة للسياحة في تمنراست، المنطقة الكبيرة في جنوب الجزائر على بُعد 700 كيلومتر إلى الغرب من جانت، فيرتاح لفتح السلطات «خطاً كبيراً للسياحة من أوروبا إلى الجنوب» الجزائري. ويوضح هذا المرشد السياحي الذي ينظم رحلات في محيط الواحة أن «المسارات متعددة ومتنوعة» في جانت.


مقالات ذات صلة

نصائح للتغلب على الإرهاق والنوم بشكل أفضل أثناء السفر

يوميات الشرق تُوفر غرف الفنادق للضيوف بيئات مثالية للحصول على نوم هانئ ليلاً (أرشيفية - رويترز)

نصائح للتغلب على الإرهاق والنوم بشكل أفضل أثناء السفر

قد يواجه بعض الأشخاص صعوبة في النوم، ربما بسبب فارق التوقيت عند السفر عبر مناطق زمنية مختلفة، أو ببساطة بسبب الإقامة في بيئة جديدة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
عالم الاعمال سنغافورة... وجهة سياحية تجمع بين التنوع الثقافي والتجارب المختلفة

سنغافورة... وجهة سياحية تجمع بين التنوع الثقافي والتجارب المختلفة

تمتاز سنغافورة بتعدد ثقافاتها وانسجام أعراقها ودياناتها المختلفة، ما يضفي على المدينة طابعاً فريداً يعكس التنوع الغني في شوارعها وأحيائها.

يوميات الشرق القائمة جاءت بعد استطلاع آراء أكثر من 18 ألف شخص حول العالم (رويترز)

تعرَّف على أفضل مدن العالم لتناول الطعام

أصدرت المؤسسة الإعلامية العالمية العملاقة «تايم أوت Time Out» قائمتها السنوية بشأن أفضل مدن العالم التي يمكن للأشخاص تناول الطعام بها.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق سيدة نائمة (أرشيفية - رويترز)

ما هي سياحة النوم... ولماذا تشهد ازدهاراً؟

سلّطت شبكة «ناشونال جيوغرافيك» الضوء على اهتمام الفنادق والمنتجعات حول العالم بما يعرف بسياحة النوم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد طيارة تابعة للخطوط الجوية الفرنسية (موقع الشركة)

الخطوط الجوية الفرنسية تسيّر رحلات مباشرة إلى الرياض بدءاً من مايو

تبدأ شركة الخطوط الجوية الفرنسية بتسيير رحلاتها المباشرة إلى العاصمة السعودية الرياض في 19 مايو (أيار) 2025.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

كيف نربي أطفالاً لا يستسلمون بسهولة؟

التدخل في حل الألغاز وإنجازها نيابةً عن الأطفال يُضعفان أيضاً من إصرارهم على أداء مهام أخرى (أرشيفية - رويترز)
التدخل في حل الألغاز وإنجازها نيابةً عن الأطفال يُضعفان أيضاً من إصرارهم على أداء مهام أخرى (أرشيفية - رويترز)
TT

كيف نربي أطفالاً لا يستسلمون بسهولة؟

التدخل في حل الألغاز وإنجازها نيابةً عن الأطفال يُضعفان أيضاً من إصرارهم على أداء مهام أخرى (أرشيفية - رويترز)
التدخل في حل الألغاز وإنجازها نيابةً عن الأطفال يُضعفان أيضاً من إصرارهم على أداء مهام أخرى (أرشيفية - رويترز)

هل تساعد أطفالك في ربط حذائهم أو القيام بأشياء يستطيعون فعلها لكنك تفعل ذلك نيابة عنهم؟ ربما ذلك يجعلهم أقل إصراراً في المستقبل.

وتقول فانيسا لوبيو، أستاذة علم نفس في جامعة روتجرز نيوارك، والمتخصصة في نمو الرضع والأطفال إن أكثر ما كان يزعجها في أطفالها في بداية حياتهم هو البطء الشديد في تحضيرهم للخروج. وتتابع لوبيو: «أكثر ما يُزعجني هو عادةً عندما نضطر للخروج من المنزل. لم أرَ أطفالاً يتحركون بهذا البطء الذي يتحركون به عندما نحتاج للوصول إلى مكان ما في الوقت المحدد».

وتردف لوبيو، وهي أيضاً مديرة مركز دراسات الطفل: «يبدو تجهيز أطفالي للمدرسة وخروجهم من المنزل صباحاً أمراً مزعجاً. قد تظنون أنه بما أننا نفعل ذلك يومياً، فلن أضطر لتذكيرهم بارتداء الجوارب، وتنظيف أسنانهم، وتناول الفطور. ومع ذلك، فهم يحتاجون دائماً إلى تذكيرات يومية».

وعدّت الطبيبة أن مساعدة الأطفال وفعل الأشياء بدلاً عنهم هو أول الأخطاء التي نقع فيها بوصفنا أهلاً. وتفسر: «نحن جميعاً مررنا بموقف نشاهد فيه أطفالنا يحاولون القيام بشيء ما، فنشعر بالإحباط ونفعل ذلك نيابةً عنهم. أنا أفعل ذلك طوال الوقت. لكن تشير الأبحاث إلى أن هذا السلوك قد يُهيئ أطفالنا للاستسلام بسهولة».

وتضرب الطبيبة المثل؛ إذ أجرت إحدى الدراسات تجربة على آباء وأطفال يشاركون في مهمة حل أحجية، ثم طلبت من الآباء تقييم مدى إصرار أطفالهم. الآباء الذين يميلون إلى تولي زمام الأمور وحل الأحجية نيابةً عن أطفالهم كان لديهم أطفال أقل إصراراً.

في دراسة أخرى، وجد الباحثون أنفسهم أن التدخل في حل الألغاز وإنجازها نيابةً عن الأطفال يُضعف أيضاً من إصرارهم على أداء مهام أخرى غير ذات صلة. في هذه الدراسة، عُرضت على أطفال تتراوح أعمارهم بين 4 و5 سنوات ألغاز صعبة للغاية. لكن هذه المرة، تدخّل أحد المُجرّبين لمساعدة بعض الأطفال في حل الألغاز من خلال طرح الأسئلة وتقديم التلميحات، ولكن ليس من خلال حل الألغاز نيابةً عنهم أو حتى لمس أيٍّ من القطع. أما بالنسبة لأطفال آخرين، فبدلاً من المساعدة، تولّى المُجرّب زمام الأمور قائلاً: «هذا صعب، لمَ لا أفعله أنا من أجلكم؟».

وحسب موقع «سيكولوجي توداي»، فبعد الانتهاء من حل الألغاز في الدراسة، قُدّم للأطفال صندوق خشبي بداخله لعبة للعب بها. دون علم الأطفال، كان الصندوق مُغلَقاً بالغراء ويستحيل فتحه، لكن المُجرّب تحداهم لإخراج اللعبة. ووجدت نتيجة الدراسة أن الأطفال الذين حلّ المُجرِّب اللغز نيابةً عنهم كانوا أقل إصراراً على فتح الصندوق الخشبي مقارنةً بالأطفال الذين حلّ المُجرِّب الذي ساعدهم فحسب. وتشير تلك النتائج إلى أن هذا يشير إلى أن القيام بشيء ما لطفلك لن يجعله يتخلى عن تلك المهمة فحسب، بل سيجعله أيضاً أقل إصراراً بشكل عام في مهام لا علاقة لها إطلاقاً بالمهمة التي تدخلت فيها!

كيف نجعل الطفل أكثر إصراراً؟

تشير الأبحاث إلى أن مشاهدة طفلك يبذل جهداً قد يكون مفيداً. في دراسة أجرتها نفس المجموعة البحثية، أُعطي أطفال في سن ما قبل المدرسة نفس صندوق اللعبة الصعبة المستخدم في الدراسة السابقة، وشاهدوا المُجرِّب (1) ينجح في فتحه دون جهد، (2) ينجح في فتحه بجهد كبير، (3) يستسلم دون جهد، (4) أو يستسلم بعد جهد كبير. وأظهر الأطفال مثابرة أكبر عندما بذل الكبار جهداً ونجحوا؛ ومع ذلك، كانوا أقل ميلاً للمثابرة عندما فشل الكبار، بغض النظر عما إذا كانوا قدوة في الجهد أم لا. وتُظهر أبحاث أخرى أن هذا ينطبق حتى على الأطفال. وإجمالاً، يُظهر هذا العمل أنه عندما يعلم الأطفال أن شيئاً ما سيكون صعباً، فإنهم يثابرون أكثر عندما يرون شخصاً بالغاً يحاول بجد وينجح. ولكن عندما يرون الكبار يفشلون دون محاولة، فإن الأطفال لا يحاولون على الإطلاق.

تُظهر الأبحاث أيضاً أن الأطفال يُثابرون أكثر عندما يُطبّق الكبار ما يُنصحون به. بمعنى آخر، عندما يقول الكبار شيئاً مثل: «هل تعلم ما هو أفضل شيء تفعله عند مواجهة أمرٍ مُعقّد؟ أن تُحاول قصارى جهدك ولا تستسلم». وتختم لوبيو: «إذا أردتَ تربية أطفالٍ يُؤدون أعمالهم بأنفسهم، فعليك أولاً أن تُتيح لهم القيام بها بأنفسهم، حتى لو كان ذلك مؤلماً. من خلال عدم السماح لأطفالي بربط أحذيتهم بأنفسهم، أوصلت إليهم رسالةً مفادها أنهم لا يستطيعون (ولا ينبغي لهم) القيام بذلك بمفردهم، فتوقفوا عن المحاولة. علاوةً على ذلك، ربما أوصلت إليهم أيضاً رسالةً مفادها أنني لا أعتقد أنهم يستطيعون فعل أي شيء بمفردهم، مما يدفعهم إلى الاستسلام بسهولةٍ أكبر في مهام أخرى، خاصةً إذا اعتقدوا أنني سأتدخل وأقوم بها نيابةً عنهم».