لطالما ارتبطت المنتجات الثقافية بشكلها الكلاسيكي بعوالم الكتب والأفلام والفنون البصرية والأعمال المرئية والمسموعة، إلا أن ألعاب الجوال (الهاتف المحمول) من شأنها أن تكون هي الأخرى منتجات ثقافية، وهو ما بدا واضحاً في تصدر هذا المسار للمشاريع الفائزة في مبادرة إثراء المحتوى العربي، التي ينظمها مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء) بالشراكة مع الصندوق الثقافي، وتم كشف الستار عن نتائجها في الظهران مساء أمس (الأحد).
وحظيت 5 مشاريع من ألعاب الفيديو المتنقلة بدعم المبادرة، وجميعها ذات صبغة ثقافية مستلهَمة من عمق البيئة السعودية، ما بين روح الصحراء ونمط العادات والتقاليد ووثبة الطموح والنهضة المعيشة، بالنظر إلى أن عملية اللعب هي بمثابة وعاء لنقل الثقافة وشد انتباه حشود البشر الملتصقين بهواتفهم المحمولة. وللمستشار الثقافي لمركز «إثراء» طارق الخواجي إشارة مهمة ذكرها خلال الجلسة الحوارية المصاحبة للحفل، في أن اللغة العربية هي مرتكز هذه المشاريع؛ مما يعني أن من شأنها رفع حصة العربية في تطبيقات المتاجر الإلكترونية.
«صنعة جابر»... حيث يرتدي اللاعب عباءة ابن حيان
ومن المشاريع الفائزة لعبة «صنعة جابر» التي تمت تسميتها نسبة إلى العالم الكيميائي المسلم جابر بن حيان، والذي يعدّ من أوائل العلماء اهتماماً بعلم الكيمياء، كما أنه يصنّف من الرواد الذين حرصوا على تطور الكيمياء والعلوم التجريبية. وهذه اللعبة مستوحاة من تطبيقات تم طرحھا في بعض الألعاب، وتقوم على مبدأ وجود عناصر عدة في أماكن معينة، ويتم توجيهها عن طريق اللاعب بحيث تتم من خلاله التفاعلات الكيميائية، كما أن هناك عدداً معيناً من الخطوات التي يجب على اللاعب الالتزام بها أو بعدد أقل منها للفوز في المرحلة.
«تاجر من الصحراء»... ذكرى قوافل التجارة العربية
أما لعبة «تاجر من الصحراء»، فهي لعبة محاكاة متنقلة، حيث يتخيل اللاعب نفسه تاجر قوافل يسافر في شبه الجزيرة العربية خلال أوائل القرن العشرين ويشهد الأحداث الكبرى خلال ذلك الوقت، أثناء سفره عبر المدن الشهيرة ومزاولة التجارة مع السكان المحليين، بحيث تؤثر قرارات اللاعب على الاقتصاد المحلي للمدينة؛ مما يؤثر على عرض السلع والطلب عليها.
«المحققة دانة»... لعبة تحاكي مستقبل الرياض
وفي لعبة «المحققة دانة» وهي من أنواع الرواية المرئية، التي سيتم نشرها على «Apple App Store» و«Google Play Store» في العام المقبل (2024). وتدور اللعبة في عوالم الجريمة والإثارة النفسية؛ إذ تتناول أحداثها المستقبل في مدينة الرياض، وتحديداً في عام 2029، حيث تعمل المحققة دانة على حل القضايا وكشف الأسرار، ليتفاعل اللاعب مع مجموعة من الشخصيات في رحلة جمع الأدلة، ومقابلة الشهود، واستجواب المشتبه بهم، والقبض على المجرمين.
«عزومة»... لعبة الفرار من الكرم العربي
وفي قالب ساخر، تأتي لعبة «عزومة» وهي لعبة «2D» من أعلى إلى أسفل، تتضمن الحركة والتسلل، بحيث يمكن للاعب أن يهرب من الأشخاص الكرماء، وهدفه هو البقاء على قيد الحياة حتى آخر الليل، ويكون مجبراً على توخي الحذر أثناء التنقل والرد على المواقف الفوضوية المتلاحقة، على أن يكون قادراً على الركض حول المستوى واستخدام الأدوات المتوفرة في اللعبة لصعق الشخصيات غير القابلة للعب أو منع المسارات.
«فتيل»... ألغاز ثلاثية الأبعاد
أما لعبة «فتيل»، فهي لعبة ألغاز ثلاثية الأبعاد من المنظور العلوي، تحكي قصة محقق تم اختطافه من قِبل عصابة مجهولة، ويجب على المحقق حل الألغاز لإيجاد مخرج للهرب، و«فتيل» هي لعبة مجانية منشورة على منصة «غوغل بلاي» والـ«آب ستور»، وعدد مرات تحميلها تجاوز العشرة آلاف مرة، ونوعية الرسوميات المستخدمة في اللعبة هي «LowPoly»، وتتكون من غرف متصلة تروي أحداث القصة بحيث يمكن للاعب التنقل بينها؛ إذ إن نظام اللعب هو خطي قصصي وليس مراحل ومستويات.
أكثر من 900 مشروع ثقافي
وبلغ مجموع المشاريع الفائزة في الدورة الثانية من مبادرة إثراء المحتوى العربي 23 مشروعاً ثقافياً، كما بلغ عدد المتقدمين أكثر من 900 مشروع، بزيادة نحو 80 في المائة، مقارنة بالدورة الأولى من المبادرة التي تدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المعنية بإنتاج محتوى عربي مقروء أو مسموع أو مرئي، وتهدف إلى تطوير منتجات المحتوى الثقافي العربي وتمكين المواهب وتنشيط القطاع الثقافي في المملكة العربية السعودية، وذلك ضمن سبعة مسارات، وهي: الأفلام الوثائقية، والأدب، والترجمة، والمنصات الإلكترونية، والموسيقى، والتدوين الصوتي (البودكاست)، وألعاب الفيديو المتنقلة (ألعاب الجوال).
ومن الجدير بالذكر، أن مبادرة إثراء المحتوى العربي أطلقها مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء) في عام 2020، وتهدف إلى توفير فرص متنوعة في القطاعات الثقافية والإبداعية بالمملكة، من خلال دعم وتمويل المنشآت السعودية الصغيرة والمتوسطة التي ترغب في إنتاج محتوى عربي وتقديم دعم مالي وتسويقي ولوجيستي لها، حيث وصل عدد المشاركات في النسخة الأولى إلى 500 مشاركة، وتم اختيار 14 مشروعاً، أثمر عنها أكثر من 430 فرصة وظيفية، 6 منها مشاريع ناشئة، علاوة على 26 كتاباً و20 فيلماً وثائقياً، قدم خلالها المركز 15 مليون ريال لتمويل هذه المشاريع.