مصر: «مضايقة السائحين» بالأهرامات... سلوكيات متكررة تبحث عن حلول

زاهي حواس انتقد بعض «الخيّالة» في المنطقة

سائحون أجانب ومحليون أعربوا اعن استيائهم من المضايقات في الأهرامات (الشرق الأوسط)
سائحون أجانب ومحليون أعربوا اعن استيائهم من المضايقات في الأهرامات (الشرق الأوسط)
TT

مصر: «مضايقة السائحين» بالأهرامات... سلوكيات متكررة تبحث عن حلول

سائحون أجانب ومحليون أعربوا اعن استيائهم من المضايقات في الأهرامات (الشرق الأوسط)
سائحون أجانب ومحليون أعربوا اعن استيائهم من المضايقات في الأهرامات (الشرق الأوسط)

في مشهد وثقه مقطع فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، تظهر في خلفيته أهرامات الجيزة، خلال عيد الفطر العام الماضي، يرصد مظهراً من مظاهر مضايقة السائحين القادمين لزيارة إحدى عجائب الدنيا السبع، حيث يلاحق عدد من المراهقين سائحتين أجنبيتين في محاولة لتصويرهما رغماً عنهما، وقد بدت الفتاتان متوترتين وخائفتين.

ولم تكن المصرية الثلاثينية علا رأفت، ببعيدة هي الأخرى عن تلك المضايقات، بعد أن تعرضت لوجه آخر منها خلال زيارتها للأهرامات قبل أيام برفقة خطيبها، قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «ذهبنا لزيارة الأهرامات ومنذ دخولنا تعرضنا لإلحاح من بائعي الهدايا التذكارية، وهو ما امتد للزائرين الأجانب والعرب، إلى جانب إلحاح الخيّالة لركوب الخيل والجمال، ومع رغبتنا في تصوير بعض اللقطات للذكرى، اتفقنا مع أحدهم لركوب أحد الخيول والتصوير فوقه فقط من دون التجول به، وذلك نظير مبلغ مالي حددناه، ومع انتهائنا من التصوير وجدناه يطالب بمبالغ أكبر من القيمة التي اتفقنا عليها، بحجة أننا قمنا بالتقاط عدد كبير من الصور، وهو ما أدى لحدوث مشاجرة بين خطيبي وبينه».

بدوره؛ استنكر الدكتور زاهي حواس، عالم الآثار المصري، هذه المضايقات التي يتعرض لها بعض الزائرين والسائحين في منطقة الأهرامات، كاشفاً، خلال تصريحات تلفزيونية مساء (الثلاثاء)، عن أمنيته أن تتحول منطقة الأهرامات «من حديقة حيوان إلى متحف مفتوح يليق بمكانة مصر»، في إشارة لانتقاده بعض السلوكيات التي يتعرض لها السائحون في المنطقة.

وأضاف أن منطقة الأهرامات بها الكثير من المظاهر التي يشتكي منها السائح المحلي والعالمي، معقباً: «عندما تزور الأهرامات تقابل أشخاصاً (عايزين يهبشوك)، منهم من يريد أن يجبرك على امتطاء الجمل والحصان. إنه لأمر بشع، وطبعاً كل السائحين يشتكون من هذه الأمور».

وفي حين نشر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار في مجلس الوزراء المصري، اليوم الأربعاء، صورة ملتقطة بتقنية 360 درجة، تُظهر جمال الأهرامات، يلفت أحمد منصور، مرشد سياحي، إلى أن ما يشوه هذه الصورة بعض الشكاوى المتكررة التي تشهدها المنطقة من مضايقات للسائحين، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»، أن «الإلحاح من جانب الباعة الجائلين لشراء منتجاتهم أو من جانب الخيّالة هو سلوك يضايق السائحين، ولكن في النهاية لا يُجبرون على الشراء، أو ركوب الخيل أو الجمل». مثمناً اقتراح حواس، بتحويل الأهرامات لمتحف مفتوح، كأحد الحلول التي تحترم السائح، ويستكمل جهود الحكومة المصرية في السنوات الأخيرة بوضع المنطقة على قائمة أولوياتها.

كان رئيس مجلس الإدارة التنفيذي للشركة المسؤولة عن مشروع تطوير منطقة الأهرامات، المهندس عمرو جزارين، أوضح في تصريحات سابقة لموقع «أخبار مصر»، التابع للهيئة الوطنية للإعلام، أنه لا يوجد لشركته أي إشراف داخل الهرم على أصحاب الخيول أو الباعة، مضيفاً: «ليست المشكلة في الخيول أو ما يقدمه البائع بقدر ما هي في الممارسات السيئة التي تحدث». لافتاً إلى أهمية تأهيل كل من يعمل في المنطقة.

منطقة الأهرامات بالجيزة على موعد مع التطوير (الشرق الأوسط)

إلى ذلك، أوضح العالم الأثري الدكتور حسين عبد البصير، مدير متحف الآثار في مكتبة الإسكندرية، لـ«الشرق الأوسط»، أنه في إطار التوجه لحلول فعالة بشأن السلوكيات والمضايقات في منطقة الأهرامات فإنه مع قرب الانتهاء من مشروع تطوير الأهرامات، هناك تخطيط بوجود الخيّالة في الجنوب من المنطقة الأثرية، في المدخل الجديد للمنطقة، في مكان أشبه بمضمار لهم، وبالتالي يكون ركوب الخيل أو الجمل أمراً اختيارياً للتنزه والتريض، كما يسمح هذا الأمر بوجود علاقة مباشرة بين البشر والأثر، أي ستكون الزيارة من دون مضايقات، كما أن له جوانب إيجابية أخرى منها عدم تعرض الآثار للتدمير أو التخريب، إلى جانب تحويل المنطقة لأن تكون صديقة للبيئة، خصوصاً مع التخطيط لوجود عربات كهربائية تخصص لنقل السائحين.

وأعلن أحمد عيسى وزير السياحة والآثار المصري، مطلع الشهر الحالي، أن مشروع تطوير منطقة أهرامات الجيزة سينتهي خلال أسابيع. ويتضمن المشروع مركزاً لخدمة السائحين، ودورات مياه فندقية، وتركيب بوابات ذكية بتذاكر إلكترونية بدلاً من الورقية، وقاعات سينما، ومركزاً طبياً، ومهابط هليكوبتر، وسيارات نقل كهربائية، لضمان سهولة تنقل السائحين.


مقالات ذات صلة

مصر تراهن على مشروع «التجلي الأعظم» في سيناء لاجتذاب السائحين

يوميات الشرق رئيس الوزراء المصري يتفقّد مشروع «التجلي الأعظم» (مجلس الوزراء المصري)

مصر تراهن على مشروع «التجلي الأعظم» في سيناء لاجتذاب السائحين

تُولي مصر أهمية كبيرة بمشروع «التجلي الأعظم» في مدينة سانت كاترين، حيث تسابق الحكومة المصرية الزمن للانتهاء منه وافتتاحه ووضعه على الخريطة السياحية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق محافظة أسوان تستقبل الموسم السياحي الشتوي (الشرق الأوسط)

احتفالات في مصر بـ«اليوم العالمي للسياحة»

مع انطلاق الموسم السياحي الشتوي، بالتزامن مع حلول اليوم العالمي للسياحة، أطلقت محافظتا الأقصر وأسوان بجنوب مصر احتفالات خاصة.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق السياحة الشاطئية في مصر من عناصر الجذب للوافدين (الشرق الأوسط)

مصر لاجتذاب المزيد من سائحي شرق أوروبا في الشتاء

تسعى مصر لاجتذاب السائحين من دول شرق أوروبا خلال موسم الشتاء السياحي الذي يطرق الأبواب، وبدأت الاستعدادات لهذا الموسم باجتماعات وخطط مكثفة.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق معرض «رمسيس وذهب الفراعنة» جذب الزائرين في الخارج (وزارة السياحة والآثار المصرية)

«السياحة المصرية» لتنظيم معارض أثرية في السويد

وسط زخم المعارض الأثرية المؤقتة التي تنظمها مصر تباعاً في أكثر من دولة حول العالم، تبحث وزارة السياحة والآثار المصرية تنظيم عدة معارض أثرية مؤقتة بالسويد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق جانب من الجناح المصري في روسيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

مصر تُراهن على تدفُّق السياح الروس رغم تداعيات حرب أوكرانيا

تطمح مصر إلى زيادة عدد السائحين فيها ليصل إلى 30 مليوناً، وكذلك العمل على زيادة إيراداتها من السياحة لتصل إلى 30 مليار دولار سنوياً.

محمد الكفراوي (القاهرة )

أسماء المدير: «كذب أبيض» فتح أمامي أبواب السينما العالمية

أسماء المدير أمام بوستر المهرجان في مدينتها سلا (إدارة مهرجان سلا)
أسماء المدير أمام بوستر المهرجان في مدينتها سلا (إدارة مهرجان سلا)
TT

أسماء المدير: «كذب أبيض» فتح أمامي أبواب السينما العالمية

أسماء المدير أمام بوستر المهرجان في مدينتها سلا (إدارة مهرجان سلا)
أسماء المدير أمام بوستر المهرجان في مدينتها سلا (إدارة مهرجان سلا)

قالت المخرجة المغربية أسماء المدير، إن رحلتها من أجل الحصول على تمويل لفيلمها «كذب أبيض» لم تكن سهلة، بل عاشت معاناة على مدى 10 سنوات معه، بيد أن هذا لم يُزعزع ثقتها أبداً، مؤكدةً في حوار مع «الشرق الأوسط» أنها شَرَعت في العمل على فيلم جديد، وتعكف حالياً على كتابة عملٍ روائيٍّ طويل مُستمَداً من الواقع.

وأشارت أسماء المدير إلى أنها لا تضع نفسها تحت ضغوط النجاح، وليس بالضرورة أن يحظى فيلمها المقبل بقدر نجاح «كذب أبيض»، وأن هذا حدث مع كبار مخرِجي السينما في العالم.

وحرصت المخرجة الشابة على حضور المهرجان الدولي لفيلم المرأة الذي يُقام بمدينتها «سلا» بالمغرب، وقد استقبلها الجمهور بحفاوة، وأقام المهرجان حواراً معها بحضور المخرجين الشباب، وطلبة مدارس السينما.

ووضع فيلم «كذب أبيض» أسماء المدير في مكانة سينمائية جيدة، بعدما طافت معه على مدى عام في مهرجانات عدة، حاصداً جوائز كثيرة، فما وقْعُ ذلك كله عليها؟

تجيب أسماء المدير: «لم أتغيّر، لكن مسيرتي المهنية تغيّرت، فقد تحقّق جزء كبير من أحلامي السينمائية، من بينها وصول الفيلم لمهرجان (كان) وفوزه بجائزتين، وتمثيله لبلادي بالأوسكار، وقد حقّقت ما أردته من أن يكون إنتاجاً عربياً خالصاً، من المغرب والسعودية وقطر، كما نجاحه بوصفه أول فيلمٍ مغربي يحصل على الجائزة الكبرى في مهرجان (مراكش)، وترشّحي لجائزة (الروح المستقلة) مع سينمائيين كبار، على غرار مارتن سكورسيزي، وجوستين تريت؛ مخرجة فيلم (تشريح سقوط)، لا شك أن (كذب أبيض) فتح أمامي أبواب السينما العالمية».

لقطة من فيلم «كذب أبيض» (إدارة مهرجان «سلا»)

لم يكن نجاح الفيلم لحظياً، فالنجاح في رأي أسماء مجموعة من المحطات عبر الزمن، وسنوات تتخلّلها مراحل سقوط ونهوض، تُعِدّ نفسها كما لو كانت في سفر ووصلت إلى المحطة التي تبغيها، مثلما تقول: «قد يجعلني ذلك لا أشعر بنشوة النجاح سوى مع مرور الوقت، حين ألتقي بصُنّاع أفلام كبار يقولون لي: لقد نجحت».

هل يكون النجاح الباهر عائقاً أمام تجربتها السينمائية المقبلة، ومتى تبدأها؟

تجيب أسماء، ذات الـ34 عاماً، قائلة: لقد «بدأتها بالفعل، أعمل على فكرة فيلم روائي مرتبط بقصة حقيقية، ولكن بطريقتي، وأحاول أن أستمد أفلامي من الواقع، ولا أضع نفسي تحت ضغوط النجاح، وليس بالضرورة أن يكون العمل المقبل بنجاح (كذب أبيض)، نعم سأشتغل عليه بالجدية نفسها، لكنني لا أتحكم في النجاح، فقد لا يعجب الجمهور مثلاً، وليس معنى ذلك أنني فشلت، بل عليّ أن أُجرّب شكلاً آخر، ومَن يخشى التجربة يفتح لنفسه باب الفشل».

وتضيف موضّحةً: «مُخرِجون كبار حدث معهم هذا، ومنهم المخرج الإيراني عباس كياروستامي الذي قدّم أفلاماً قوية، ومن ثمّ قدّم فيلماً لم يكتب عنه ناقد واحد، حتى المخرج يوسف شاهين تعجبني بعض أفلامه، وبعضها ليس على المستوى نفسه، وأذكر حين زارنا المخرج محمد خان خلال دراستنا السينما، قال إنه يصنع أفلامه كما يريدها، وهذا كل شيء، لذا أقرأ النقد وأدَعُه جانباً، فقد انتهى الفيلم بالنسبة لي».

تأثّرت أسماء المدير بمخرجين مغاربة كبار، ومن بينهم حكيم بلعباس في كل أفلامه، ومحمد المعنوني بفيلمه «الحال»، وفوزي بن سعيدي في «ألف شهر».

المخرجة المغربية أسماء المدير (إدارة مهرجان سلا)

عاشت أسماء المدير رحلة معاناة تَعُدُّها رحلة صحية، قائلة: «عانيت مع الفيلم 10 سنوات، كبرت خلالها معه سعياً وراء الإنتاج الذي حلمت به في كل تفاصيله، المونتاج والإخراج والكتابة، وقد بدأته في 2016، وفي عام 2020 وصلنا لآخر محطة تصوير، وخلال عامَي 21 و22 كان المونتاج، ليصدر الفيلم في 2023، قبل ذلك عشت مراحل من الفشل والنجاح، كنت أقدّم ملف الفيلم لصناديق دعم فترفضه، لكنني كنت واثقة أنني أصنع فيلماً حقيقياً، فلم يتزعزع إيماني به، ولم أستسلِم لثقة اكتسبتها، فأنا لا أعرف شيئاً آخر سوى السينما، هي شغفي ودراستي ومهنتي، ومجالي الذي اخترته وتخصصت فيه، وصارت الهواية مهنة، وعندي دائماً نظرة بعيدة أتجاوز بها العراقيل، وأتطلّع لما بعد».

تنظر لما مرّت به بشكل إيجابي، قائلة: «أرى أن هذه الرحلة تجربة صحية، فلو حصلت على دعم كبير في البداية كنت سأجد صعوبة في تحقيق ما وصلت إليه في النهاية، بالنسبة لي هي أشياء صحية لأي مبتدئ، وأغلب صُنّاع الأفلام يواجهون ذلك في البداية».

وتنحاز المخرجة المغربية للأفلام الوثائقية، مؤكّدة: «إنه مجال خصب، وبه حرية أكبر وأشكال كثيرة ممكن تجريبها، الأفلام الروائية أحياناً تكون متشابهة، ومنذ زمن لم نشاهد تجارب مبهرة تخرج عن المألوف، لكن الوثائقي لا يزال خصباً».

فرحتها الكبيرة حين تُوِّج فيلمها بالجائزة الكبرى في «مراكش» (إدارة مهرجان سلا)

لحظات سعادة عاشتها أسماء المدير مع الفيلم في مدن عدة، لكن أسعدها يوم عُرض في مهرجان «مراكش»، تقول: «أجمل ما سمعت عن الفيلم كان في مراكش أيضاً، الجمهور المغربي كان رائعاً في استقباله للفيلم، وقد حظي بنجاح أسعدني، كما عُرض في مهرجان (البحر الأحمر السينمائي)، والآن هناك موزّع سينمائي في مصر يتفاوض على عرضه بالقاهرة مع الجهات التي تملك حقوق توزيعه».