العازف غي مانوكيان سكب خلطته السحرية على مسرح «مهرجانات بيبلوس»

عودة بعد غياب طال لتسع سنوات

العزف بقي متواصلاً بلا لحظة هدوء (مهرجانات بيبلوس)
العزف بقي متواصلاً بلا لحظة هدوء (مهرجانات بيبلوس)
TT

العازف غي مانوكيان سكب خلطته السحرية على مسرح «مهرجانات بيبلوس»

العزف بقي متواصلاً بلا لحظة هدوء (مهرجانات بيبلوس)
العزف بقي متواصلاً بلا لحظة هدوء (مهرجانات بيبلوس)

أحيا عازف البيانو اللبناني غي مانوكيان حفله المنتظر على مرفأ جبيل، مساء الأحد الذي أراه هذا الصيف».

وكان حفل مانوكيان هذا قد نفدت بطاقاته بعد عرضها للبيع، بوقت قصير جداً، وهي ليست سابقة، فقد أحيا حفلين في «مهرجانات بيت الدين» هذا الصيف بيعت بطاقاتهما فور الإعلان عنها.

ومع أن حفلات غي مانوكيان متشابهة في طبيعتها الموسيقية، إلا أن الناس يعشقون حضورها والاستمتاع بها، ليس فقط لحبهم العزف الشرقي الذي يجيده على آلة غربية هي البيانو، بل أيضاً لأنه يعطي المكان الأوسع للجمهور ليغني الأغاني التي يحفظها ويحبها، ويرددها، لكن هذه المرة يغنيها مع الفرقة الموسيقية وبمصاحبة الكورس. فهو يعتمد على فرقة قال: إن أعضاءها هم الأمهر ليس فقط في لبنان، بل في العالم العربي كله. لهذا؛ بمقدورة أن يكتفي بأربعة عازفين على الكمان مثلاً، بينما للحصول على النتيجة الفنية نفسها يفترض أن يكون في حاجة إلى عدد أكبر بكثير من الموسيقيين.

في حفل جبيل كان للجمهور ما أراد، موسيقى حيوية من المعزوفة الأولى. لا مجال لتضييع الوقت مع مانوكيان، فهو لا يحب تلك الاستراتيجية التصاعدية في تحميس الجمهور، بل يحب أن يبدأ حفله بالأغنيات والمعزوفات الأكثر حرارة، وليس أدعى للابتهاج من أغنية الراحلة صباح «أهلاً بهالطلة» وكان قد تبنى مطلعها العام الماضي للترويج لزيارة لبنان، وزير السياحة وليد نصار، الذي كان جالساً في المقاعد الأمامية في الحفل.

جمهور مانوكيان كله كورس وحتى وزير السياحة الذي تقدم الصفوف (مهرجانات بيبلوس)

بمعزوفة «أهلاً بهالطلة» إذن، ابتدأ الحفل وكرّت سبحة المعزوفات التي يجعلها الكورال مقرونة بالكلمات، ويشجع الجمهور على الغناء معه، وكأنما كل واحد من الحضور يتحول مطرباً وهو يسمع صوته الشخصي على وقع الموسيقى.

هذه الخلطة المانوكانية، حقاً تغري عازفين كثراً أو مغنين باتباعها، بعد سنوات عجاف أصبح الناس فيها في حاجة إلى تفريغ توتراتهم، ومكبوتاتهم بالفن، هذا عدا ما يمنحه الغناء بصحبة فرقة موسيقية من ثقة بالنفس وحسن الصوت وجمالية الأداء. ولا يهم إن كان كل هذا مجرد وهم جميل.

يحب مانوكيان أن يبدأ حفله بالأغنيات والمعزوفات الأكثر حرارة (مهرجانات بيبلوس)

على أي حال، ليست الظاهرة بجديدة، الناس عشقت مانوكيان، منذ سنوات؛ لأنه يجعل البيانو حين يعزف عليه آلة شرقية وكأنها لا أصل غربياً لها، ولم تعرف السيمفونيات أو كانت جزءاً من الأوركسترات.

ووسط حماس، نادراً ما يعيشه جمهور بوتيرة مرتفعة من المعزوفة الأولى حتى الأخيرة، ومن دون هبوط وصعود، تتالت «ليلتنا من ليالي العمر»، و«نسّم علينا الهوا»، و«ميس الريم»، و«طلعت يا محلا نورها»، و«طال السهر»، و«بيا بيا ويا بيا»، و«يا من شردلي الغزالة».

الريبرتوار اللبناني غني ومتنوع، والنكهة الفولكلورية تمسّ شغاف القلوب، لكنها ليست وحدها الحاضرة. مانوكيان من عشاق وردة، «الأغنية الأولى التي جعلتني أحب الموسيقى العربية هي مصرية» ويسمع الجمهور «حرّمت أحبك» التي كان قد عزف قبلها بقليل «بتونس بيك».

الأغنيات المصرية لا غنى عنها في الحفلات اللبنانية عامة، ومع مانوكيان تحضر أم كلثوم، وشريفة فاضل وسيد درويش. كل ما يحبه الناس ويرددونه هو مما يصلح للعزف وغناء الكورس.

الحوار بين البيانو والطبلة (مهرجانات بيبلوس)

وكعادته، يلهب الأرواح مانوكيان، وهو يعزف واقفاً، يقيم حواراً بين البيانو الذي يعزف عليه والطبلة التي يحملها بشغف عازف الإيقاع المفضّل لديه جورج شقر. وشقر يعرف كيف يجوب المسرح بطبلته والدفّ وكيف يحثّ الجمهور على الغناء والرقص الذي سرعان ما يصبح جزءاً من مشهدية المدرجات.

ليلة أخرى من ليالي «مهرجانات بيبلوس» التي عادت بعد انقطاع ثلاث سنوات، وتكمل الموسم الحالي بحفل في 8 من الشهر الحالي لعازف البيانو فادي أبي سعد المعروف باسم «ألف» مع الأوركسترا المرافقة له. يمزج خلال هذه الأمسية الموسيقى الشرقية بالجاز والفلامنكو. والحفل يأتي بعد جولة له في مدن كندية عدة، وسيكمل بالبرنامج نفسه بعد «بيبلوس» في جولة أوروبية ومن ثم أميركية.

وقبل ختام المهرجان يوم 11 أغسطس (آب) أمسية تحمل عنوان «أصل الموسيقى» تقدمها الأخت مارانا سعد، وتستضيف فيها الفنانة كارلا راميا، مع جوقة «فيلوكاليا» وفرقة «عشتار» للغناء. وسيستمع الجمهور إلى أغنيات للأخوين رحباني وزكي ناصيف، وفيلمون وهبي، ومارسيل خليفة وشربل روحانا وغيرهم. أما الختام فمع مغني الراب الأميركي تايغا.


مقالات ذات صلة

«القاهرة السينمائي» يراهن على الانتشار خارج أسوار الأوبرا

يوميات الشرق إدارة المهرجان تراهن على عرض أفلامه خارج نطاق وسط القاهرة (القاهرة السينمائي)

«القاهرة السينمائي» يراهن على الانتشار خارج أسوار الأوبرا

يراهن مهرجان القاهرة السينمائي على تقديم عروض دورته الـ45 في مناطق راقية بشرق وغرب العاصمة المصرية للمرة الأولى في تاريخ المهرجان.

عبد الفتاح فرج (القاهرة)
يوميات الشرق لطفي بوشناق خلال مشاركته في المهرجان (هيئة الموسيقى)

جمال الألحان والأداء ارتقى بلغة الضاد في «مهرجان الغناء بالفصحى»

عَكَسَ المهرجان للجمهور من خلال القصائد المغنّاة وأداء الفنانين، براعة اللغة العربية في تجسيد المشاعر والصور، وقدراتهم الصوتية، وكان فرصة لاستعادة القصائد.

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق فنون شعبية مصرية في أسبوع التراث العربي باليونيسكو (وزارة الثقافة المصرية)

عروض فلكلورية وأزياء شعبية في الأسبوع العربي للتراث بباريس

شاركت مصر في الأسبوع العربي للتراث بمنظمة اليونيسكو في العاصمة الفرنسية باريس، الاثنين، بأنشطة متنوعة بين حفلات للغناء والرقص التراثي، وعروض الأزياء المصرية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق لبلبة تتوسط يسري نصر الله ومحمود حميدة قبل بدء المؤتمر الصحافي - (إدارة المهرجان)

مهرجان القاهرة يحتفي بالسينما الفلسطينية... ويجتذب «عُروضاً عالمية»

يحتفي مهرجان القاهرة السينمائي خلال دورته الـ45 بالسينما الفلسطينية بشكل لافت.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق المخرجان اللبنانيان جوانا حاجي توما وخليل جريج خلال تكريمهما بحفل الختام (الجونة السينمائي)

السينما العربية تسيطر على جوائز «مهرجان الجونة»

سيطرت السينما العربية على جوائز الدورة السابعة لـ«مهرجان الجونة السينمائي»، فقد فاز لبنان بـ4 جوائز، وفازت فلسطين بـ3 جوائز، بالإضافة إلى فوز مصر وسوريا وتونس.

انتصار دردير (الجونة (مصر))

«القاهرة السينمائي» يراهن على الانتشار خارج أسوار الأوبرا

إدارة المهرجان تراهن على عرض أفلامه خارج نطاق وسط القاهرة (القاهرة السينمائي)
إدارة المهرجان تراهن على عرض أفلامه خارج نطاق وسط القاهرة (القاهرة السينمائي)
TT

«القاهرة السينمائي» يراهن على الانتشار خارج أسوار الأوبرا

إدارة المهرجان تراهن على عرض أفلامه خارج نطاق وسط القاهرة (القاهرة السينمائي)
إدارة المهرجان تراهن على عرض أفلامه خارج نطاق وسط القاهرة (القاهرة السينمائي)

يراهن مهرجان القاهرة السينمائي على تقديم عروض دورته الـ45 التي تقام في الفترة من 13 إلى 22 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، في مناطق راقية بشرق وغرب العاصمة المصرية للمرة الأولى في تاريخ المهرجان، وذلك بعد عقود من انحسار عروض الأفلام المشاركة في مسابقاته على صالات الأوبرا ومراكز وسط القاهرة.

وقال الناقد عصام زكريا، مدير مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، في بيان وزعه المهرجان السبت، إن «القاهرة كبيرة جداً ومترامية الأطراف ولا تقتصر على وسط البلد، لكن لدينا الآن قاعات عرض في التجمع الخامس (شرق القاهرة) والشيخ زايد (غرب القاهرة) بالتعاون مع سينما فوكس».

وأكد أنه «تمت مراعاة أن تكون الأفلام المعروضة بهاتين المنطقتين جذابة جماهيرياً، أما أفلام المسرح الكبير في دار الأوبرا فتكون أقرب للحالة الاحتفائية والسجادة الحمراء، في حين أن أفلام المسرح الصغير وسينما الهناجر أفلام تميل إلى الفنية». مشيراً إلى أن إدارة المهرجان لديها خطط للتوسع في القاهرة ومدن أخرى خلال الدورات المقبلة.

الناقد عصام زكريا مدير مهرجان القاهرة السينمائي الدولي (القاهرة السينمائي)

وعن التحديات المالية التي واجهت المهرجان قال زكريا: «عملنا على ترشيد النفقات من خلال إعادة النظر في كيفية توزيعها بطريقة غير تقليدية تحقق أقصى استفادة من الموارد دون التنازل عن مكانة المهرجان الدولي، مع عقد شراكات مهمة مع كبريات الصحف والمواقع والمنصات الدولية والإقليمية المتخصصة مثل (فارايتي)، و(فيلم فيرديكت) و(سكرين ديلي) و(فيستفال سكوب) بجانب زيادة الاعتماد على الخبرات المصرية».

ووفق مدير المهرجان فإنه تم اتباع سياسة مدروسة جداً في شراء حقوق عرض الأفلام تعتمد على تقليل النفقات من دون التنازل عن جودة الأفلام المختارة بعناية فائقة من خلال تعضيد فريق البرمجة من خلال الجمع بين نظام المبرمجين المتخصصين جغرافياً ونظام لجان المشاهدة.

ويرى زكريا أن العالم مليء بالأفلام الجيدة التي لا تحصل على فرص، لأن الجميع يتسابقون للحصول على عدد محدود من الأفلام فقط. مشدداً على أن برنامج أفلام مهرجان القاهرة هذا العام قوي جداً يجمع بين الجودة الفنية والقصص الإنسانية المؤثرة والمشوقة وهو مفتوح على ثقافات مختلفة وقصص قريبة من واقعنا.

لقطة من أحد الأفلام المشاركة في المهرجان (القاهرة السينمائي)

ولا يعتقد مدير مهرجان القاهرة أن المنافسة مع المهرجانات العربية الأخرى أثرت بالسلب على اختياراتهم: «بالعكس الأفلام العربية الجيدة كثيرة جداً».

وأحدث المهرجان هذا العام تغييرات مهمة فيما يتعلق بالجوائز المقدمة للسينما العربية، وفق زكريا الذي يقول: «هذه التغييرات حققت توازناً مستحقاً، ففي الدورات السابقة كانت هناك جائزة أفضل فيلم عربي تتنافس عليها كل الأفلام العربية المشاركة في المهرجان، بالإضافة إلى مسابقة آفاق السينما العربية، وهو أمر كان مربكاً وغير مفهوم. لكن هذا العام قررنا استحداث (جوائز السينما العربية) وهي جوائز مالية لأول مرة وتتنافس عليها كل الأفلام العربية الطويلة المشاركة في المهرجان سواء في المسابقة الدولية أو في (آفاق السينما العربية) الذي تحول إلى برنامج وليس مسابقة».

مهرجان القاهرة يعرض نحو مائتي فيلم في دورته الـ45 (القاهرة السينمائي)

ويعد اختيار فيلم مصري طويل معضلة سنوية لإدارة مهرجان القاهرة، حيث كان يتم تبرير الأمر بأن صناعة السينما المصرية تهتم بالأفلام التجارية على حساب الأعمال الفنية ما يجعل مشاركاتها ضعيفة في المهرجانات الدولية، لكن مدير مهرجان القاهرة لديه رأي آخر: «لا أرى أن كون المهرجان يحدث في مصر فإن عليه أن يولي عناية خاصة بعرض الفيلم المصري، فهو مهرجان دولي بالأساس. ويهمنا دعم الفيلم المصري لكن من خلال عرضه في مهرجانات أخرى خارج مصر».

ويولي مهرجان القاهرة هذا العام أهمية خاصة بالأفلام القصيرة من خلال برنامج جديد هو «بانوراما الفيلم القصير» الذي يضم عدداً كبيراً من الأفلام القصيرة لصناع أفلام مصريين لكن خارج المسابقة، فالمسابقة الدولية للأفلام القصيرة تقبل بطبيعة الحال عدداً محدوداً من الأفلام القصيرة المصرية.

وخصص المهرجان في دورته الجديدة مساحة لالتقاء المنتجين والموزعين والشركات وصناع الأفلام تحت اسم «سوق مهرجان القاهرة»، التي قد لا تكون سوقاً سينمائية بالمعنى المتعارف عليه في المهرجانات العالمية، لكنها توفر فرصة جيدة جداً للالتقاء والتفاعل والنقاش والاتفاق والبحث في مشروعات مشتركة مستقبلية.

المهرجان يحتفي بالأعمال القصيرة (القاهرة السينمائي)

ويحتفي مهرجان القاهرة السينمائي خلال دورته الـ45 بالسينما الفلسطينية بشكل لافت، حيث وقع اختيار إدارته على الفيلم الفلسطيني «أحلام عابرة» للمخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي ليكون فيلم افتتاح المهرجان، وهو واحد من بين 17 فيلماً تتنافس على جوائز المسابقة الدولية للمهرجان الذي يرأسه الفنان المصري حسين فهمي.

واستحدث المهرجان الذي يعرض في دورته المقبلة نحو مائتي فيلم عدداً من الجوائز؛ منها «جائزة الفيلم الفلسطيني» التي تضم لجنة تحكيمها كلاً من الإعلامي المصري عمرو الليثي والمنتجة الفلسطينية ليالي بدر، بالإضافة إلى الممثل المصري مصطفى شعبان، بجانب لجنة لتحكيم «أفلام غزة» التي تضم في عضويتها المنتج المصري جابي خوري، والممثلة السورية كندة علوش، بالإضافة إلى الناقد المصري أحمد شوقي.

ويمثل الفيلم المصري «دخل الربيع يضحك» للمخرجة نهى عادل السينما المصرية في المسابقة الدولية، وهو الفيلم الذي يعتمد على مجموعة من الوجوه الجديدة، وتدور أحداثه خلال فصل الربيع من خلال أربع حكايات مختلفة، وسبق أن حصل على دعم من عدة مهرجانات سينمائية.

وتشهد المسابقة عروضاً عالمية أولى لعدد من الأفلام، منها الفيلم اللبناني «موندوف» للمخرج كريم قاسم، الذي تدور أحداثه في إحدى القرى اللبنانية، والفيلم التونسي «نوار عشية» للمخرجة خديجة لمكشر، والياباني «زهرة الثلج» للمخرج كوتا يوشيدا.

ويكرم المهرجان رئيس لجنة تحكيم المسابقة الدولية المخرج وكاتب السيناريو البوسني دانيس تانوفيتش، فيما يمنح جائزة «فاتن حمامة للتميز» للممثل المصري أحمد عز، مع تكريم المخرج المصري يسري نصر الله بجائزة «الهرم الذهبي لإنجاز العمر».