الفيلم السعودي «مندوب الليل» يُبحر بليل الرياض إلى العالمية

علي الكلثمي لـ«الشرق الأوسط»: نبتعد عن الكوميديا الاجتماعية للمرة الأولى

«مندوب الليل» يُعرض في صالات السينما بنهاية هذا العام (صنّاع الفيلم)
«مندوب الليل» يُعرض في صالات السينما بنهاية هذا العام (صنّاع الفيلم)
TT

الفيلم السعودي «مندوب الليل» يُبحر بليل الرياض إلى العالمية

«مندوب الليل» يُعرض في صالات السينما بنهاية هذا العام (صنّاع الفيلم)
«مندوب الليل» يُعرض في صالات السينما بنهاية هذا العام (صنّاع الفيلم)

ليل مدينة الرياض آسر، وكثيراً ما تغنّى به كتّاب وشعراء؛ إلا أنه يتجلّى في سرد سينمائي فريد من نوعه عبر الفيلم السعودي «مندوب الليل»؛ من إنتاج «استوديوهات تلفاز 11»، بدعم من «مؤسسة مهرجان البحر السينمائي» (صندوق دعم الإنتاج). يراهن صنّاعه على أنه سيغرّد خارج سرب الأفلام السعودية، في طرح غير معتاد لجهتَي القصة والإخراج.

العمل المتوقَّع عرضه في الصالات السعودية مع نهاية العام الحالي، لم يتعامل مع الرياض من خلال موقع التصوير (لوكيشن) فحسب؛ بل بكونها «شخصية» رئيسية في الفيلم الذي يجوب شوارعها وأحياءها طوال أحداثه الممتدَّة على مدى 110 دقائق، ليُعاين المُشاهد الحياة النابضة ليلاً في العاصمة السعودية.

العمل يطرح موضوعاً جديداً للمرة الأولى في السينما المحلية (صنّاع الفيلم)

سرد بلا تعقيد

عنه يتحدّث مخرجه السعودي علي الكلثمي لـ«الشرق الأوسط»، فيتناول ضرورة سرد القصص السينمائية من واقع الحياة اليومية: «حرصنا، خلال مرحلة الكتابة والتحضير، على أن تكون القصة من واقعنا وحواراتنا اليومية، من دون تكلُّف أو تعقيد. كما حرصنا على أن تكون الرياض شخصية من شخصيات الفيلم بشوارعها وأحيائها وزحمتها، لذلك صُوِّر بالكامل في مواقع حقيقية في المدينة التي تلعب دوراً كبيراً في حياة البطل».

وعن اختيار الفيلم للعرض العالمي الأول في «مهرجان تورنتو السينمائي الدولي»، المُقام في سبتمبر (أيلول) المقبل، يقول: «فخور أن يكون العرض العالمي الأول للفيلم في مهرجان بحجم (تورنتو)، لا سيما في قسم (ديسكفري) الذي انطلق منه مخرجون عالميون، من بينهم كريستوفر نولان؛ إلا أنني أتطلّع بشدة إلى آراء الجمهور في السينما السعودية التي صنعنا من أجلهم هذا الفيلم. أنا على يقين بأنه سينال إعجاب الجمهور السعودي مع بداية عرضه في المملكة».

أول فيلم طويل وخطّة عرض

«مندوب الليل»، هو الفيلم الطويل الأول لكلثمي، فيعلّق: «سعيد أن يكون فيلمي الطويل الأول من بطولة النجم محمد الدوخي. ولكن هذه المرة نبتعد معاً عن الكوميديا الاجتماعية التي دخلت قلوب المشاهد السعودي طوال العقد الماضي، لنجتمع في إطار تشويقي ودرامي يجسّد فيه الدوخي شخصية الشاب الوحيد المضطرب (فهد القضعاني)، في دور جديد عليه وعلى السينما السعودية».

وبينما ينتظر الجمهور عرض الفيلم في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، يخطر سؤال عن خطّة العرض، فيجيب: «(مندوب الليل) هو فيلم سينمائيّ الطابع والتنفيذ، صُنِع خصوصاً للمشاهدة في السينما. لدينا خطّة واضحة تنطلق من خلال العرض العالمي في (مهرجان تورنتو السينمائي الدولي) ضمن قسم (ديسكفري)، ثم العرض في نهاية هذا العام بجميع صالات السينما في السعودية».

التصوير استغرق 55 يوماً في شوارع الرياض (صنّاع الفيلم)

ليل الرياض والمواقع الحقيقية

لدى سؤال الكلثمي عن مواقع تصوير الفيلم، يفيد بأنه صُوِّر بالكامل في الرياض خلال الليل، بما ينسجم مع عنوانه، وهي المدينة التي نشأ وتربّى فيها. يضيف: «صوَّرنا في مختلف أحياء الرياض وشوارعها، على مدار 55 يوم تصوير، وحرصنا على أن تكون المواقع حقيقية».

قصة الفيلم... دراما وتشويق

يوضح الكلثمي قصة الفيلم: «مزيج من الدراما والتشويق، يُدخلنا في حياة (فهد القضعاني)، الشاب الثلاثيني الأعزب المضطرب، الذي يتوه وحيداً مهموماً كل ليلة في زحمة الرياض. فقدان العاطفة وضياع الوظيفة وتوصيل الطلبات... تدفعه كلّها للتخلّي عن مبادئه في عالم لا يفقه فيه شيئاً».

إشارة إلى أنّ الفيلم من بطولة محمد الدوخي في دور «فهد القضعاني»، بمشاركة الفنان القدير محمد الطويان في دور «ناصر القضعاني»؛ وهو من تأليف علي الكلثمي ومحمد القرعاوي، وإنتاج عبد الرحمن جراش القحطاني وشوقي كنيس، والمنتج التنفيذي علاء فادن ووائل أبو منصور ومحمد الحمود.

المخرج السعودي علي الكلثمي يُبحر بفيلمه إلى العالمية (حسابه الشخصي)

يُذكر أنّ الكلثمي سبق أن حصد، من خلال فيلمه القصير «وسطي»، العديد من الجوائز العالمية، من بينها جائزة مهرجان «ويليامزبرغ السينمائي» في نيويورك، عن أفضل فيلم أجنبي، وجائزة أفضل مخرج. كما حقّق نجاحات خلال العقد الماضي من خلال العديد من أعمال الدراما الاجتماعية الساخرة، مثل «الخلاط» و«خمبلة».


مقالات ذات صلة

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

يوميات الشرق هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

عدّت المخرجة السعودية هند الفهاد مشاركتها في لجنة تحكيم مسابقة «آفاق السينما العربية» بمهرجان القاهرة السينمائي بدورته الـ45 «تشريفاً تعتز به».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق «أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم اللبناني في فخّ «الميلودراما».

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

أثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعاليات المهرجان.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )

زافين قيومجيان في برنامج «شو قولك» ينقل رؤية جيل الغد

برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)
برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)
TT

زافين قيومجيان في برنامج «شو قولك» ينقل رؤية جيل الغد

برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)
برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)

في حوارات جدّية تتّسم بالموضوعية وبمساحة تعبير حرّة يطالعنا الإعلامي زافين قيومجيان ببرنامجه التلفزيوني «شو قولك» وعبر شاشة «الجديد» ينقل للمشاهد رؤية جيل الشباب لمستقبل أفضل للبنان.

ويأتي هذا البرنامج ضمن «مبادرة مناظرة» الدّولية التي تقوم على مبدأ محاورة أجيال الشباب والوقوف على آرائهم. اختيار الإعلامي زافين مقدّماً ومشرفاً على البرنامج يعود لتراكم تجاربه الإعلامية مع المراهقين والشباب. فمنذ بداياته حرص في برنامجه «سيرة وانفتحت» على إعطاء هذه الفئة العمرية مساحة تعبير حرّة. ومنذ عام 2001 حتى اليوم أعدّ ملفات وبرامج حولهم. واطّلع عن كثب على هواجسهم وهمومهم.

يرتكز «شو قولك» على موضوع رئيسي يُتناول في كل حلقة من حلقات البرنامج. وينقسم المشاركون الشباب إلى فئتين مع وضد الموضوع المطروح. ومع ضيفين معروفَين تأخذ الحوارات منحى موضوعياً. فيُتاح المجال بين الطرفين للنقاش والتعبير. وبتعليقات قصيرة وسريعة لا تتجاوز الـ90 ثانية يُعطي كل فريق رأيه، فتُطرح سلبيات وإيجابيات مشروع معيّن مقترح من قبلهم. وتتوزّع على فقرات محدّدة تشمل أسئلة مباشرة وأخرى من قبل المشاهدين. ولتنتهي بفقرة الخطاب الختامي التي توجز نتيجة النقاشات التي جرى تداولها.

ويوضح قيومجيان لـ«الشرق الأوسط»: «يهدف البرنامج إلى خلق مساحة حوار مريحة للشباب. ومهمتي أن أدير هذا الحوار بعيداً عن التوتر. فلا نلهث وراء الـ(تريند) أو ما يُعرف بالـ(رايتينغ) لتحقيق نسبِ مشاهدة عالية. وبذلك نحوّل اهتمامنا من محطة إثارة إلى محطة عقل بامتياز».

تجري مسبقاً التمرينات واختيار الموضوعات المُراد مناقشتها من قبل الشباب المشاركين. فالبرنامج يقوم على ثقافة الحوار ضمن ورشة «صنّاع الرأي»؛ وهم مجموعات شبابية يخضعون سنوياً لتمارين تتعلّق بأسلوب الحوار وقواعده. ويطّلعون على كلّ ما يتعلّق به من براهين وحجج وأخبار مزيفة وغيرها. فيتسلّحون من خلالها بقدرة على الحوار الشامل والمفيد. ويوضح زافين: «عندما يُختار موضوع الحلقة يجري التصويت لاختيار المشتركين. وبعد تأمين الفريقين، يلتقي أفرادهما بضيفي البرنامج. ومهمتهما دعم الشباب والوقوف على آرائهم. ونحرص على أن يكونا منفتحين تجاه هذا الجيل. فأهمية البرنامج تتمثل في التوفيق بين المشتركين بمستوى واحد. ولذلك نرى الضيفين لا يتصدران المشهدية. وهي عادة متّبعة من قبل المبادرة للإشارة إلى أن الشباب هم نجوم الحلقة وليس العكس».

يمثّل المشاركون من الشباب في «شو قولك» عيّنة عن مجتمع لبناني ملوّن بجميع أطيافه. أما دور زافين فيكمن في حياديته خلال إدارة الحوار. ولذلك تختار المبادرة إعلاميين مخضرمين لإنجاز هذه المهمة.

طبيعة الموضوعات التي تُثيرها كلّ مناظرة حالياً ترتبط بالحرب الدائرة في لبنان.

ويستطرد زافين: «عادة ما تُناقش هذه المناظرات موضوعات كلاسيكية تهمّ الشباب، من بينها الانتحار والموت الرحيم، ولكن هذه الاهتمامات تقلّ عند بروز حدث معيّن. فنحاول مواكبته كما يحصل اليوم في الحرب الدائرة في لبنان».

ضرورة فتح مطار ثانٍ في لبنان شكّل عنوان الحلقة الأولى من البرنامج. وتناولت الحلقة الثانية خدمة العلم.

ينتقد قيومجيان أسلوب بعض المحاورين على الشاشات (زافين قيومجيان)

«شيخ الشباب» كما يحبّ البعض أن يناديه، يرى زافين أن مهمته ليست سهلةً كما يعتقد بعضهم. «قد يُخيّل لهم أن مهمتي سهلة ويمكن لأي إعلامي القيام بها. فالشكل العام للبرنامج بمثابة فورمات متبعة عالمياً. والمطلوب أن يتقيّد بها فريق العمل بأكمله». ويستطرد: «يمكن عنونة مهمتي بـ(ضابط إيقاع) أو (قائد أوركسترا)؛ فالمطلوب مني بصفتي مقدّماً، التّحكم بمجريات الحلقة ومدتها ساعة كاملة. فالتجرّد وعدم التأثير على المشاركين فيها ضرورة. أنا شخصياً ليس لدي هاجس إبراز قدراتي وذكائي الإعلامي، والمقدم بصورة عامة لا بدّ أن ينفصل عن آرائه. وأن يكون متصالحاً مع نفسه فلا يستعرض إمكانياته. وهو أمر بتنا لا نصادفه كثيراً».

يقول زافين إن غالبية إعلاميي اليوم يتّبعون أسلوب «التشاطر» على ضيفهم. وهو أمر يبيّن عدم تمتع الإعلامي بالحرفية. ولنتمكّن من الإبقاء على هذا الأسلوب المرن لا بدّ أن نتدرّب على الأمر. وأن نملك الثقة بالنفس وهو ما يخوّلنا خلق مساحة حوار سليمة، تكون بعيدة عن الاستفزاز والتوتر وتأخذ منحى الحوار المريح».

يستمتع زافين قيومجيان بتقديم برنامجه «شو قولك»، ويقول: «أحب اكتشاف تفكير الشباب كما أني على تماس مستمر معهم من خلال تدريسي لطلاب الجامعة، وأنا أب لشابين».

يحضّر زافين قيومجيان لبرنامج جديد ينوي تقديمه قريباً عبر المحطة نفسها. ولكنه يرفض الإفصاح عن طبيعته. ويختم: «سيشكّل مفاجأة للمشاهد وأتمنى أن تعجبه».