ضريبة إضراب هوليوود... جفاف درامي ومسلسلات مؤجّلة

مجموعة من المسلسلات المؤجّلة بسبب الإضراب (إنستغرام)
مجموعة من المسلسلات المؤجّلة بسبب الإضراب (إنستغرام)
TT

ضريبة إضراب هوليوود... جفاف درامي ومسلسلات مؤجّلة

مجموعة من المسلسلات المؤجّلة بسبب الإضراب (إنستغرام)
مجموعة من المسلسلات المؤجّلة بسبب الإضراب (إنستغرام)

دخل إضراب الكتّاب في هوليوود شهره الثالث، وفي سابقة هي الأولى منذ 63 عاماً انضمّ الممثلون إلى الموجة الاعتراضية، واضعين البرامج التلفزيونية والمسلسلات والأفلام الأميركية في حالة من الجمود. وبانتظار اتّضاح مصير التحرّك، ومعرفة ما إذا كان المُضربون سينالون مطالبهم المتعلقة بتحسين الأجور والتأمين الصحي وضمانات في مواجهة الذكاء الاصطناعي، توقّفت عجلة الإنتاج حتى إشعارٍ آخر.

لم يقتصر أثر الإضراب الذي بات يضمّ 160 ألف كاتب وممثل على المسلسلات والأفلام، بل طال البرامج التلفزيونية الليلية الشهيرة. هذه البرامج التي تتّكل على فرَق كبيرة من الكتّاب توقفت عن البث منذ أول يوم إضراب، وأبرزها «The Tonight Show» مع جيمي فالون، و«Saturday Night Live»، إضافة إلى برنامج جيمي كيمل المباشر وغيرها.

أبرز المسلسلات المتأثرة بإضراب هوليوود

لا كتّاب ولا ممثلين، أي لا سيناريو ولا تصوير ولا مسلسلات جديدة على منصات البث. ظاهرة جفافٍ إنتاجي مرتقبة لم تشهد هوليوود مثيلاً لها منذ جائحة كورونا. وفي طليعة الأعمال التي اضطرّ فريقها إلى إطفاء محرّكاتها، مسلسل «نتفليكس» الجماهيري «Stranger Things» (أشياء غريبة). ففيما كان من المفترض البدء بتصوير الموسم الخامس والأخير في شهر يونيو (حزيران)، أعلن الأخوان دافر مؤلفا المسلسل عبر تغريدة، أن عملية الإنتاج ستتوقف بما أنها مستحيلة خلال الإضراب، متمنيين الوصول إلى حلٍ عادل قريباً يتيح للجميع العودة إلى العمل.

من بين المسلسلات المتأثرة بإضراب هوليوود كذلك، الموسم الرابع من «Emily in Paris» (إميلي في باريس). كان على التصوير أن ينطلق نهاية الصيف، إلا أنه بات في حكم المؤجل إلى نهاية الخريف مبدئياً، وهو موعد غير مؤكد ومرتبط بمصير الإضراب.

تحاول منصة HBO جاهدة أن تؤمّن مخزوناً من المسلسلات لبثه قبل نهاية العام والعام المقبل، وبينما استطاعت أن تواصل تصوير الموسم الثاني من «House of the Dragon» (بيت التنّين)، لم تنجح في ذلك مع «Euphoria». ففي وقتٍ كان سيناريو الموسم الثالث قيد التحضير، بدأ إضراب الكتّاب ما قد يؤجّل انطلاق التصوير إلى العام المقبل، أما عشّاق السلسلة الدرامية الاجتماعية فعليهم انتظار سنة 2025 كي يكتشفوا جديدها.

على روّاد HBO أن ينتظروا كذلك حتى منتصف عام 2025، ليشاهدوا الموسم الثاني من مسلسل «The Last of Us» (الأخير منّا)، بما أن اعتكاف الكتّاب أجّل عملية اختيار الممثلين والبدء بالتصوير. بعد أن حطّمت أرقام المشاهَدات خلال موسمها الأول، كان يطمح فريق العمل إلى بث جزءٍ جديد من الدراما في أسرع وقتٍ ممكن، إلا أنّ المؤلف كريغ مايزن أنهى كتابة حلقة واحدة فقط قبل أن يبدأ الإضراب.

مسلسل «The Last of Us» من بطولة بيدرو باسكال وبيللا رامزاي (HBO)

ومن بين الأعمال المؤجّلة، الموسم الثالث من مسلسل «The White Lotus» (زهرة اللوتس البيضاء) الحائز على عدد كبير من جوائز الـ«إيمي» التلفزيونية. أقفلت غرفة كتّاب المسلسل أبوابها، وما عاد من المؤكّد ما إذا كان سينطلق العام المقبل وفق ما كان مقرراً.

كما سواهم من الكتّاب، يلتزم مؤلّفو المسلسل بقرار النقابة قناعةً منهم بالمطالب المطروحة، وخوفاً من أن يُطردوا منها في حال خالفوا قرار التوقف عن العمل.

ومن بين المسلسلات المتأثرة بإضراب الكتّاب، الموسم الثالث من السلسلة الكوميدية الساخرة «Abbott Elementary»، إضافة إلى «Cobra Kai» و«The Sandman» و«Family Guy».

الموسم 22 من المسلسل الكوميدي «Family Guy» مؤجّل بسبب إضراب الكتّاب (أ.ب)

جمودٌ في السينما

انسحب أثر إضراب الكتّاب والممثلين على الشاشة الكبيرة، وقد أعلن عدد من النجوم السينمائيين انضمامهم إلى التحرّك، وعلى رأسهم سوزان ساراندون، وجورج كلوني، ومات ديمون، وكولن فاريل، وبن ستيلر، وجايمي لي كورتيس، وغيرهم. ولا يعني التزام الممثلين بالإضراب امتناعهم عن التمثيل فحسب، بل عدم المشاركة في أي نشاط ترويجي لأي عمل مرتقب.

أما أبرز الأفلام التي تأجّل تصويرها وإطلاقها فهي الجزء الثاني من «Gladiator»، الذي قرر المخرج ريدلي سكوت إعادته إلى الشاشة بعد 23 عاماً على إطلاقه المدوّي. التصوير الذي كان قد انطلق في المغرب، أُنجز ثلثاه تقريباً، وفيما كان من المرتقب أن يبدأ عرض الفيلم في خريف 2024، يُعتقد أنه سيؤجّل إلى عام 2025.

عرض الجزء الثاني من فيلم ريدلي سكوت «Gladiator» مؤجّل إلى عام 2025 (أ.ب)

مثل «Gladiator»، تجد إنتاجات سينمائية ضخمة كـ«Mission Impossible 8»، و«Spider - Man»، و«Avatar 3» نفسها رهينة التأجيل. ومن بين الأفلام التي توقفت عجلة كتابتها وتصويرها، «Mortal Kombat 2»، و«Unstoppable» مع جنيفر لوبيز، إضافة إلى فيلم الرسوم المتحرّكة «Mufasa: The Lion King»، وجزأين من أفلام «Star Wars».

مؤثرون في تلفزيون الواقع؟

لا أحد يستطيع التنبّؤ بمدّة الإضراب ولا بتاريخ انتهائه، وفي هذا الوقت القاتل للإنتاج الدرامي والسينمائي، تحاول المنصات وشبكات التلفزة إيجاد البدائل وملء الفراغ بما يغري المشاهدين. وقد لجأ بعضها إلى الإعادات، بينما استثمر البعض الآخر في المحتوى الذي لا يرتكز إلى النصوص والسيناريوهات المعدّة مسبقاً، مثل برامج تلفزيون الواقع على غرار «The Masked Singer»، و«Survivor»، و«Kitchen Nightmares».

قد تفرز هذه الموجة الاعتراضية جيلاً جديداً من النجوم، وتتسبب بتحوّل في المشهديّة التلفزيونية والسينمائية، إذ إن عدداً من استوديوهات هوليوود بدأ التفكير جدياً بتوقيع عقودٍ مع صانعي محتوى و«مؤثّرين» من بين مشاهير منصات التواصل الاجتماعي، بهدف ملء الفراغ.

آخر إضرابٍ هوليوودي مشابه عام 2008 ألقى الضوء على برامج تلفزيون الواقع التي كانت لا تزال نخبويّة حتى تلك اللحظة. ومن المتوقع أن يتكرر المشهد حالياً، في حال طال الإضراب؛ فيجب أن تستعيد برامج الـReal TV بريقها، مع انضمام مشاهير السوشيال ميديا إليها.

نتفليكس تتجه شرقاً

أنجزت «نتفليكس» خطتها الاستباقيّة قبل الوصول إلى هذه اللحظة المقلقة في تاريخ هوليوود. اعتادت المنصة العالمية أن تتّجه إلى خارج الولايات المتحدة الأميركية لإنتاج جزء كبير من محتواها. وبالتالي فإنه من المستبعد أن يلقي الإضراب بظلالٍ ثقيلة عليها.

وجدت نتفليكس البديل في كوريا الجنوبية وهي تصوّر الجزء الثاني من Squid Game (نتفليكس)

تتجه المنصة شرقاً فتستثمر في بلادٍ مثل الهند، والصين، واليابان، لكنّ الوجهة الأبرز تبقى كوريا الجنوبية، حيث تنوي «نتفليكس» إنفاق أكثر من مليارَي ونصف المليار دولار في صناعة الأفلام والمسلسلات الكورية الجنوبية. لا ينسى القيّمون على المنصة أن الموسم الأول من «Squid Game» (لعبة الحبّار) جمع 900 مليون دولار من العائدات.


مقالات ذات صلة

ترمب وهوليوود... حربٌ من طرفٍ واحد؟

الولايات المتحدة​ انطلق ترمب من عالم الشهرة والإعلام لكن الرئيس الأميركي ليس محبوب المشاهير (أ.ف.ب)

ترمب وهوليوود... حربٌ من طرفٍ واحد؟

ليس دونالد ترمب محبوب المشاهير وهم لم يوفّروا فرصة لمهاجمته خلال ولايته الأولى وخلال فترة ترشّحه، لكنهم هذه المرة سيتجنّبون استفزازه لأسباب كثيرة.

كريستين حبيب (بيروت)
الولايات المتحدة​ المغينة الشهيرة بيونسيه تحتضن المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس خلال تجمع انتخابي (د.ب.أ)

بين بيونسيه وتايلور سويفت... لماذا لم يكن دعم المشاهير لهاريس كافياً؟

رغم قدرة نجوم ونجمات من عيار بيونسيه وتايلور سويفت مثلاً على استقطاب الحشود الجماهيرية، لم ينجح دعمهما هاريس في التغلب على ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الممثل الأميركي الشهير آل باتشينو (أ.ف.ب)

آل باتشينو: نبضي توقف دقائق إثر إصابتي بـ«كورونا» والجميع اعتقد أنني مت

كشف الممثل الأميركي الشهير آل باتشينو أنه كاد يموت في عام 2020، إثر إصابته بفيروس «كورونا»، قائلاً إنه «لم يكن لديه نبض» عدة دقائق.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق «جاك سبارو» في المستشفى (إ.ب.أ)

«القرصان» جوني ديب يُفاجئ أطفالاً في مستشفى إسباني

فاجأ الممثل جوني ديب النزلاء في جناح علاج الأطفال بأحد المستشفيات الإسبانية، وهو يرتدي ملابس شخصية «جاك سبارو» من سلسلة الأفلام الشهيرة «قراصنة الكاريبي».

«الشرق الأوسط» (مدريد)
آسيا ميريل ستريب خلال حدث «إشراك المرأة في مستقبل أفغانستان» (إ.ب.أ)

ميريل ستريب: القطط تتمتع بحقوق أكثر من النساء في أفغانستان

قالت الممثلة الأميركية الشهيرة ميريل ستريب، الاثنين، إن القطط تتمتع اليوم بحرية أكبر من النساء في أفغانستان التي تحكمها حركة «طالبان».

«الشرق الأوسط» (كابل)

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».