سهير القيسي: أنقل صورة العراق الجميلة خارج التكلُّف

تؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنّ الصحافي الشامل مفهوم غير رائج عربياً

الإعلامية سهير القيسي تسعى إلى نقل صورة مختلفة عن العراق (حسابها الشخصي)
الإعلامية سهير القيسي تسعى إلى نقل صورة مختلفة عن العراق (حسابها الشخصي)
TT

سهير القيسي: أنقل صورة العراق الجميلة خارج التكلُّف

الإعلامية سهير القيسي تسعى إلى نقل صورة مختلفة عن العراق (حسابها الشخصي)
الإعلامية سهير القيسي تسعى إلى نقل صورة مختلفة عن العراق (حسابها الشخصي)

لا تجد الإعلامية العراقية سهير القيسي مغادرتها عالم الأخبار والبرامج السياسية، إلى الجوّ الفني وحوار الفنانين، تنقّلاً بين ميدانَيْن. «هو تطوّر وإضافة جديدة»، تقول لـ«الشرق الأوسط». لكنّ التطوّر يكلّف شيئاً من التفكير والقلق وإعادة الحسابات. وفي أحيان، يُسمّى جرأة ومغامرة. أين هي من المغامرات؟ تختصر الطريق على أسئلة تحاول النبش في نظرتها إلى التجارب وقراءتها للفرص، بالردّ: «أميل إلى مدرسة الشمولية في الصحافة. الصحافي المُحاوِر يستطيع أن يحاور السياسي والفنان والرياضي والمواطن العادي».

مع ذلك، تقرّ بأنّ «لكل برنامج لونه وطريقته في المقاربة، والطرق تختلف، لكن الصحافي والمُحاوِر هو نفسه. يبدو أنّ الصحافي الشامل في الإعلام العربي مفهوم ليس رائجاً كثيراً لدى المتلقّي ولا يزال في مرحلة التطوير والنضج».

أرادت للتجربة الاكتمال، فاستعدّت لها: برنامج ضخم إنتاجياً، استضاف أسماء من وَقْع وأثر؛ وإخراج بلمسات اللبناني باسم كريستو، المدرك دور التكنولوجيا في تجميل الصورة. «إم بي سي» و«شاهد» لم يُخطئا في البحث عن مقاربة مختلفة للموضوع الفني مع إعلاء شأن الجمالية السياحية في تمرير رسائل التمسّك بثقافة الحياة. ولكن، هل هي رغبة السوق، ولا مفرّ من المجاراة، أو كان قرار سهير القيسي تغيير البوصلة؟

سهير القيسي في استوديو برنامجها «سهير شو» (حسابها الشخصي)

«لا أحبّذ المنافسة مع الآخرين. تنطوي على محدودية كبيرة للقدرات. أنافس إنجازي الأخير وأنطلق في اتجاه إنجازات جديدة. هكذا من دون حدود»

سهير القيسي

لسنوات، قدّمت برامج تحاكي الداخل العراقي وقابلت رؤساء ووزراء وأصحاب قرار من رؤساء الأحزاب. المتابعون يذكرون برامج منها «من العراق» و«سباق البرلمان» الذي تناولته صحف دولية، و«مَن سيحكم العراق»، مُلحقة بعملها مذيعة أخبار في قناة «العربية». جاء «سهير شو»، لطيّ مرحلة وإعلان ولادة أخرى.

تريد التأكيد: «البرنامج قرار اتّخذته بنفسي ولا علاقة لرغبة السوق. هو من إنتاج شركة (كوانتوم ستار)، أطلقتها من أربيل، عاصمة كردستان العراق. أعود لسؤال لِمَ اتّخذتُ هذه الخطوة. عملتُ في برامج سياسية، وعاينتُ آلام الإنسان من خلال شراكتي مع الأمم المتحدة وبرنامج الغذاء العالمي، وتولّيتُ مهمّات سفيرة نيات حسنة... لسنوات، نقلتُ فظاعة الحروب والفوضى، وظلّ شعور بالمسؤولية حيال بلدي يناديني من الداخل. يستحق العراق نقل صورة جميلة عنه بعيداً عن التزوير والتكلُّف. بلدي جميل رغم الشقاء. ثمة جانب مضيء لا يعرفه الإعلام العربي عن أربيل الرائعة. حاولتُ نقله من خلال نجوم عرب وعالميين ذُهلوا بالطبيعة العظيمة وروّجوا بإيجابية للأرض التي أنتمي إليها».

هل هامش السياسة أضيق من آفاق الفن، حيث الملعب أوسع واللاعبون أكثر إثارة؟ تنفي: «الملاعب جميعها مثيرة للصحافي والمُحاوِر الشغوف بعمله. أتطلّع إلى الشمولية في مَهمّتي الإعلامية، فتتلاشى الفوارق بين ميدان وآخر».

مَن صنع سهير القيسي؟ هم ثلاثة، بعد إقرارها بفضل الله: «شغفي وإصراري ودعم أهلي». تكمل: «كان الفضل باختياري لرئيس مجموعة (إم بي سي) وليد آل إبراهيم وكل فريقها. لقد آمنوا بي. تجربتي في العمل مع (الصحافي السعودي العريق) عبد الرحمن الراشد، هي الأخرى لا تتكرّر. منحني ثقته ودعمني. (العربية) لها مكانة خاصة في قلبي».

سهير القيسي ترى أن الصحافي يحاور الجميع (حسابها الشخصي)

نعود إلى برنامجها. يحضُر سؤال يتعلّق بأي إضافة يُشكِّل وأي فارق يُحدِث؟ تردّ: «برنامجي إضافة مميّزة لبرامج الحوار والترفيه التي نفتقدها مؤخراً. أريد الإبقاء على قيمة الصدق في تناول حياة الضيف وقصص نجاح النجوم الأكثر تأثيراً، وعلى التمازج الثقافي والاستعراض الفني. هذه عوامل تصنع الفارق وتؤكد الاختلاف، إضافة إلى زيارة النجم لأماكن سياحية لم يخطر على بال المتلقّي العربي أن يجدها في أربيل. العرض الترفيهي والحواري الضخم بإدارة باسم كريستو، وهو بدوره أحد أبرز عناصر القوة».

غرّدت في بدايات برنامجها للفت إلى اكتراثها لمحتوى عميق، ووعدها بألا تتيح تسرُّب السطحية. هل تضرب السمعة السيئة برامج الحوار الفني، حتى تجد المذيعة نفسها في موقع تبرير ونفض تُهم؟ تنفي مرة أخرى: «أبداً! العمق مطلوب في جميع أشكال الحوارات. أردتُ للقاءاتي مع النجوم تصدُّر (الترند) بعد العرض، وحصل ذلك. لا يزال بعض الحوارات مُتداوَلا إلى اليوم. العمق ضروري لتبقى الأشياء بعد نهايتها».

جميع ما تقدّم يجعلها تحسم بثقة: «التجربة ناجحة»، وتُعقّب: «إنما أجدني مسكونة بالرغبة في التطوير والسعي إلى الأفضل». بعد «سهير شو»، هل يمكن القول إنّ القيسي طوت كلياً صفحة الأخبار والبرامج السياسية؟ بحسم مُشابه، تجيب: «على الإطلاق! كيف أطويها؟ السياسية ملعبي وشغفي».
مَن تنافس ومَن ينافسها؟ لا تحبّذ عبارة «المنافسة مع الآخرين». برأيها، «تنطوي على محدودية كبيرة للقدرات. أنافس إنجازي الأخير وأنطلق في اتجاه إنجازات جديدة. هكذا من دون حدود». والغد، ماذا عنه؟ ماذا عن هواجس المستقبل؟ «الغد بهي ومبهج. فيه ربما عائلة سهير الصغيرة».


مقالات ذات صلة

مجلة تثير جدلاً حول الحريات في ألمانيا

إعلام يورغن إيلاسر، مؤسس "كومباكت" وناشرها ورئيس تحريرها (غيتي)

مجلة تثير جدلاً حول الحريات في ألمانيا

قمع حرية التعبير أم حماية الديمقراطية؟ من الأسئلة التي باتت تواجه المشرّعين والسياسيين الألمان بشكل مزداد.

راغدة بهنام (برلين)
أوروبا جنود مسلحون ينتظرون بالقرب من مركبات للجيش الروسي خارج نقطة حرس الحدود الأوكرانية في مدينة بالاكلافا في شبه جزيرة القرم يوم 1 مارس 2014 (رويترز)

السجن 8 سنوات في روسيا لصحافي نشر «معلومات كاذبة» عن الجيش في أوكرانيا

حكمت محكمة في مدينة غورنو ألتايسك الروسية في ألتاي، اليوم (الجمعة)، على الصحافي المحلي سيرغي ميخائيلوف بالسجن ثماني سنوات لانتقاده الجيش الروسي.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
المشرق العربي صورة تُظهر بكر القاسم الصحافي والمصوّر المتعاون مع وسائل إعلام عدة بينها «وكالة الصحافة الفرنسية» (متداولة)

فصائل موالية لأنقرة تُوقِف صحافياً بشمال سوريا

أوقفت الشرطة المحلية التابعة لفصائل موالية لأنقرة بشمال سوريا، الصحافي والمصوّر المتعاون مع وسائل إعلام عدة، بكر القاسم، في مدينة الباب.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق أكاديمية «SRMG» تطلق دورة تدريبية في صحافة التكنولوجيا بدعم من «تيك توك»

أكاديمية «SRMG» تطلق دورة تدريبية في صحافة التكنولوجيا بدعم من «تيك توك»

أعلنت أكاديمية «SRMG» عن نيّتها إطلاق دورة تدريبية في صحافة التكنولوجيا، بدعم من منصّة «تيك توك»، وذلك في الرياض بين 15 و19 سبتمبر 2024.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق أمّهاتٌ قاتلات وأزواجٌ مجرمون... «راوية الجريمة» تعرض أفظع الجرائم الواقعيّة

أمّهاتٌ قاتلات وأزواجٌ مجرمون... «راوية الجريمة» تعرض أفظع الجرائم الواقعيّة

يشهد عالم التلفزيون والإعلام مؤخراً اهتماماً مطّرداً من قبل الجمهور بالجريمة الواقعية. يأتي بودكاست «راوية الجريمة» عبر «الشرق» ليروي هذا العطش المستجدّ.

كريستين حبيب (بيروت)

الواقع الافتراضي يمنح ذوي الإعاقة الذهنية استقلالية أكبر

نظارات الواقع الافتراضي تتيح لذوي الإعاقة الذهنية تعلم مهارات حياتية بشكل أسرع (جامعة كالجاري)
نظارات الواقع الافتراضي تتيح لذوي الإعاقة الذهنية تعلم مهارات حياتية بشكل أسرع (جامعة كالجاري)
TT

الواقع الافتراضي يمنح ذوي الإعاقة الذهنية استقلالية أكبر

نظارات الواقع الافتراضي تتيح لذوي الإعاقة الذهنية تعلم مهارات حياتية بشكل أسرع (جامعة كالجاري)
نظارات الواقع الافتراضي تتيح لذوي الإعاقة الذهنية تعلم مهارات حياتية بشكل أسرع (جامعة كالجاري)

أظهرت دراسة أسترالية أن استخدام نظارات الواقع الافتراضي يُمكِن أن يفتح آفاقاً جديدة للأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية، مما يتيح لهم تعلم مهارات حياتية عملية بشكل أسرع دون الحاجة إلى الاعتماد على مقدمي الرعاية.

وأوضح الباحثون بجامعة «جنوب أستراليا» وجامعة «نيو ساوث ويلز»، أن هذه التقنية يمكن أن تتيح لهؤلاء الأشخاص تعلم مهارات أساسية مثل النظافة الشخصية وإدارة المهام اليومية، ونشرت النتائج، الجمعة، بدورية (Intellectual Disability Research).

ونظارات الواقع الافتراضي (VR) هي أجهزة إلكترونية يتم ارتداؤها على الرأس، مصممة لخلق تجربة غامرة في بيئة افتراضية ثلاثية الأبعاد. وتعتمد هذه النظارات على عرض صور ومقاطع فيديو بزاوية 360 درجة، بحيث يشعر المستخدم وكأنه موجود داخل البيئة الافتراضية.

وتستخدم نظارات الواقع الافتراضي بشكل واسع في الألعاب الإلكترونية، والتعليم، والتدريب المهني، والطب، حيث تتيح للمستخدم التفاعل مع بيئة محاكية للواقع دون مغادرة مكانه. وتوفر هذه التقنية تجربة غنية وحسية تحاكي الواقع، ما يجعلها أداة فعالة لتعلم المهارات والتفاعل مع العالم الافتراضي بطريقة واقعية.

ويواجه معظم الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية تحديات كبيرة في أداء المهارات الحياتية الأساسية مثل الطهي، والاستحمام، والتنظيف دون مساعدة من مقدمي الرعاية، مما يمنعهم من العيش باستقلالية والتمتع بجودة حياة أفضل.

وقام الباحثون بمقارنة فعالية نظارات الواقع الافتراضي الغامرة مع البيئات الافتراضية غير الغامرة مثل التدريب على جهاز لوحي، لتدريب 36 بالغاً من ذوي الإعاقة الذهنية على كيفية فصل النفايات العامة عن النفايات القابلة لإعادة التدوير، والنفايات العضوية من الحدائق والطعام.

وشملت الدراسة، 12 جلسة تدريب افتراضية. وأظهرت النتائج أن المجموعة التي استخدمت نظارات الواقع الافتراضي الغامرة حققت أداءً أفضل بشكل ملحوظ في الحياة الواقعية مقارنة بالمجموعة التي استخدمت جهازاً لوحياً للتدريب.

وأكد الباحثون أن تقنية التدريب باستخدام الواقع الافتراضي الغامر يمكن أن تُستخدم أيضاً لتعليم مهارات أساسية أخرى مثل الطهي وأمان المطبخ، والنظافة الشخصية، والتنقل في وسائل النقل العامة، والمهارات الاجتماعية.

وقال الباحث الرئيسي للدراسة بجامعة نيو ساوث ويلز، الدكتور ستيفان ميشالسكي، إن «الواقع الافتراضي الغامر يتيح للأفراد تجربة الأنشطة في بيئة آمنة ومتحكم بها وقابلة للتكرار».

وأضاف عبر موقع الجامعة، أن البحث يظهر أن التعلم بالممارسة، المعروف أيضاً باسم التعلم التجريبي، يبدو أكثر فعالية لهذه الفئة مقارنةً بالأساليب التعليمية التقليدية، مشيراً إلى أن هناك أدلة متزايدة على فوائد الواقع الافتراضي، لكننا بحاجة لسد الفجوة بين البحث والتطبيق حتى يتمكن المزيد من الناس من الاستفادة من هذه التكنولوجيا.