ميسا قرعة وشربل روحانا... ليلة من الأنس في قصر «بيت الدين»

تُسدَل الستارة مع عروض «شيكاغو بالعربي»

ميسا قرعة وشربل روحانا أشعلا بالغناء قلوب المحبّين (مهرجانات بيت الدين)
ميسا قرعة وشربل روحانا أشعلا بالغناء قلوب المحبّين (مهرجانات بيت الدين)
TT

ميسا قرعة وشربل روحانا... ليلة من الأنس في قصر «بيت الدين»

ميسا قرعة وشربل روحانا أشعلا بالغناء قلوب المحبّين (مهرجانات بيت الدين)
ميسا قرعة وشربل روحانا أشعلا بالغناء قلوب المحبّين (مهرجانات بيت الدين)

شهدت الليلة الرابعة لـ«مهرجانات بيت الدين» حفلاً فريداً للمغنّية وكاتبة الأغنيات اللبنانية ميسا قرعة، يرافقها الفنان المتميّز، عازف العود وكاتب الموسيقى، شربل روحانا.

أدّت قرعة في الأمسية العديد من أغنياتها، فنالت إعجاب الحضور، خصوصاً تلك التي أطلقتها مؤخراً، «نتلاقى ببيروت»، التي تحاكي شوق المغتربين إلى الوطن ورغبتهم في لقاء الأحبّة. وهي حال قرعة نفسها الغائبة منذ 18 عاماً، بعد دراسة وإقامة طويلة في أميركا، فالإمارات. أطلت الفنانة من شرفة القصر العلوية المُشرفة على الباحة الساحرة الصغيرة التي تُقام فيها حفلات هذا الصيف؛ رقصت مع فرقة من المؤدّين، ومنحت هذه الأغنية حيزاً خاصاً من حفلها.

ميسا قرعة في بيت الدين بعد غياب عن لبنان (صور المهرجان)

شارك شربل روحانا، قرعة، بعضاً من أغنياتها، عازفاً على العود، وأدّى من أغنياته التي أثارت، كما العادة، حماسة الحضور. إنْ كان البعض لا يعرف قرعة لغيابها عن لبنان، رغم مكانتها خارجه، إلا أنّ روحانا عازف العود المبدع، وصاحب الأغنيات ذات الشعبية العالية، له جمهور خاص يتبعه أينما يذهب. أدّت معه بعضاً من أغنياته، كما غنّت خليطاً من البوب والروك وأغنيات لمحبّي الإنجليزية والموسيقى العربية.

استمع الجمهور الذي حضر طالباً الفرح إلى أغنيات من ريبرتوار الكبيرة فيروز ووديع الصافي وزكي ناصيف. كما قدّمت في هذه الأمسية الخاصة أغنية داليدا «حلوة يا بلدي» بصوتها العذب.

الرقص على أنغام «نتلاقى ببيروت» (مهرجانات بيت الدين)

هكذا تُشرف «مهرجانات بيت الدين» على نهاية برنامجها لهذا العام، حيث لم تتبقَ إلا حفلات مسرحية «شيكاغو بالعربي» الثلاث، أيام 2 و3 و5 أغسطس (آب) المقبل.

وتلقى «شيكاغو بالعربي»، منذ أطلقت عروضها المحدودة قبل أشهر، إقبالاً كبيراً. هي واحدة من أقدم المسرحيات الغنائية في القرن العشرين، تُقدَّم في «برودواي» من دون انقطاع منذ عام 1975، وتُقارب بلوغ الخمسين من عمرها، من دون أن تتوقّف عروضها إلا بسبب الوباء والحجر الإلزامي. وبذلك تكون من بين الأطول عمراً والأكثر شهرةً، نظراً لموضوعها الشيّق، لكون المشكلات التي تتحدّث عنها تبدو طازجة وابنة اليوم، وموسيقاها الجميلة تنال استحساناً دائماً وحباً من الجمهور.

ميسا قرعة غنّت لفيروز وداليدا وزكي ناصيف (مهرجانات بيت الدين)

تروي المسرحية حكاية مدينة تغرق بالفساد، من خلال امرأتين: روكسي هارت (سلمى فهمي في النسخة العربية) المُتّهمة بقتل عشيقها، وفيلما كالي (نانسي نار في النسخة العربية) مغنّية في ملهى ليلي متّهمة بقتل زوجها وأختها. تتنافس السيدتان، ولا هدف لهما سوى الشهرة.

هكذا تُسدل «مهرجانات بيت الدين» الستار، لتفسح المجال أمام «مهرجانات بيبلوس» التي تبدأ في الخامس من الشهر المقبل.

الجمهور في بيت الدين يتفاعل مع قرعة وروحانا (صور المهرجان)

ويعيش لبنان تحت وَقْع حرارة الصيف وحرارة فنون المهرجانات التي وصل عددها إلى 130، رغم الأزمة والاقتصاد المتداعي، إلا أنّ الصيف يفرض حفلاته وأفراحه.


مقالات ذات صلة

مصر تستقبل العام الجديد باحتفالات «مبهرة»

يوميات الشرق حشود في احتفالات مبهرة في مصر الجديدة (حي مصر الجديدة «فيسبوك»)

مصر تستقبل العام الجديد باحتفالات «مبهرة»

لم يتصور الشاب الأربعيني عمرو رضوان (موظف بأحد البنوك) أنه سيواجه زحاماً شديداً في ميدان الكوربة بمصر الجديدة (شرق القاهرة)، حين قرر أن يصطحب أسرته للسهرة.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق أم كلثوم قدمت العديد من الأغنيات التي استقرت في وجدان المصريين (مشروع «القاهرة عنواني»)

مصر تستعيد «روائع» أم كلثوم في ذكرى ميلادها الـ126

يستعيد المشروع الثقافي «القاهرة عنواني» مسيرة «كوكب الشرق» ومشوارها في ندوة بالمسرح الصغير لدار الأوبرا المصرية في مستهل العام الجديد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
العالم صورة للمغني السابق ليام باين محاطة بالزهور والشموع بينما يتجمع المعجبون خارج الفندق الذي عُثر عليه فيه ميتاً بعد سقوطه من شرفة في بوينس آيرس... الأرجنتين 17 أكتوبر 2024 (أ.ب)

الأرجنتين: توجيه الاتهام لخمسة أشخاص في قضية وفاة المغني ليام باين

وجّه القضاء الأرجنتيني الاتهام لخمسة أشخاص في قضية وفاة المغني البريطاني ليام باين Liam Payne إثر سقوطه من شرفة غرفته بالفندق في أكتوبر الماضي.

«الشرق الأوسط» (بوينس آيرس)
يوميات الشرق أحمد عدوية (حساب نجله محمد في «فيسبوك»)

حزن في مصر لرحيل «أيقونة» الطرب الشعبي أحمد عدوية

خيّم الحزن على الوسط الفني بمصر، بعد خبر رحيل «أيقونة» الطرب الشعبي أحمد عدوية، الأحد، عن عمر يناهز 79 عاماً بعد صراع طويل مع المرض.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق مؤدي المهرجانات حمو بيكا (حسابه على منصة فيسبوك)

حبس «حمو بيكا» شهرين لتورطه في قضية قديمة

قررت نيابة الدخيلة الكلية بمحافظة الإسكندرية (شمال مصر)، السبت، رفض طلب الاستئناف على حكم حبس مؤدي المهرجانات المصري حمو بيكا، وتأييد حبسه شهرين.

داليا ماهر (القاهرة)

«الوطن في حقيبة»... مطالبة فنّية برفع الحظر عن الانتماء

ضمَّن الفنان السوري محمد حافظ فنّه لوعة تعذُّر النسيان (موقعه الإلكتروني)
ضمَّن الفنان السوري محمد حافظ فنّه لوعة تعذُّر النسيان (موقعه الإلكتروني)
TT

«الوطن في حقيبة»... مطالبة فنّية برفع الحظر عن الانتماء

ضمَّن الفنان السوري محمد حافظ فنّه لوعة تعذُّر النسيان (موقعه الإلكتروني)
ضمَّن الفنان السوري محمد حافظ فنّه لوعة تعذُّر النسيان (موقعه الإلكتروني)

يتوه الفنان السوري محمد حافظ في إيجاد مرادف إنجليزي لكلمة «الغربة» بما يُعبّر بعمق عما يتعارك في داخله، رغم نحو ربع قرن من المغادرة إلى أميركا. قصد عام 2003 «أرض الأحلام» للدراسة، ثم فرض منعطف 11 سبتمبر (أيلول) التضييق الحائل دون العودة. وَفَد مراهقاً في الـ17 من العمر إلى بلاد هائلة لم تستطع أن تُنسيه أصله. ظلَّ ملوَّعاً بتعذُّر النسيان. سنوات مرَّت وهو سوريٌّ جداً، في عزّ إمكان بزوغ الخيار الآخر؛ كأنْ يتغاضى مثلاً، أو يُشفى بعض الشيء من مرارة الأوطان. فنُّه عزاء لروحه المشتاقة.

تستوقفه الحقيبة لكونها مادة مُستعملة ضمن مجال لا يُحصر (موقع الفنان الإلكتروني)

يُعرَف بالرسم من داخل الحقائب وبالتعبير ضمن حيّزها، فمجموعته «الوطن في حقيبة» تحمل اختزالات كافية لفَهم سياقها وتأويل معانيها. يقول لـ«الشرق الأوسط» إنّ الحنين لغة عالمية، مفرداتُها الأشياء والزوايا والناس وما لا يجده المرء في خياراته البديلة. تستوقفه الحقيبة لكونها مادة مُستعملة ضمن مجال لا يُحصر، ويمكن أن تخصَّ الجميع بلا تمييز، رغم اختلاف دواعي استعمالها. فبعضٌ يهاجر من منطلق رغبة أو طموح، وآخرون تحت ضغط ظرف قاهر؛ لكنَّ الجميع يوضّب حقائبه مُعلناً الوُجهة الجديدة.

نوستالجية النظرة إلى المكان المُتعذِّر، وهو هنا الجغرافيا السورية، تجعل المجموعة مُشبَّعة بسحرها. يعترف المهندس المعماري محمد حافظ بأنّ الغرب منحه أضواء مُنصِفة: «لستُ معروفاً في المنطقة العربية تماماً مثل معرفة الأميركيين بفنّي. أردتُ وسط شراسة الهجوم على العرب والسوريين، وتصاعُد خطاب الكراهية، تسجيل موقف. في أميركا، ثمة استعمال آخر لمفردة (Baggage). لا تعني دائماً الأمتعة، فحين يُقال (Somebody has baggage)، فذلك للإشارة إلى الصدمة والمشاعر الثقيلة. تغدو المفردة انعكاساً للشيء والشعور معاً. تروقني ازدواجية المعنى وأراها محاكاة للتجربة الإنسانية. الحقيبة تحمل المشاعر، وداخلها لا يقتصر على الملابس والحاجات. بإقفالها، يكتمل إسقاط المسكوت عنه في دواخلنا».

يُعرَف محمد حافظ بالرسم من داخل الحقائب وبالتعبير ضمن حيّزها (موقعه الإلكتروني)

صدَّق استحالة العودة إلى دمشق، وتابع ممازحاً أنّ المقابلة لو رُتِّبت قبل التحوّلات السورية الأخيرة، لكانت اختلفت كلياً. مؤلم قوله إنه دفن سوريا في داخله ومعها ذكرياته، كما تُشكّل الحقيبة لأشيائها مكاناً سرّياً. وقد يتطلَّب التصميم أشهراً من الحفر والتلوين، «ولكن لا يهم». الأهم استطاعته المسَّ بالمساحة الداخلية النازفة وتضميدها: «أحاول إعادة تكوين العلاقة مع دمشق على مستوى الذاكرة. جزء من أعمالي يتضمَّن أصواتاً من بلادي البعيدة سجَّلتها في الماضي. كان يكفيني الجلوس طويلاً أمام اللوحة وتلك الأصوات: الموسيقى السورية، رائحة القهوة بطعم الهال، التكبير من الجامع الأموي، ونداء الباعة في سوق الحميدية... لقد شكَّلت طريقة تواصلي مع العالم. شحنتني بصمت. فلسنوات مارستُ الفنّ بالخفاء لغياب مساحة خاصة للتعبير السياسي. كنتُ مهندساً معمارياً، وعليَّ التفرّغ لعملي. في محترفي، حبستُ نفسي وبكيتُ وأنتجتُ لأُخرج الطاقة الضاغطة. اليوم أطالبُ عقلي وقلبي برفع الحظر عن سوريا. إنني في طور إعادة برمجة الذكريات، وهذا مُتعب».

نوستالجية النظرة إلى المكان المُتعذِّر تجعل المجموعة مُشبَّعة بسحرها (موقع الفنان الإلكتروني)

يشاء محمد حافظ التحلّي بدور يتعلّق ببناء الإنسان: «ثمة معماريون يفوقونني مهارةً؛ هم المخوّلون بالحجر. يعنيني البشر، وكيف ننتظم بوصفنا فنانين في المهجر لنقدّم المساعدة. أتطلّع إلى تجارب دول، منها ألمانيا بعد الحرب، تحوّلت اقتصادات كبرى من عمق بحيرات الدم. ماذا ينقصنا لنقتدي؟ ما المطلوب لننهض بالبلد؟».

قد يتطلَّب التصميم أشهراً من الحفر والتلوين (موقع الفنان الإلكتروني)

كان لا يزال في الثلاثين حين صمَّم ناطحة سحاب في أميركا من 60 طابقاً. اتّهمه أصدقاء بالجنون لتخلّيه عن المهنة من أجل الشغف: «لم يتفهّموا حاجتي إلى أن أكون فناناً على الملأ. الفنّ شكَّل طريقي. فضّلته على ممارسة الوظيفة. لطالما عبَّر عن مراحل وتحوّلات مصيرية عاشها بلدي والمنطقة. بديهيٌّ أن يمسّه التغيير الحاصل في سوريا. ذلك يحدُث من خارج تصميمي وإرادتي. الفنّ مرآتي. الحقيبة هذه المرة ستعيد إعمار الإنسان والأرض. ستكون حقيبة عودة. جميعنا سنعود».

الحقيبة تحمل المشاعر وداخلها لا يقتصر على الملابس والحاجات (موقع الفنان الإلكتروني)

يحاول تخيُّل لحظة الرجوع ومسار زراعة الأمل. يقول إنه يمضي ساعات خلال الليل في تصفّح فيديوهات وصور عن سوريا، والحلم باللقاء المُنتظر. المفارقة أنّ شكل هذا اللقاء يتراءى له على هيئة فردية: «أجدني أصلُ إلى الشام وحيداً. أستقلّ سيارة أجرة ولا أُخبر عائلتي وأصدقائي. أريد البلد كلّه لي؛ يعانقني وأعانقه، فأتقاسم المعاناة مع مَن أمضوا 50 عاماً مثلاً في الغربة. أتخيّلني في فندق، وحيداً، لا أسمع ترحيب الأحبّة وصيحة (أبو حميد، متى عدت؟). أريد عودةً من دون تشتُّت. ثم بعد أسبوعين أو 3، أصرخُ بملء الصوت: أنا هنا. أخيراً عانقتُ سوريا».