ورحل آخر المغنين العظام! رحل المغني الذي وصفه فرانك سيناترا بأنه الأفضل، وسجل اسمه أحد أهم المطربين الرومانسيين في العالم متميزاً بعذوبة صوته وقوة أدائه. توني بينيت الذي توفي اليوم لا يحتاج لمن يُعرّف عنه، صوته لف العالم وجاب الكرة الأرضية عبر الأسطوانات والأفلام والتليفزيون، أدى أغنيات شهيرة منحها اللمسة المخملية، وجعلها تنساب بنعومة وعذوبة لوجدان المستمعين، لتترك بصمتها الخاصة الأبدية. في عمر الـ96 رحل بينيت بعد أن عاصر أجيالاً وأجيالاً من الفنانين والمغنين والرؤساء، قدم دويتوهات مع أطياف من المغنين، بدءاً من فرانك سيناترا إلى ليدي غاغا، أبدع وحلق بأغنياته، وباع ملايين الأسطوانات خلال مشواره الثري والطويل جملها بالفوز بـ20 جائزة غرامي، آخرها تكريمية في 2022.
ارتبط توني بينيت بالمغنين العاطفيين أمثال فرانك سيناترا ودين مارتن وآندي ويليامز، وأطلق ألبومه الأول عام 1952، وهو في منتصف العشرينيات من العمر، وحاز أول جائزة غرامي في عام 1962 عن أغنيته الشهيرة «تركت قلبي في سان فرانسيسكو» (آي ليفت ماي هارت إن سان فرانسيسكو).
لم يتوقف توني بينيت عن الغناء، ولم يوقفه مرض ألزهايمر عن الغناء حين أصيب به في عام 2016 ولم يؤثر المرض في شخصيته ونظرته الإيجابية للحياة، وعبّر عن ذلك على أحد مواقع التواصل الاجتماعي حيث كتب «الحياة هدية... حتى مع ألزهايمر». واحتفل بهدية الحياة حتى آخر نفس. لا يكاد يوجد مثال في العالم لهكذا فنان، استمر في الغناء، وبث حب الحياة في جمهوره، غنى مع العمالقة سيناترا ودين مارتن، وغنى مع بول مكارتني ومايكل بوبليه وليدي جاجا وإيمي واينهاوس، أطرب الكبار والصغار وترك أثره في أجيال متتابعة. قال عنه سيناترا في عام 1965 في مقابلة صحفية بأنه «أفضل مغنٍ في المجال. يحمسني توني حين أشاهده، يحركني. هو المغني الذي ينقل ما يفكر به الملحن وأحياناً يتجاوز ذلك». إطراء سيناترا لبينيت غيّر حياة المغني الشاب الذي صرح في إحدى المقابلات بأنه يدين بنجاحه لسيناترا، وقال: «لقد غيّر حياتي. كنت مشهوراً على نحو متواضع، ثم وصفني فرانك بأني أفضل من سمع، ومنذ ذلك الوقت أصبحت كل حفلاتي كاملة العدد».
لم يكن سيناترا وحده من عدّه توني بينيت مغنياً مهماً، فقد صرحت المغنية والممثلة الأميركية جودي غارلند عنه بأنه «أعظم مغن في العالم». برز توني بينيت لأول مرة في الخمسينات من القرن الماضي بعدد من أغاني البوب التجارية الناجحة. سرعان ما طور أسلوبه الموسيقي، وتوسع في مجالات موسيقية أخرى. في السبعينات تراجعت شعبيته قليلاً، ثم عادت في الثمانينات والتسعينات، وتسبب التعاون مع ليدي جاجا في إنعاش جماهيريته، حيث أصدر ألبومين هما «لاف فور سايل» (حب للبيع) و«تشيك تو تشيك» (خداً بخد)، مستقطباً جمهوراً من الفئات الشابة. في عام 2008، تحدث بينيت عن عودته، قائلاً إنه لم يُفَاجَأُ بها. عزا نجاحه إلى جودة موسيقاه، قائلاً إن «الموسيقى الجيدة هي موسيقى جيدة». كما قال إنه يغني «أغاني جيدة، أغاني رائعة، كتبها أفضل كتاب الأغاني». في عام 2014 وهو في عمر 88 عاماً، أصبح بينيت أكبر شخص سناً تتصدّر مجموعة موسيقية له قائمة الألبومات الأميركية الأكثر مبيعاً، احتفل بينيت بعيد ميلاده التسعين من خلال حفلة زاخرة بالنجوم في قاعة «راديو سيتي ميوزيك هال» في نيويورك.
وأجرى جولات غنائية في عقده الأخير شملت محطات عدة في الولايات المتحدة وأوروبا، أطل خلالها للمرة الأخيرة أمام الجمهور في نيو جيرسي في 11 مارس (آذار) 2020 قبيل بدء جائحة «كوفيد». وبُعيد ذلك، كشف بينيت أن الأطباء شخصوا إصابته بمرض ألزهايمر سنة 2016، وقد تكتّم عن الموضوع لسنوات. وفضلاً عن سجله الفني الحافل بالنجاحات على مدى أكثر من 7 عقود، عُرف بينيت أيضاً بمواقفه المناهضة للعنصرية والحروب. بينيت، واسمه الحقيقي أنتوني دومينيك بينيديتو، تزوج ثلاث مرات، وله أربعة أبناء، بينهم أنتونيا بينيت التي سارت على خطى والدها في غناء البوب والجاز.
النجوم يرثون توني بينيت
امتلأت وسائل التواصل الاجتماعي بكلمات رثاء وتقدير لتوني بينيت، وبادر النجوم الذي سنحت لهم الفرصة للغناء معه بالإشادة بحياته ومشواره الفني.
قال عنه السير إلتون جون:
«حزين جداً لسماع خبر وفاة توني. بدون شك أرقى مغنٍ ورجل ومؤد يمكنك رؤيته. لن يحل محله أحد، لقد أحببته وأعجبت به كثيراً».
السيدة الأولى السابقة هيلاري كلينتون، كتبت على «تويتر»، أن توني بينيت كان «موهبة حقيقية، جنتلمان حقيقي وصديق حقيقي. سوف نفتقدك توني، شكراً على كل الذكريات».
A true talent, a true gentleman, and a true friend.We’ll miss you, Tony, and thanks for all the memories. pic.twitter.com/hp8iKwLpu9
— Hillary Clinton (@HillaryClinton) July 21, 2023
أما بطل مسلسل «ستار تريك» الممثل جورج تاكي، فقد قال: «توني بينيت كان من طراز وحده، قد يكون ترك قلبه في سان فرانسيسكو (أغنيته الشهيرة) لكنه فاز بقلوبنا كلنا. ارقد بسلام وأطربنا من جوار النجوم توني».