ضمن حرب السعودية على المخدرات... تشديد على دور الأسرة في تحصين المجتمع من الآفة

63 % ممن يتعاطون المخدرات في السعودية اعتقدوا أنها تحل المشكلات

شدّد خبراء في علم الاجتماع ومكافحة المخدرات على أهمية دور الأسرة في تحصين المجتمع من آفة المخدرات وشرورها (مجلس شؤون الأسرة)
شدّد خبراء في علم الاجتماع ومكافحة المخدرات على أهمية دور الأسرة في تحصين المجتمع من آفة المخدرات وشرورها (مجلس شؤون الأسرة)
TT

ضمن حرب السعودية على المخدرات... تشديد على دور الأسرة في تحصين المجتمع من الآفة

شدّد خبراء في علم الاجتماع ومكافحة المخدرات على أهمية دور الأسرة في تحصين المجتمع من آفة المخدرات وشرورها (مجلس شؤون الأسرة)
شدّد خبراء في علم الاجتماع ومكافحة المخدرات على أهمية دور الأسرة في تحصين المجتمع من آفة المخدرات وشرورها (مجلس شؤون الأسرة)

شدّد خبراء في علم الاجتماع ومكافحة المخدرات على أهمية دور الأسرة في تحصين المجتمع من آفة المخدرات وشرورها، وتوعية الفئات الأكثر عرضة للتورط في الإدمان، داعين إلى ضرورة تقديم الدعم للأسر وزيادة الوعي بمسؤوليتهم الاجتماعية في تنشئة الأبناء بطريقة سليمة وبناء شخصيات سويّة لتجنب الوقوع في حبائل الإدمان والتورط في آفة المخدرات.

جاء ذلك خلال الملتقى التوعوي الذي نظّمه مجلس شؤون الأسرة في السعودية الاثنين، تحت عنوان «أسرة واعية بلا مخدرات»، تزامناً مع الحملة الواسعة التي أطلقتها السعودية لمواجهة المخدرات، وشارك فيه خبراء في علم الاجتماع ومتخصصون في علاج الإدمان ومنسوبي مركز المشروع الوطني للوقاية من المخدرات (نبراس).

 

الملتقى التوعوي شارك فيه خبراء في علم الاجتماع ومتخصصون في علاج الإدمان ومنسوبي مركز المشروع الوطني للوقاية من المخدرات (مجلس شؤون الأسرة)

وقالت الدكتورة ميمونة آل خليل، الأمين العام لمجلس شؤون الأسرة: إن مواجهة هذه الآفة الخطيرة لا تقتصر على المكافحة الأمنية، بل إن مواجهة ظاهرة المخدرات تتطلب عمليات تنسيق وتخطيط وانسجام بين كل مؤسسات المجتمع، وعلى مختلف المستويات، من أجل مواجهة متفوقة لصالح المجتمع.

 

وأشارت آل خليل إلى أن ظـاهرة تعاطي المخدرات وبقية المؤثرات العقلية، هـي ظاهرة سلوكية بشرية سلبية خطيرة على الفرد والمجتمع والأسرة، وأن المعايير الدولية للوقاية من تعاطي المخدرات توصي بتعزيز خيارات الوقاية والعلاج، إلى جانب دعم الأسر في التعامل مع الوضع بسبل عدة، من بينها التدريب على المهارات الوالدية، ووضع نظم وطنية للوقاية من المخدرات، وإيصال رسائل توعوية إلى الأطفال في أبكر وقت ممكن من مراحل نموهم، والتركيز على بناء القدرة على الصمود لمساعدة أطفال اليوم على النمو ليصبحوا مراهقين أصحاء في الغد.

 

وأكدت أمين مجلس شؤون الأسرة، أن الوقاية من تعاطي المخدرات، تتطلب من المجتمع ومن المؤسسات ذات العلاقة، أن تعمل على بناء وعي مجتمعي ووعي فردي شامل وعميق بخطر تعاطي المخدرات، وأن إقامة مثل هذا الملتقى تأتي لمواءمة الجهود المبذولة من قبل الجهات المعنية في جميع القطاعات (الحكومية والخاصة وغير الربحية) لمواجهة هذا التحدي القائم، ولدعم جهود التثقيف والتوعية الموجهة للأسر.

 

اللحيدان: الأفكار المغلوطة يستمر تأثيرها منذ التجربة الأولى وحتى مرحلة العلاج (مجلس شؤون الأسرة)

 

الأفكار المغلوطة مصيدة الإدمان

من جهته، قال الدكتور سليمان اللحيدان، مدير إدارة الدارسات والمعلومات في اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات: إن الأفكار المغلوطة تمثل مصيدة الإدمان، وإن تلك الأفكار يستمر تأثيرها منذ التجربة الأولى وحتى مرحلة العلاج، ويطال تأثيرها الفرد والأسرة على حد سواء، وتمس كل نواحي مشكلة الإدمان.

وأشار اللحيدان إلى أن الأفكار المغلوطة قادت البعض من المتعافين للانتكاسة من جديد، مستشهداً بدراسة علمية أجريت في 2020، حول أفكار مغلوطة تسببت في تورط العديد من الأفراد في الإدمان، ومن تلك الأفكار أن مادة معينة لا تسبب إدماناً، أو تجلب السعادة، وتساعد في تخفيف الضغوط، لافتاً إلى أن الدراسة التي أجرتها اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات كشفت عن أن 63 في المائة ممن يتعاطون المخدرات اعتقدوا أنها تحل المشكلات.

ودعا اللحيدان إلى تكثيف العمل والتعاون بين الجهات المسؤولة لتحصين الأسرة والمجتمع في مواجهة هذه الأفكار، مشيراً إلى أن البرامج الوقائية الدولية تؤكد على تقديم برامج ملائمة لكل مرحلة عمرية، وتعزيز الشخصية السويّة لكل فرد، بوصفها الطريقة المثلى لمواجهة الأفكار المغلوطة.

 

تستمر الحرب الضاربة التي تخوضها السعودية للحدّ من آفة المخدرات وأضرارها على المجتمع (وزارة الداخلية)

 

1.2 % من سكان العالم تعاطوا المؤثرات الأفيونية في 2020

وتمثّل مشكلة الإدمان معضلة عالمية، تواجه الدول كافة وتهدد سلم المجتمعات وأمنها الأهلي، وتشير تقارير الأمم المتحدة ونتائج مسوح تعاطي المؤثرات العقلية التـي تجرى في العديـد مـن دول العـالم إلـى وجود تزايد خلال الثلاثين سـنة الماضية فـي مسـتوى انتشـار تعـاطي المخدرات والمؤثرات العقليـة بـين صغار السـن حـول العالم؛ إذ يبـدأون تعاطيها فـي سـن مبكرة تتـراوح مـا بـين سـن 13 وتصل إلى سن 22 من العمر.

 

وبحسب تقرير المخدرات العالمي 2022 الصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة ومنظمة الصحة العالمية، يُقدّر عدد من تعاطوا المؤثرات الأفيونية في عام 2020، بـ61 مليون شخص، أي ما يمثل 1.2 في المائة من سكان العالم، يقيم نصفهم في جنوب آسيا وجنوب غرب آسيا، بينما يهيمن الكبتاغون على الشرقين الأدنى والأوسط، وتشير الإفادات إلى أن تعاطي الميثامفيتامين وأقراص الكبتاغون آخذ في الازدياد في جنوب غرب آسيا ومنطقة الخليج، ويستخدمها الشباب أكثر من البالغين.

 

وفي السعودية، أشارت نتائج دراسة أجريت عام 2022، إلى أن هناك أربع مجموعات من المواد الأكثر انتشاراً وخطراً في المجتمع السعودي، على رأسها الحشيش (86.9 في المائة) ثم الكبتاغون (86.4 في المائة) ثم الشبو (80.5 في المائة)، وأن أكثر الفئات عرضة للتعاطي هم أبناء الأسر المفككة وبلغت نسبتهم (87.3 في المائة)، وأن من أهم العوامل المؤدية إلى التعاطي كما أشار الخبراء والمختصون هي ضعف الرقابة الأسرية وبلغت نسبتها (88.8 في المائة).

 

 

حملة السعودية مستمرة ضد المخدرات ومروجيها

وتستمر الحرب الضاربة التي تخوضها السعودية للحدّ من آفة المخدرات وأضرارها على المجتمع، في مختلف مدن السعودية ومناطقها، وقد أسفرت منذ انطلاقها عن القبض على عشرات المتهمين بترويج الآفة الخطرة، ومداهمة أوكار الترويج، وإحباط محاولات تهريب الملايين من المواد المخدرة قبل وصولها إلى منافذ السعودية في أشكال مختلفة من التمويه والتستر.

وترصد المشاهد والأخبار والبيانات التي تنشرها الجهات الأمنية في السعودية، جوانب من نجاح السعودية في ملاحقة المجرمين، ومداهمة الأوكار التي تُستخدم لترويج المخدرات، وتنفيذ حملات أمنية يومية وأسبوعية في جميع أنحاء البلاد، أسهمت في القبض على أعداد كبيرة من المروجين والمتعاطين، وحققت نتائج ضخمة بإحباطها كميات مليونية من المخدرات، والضرب بيد من حديد لمنع وصول الملايين من المواد التي كانت في طريقها إلى داخل المملكة.

وتكشف الأعداد المليونية التي تمكنت الجهات الأمنية السعودية من ضبطها عبر المنافذ وداخل المدن السعودية، عن استهداف ممنهج تتعرض له السعودية لإيقاع المجتمع والفئات الأكثر عرضة للاستغلال في حبائل آفة المخدرات، وتتابع المديرية العامة لمكافحة المخدرات في السعودية في إعلان المضبوطات بشفافية وبشكل مستمر، في إطار الحملة الواسعة التي تخوضها ضد المخدرات.


مقالات ذات صلة

توقيف «بلوغر» مصرية لحيازتها مخدرات يجدّد أزمات صانعات المحتوى

يوميات الشرق «البلوغر» والمذيعة المصرية داليا فؤاد بقبضة الشرطة (صفحتها في «فيسبوك»)

توقيف «بلوغر» مصرية لحيازتها مخدرات يجدّد أزمات صانعات المحتوى

جدَّدت واقعة توقيف «بلوغر» أزمات صانعات المحتوى في مصر، وتصدَّرت أنباء القبض على داليا فؤاد «التريند» عبر «غوغل» و«إكس».

محمد الكفراوي (القاهرة )
أوروبا ساحة بلازا دي كولون في إسبانيا (رويترز)

إسبانيا: العثور على 20 مليون يورو مخبأة بجدران منزل رئيس مكافحة الاحتيال السابق

اعتقلت السلطات الإسبانية الرئيس السابق لقسم مكافحة الاحتيال وغسل الأموال في الشرطة الوطنية الإسبانية، بعد العثور على 20 مليون يورو مخبَّأة داخل جدران منزله.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
أوروبا الأميركي روبرت وودلاند داخل قفص المحكمة (أ.ب)

رفض استئناف أميركي مدان بتهريب المخدرات في روسيا

تتهم واشنطن موسكو باستهداف مواطنيها واستخدامهم أوراق مساومة سياسية، بيد أن المسؤولين الروس يصرون على أن هؤلاء جميعاً انتهكوا القانون.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
المشرق العربي كميات كبيرة من حبوب الكبتاغون صودرت شمال غربي سوريا أبريل 2022 (أ.ف.ب)

دمشق ترفع وتيرة القبض على شبكات ترويج المخدرات

تشهد سوريا ارتفاعاً ملحوظاً في نشاط حملة مكافحة المخدرات التي تشنّها الحكومة على شبكات ترويج وتعاطي المخدرات في البلاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي جنود من الجيش الأردني عند نقطة حدودية (أرشيفية - أ.ف.ب)

مقتل مهرب مخدرات في اشتباك مع حرس الحدود الأردني

قُتل مهرب مخدرات على الحدود الأردنية السورية في اشتباك بين حرس الحدود الأردني ومجموعة من مهربي المخدرات حاولوا التسلل إلى أراضي المملكة، اليوم الأحد.

«الشرق الأوسط» (عمان)

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
TT

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)

وجدت دراسة جديدة، أجراها فريق من الباحثين في كلية الطب بجامعة نورث وسترن الأميركية، أن الأجزاء الأكثر تطوراً وتقدماً في الدماغ البشري الداعمة للتفاعلات الاجتماعية -تسمى بالشبكة المعرفية الاجتماعية- متصلة بجزء قديم من الدماغ يسمى اللوزة، وهي على اتصال باستمرار مع تلك الشبكة.

يشار إلى اللوزة تُعرف أيضاً باسم «دماغ السحلية»، ومن الأمثلة الكلاسيكية لنشاطها الاستجابة الفسيولوجية والعاطفية لشخص يرى أفعى؛ حيث يصاب بالذعر، ويشعر بتسارع ضربات القلب، وتعرّق راحة اليد.

لكن الباحثين قالوا إن اللوزة تفعل أشياء أخرى أكثر تأثيراً في حياتنا.

ومن ذلك ما نمر به أحياناً عند لقاء بعض الأصدقاء، فبعد لحظات من مغادرة لقاء مع الأصدقاء، يمتلئ دماغك فجأة بأفكار تتداخل معاً حول ما كان يُفكر فيه الآخرون عنك: «هل يعتقدون أنني تحدثت كثيراً؟»، «هل أزعجتهم نكاتي؟»، «هل كانوا يقضون وقتاً ممتعاً من غيري؟»، إنها مشاعر القلق والمخاوف نفسها، ولكن في إطار اجتماعي.

وهو ما علّق عليه رودريغو براغا، الأستاذ المساعد في علم الأعصاب بكلية فاينبرغ للطب، جامعة نورث وسترن، قائلاً: «نقضي كثيراً من الوقت في التساؤل، ما الذي يشعر به هذا الشخص، أو يفكر فيه؟ هل قلت شيئاً أزعجه؟».

وأوضح في بيان صحافي صادر الجمعة: «أن الأجزاء التي تسمح لنا بالقيام بذلك توجد في مناطق الدماغ البشري، التي توسعت مؤخراً عبر مسيرة تطورنا البشري. في الأساس، أنت تضع نفسك في عقل شخص آخر، وتستنتج ما يفكر فيه، في حين لا يمكنك معرفة ذلك حقّاً».

ووفق نتائج الدراسة الجديدة، التي نُشرت الجمعة في مجلة «ساينس أدفانسز»، فإن اللوزة الدماغية، بداخلها جزء محدد يُسمى النواة الوسطى، وهو مهم جدّاً للسلوكيات الاجتماعية.

كانت هذه الدراسة هي الأولى التي أظهرت أن النواة الوسطى للوزة الدماغية متصلة بمناطق الشبكة المعرفية الاجتماعية التي تشارك في التفكير في الآخرين.

لم يكن هذا ممكناً إلا بفضل التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)، وهي تقنية تصوير دماغ غير جراحية، تقيس نشاط الدماغ من خلال اكتشاف التغيرات في مستويات الأكسجين في الدم.

وقد مكّنت هذه المسوحات عالية الدقة العلماء من رؤية تفاصيل الشبكة المعرفية الاجتماعية التي لم يتم اكتشافها مطلقاً في مسوحات الدماغ ذات الدقة المنخفضة.

ويساعد هذا الارتباط باللوزة الدماغية في تشكيل وظيفة الشبكة المعرفية الاجتماعية من خلال منحها إمكانية الوصول إلى دور اللوزة الدماغية في معالجة مشاعرنا ومخاوفنا عاطفياً.

قالت دونيسا إدموندز، مرشح الدكتوراه في علم الأعصاب بمختبر «براغا» في نورث وسترن: «من أكثر الأشياء إثارة هو أننا تمكنا من تحديد مناطق الشبكة التي لم نتمكن من رؤيتها من قبل».

وأضافت أن «القلق والاكتئاب ينطويان على فرط نشاط اللوزة الدماغية، الذي يمكن أن يسهم في الاستجابات العاطفية المفرطة وضعف التنظيم العاطفي».

وأوضحت: «من خلال معرفتنا بأن اللوزة الدماغية متصلة بمناطق أخرى من الدماغ، ربما بعضها أقرب إلى الجمجمة، ما يسهل معه استهدافها، يمكن لتقنيات التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة استهداف اللوزة الدماغية، ومن ثم الحد من هذا النشاط وإحداث تأثير إيجابي فيما يتعلق بالاستجابات المفرطة لمشاعر الخوف والقلق».