انطلاق مهرجان «ميزان» السينمائي عن الجرائم السياسية

في نسخته الأولى يغيب عنه لبنان

مسك ختام المهرجان سيكون مع فيلم «زد» (مؤسسة لقمان سليم)
مسك ختام المهرجان سيكون مع فيلم «زد» (مؤسسة لقمان سليم)
TT

انطلاق مهرجان «ميزان» السينمائي عن الجرائم السياسية

مسك ختام المهرجان سيكون مع فيلم «زد» (مؤسسة لقمان سليم)
مسك ختام المهرجان سيكون مع فيلم «زد» (مؤسسة لقمان سليم)

لم يشهد لبنان مهرجاناً سينمائياً تتناول موضوعاته الجريمة السياسية. ومع انطلاق مهرجان «ميزان» السينمائي مساء الاثنين 17 الحالي، سُجِّلت سابقة في مجال المهرجانات الملتزمة بقضايا حقوق الإنسان. ويعرض المهرجان 5 أفلام وثائقية في مركز «مينا» للصورة مفتتحاً نسخته الأولى.

المهرجان من تنظيم «مؤسسة لقمان سليم» بالتعاون مع مركز «مينا» للصورة في بيروت. وافتتح فعالياته مع فيلم «مشروع كارتل» للمخرج الفرنسي جول جيرودا. ويحكي عن مسألة تصفية الصحافيين الاستقصائيين في المكسيك، التي شهدت اغتيال نحو 200 إعلامي خلال العقدين الأخيرين. ويندرج الفيلم ضمن مشروع «القصص المحظورة» لشركة إنتاج فرنسية تحمل الاسم نفسه. ويتناول قصة الصحافية المكسيكية رجينا مارتينيز حين يحاول عدد من زملائها فك لغز مقتلها واستكمال مسار التحقيقات بشأنه.

بوستر مهرجان «ميزان» السينمائي (مؤسسة لقمان سليم)

وفي اليوم الثاني للمهرجان، أي في 18 يوليو (تموز) الحالي، سيُعرض فيلمان سينمائيان، يعنيان بمسألة قلّما جرى التطرق إليها وهي القتل السياسي للنساء في لبنان ومنطقة الشرق الأوسط. وتُفتتح هذه الأمسية بفيلم «رسالة إلى أختي» للمخرجة الجزائرية حبيبة جحنين، تروي فيه قصة أختها نبيلة المناضلة اليسارية النسوية.

ويليه عرض فيلم «مالطا باسم دافني» لجول جيرودا، يعرض للمرة الأولى في لبنان؛ ويحكي عن اغتيال الصحافية المالطية دافني كاروانا غاليزيا التي قضت في عام 2017 بانفجار مفخخ، وترك مقتلها أثره الكبير عند الرأي العام الأوروبي. وقد كشفت قبيل مقتلها عن قضايا فساد طالت مسؤولين كباراً.

المهرجان تستضيفه بيروت وتدور موضوعاته حول الجريمة السياسية. ورغم أن لبنان شهد مجموعة منها على مر تاريخه فإنه يغيب عنه مشاركة. وتوضح هنا جابر المديرة التنفيذية لمؤسسة لقمان سليم المنظمة للمهرجان: «هذا صحيح وقد حاولنا أن نجد هذا النوع من الأفلام اللبنانية ولكننا لم نوفق. في المقابل هناك روايات كثيرة تحكي عن موضوعات من هذا النوع. كـ(اعترافات كاتم صوت) للأردني مؤنس رزاز. وهناك فيلم لرندة شهال تتناول فيه محاولة اغتيال أنطوان لحد».

مشهد من فيلم «مشروع كارتل» المشارك في مهرجان «ميزان» (مؤسسة لقمان سليم)

وتتابع جابر لـ«الشرق الأوسط» أن هذا المهرجان يأتي ليخرج إلى العلن الكتمان والحزن العائليين المغلغلين في مجتمعاتنا من جراء جرائم مماثلة. «إننا نعاني منها منذ عقود طويلة من دون أن ننتبه إلى أي مدى أسهمت هذه المشاعر المكتومة في تفكك مجتمعاتنا». وتضيف: «نحن في مؤسسة لقمان سليم هدفنا أن نلعب إلى حد ما دور الدولة في تنبيه مجتمعاتنا من هذه الجرائم. فبذلك نجعل المجتمعات المعنية بالاغتيالات تذكّر بهذه الممارسات، فتولد تعويضاً عن الحياة الديمقراطية، خصوصاً أن السينما تشكل أحد البدائل التي بإمكانها أن توصل الرسائل المطلوبة. فبواسطة الصور والتوثيق الدرامي والتسجيلي نُسهم في نشر هذه التوعية. ويمكنها أن تشمل فئات مختلفة قد لا يكون لديها صبر التحليل والتعمق في أمور معقدة».

وتؤكد جابر أن «مؤسسة لقمان سليم» التثقيفية توثق كل ما يتعلق بالجرائم السياسية من محلية وعالمية وعربية. وأن لديها «ويب سايت» يعرض مجموعة أفلام عن الاغتيالات السياسية. فالموضوع هو جديد وتكمن فرادة هذا المهرجان ليس بتناول الاغتيالات والتحدث عنها فقط. ولذلك وضعت وصفاً موحداً لممارسات مشرذمة تحت سقف واحد ألا وهو السينما.

وعن اختيار لائحة الأفلام المشاركة في المهرجان توضح جابر لـ«الشرق الأوسط»: «جمعنا لائحة طويلة من الأفلام ومنها اخترنا 5 أفلام أعتقد أنها كافية للنسخة الأولى من مهرجان (ميزان)».

وتجدر الإشارة أن إطلاق المهرجان تزامن مع اليوم العالمي للعدالة الدولية الواقع في 17 يوليو من كل عام. وسيقام بموازاة عروض الأفلام نقاشات وحوارات حول دور السينما بمكافحة ثقافة الاغتيال. وتشارك فيها منصة «درج» ورئيستها الإعلامية ديانا مقلد، إضافة إلى هيثم شمص مدير مهرجان «كرامة بيروت وحقوق الإنسان». وسيقام نقاش يتطرق إلى مسألة استهداف النساء وكيفية مقاربتها.

عمر أميرالاي أثناء تصوير فيلمه عن ميشال سورا (مؤسسة لقمان سليم)

وفي نهاية المهرجان في 19 يوليو سيُعرض فيلمان. أولهما تحت عنوان «في يوم من أيام العنف العاديّ، صديقي ميشال سورا» (1996) الذي أنجزَه المخرجُ السوري الراحل عمر أميرالاي بعد 10 سنوات من إعلانِ مقتلِ الباحثِ الفرنسي.

ويُشكّل الفيلم وثيقة تاريخيّة وسينمائيّة تتجسّد فيها قدرة المخرج على استنباط سرد سينمائي يفرض جماليّته الخاصّة في موضوع بالغ القسوة.

ويلي العرض حوار في سينما أميرالاي يلامس حقبة الثمانينات في لبنان وما شهدته من اغتيالات سياسيّة.

أما ختام مهرجان «ميزان» السينمائي فسيكون مع فيلم ترك بصمة خاصَّة في نمط أفلام الجريمة السياسيّة وهو فيلم «زِد» (1969) للمخرج الفرنسي من أصل يوناني كوستا غافراس، الحائز على جائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي في حينه. وهو استعادة دراميّة للأحداث المحيطة بمقتل السياسي اليوناني غريغوريس لامبراكيس، الذي اغتالَه اليمين المتطرّف عام 1963. وقد نُفّذ هذا المشروع بدعمٍ من وزارة الخارجية الألمانيّة (معهد IFA) وبرنامج «زيفيك».


مقالات ذات صلة

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

يوميات الشرق هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

عدّت المخرجة السعودية هند الفهاد مشاركتها في لجنة تحكيم مسابقة «آفاق السينما العربية» بمهرجان القاهرة السينمائي بدورته الـ45 «تشريفاً تعتز به».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق «أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم اللبناني في فخّ «الميلودراما».

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

أثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعاليات المهرجان.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )

زافين قيومجيان في برنامج «شو قولك» ينقل رؤية جيل الغد

برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)
برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)
TT

زافين قيومجيان في برنامج «شو قولك» ينقل رؤية جيل الغد

برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)
برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)

في حوارات جدّية تتّسم بالموضوعية وبمساحة تعبير حرّة يطالعنا الإعلامي زافين قيومجيان ببرنامجه التلفزيوني «شو قولك» وعبر شاشة «الجديد» ينقل للمشاهد رؤية جيل الشباب لمستقبل أفضل للبنان.

ويأتي هذا البرنامج ضمن «مبادرة مناظرة» الدّولية التي تقوم على مبدأ محاورة أجيال الشباب والوقوف على آرائهم. اختيار الإعلامي زافين مقدّماً ومشرفاً على البرنامج يعود لتراكم تجاربه الإعلامية مع المراهقين والشباب. فمنذ بداياته حرص في برنامجه «سيرة وانفتحت» على إعطاء هذه الفئة العمرية مساحة تعبير حرّة. ومنذ عام 2001 حتى اليوم أعدّ ملفات وبرامج حولهم. واطّلع عن كثب على هواجسهم وهمومهم.

يرتكز «شو قولك» على موضوع رئيسي يُتناول في كل حلقة من حلقات البرنامج. وينقسم المشاركون الشباب إلى فئتين مع وضد الموضوع المطروح. ومع ضيفين معروفَين تأخذ الحوارات منحى موضوعياً. فيُتاح المجال بين الطرفين للنقاش والتعبير. وبتعليقات قصيرة وسريعة لا تتجاوز الـ90 ثانية يُعطي كل فريق رأيه، فتُطرح سلبيات وإيجابيات مشروع معيّن مقترح من قبلهم. وتتوزّع على فقرات محدّدة تشمل أسئلة مباشرة وأخرى من قبل المشاهدين. ولتنتهي بفقرة الخطاب الختامي التي توجز نتيجة النقاشات التي جرى تداولها.

ويوضح قيومجيان لـ«الشرق الأوسط»: «يهدف البرنامج إلى خلق مساحة حوار مريحة للشباب. ومهمتي أن أدير هذا الحوار بعيداً عن التوتر. فلا نلهث وراء الـ(تريند) أو ما يُعرف بالـ(رايتينغ) لتحقيق نسبِ مشاهدة عالية. وبذلك نحوّل اهتمامنا من محطة إثارة إلى محطة عقل بامتياز».

تجري مسبقاً التمرينات واختيار الموضوعات المُراد مناقشتها من قبل الشباب المشاركين. فالبرنامج يقوم على ثقافة الحوار ضمن ورشة «صنّاع الرأي»؛ وهم مجموعات شبابية يخضعون سنوياً لتمارين تتعلّق بأسلوب الحوار وقواعده. ويطّلعون على كلّ ما يتعلّق به من براهين وحجج وأخبار مزيفة وغيرها. فيتسلّحون من خلالها بقدرة على الحوار الشامل والمفيد. ويوضح زافين: «عندما يُختار موضوع الحلقة يجري التصويت لاختيار المشتركين. وبعد تأمين الفريقين، يلتقي أفرادهما بضيفي البرنامج. ومهمتهما دعم الشباب والوقوف على آرائهم. ونحرص على أن يكونا منفتحين تجاه هذا الجيل. فأهمية البرنامج تتمثل في التوفيق بين المشتركين بمستوى واحد. ولذلك نرى الضيفين لا يتصدران المشهدية. وهي عادة متّبعة من قبل المبادرة للإشارة إلى أن الشباب هم نجوم الحلقة وليس العكس».

يمثّل المشاركون من الشباب في «شو قولك» عيّنة عن مجتمع لبناني ملوّن بجميع أطيافه. أما دور زافين فيكمن في حياديته خلال إدارة الحوار. ولذلك تختار المبادرة إعلاميين مخضرمين لإنجاز هذه المهمة.

طبيعة الموضوعات التي تُثيرها كلّ مناظرة حالياً ترتبط بالحرب الدائرة في لبنان.

ويستطرد زافين: «عادة ما تُناقش هذه المناظرات موضوعات كلاسيكية تهمّ الشباب، من بينها الانتحار والموت الرحيم، ولكن هذه الاهتمامات تقلّ عند بروز حدث معيّن. فنحاول مواكبته كما يحصل اليوم في الحرب الدائرة في لبنان».

ضرورة فتح مطار ثانٍ في لبنان شكّل عنوان الحلقة الأولى من البرنامج. وتناولت الحلقة الثانية خدمة العلم.

ينتقد قيومجيان أسلوب بعض المحاورين على الشاشات (زافين قيومجيان)

«شيخ الشباب» كما يحبّ البعض أن يناديه، يرى زافين أن مهمته ليست سهلةً كما يعتقد بعضهم. «قد يُخيّل لهم أن مهمتي سهلة ويمكن لأي إعلامي القيام بها. فالشكل العام للبرنامج بمثابة فورمات متبعة عالمياً. والمطلوب أن يتقيّد بها فريق العمل بأكمله». ويستطرد: «يمكن عنونة مهمتي بـ(ضابط إيقاع) أو (قائد أوركسترا)؛ فالمطلوب مني بصفتي مقدّماً، التّحكم بمجريات الحلقة ومدتها ساعة كاملة. فالتجرّد وعدم التأثير على المشاركين فيها ضرورة. أنا شخصياً ليس لدي هاجس إبراز قدراتي وذكائي الإعلامي، والمقدم بصورة عامة لا بدّ أن ينفصل عن آرائه. وأن يكون متصالحاً مع نفسه فلا يستعرض إمكانياته. وهو أمر بتنا لا نصادفه كثيراً».

يقول زافين إن غالبية إعلاميي اليوم يتّبعون أسلوب «التشاطر» على ضيفهم. وهو أمر يبيّن عدم تمتع الإعلامي بالحرفية. ولنتمكّن من الإبقاء على هذا الأسلوب المرن لا بدّ أن نتدرّب على الأمر. وأن نملك الثقة بالنفس وهو ما يخوّلنا خلق مساحة حوار سليمة، تكون بعيدة عن الاستفزاز والتوتر وتأخذ منحى الحوار المريح».

يستمتع زافين قيومجيان بتقديم برنامجه «شو قولك»، ويقول: «أحب اكتشاف تفكير الشباب كما أني على تماس مستمر معهم من خلال تدريسي لطلاب الجامعة، وأنا أب لشابين».

يحضّر زافين قيومجيان لبرنامج جديد ينوي تقديمه قريباً عبر المحطة نفسها. ولكنه يرفض الإفصاح عن طبيعته. ويختم: «سيشكّل مفاجأة للمشاهد وأتمنى أن تعجبه».