حقق السير إلتون جون رقماً قياسياً في مهرجان «غلاستونبري» لهذا العام، ليكون الأكثر مشاهدة في تاريخه، بعدما تابع أكثر من 7 ملايين شخص البث المباشر على قناة «بي بي سي».
ورغم أنّ المغني البالغ 76 عاماً عُرف بمهاراته المميزة، لكن العديد ممن تابعوا موسيقاه طوال عقود، لاحظوا مدى تغيُّر صوته خلال مسيرته، وهذا ليس سببه فقط جراحة أجراها في الثمانينات لإزالة الزوائد اللحمية من حباله الصوتية، فالأمر يعود أيضاً إلى التقدّم في السن، كما يقول أستاذ ومدير «مركز تعلُّم التشريح السريري» في «جامعة لانكستر» البريطانية آدم تايلور، متناولاً المسألة بمقال نشره في 29 يونيو (حزيران) بموقع «ذا كونفرسيشن».
الأحبال الصوتية هي التي تُصدر الصوت، وتقع في الحنجرة، كما تُعدّ جزءاً من الجهاز التنفسي الذي يسمح للهواء بالمرور من الحلق إلى الرئتين، لكنه عندما يمرّ خارج الرئتين، وعبر الحنجرة، فإنه يتسبّب في اهتزاز الأحبال الصوتية، مما ينتج عنه صوت.
وتتكوّن الأحبال الصوتية من ثلاثة أجزاء رئيسية، هي: العضلة الصوتية، والرباط الصوتي، والغشاء المخاطي (الذي يحتوي على الغدد) لتغطيتها، وهذا يحافظ على رطوبة السطح ويحميها من التلف.
وثمة أيضاً نحو 17 عضلة أخرى في الحنجرة، يمكنها تغيير موضع الحبل الصوتي، وبالتالي تغيير الصوت الناتج.
ويرصد تايلور، في مقاله، 5 تغييرات تحدث في منطقة الحنجرة وتؤدّي إلى تغيُّر الصوت مع التقدّم في العمر؛ أولها أنه إثر السنوات، تبدأ الحنجرة في زيادة محتواها من المعادن، مما يجعلها أكثر صلابة وتشبه العظام أكثر من الغضروف. يمكن أن يبدأ هذا التغيير في وقت مبكر (الثلاثينات من العمر)، خصوصاً عند الرجال، وهذا يجعل الأحبال الصوتية أقل مرونة.
أما التغيُّر الثاني، فهو أنّ العضلات التي تسمح للأحبال الصوتية بالتحرّك، تبدأ في الضعف (كما تفعل العضلات الأخرى) مع التقدّم في العمر. وثالثاً، فإنّ الأربطة والأنسجة التي تدعم الحبال الصوتية تفقد المرونة أيضاً، فيما يرتبط التغيُّر الرابع بانخفاض في وظيفة العضلات الرئوية، مما يقلّل من قوة الهواء المنبعث من الرئتين لإصدار الصوت. أما خامساً، فينخفض عدد الغدد التي تنتج المخاط الواقي، كذلك القدرة على التحكم في الحنجرة.
تأثير نمط الحياة
في حين أنّ الحبال الصوتية تتقدم في العمر بالمعدّل عينه إلى حدٍ كبير عند معظم الناس، فإنّ العديد من عوامل نمط الحياة يمكن أن تزيد من خطر إلحاق الضرر بها، وبالتالي يمكن أن تغيّر الطريقة التي يصدر بها الصوت.
ويقول تايلور: «التدخين، على سبيل المثال، يُسبّب التهاباً موضعياً ويزيد من إنتاج المخاط، ويمكن أيضاً أن يجفّف الأسطح المخاطية. كما أنّ للكحول تأثيراً مماثلاً، وبمرور الوقت، يمكن أن تتسبّب هذه العوامل بإتلاف الأحبال الصوتية وتغيير الصوت».
ويشير إلى أنه «يمكن لبعض الأدوية التي لا تستلزم وصفة طبية، والأدوية التي تستلزم وصفة طبية أيضاً، تغيير الصوت، مثل أجهزة الاستنشاق بالستيرويد المستخدمة في علاج التهاب الحنجرة. كما قد تتسبّب مخففات الدم في إتلاف الأحبال الصوتية، ويمكن أن تتسبّب في تكوّن الزوائد اللحمية، مما يجعل الصوت خشناً أو أجشَّ، ويمكن أن تؤدّي مرخيات العضلات أيضاً إلى تهيّج الأحبال الصوتية وتلفها، بسبب الدواء الذي يسمح لحمض المعدة بالعودة إلى الحنجرة».
وينفرد المعلّمون ومدرّبو اللياقة البدنية وغيرها من المهن التي تقتضي استخدام الحنجرة كثيراً، بعامل آخر له علاقة بنمط الحياة، ويؤدّي إلى تغيير الصوت.
من هنا يقول تايلور: «يمكن أن يؤدّي الإفراط في استخدام الصوت إلى حالة غير شائعة تُسمى (وذمة رينكه)، تؤدّي إلى تضخم السوائل في الأحبال الصوتية، وبالتالي تغيير نبرة الصوت، وغالباً ما يجعلها أعمق».
يضيف: «في الحالات القصوى من (وذمة رينكه)، يلزم إجراء جراحة لتصريف السوائل، لكن في معظم الحالات، يُنصح بالراحة وتجنّب المهيجات (التدخين والكحول)».
غنِّ... اقرأ
من جانبه، يرى اختصاصي الأنف والأذن والحنجرة في وزارة الصحة المصرية محمد عزمي، أنه عند النظر في حدوث تغير كبير في صوت مطرب مع تقدّمه في السن، فيجب النظر في عوامل، منها نمط حياته والأدوية التي يتناولها، وهل أجرى جراحات أم لا... لأنّ احتراف الغناء من شأنه أن يُبطئ من التغيرات التي تحدث في الصوت.
يتابع: «على عكس المعلّمين ومدرّبي اللياقة البدنية، إلى مهن أخرى تحتاج استخدام الصوت بشكل مكثف؛ فإنّ الغناء يعطي المطرب تدريباً مستمراً بشكل غير مفرط، مما قد يساعد في الحفاظ على الجودة والقدرة الصوتية. هذا السبب قد يفسر ظهور تغيير على أصوات مطربين، في كثير من الحالات، بوتيرة أقل مع تقدّم العمر من نظرائهم الذين لا يغنّون».
يضيف أنه يمكن لمَن لا يجيد الغناء، القراءة بصوت عالٍ يومياً، فهذا من شأنه أن يمنح الأحبال الصوتية تمريناً كافياً لإبطاء تراجعها.