«كناوة وموسيقى العالم» بالصويرة المغربية... حفل يسكن مدينة

غالبية زوارها من الشباب

تبقى الصويرة المدينة التي اختارت أن تعيد كتابة تاريخها عبر الموسيقى
تبقى الصويرة المدينة التي اختارت أن تعيد كتابة تاريخها عبر الموسيقى
TT

«كناوة وموسيقى العالم» بالصويرة المغربية... حفل يسكن مدينة

تبقى الصويرة المدينة التي اختارت أن تعيد كتابة تاريخها عبر الموسيقى
تبقى الصويرة المدينة التي اختارت أن تعيد كتابة تاريخها عبر الموسيقى

بعد الأجواء الاحتفالية الممتعة التي رافقت الدورة الـ24 لمهرجان «كناوة وموسيقى العالم»، التي أسدل الستار على فعالياتها ليلة السبت، عادت الأمور إلى طبيعتها مرة أخرى لمدينة الصويرة، خصوصاً على مستوى الدينامية الاقتصادية التي ترافق فعاليات المهرجان السنوي، ودرجة الإقبال على «مدينة الرياح» بوصفها وجهة سياحية لها خصوصياتها مقارنة بمدن مغربية أخرى.

وعلى مدى الأيام الثلاثة لدورة هذه السنة، التي جاءت بعد توقف اضطراري دام 3 سنوات، ناجم عن تفشي جائحة «كورونا»، لم يخفِ الفنانون القادمون من مناطق متفرقة حول العالم وقوعهم في سحر المدينة المغربية. وهو ما عبر عنه أحد أفراد مجموعة «طبول بوروندي» أمام الآلاف من الجماهير التي احتشدت في حفل الافتتاح، بساحة مولاي الحسن، لمتابعة مزيج موسيقي، جمع هذه الفرقة القادمة من أحد بلدان أفريقيا جنوب الصحراء مع نخبة من فناني «كناوة»، بالقول: «جئنا من بلاد مناخها حار، إلى مدينة مناخها معتدل. إنها بحق بلد جميلة».

في الصويرة فقط يمكن لموسيقى «كناوة» أن تمنح الزوار والفنانين القادمين من مناطق متفرقة من حول العالم شعوراً بأنهم يكتشفون أجواء ليست غريبة على ثقافتهم وهويتهم؛ سواء أقدموا إليها من كوبا أو من الولايات المتحدة أو البرازيل، حتى بورندي وغيرها من بلدان أفريقية جنوب الصحراء. فلا يمكن لموسيقى «كناوة»، بألوانها وحكايتها، إلا أن تدفع المرء إلى التعاطف مع فنانيها والانجذاب إلى ما تحمله من سحر وتميز.

جانب مع عروض المهرجان

وفي مؤلفه «سؤال الهوية في شمال أفريقيا»، يقدم الباحث المغربي محمد الكوخي، جانباً مما تتميز به موسيقى «كناوة»، مشيراً إلى الإيقاعات الأفريقية المميزة، التي تستخدم فيها عدة آلات موسيقية، تشمل «الكنبري» أو «الهجهوج» و«الطبل» و«المزمار» و«الصنوج الحديدية»، فيما يلبس العازفون لباساً خاصاً يميزهم، يتكون عادة من ألوان فاقعة، مثل الأحمر والأزرق، ويضعون على رؤوسهم طرابيش مزخرفة بالصدف؛ فيما يترافق العزف الصاخب عادة مع أهازيج وأغانٍ مبهمة المعاني تظهر عليها بوضوح اللكنة الأفريقية عند نطق الكلمات، مع طابع حزين يمكن لمسه خلف صخب الأصوات والألوان، الذي يحيل إلى تاريخ العبودية في المنطقة والواقع القاسي التي كانت تتصف به حياة العبيد السود.

جانب من يوميات الصويرة خلال مهرجان «كناوة»

وشهد مهرجان «كناوة»، خلال دوراته السابقة، مشاركة فنانين من بلدان وقارات مختلفة، أغلبهم ينحدر من أصول أفريقية، أو ارتبط، بطريقة أو أخرى، بما تمثله هذه القارة، ليجدوا في هذا الموعد الفني لحظة حوار موسيقي فريد من نوعه، بعمق إنساني دافئ.

ويحتفظ سجل التظاهرة بعشرات الشهادات التي تؤكد قيمه. يكتب الأرميني لتيكران هماسيان: «هذا المهرجان مذهل، الجو العام مميز، الموسيقى في كل مكان. الموسيقى الكناوية رائعة». أما الفنان المالي ساليف كيتا فكتب: «أشعر أنني معني بتاريخ كناوة، لأن هذه الموسيقى أتت من مالي. وبالتالي أنا فخور بوجودي هنا، وأعترف أنه كانت لدي رغبة منذ فترة طويلة في العمل مع موسيقيين كناويين». أما جوي زاوينول (ألمانيا / الولايات المتحدة)، فكتب: «قضيت في الصويرة أحلى أيام حياتي».

ازدهار المبيعات خلال فترة المهرجان

ويتحدث المنظمون عن «حفل يسكن مدينة»، ويقولون إن «مدينة الرياح» تردد، كل عام ومنذ أكثر من عقدين من الزمن، صدى نغمات «الكنبري» و«القراقب» و«الطبول»، الممزوجة برنات الأوتار ورنين الآلات النحاسية والإيقاعية الآتية من أوروبا وأميركا وأفريقيا وآسيا. كما تتزين الحاضرة الهادئة، خلال فترة الاحتفال، بأثمن وأبهى ما لديها من مظاهر الزينة. كل الدروب والأزقة والفضاءات تحتفي بـ«معلميها» الأوفياء لتقاليدهم وتراثهم.

ولأن الصويرة كان لها الفضل في احتضان هذا الشكل الفني والموسيقي، أصبحت هي و«كناوة» وجهين لعملة واحدة. حيث تمنح «كناوة» لعشاقها متعة فنية لا تضاهى، فيما تفرض الصويرة على زائرها شعوراً بالانشراح والهدوء والاسترخاء.

تفرض الصويرة على زائرها شعوراً بالانشراح والهدوء والاسترخاء

وعلى الرغم من أن غالبية زوار المدينة، خلال أيام المهرجان، من الشباب، فإنك ستجد من هم في سنوات متقدمة من العمر، موجودين لاستعادة سنوات الشباب التي انسلت من بين أصابعهم دون أن يشعروا.

وبالنسبة لزوار وعشاق «مدينة الرياح»، تبقى الصويرة المدينة التي اختارت أن تعيد كتابة تاريخها عبر الموسيقى، بشكل خاص، والثقافة بشكل عام، لها نكهة خاصة، تميزها عن سائر مدن المغرب. لذلك، وأنت تزور المدينة، لا يمكن إلا أن يسترعي انتباهك زوار مغاربة وأجانب، وهم يتجولون في الساحات وبين الدروب والأزقة، كما لو أنهم يسابقون الزمن للتخفيف أو التخلص من هموم تثقل كاهلهم. أما الكورنيش، الممتد على طول شاطئ المدينة، فيجمع زوار المدينة وسكانها، ممن يقصدونه للترفيه عن أنفسهم وتأمل زرقة البحر ومتابعة مشهد غروب الشمس، بينما أبصارهم تحدق في «ظلمات» المحيط الأطلسي.

أصحاب الفنادق والمقاهي والمطاعم يتمنون لو أن أيام مهرجان «كناوة» هي بعدد أيام السنة. أما أصحاب المحلات التجارية، التي تعرض المصنوعات التقليدية التي تتميز بها المنطقة، من قبيل مصنوعات خشب العرعار والزرابي والألبسة التقليدية، سواء تلك المصنوعة من الجلد أو من الصوف، فيبدو أنهم أقل تطلباً في أسعارهم أثناء تعاملهم مع الزبائن، مقارنة بنظرائهم في مدن سياحية أخرى.

وللأكل، خلال السفر، طقوسه الخاصة. وله في مدينة الصويرة عنوانان؛ زيت «أركان» والسمك. ففي هذه المدينة، لا يحتار الزوار كثيراً في اختيار وجبة الأكل الرئيسية. حيث يتحول السمك، الذي يطلق عليه المغاربة «الحوت»، إلى وجبة يشترك في طلبها الجميع؛ خصوصاً السمك المشوي على الفحم.

وخلال أيام مهرجان «كناوة»، لا تذهب الصويرة إلى النوم إلا في وقت متأخر من الليل. إلا أنك ستجد في صباح اليوم التالي جميع أزقتها فاتحة أذرعها، خصوصاً في محيط ساحة الساعة، للشباب الحالم، المتيم بالموسيقى، الذي يغتنم فرصة تنظيم المهرجان ليستعرض مهاراته أمام المارة في عزف مقطوعات موسيقية متنوعة، تجمع أغاني «الغيوان» و«كناوة» وخالدات «البيتلز» و«جاك بريل».


مقالات ذات صلة

محمد سعد يعود إلى الأضواء بـ«الدشاش»

يوميات الشرق محمد سعد في لقطة من الإعلان الدعائي لفيلم «الدشاش» (الشركة المنتجة)

محمد سعد يعود إلى الأضواء بـ«الدشاش»

يجسّد محمد سعد في «الدشاش» شخصية طبيب خلال الأحداث التي تدور في إطار اجتماعي كوميدي تشويقي، ويشاركه البطولة عدد من النجوم.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق معالجة «سيد الخواتم» على طريقة الأنيمي اليابانية

«سيد الخواتم» يدخل عالم الرسوم المتحركة اليابانية

إذا كنت تودُّ معرفة من هو ملك وادي «هيلمز ديب»، فأنت في المكان المناسب.

سارة بار (نيويورك)
يوميات الشرق ياسمين رئيس في مشهد من «الفستان الأبيض» (الشركة المنتجة)

مصر: أفلام «الأوف سيزون» تغادر دور العرض لـ«ضعف الإيرادات»

شهدت عدة أفلام مصرية، تصنف ضمن العرض خلال «الأوف سيزون»، تراجع إيراداتها مما أدى إلى رفعها من دور العرض السينمائي في مصر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق بشير الديك مع أحمد زكي وحسين فهمي (حسابه على فيسبوك)

تفاقم الحالة الصحية للسيناريست المصري بشير الديك

أثارت دينا ابنة السينارسيت المصري المعروف بشير الديك حالة واسعة من القلق والجدل في الساعات الأخيرة بشأن صحة والدها.

رشا أحمد (القاهرة )
سينما «إلى أرض مجهولة» (إنسايد آوت فيلمز)

اختيار الناقد لأفضل أفلام العام

أعلنت أكاديمية العلوم والفنون السينمائية قبل يومين قائمتها القصيرة لترشيحات «أوسكار» أفضل فيلم روائي ناقلةً البهجة والأمل لبعض المخرجين والخيبة لبعضهم الآخر.

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز - كاليفورنيا)

إجبار راكب على التخلي عن مقعده بالدرجة الأولى في الطائرة... من أجل كلب

صورة نشرها المسافر للكلب على موقع «ريديت»
صورة نشرها المسافر للكلب على موقع «ريديت»
TT

إجبار راكب على التخلي عن مقعده بالدرجة الأولى في الطائرة... من أجل كلب

صورة نشرها المسافر للكلب على موقع «ريديت»
صورة نشرها المسافر للكلب على موقع «ريديت»

أُجبر أحد ركاب شركة «دلتا للطيران» على التخلي عن مقعده الفاخر في الدرجة الأولى لمسافر آخر، اكتشف فيما بعد أنه كلب، الأمر الذي أثار غضبه ودهشته.

وبحسب صحيفة «نيويورك بوست» الأميركية، فقد كتب المسافر الذي يدعى بن بوب على منصة «ريديت»، أمس (السبت): «لقد تمت ترقية تذكرتي إلى الدرجة الأولى في طائرتي التابعة لشركة (دلتا للطيران) هذا الصباح، ولكن بعد 15 دقيقة تم تخفيض درجتي ومنحي مقعداً أسوأ من ذلك المحدد لي سابقاً».

وأضاف: «حسناً، لقد كنت مستاء من هذا الأمر، ولكنني قررت أن أتجاوز الأمر وصعدت على متن الطائرة لأرى هذا الكلب في مقعدي من الدرجة الأولى. أنا مندهش وغاضب للغاية».

وأرفق بوب المنشور بصورة تظهر الكلب وهو جالس في المقعد الذي كان من المفترض أن يكون له.

واتصل بوب بخدمة عملاء شركة «دلتا للطيران»، ليتم إخباره بأن أي راكب بشري قد يتعيَّن نقله لمقعد آخر ومن درجة لأخرى «من أجل الحيوانات الخدمية»، وأن الشركة «لا تستطيع فعل أي شيء» في مثل هذه المواقف.

وتعليقاً على ذلك، قال خبير السفر غاري ليف: «أنا حقاً لا أفهم منطق شركة (دلتا للطيران) في إجبار راكب على التخلي عن مقعده بالدرجة الأولى لمنحه لكلب».

ولفت ليف إلى أن «شركة (دلتا للطيران) يبدو أنها تنحاز عموماً إلى الكلاب»، مشيراً إلى حالات أخرى تم فيها طرد أحد ركاب الدرجة الأولى لإفساح المجال لكلب دعم عاطفي و4 حقائب يد، هذا بالإضافة إلى السماح للكلاب بالجلوس والأكل على طاولات الطعام فيما تُسمى «صالات دلتا ون» بالمطارات.