سرعان ما تتبدّل طبيعة الأحداث الخاصة إلى عامة بمجرّد دخول مواقع التواصل الاجتماعي على الخط. وعادة ما تواكب هذا الانتشار زوبعة تهدّد حياة المعنيين الشخصية، كما حدث أخيراً مع سيدة مصرية أصبحت تُعرف إعلامياً بـ«صاحبة الفستان الأزرق» بعد انتشار فيديو لها وهي ترقص خلال حفل زفاف صديقتها بفستان بهذا اللون؛ ما هدّد استقرار حياتها الزوجية.
ورقصت ياسمين التي تنتمي إلى محافظة الدقهلية (شمال مصر) خلال حفل زفاف صديقتها، من دون علمها أنّ أحد الحضور صوّرها وبثّ المقطع عبر «تيك توك»، فتسبب انتشار الفيديو في مشاحنات بينها وبين زوجها وصل إلى حد تهديدها بالطلاق؛ ما دفعها للمطالبة بوقف تداوله لئلا تتطوّر الخلافات، مشيرة إلى أنها ستُحرر محضراً ضد مصوِّره الذي انتهك خصوصيتها ونشر فيديو الرقص على صفحته طمعاً في تحقيق مشاهدات. وقالت، في تصريحات تلفزيونية: «زوجي سيطلقني. كنت أرقص فرحاً بصديقتي، أرجوكم احذفوا الفيديو!».
ولم تكن ياسمين الوحيدة التي تأثّرت حياتها بسبب مقطع مصوّر. ففي حادثة أخرى، قبل أيام، معروفة بـ«روب الفلوس»، انتشر فيديو لطالبة ترتدي «روباً» وقبعة من النقود أهداها إياهما والدها احتفالاً بتخرّجها من الكلية، فأثار موجة من الهجوم اللاذع عبر مواقع التواصل. وقالت الفتاة: إنّ هذا الهجوم تسبّب في إيذائها نفسياً، مبدية استغرابها من انتشار الفيديو بهذه الكثافة رغم أنه كان محاولة من والدها للاحتفال بها على طريقته.
وترى أستاذة الإذاعة والتلفزيون في كلية الإعلام بجامعة القاهرة، الدكتورة نشوة عقل، أنّ أخطر سمات فضاء التواصل الاجتماعي المفتوح هي «انتهاك الخصوصية»؛ ما يجدّد التأكيد على دور الوعي المجتمعي والتربية الإعلامية منذ الصغر، ومن أبرز مبادئها أخلاقيات «عدم التشهير، وعدم نشر المحتويات المنتهِكة للخصوصية، فهناك مواثيق تحمي الخصوصية، لكن من الصعب السيطرة عليها في الفضاء الافتراضي».
وتضيف لـ«الشرق الأوسط»: «الخصوصية الفردية أول حق إنساني منصوص عليه في مواثيق الشرف الإعلامي، وهو حق مشترك في جميع مواثيق الإعلام العالمية، ومواقع التواصل في النهاية هي أداة نستطيع أن نُحسن أو نسيء استخدامها، بداية من الشخص الذي صوَّر من دون استئذان، مروراً بكل من نَشَر، وصولاً إلى بعض وسائل الإعلام التي أصبحت تلهث وراء (ترندات) مواقع التواصل، مادةً للتسلية».
وفي يناير (كانون الثاني) العام الماضي، تعرّضت الحياة الأسرية والمهنية لمعلّمة مصرية لأزمة بسبب تداول فيديو لها وهي ترقص خلال رحلة إلى النيل برفقة مجموعة من مُعلّمي محافظة الدقهلية، وهو ما واكبته استغاثات من المعلّمة للتوقّف عن تداول الفيديو الذي وصفته بأنه سبب «خراب بيتها».