«ياسين وبهية»... معالجة شبابية لرائعة نجيب سرور تمزج البهجة بالمأساة

مسرحية تستلهم إحدى أشهر قصص التراث الشعبي المصري

«بهية» بطلة العرض (مخرج العرض)
«بهية» بطلة العرض (مخرج العرض)
TT

«ياسين وبهية»... معالجة شبابية لرائعة نجيب سرور تمزج البهجة بالمأساة

«بهية» بطلة العرض (مخرج العرض)
«بهية» بطلة العرض (مخرج العرض)

رغم الطابع المأسوي والنَفَس التراجيدي لقصة «ياسين وبهية» المأخوذة من التراث الشعبي المصري من جانبه المتعلّق بمحاكاة الضعفاء والمظلومين، فإنّ صنّاع المسرحية التي تحمل الاسم عينه، وتُعرض على خشبة «المسرح العائم» في القاهرة، لم يقعوا في قبضة الأحزان المجانية، بل قدّموا عملاً متوازناً يمزج البهجة بالمأساة. فالعرض راهن على وجود ذائقة مختلفة لدى جمهور ينتمي إلى «المسرح الشعبي»، فتحدّث الممثلون بالعربية الفصحى إلى بعض العامية مما جعلها عملاً يسبح ضد تيار الأعمال الخفيفة ذات الطابع التجاري.

تعيد تقديم رائعة نجيب سرور (مخرج العرض)

تُعد المسرحية التي أنتجها «البيت الفني للمسرح - مسرح الشباب»، التابع لوزارة الثقافة المصرية، معالجة شبابية بامتياز لرائعة نجيب سرور (1932- 1978) التي كتبها في أواخر خمسينات القرن الماضي وعُرضت مسرحياً للمرة الأولى في منتصف الستينات من إخراج كرم مطاوع.

تدور الأحداث في إحدى قرى الريف، التي تحولت معقلاً للإقطاع قبل ثورة 1952، حيث تقيم الفتاة الجميلة «بهية» والشاب الوسيم والشهم «ياسين». تربط بين الاثنين صلة دم ومشاعر حب ممتدة منذ سنوات الطفولة وأيام الصبا. إنها قصة غرام يباركها الأهل وطبيعة الريف الهادئ، لكن السعادة المنشودة لا تأتي.

ريع محصول القطن المُنتظر أن يتزوج منه الحبيبان، يستولي عليه الباشا، ويحرم الفلاحين الأُجَراء حقّهم. يتعثّر الزواج وتتوالى المصائب. فالباشا الإقطاعي يُعجب بـ«بهية» ويشاء استقدامها للعمل لديه في السرايا. ترفض، فيستعمل القوة. هنا تنفجر الأحداث، فيقرر «ياسين» مع شبان من القرية إنقاذ حبيبته. وهنا تحتدم القصة لتنتهي بموته.

أدار المخرج يوسف مراد منير الممثلين على نحو جيد، لا سيما إيمان غنيم (بهية)، وحازم القاضي، وآية أبو زيد، وبهاء سليمان، وحسام حسن، فخلا أداؤهم من المبالغة والتشنّج. وجاءت أزياء رحمة عمر بسيطة ومبهجة، بينما ارتكز عمرو الأشرف في تصميم الديكور على خلفيات تناسب تطوّر الأحداث وفق رؤية جميلة للريف قديماً.

كُتبت قصتها في خمسينات القرن الماضي (مخرج العرض)

في بداية العرض، يقول الراوي: «أقصُّ حكاية لم يروها أحد، وأودُّ أن تعيش إلى الأبد. أقصُّ للأجيال والتاريخ والشعوب». يعود أصل المسرحية إلى قصة شائعة في التراث الشعبي تدور في الصعيد. لكن نجيب سرور نقل الأحداث من الصعيد إلى قرية «بهوت»، ومنح القصة التراثية أبعاداً سياسية واقتصادية تتمحور حول خلاص الشعب المصري من الإقطاع والظلم المرتبطين بالاحتلال الإنجليزي.

سرور شاعر وناقد ومخرج وممثل، تزوّج من الفنانة سميرة محسن، وهو أحد أكثر الأسماء الجدلية في التاريخ الثقافي المصري، لطبيعة أشعاره الجريئة وبعض أعماله التي منعتها الرقابة آنذاك. من مؤلفاته «الحكم قبل المداولة» و«الكلمات المتقاطعة» و«آه يا ليل يا قمر» و«آلو يا مصر» و«منين أجيب ناس».

وتعدّدت المعالجات المأخوذة عن تلك القصة مثل فيلم «بهية» (1960)، من بطولة رشدي أباظة ولبنى عبد العزيز وحسين رياض، ومسلسل «ياسين وبهية» (1982)، من بطولة علي الحجار وعفاف شعيب وزوزو نبيل، وإخراج كمال الشامي. إلى أغنية مدحت صالح، التي يقول مطلعها «لا أنا يا حبيبتي ياسين ولا أنتِ بهية»، من كلمات محمد حمزة وألحان محمد قابيل.

وأكد المخرج يوسف مراد منير، لـ«الشرق الأوسط»، أنّ «ثمة حاجة دائمة إلى مسرح نجيب سرور لكونه أيقونة المسرح الشعبي، فتنتمي إليه تلك المسرحية لجهة الملابس والديكور والرؤية الإنسانية والوطنية».

وشدّد على احترام «جميع المعالجات التي تناولت المسرحية على مدار نحو ستين عاماً، لكن الحق أنني لم أجد فيها الكثير من الالتزام بالنص الأصلي، لا سيما على صعيدَي الراوي الشعبي واللغة الشعرية، وهما ما يشكلان جوهر رؤية المؤلف».

ختم: «الجمهور لا يبحث بالضرورة عن الأعمال الخفيفة إلى حد السطحية. فرغم طبيعة المسرحية شعرياً ولغوياً، فإنّ الحضور الجماهيري من القاهرة والمحافظات كان رائعاً».


مقالات ذات صلة

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

صدر حديثاً عن دائرة الثقافة في الشارقة العدد 62 لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 من مجلة «المسرح»، وضمَّ مجموعة من المقالات والحوارات والمتابعات حول الشأن المسرح

«الشرق الأوسط» (الشارقة)
يوميات الشرق برنامج «حركة ونغم» يهدف لتمكين الموهوبين في مجال الرقص المسرحي (هيئة المسرح والفنون الأدائية)

«حركة ونغم» يعود بالتعاون مع «كركلا» لتطوير الرقص المسرحي بجدة

أطلقت هيئة المسرح والفنون الأدائية برنامج «حركة ونغم» بنسخته الثانية بالتعاون مع معهد «كركلا» الشهير في المسرح الغنائي الراقص في مدينة جدة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق أشرف عبد الباقي خلال عرض مسرحيته «البنك سرقوه» ضمن مهرجان العلمين (فيسبوك)

«سوكسيه»... مشروع مسرحي مصري في حضرة نجيب الريحاني

يستهد المشروع دعم الفرق المستقلّة والمواهب الشابة من خلال إعادة تقديم عروضهم التي حقّقت نجاحاً في السابق، ليُشاهدها قطاع أكبر من الجمهور على مسرح نجيب الريحاني.

انتصار دردير (القاهرة )
الاقتصاد أمسية اقتصاد المسرح شهدت مشاركة واسعة لمهتمين بقطاع المسرح في السعودية (الشرق الأوسط)

الأنشطة الثقافية والترفيهية بالسعودية تسهم بنسبة 5 % من ناتجها غير النفطي

تشير التقديرات إلى أن الأنشطة الثقافية والفنية، بما فيها المسرح والفنون الأدائية، تسهم بنسبة تتراوح بين 3 و5 في المائة من الناتج المحلي غير النفطي بالسعودية.

أسماء الغابري (جدة)

تكريم الفائزين بجائزة «الملك سلمان للغة العربية»

الجائزة تهدف إلى تكريم المتميزين في خدمة اللُّغة العربيَّة (واس)
الجائزة تهدف إلى تكريم المتميزين في خدمة اللُّغة العربيَّة (واس)
TT

تكريم الفائزين بجائزة «الملك سلمان للغة العربية»

الجائزة تهدف إلى تكريم المتميزين في خدمة اللُّغة العربيَّة (واس)
الجائزة تهدف إلى تكريم المتميزين في خدمة اللُّغة العربيَّة (واس)

كرّم مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية الفائزين بجائزته في دورتها الثالثة لعام 2024، ضمن فئتي الأفراد والمؤسسات، في 4 فروع رئيسية، بجوائز بلغت قيمتها 1.6 مليون ريال، ونال كل فائز بكل فرع 200 ألف ريال، وذلك برعاية وزير الثقافة السعودي رئيس مجلس أمناء المجمع الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان.

وتشمل فروع الجائزة تعليم اللُّغة العربيَّة وتعلُّمها، وحوسبة اللُّغة وخدمتها بالتقنيات الحديثة، وأبحاث اللُّغة ودراساتها العلميَّة، ونشر الوعي اللُّغوي وإبداع المبادرات المجتمعيَّة اللُّغويَّة.

ومُنحت جائزة فرع «تعليم اللُّغة العربيَّة وتعلُّمها» لخليل لوه لين من الصين في فئة الأفراد، ولدار جامعة الملك سعود للنَّشر من المملكة العربيَّة السُّعوديَّة في فئة المؤسسات، فيما مُنحت في فرع «حوسبة اللُّغة العربيَّة وخدمتها بالتقنيات الحديثة»، لعبد المحسن الثبيتي من المملكة في فئة الأفراد، وللهيئة السُّعوديَّة للبيانات والذكاء الاصطناعي «سدايا» في فئة المؤسسات.

جائزة فرع «تعليم اللُّغة العربيَّة وتعلُّمها» لخليل لوه لين من الصين في فئة الأفراد (واس)

وفي فرع «أبحاث اللُّغة العربيَّة ودراساتها العلمية»، مُنحَت الجائزة لعبد الله الرشيد من المملكة في فئة الأفراد، ولمعهد المخطوطات العربيَّة من مصر في فئة المؤسسات، فيما مُنحت جائزة فرع «نشر الوعي اللُّغوي وإبداع المبادرات المجتمعيَّة اللُّغويَّة» لصالح بلعيد من الجزائر في فئة الأفراد، ولمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة من الإمارات في فئة المؤسسات.

وتهدف الجائزة إلى تكريم المتميزين في خدمة اللُّغة العربيَّة، وتقدير جهودهم، ولفت الأنظار إلى عِظَم الدور الذي يضطلعون به في حفظ الهُويَّة اللُّغويَّة، وترسيخ الثَّقافة العربيَّة، وتعميق الولاء والانتماء، وتجويد التواصل بين أفراد المجتمع العربي، كما تهدف إلى تكثيف التنافس في المجالات المستهدَفة، وزيادة الاهتمام والعناية بها، وتقدير التخصصات المتصلة بها؛ لضمان مستقبلٍ زاهرٍ للُّغة العربيَّة، وتأكيد صدارتها بين اللغات.

وجاءت النتائج النهائية بعد تقييم لجان التحكيم للمشاركات؛ وفق معايير محددة تضمَّنت مؤشرات دقيقة؛ لقياس مدى الإبداع والابتكار، والتميز في الأداء، وتحقيق الشُّمولية وسعة الانتشار، والفاعليَّة والأثر المتحقق، وقد أُعلنت أسماء الفائزين بعد اكتمال المداولات العلمية، والتقارير التحكيميَّة للجان.

وأكد الأمين العام للمجمع عبد الله الوشمي أن أعمال المجمع تنطلق في 4 مسارات، وهي: البرامج التعليمية، والبرامج الثقافية، والحوسبة اللغوية، والتخطيط والسياسة اللغوية، وتتوافق مع استراتيجية المجمع وداعمةً لانتشار اللغة العربية في العالم.

تمثل الجائزة إحدى المبادرات الأساسية التي أطلقها المجمع لخدمة اللُّغة العربيَّة (واس)

وتُمثِّل الجائزة إحدى المبادرات الأساسية التي أطلقها المجمع؛ لخدمة اللُّغة العربيَّة، وتعزيز حضورها، ضمن سياق العمل التأسيسي المتكامل للمجمع، المنبثق من برنامج تنمية القدرات البشرية، أحد برامج تحقيق «رؤية المملكة 2030».