أزمة إزالة مدافن المشاهير تصل إلى البرلمان المصري

عقب مطالب بوقف هدمها لـ«قيمتها التاريخية»

جانب من المنطقة بعد أعمال الإزالة (عبد الفتاح فرج)
جانب من المنطقة بعد أعمال الإزالة (عبد الفتاح فرج)
TT

أزمة إزالة مدافن المشاهير تصل إلى البرلمان المصري

جانب من المنطقة بعد أعمال الإزالة (عبد الفتاح فرج)
جانب من المنطقة بعد أعمال الإزالة (عبد الفتاح فرج)

تصاعدت أزمة إزالة المقابر التاريخية بوسط القاهرة لتتجاوز مناشدات أسر «رموز ثقافية» مصرية بعدم هدمها، وما يواكب ذلك من صخب الانتقادات الدائر عبر «مواقع التواصل» ضد استمرار عمليات الإزالة. لتصل الأزمة إلى أروقة البرلمان المصري، عبر طلب إحاطة اعتبر «إزالة المقابر دون مراعاة لبُعدها التراثي والفني والمعماري، بمثابة اعتداء مباشر على جزء مهم من تاريخ مصر وتراثها».

وقدمت عضو مجلس النواب المصري (البرلمان) فاطمة سليم، اليوم (الخميس)، طلب إحاطة لرئيس مجلس الوزراء، بشأن ما وصفته بـ«عدم مراعاة خصوصية مقابر القاهرة القديمة، بالتزامن مع أي تحركات لإنشاء طرق أو محاور أو مشروعات قومية».

وقالت سليم، لـ«الشرق الأوسط»، إن «نقل المقابر ورفات الموتى بشكل عام أمر شائك، وله حرمته المعروفة في الثقافة المصرية، لكن الأمر هنا تعدى ليشمل كذلك مقابر أثرية وتاريخية، في دولة معروفة باعتزازها بحضارتها».

أعمال الإزالة لمقابر تراثية في مصر القديمة (عبد الفتاح فرج)

وأضافت النائبة المصرية أن «المقابر بشكل عام تعبّر عن طبقات من تطوّر التاريخ العمراني للمدن، وترتبط منطقة مقابر القاهرة القديمة بتأسيس مدينة الفسطاط على يد عمرو بن العاص، لذلك فهي منطقة لها طبقات تاريخية أقدم من مدينة القاهرة ذاتها، وشواهد تلك المقابر تنطق بكثير من التفاصيل التي يمكن بها الوقوف عند صفحات طويلة من التاريخ الحيّ المصري».

وأكدت أن «الأزمة الحالية تكمن في أن هناك وسائل يمكن اللجوء لها لتفادي المساس بتلك المقابر»، مشددة على أنه «لا يوجد مَن يرفض تطوير شبكة الطرق، ولكن هناك حلول أخرى حتى لا يتم المساس بالإرث الثقافي».

وسبق أن تقدمت عضو مجلس النواب المصري، مها عبد الناصر، بطلب إحاطة للحكومة بعد استغاثات من أسرة الشاعر الراحل حافظ إبراهيم المعروف بـ«شاعر النيل»، بسبب تلقي أسرته خبر إزالة مقبرته من مكانها بمنطقة جبانات السيدة نفيسة (وسط القاهرة). وقالت عبد الناصر، لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك كثيراً من المتطوعين الذين أبدوا استعدادهم لمحاولة إيجاد حلول مبتكرة للنظر في مسألة الأضرحة الخاصة بالرموز الثقافية، حفاظاً على الإرث الأدبي لرموز مصر، وهي مسألة بالغة الأهمية، لا يمكن تجاهلها أو الدفع بأن السبب إقامة طرق جديدة وحسب».

وجاءت استغاثة أسرة «شاعر النيل»، في مايو (آذار) الماضي، ضمن قائمة من استغاثات أسر عدد من الرموز التاريخية والثقافية، التي ناشدت الحكومة المصرية التدخل لوقف إزالة مقابر ذويهم من منطقة الخليفة والإمام الشافعي والسيدة نفيسة في قلب القاهرة القديمة، وهي الإزالات التي تأتي ضمن أعمال تطوير البنية التحتية ومدّ طرق ومحاور مرورية جديدة تقوم بها محافظة القاهرة في تلك المنطقة التاريخية، وتشمل الإزالات نحو 2700 مقبرة، من المقرر نقل رُفات موتاها لأماكن جديدة في مدينتي 15 مايو والعاشر من رمضان.


مقالات ذات صلة

ما المنتظر من البرلمان المصري في دور الانعقاد الخامس؟

العالم العربي رئيس الوزراء المصري يلقي بيان الحكومة أمام البرلمان (أرشيفية - مجلس الوزراء)

ما المنتظر من البرلمان المصري في دور الانعقاد الخامس؟

تنطلق الثلاثاء أولى جلسات دور الانعقاد الخامس والأخير لمجلس النواب المصري (البرلمان).

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من اجتماعات مجلس الحوار الوطني المصري خلال مناقشة قضية الحبس الاحتياطي (الحوار الوطني المصري)

مصر: «الحوار الوطني» على خط أزمة قانون «الإجراءات الجنائية»

دخل «الحوار الوطني» المصري على خط أزمة قانون «الإجراءات الجنائية» الذي قُوبل بـ«تحفظات» نقابية وحقوقية واسعة، خلال الأيام الماضية.

عصام فضل (القاهرة)
شمال افريقيا اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب خلال مناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد (البرلمان المصري)

مصر: مشروع قانون «الإجراءات الجنائية» يثير مخاوف بشأن «الحريات»

نصوص القانون المقترحة حملت «عبارات مطاطة قابلة للتأويل بما يتنافى مع النصوص الدستورية».

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب خلال مناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد (البرلمان المصري)

البرلمان المصري يناقش تعديل «الإجراءات الجنائية» وسط «اعتراضات»

فجرت مناقشات تجريها لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب (البرلمان) بشأن تعديلات قانون الإجراءات الجنائية اعتراضات وتحفظات واسعة من أطراف عدة.

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس الوزراء المصري يلقي بيان الحكومة أمام البرلمان (أرشيفية - مجلس الوزراء)

تحالفات الانتخابات البرلمانية تعمّق خلافات المعارضة المصرية

تعمّق الانتخابات البرلمانية المرتقبة في مصر، نهاية العام المقبل، من الخلافات داخل «الحركة المدنية الديمقراطية»، أكبر التجمعات المصرية المعارضة.

أحمد عدلي (القاهرة)

مصريون يتذكرون أعمال «الساحر» محمود عبد العزيز في ذكرى رحيله الثامنة

الفنان المصري محمود عبد العزيز (فيسبوك)
الفنان المصري محمود عبد العزيز (فيسبوك)
TT

مصريون يتذكرون أعمال «الساحر» محمود عبد العزيز في ذكرى رحيله الثامنة

الفنان المصري محمود عبد العزيز (فيسبوك)
الفنان المصري محمود عبد العزيز (فيسبوك)

مع حلول الذكرى الثامنة لرحيل الفنان المصري محمود عبد العزيز الشهير بـ«الساحر»، احتفل محبوه على «السوشيال ميديا»، الثلاثاء، بتداول مشاهد من أعماله الفنية التي قدّمها على مدى نصف قرن تقريباً، وكان من بينها لقطات وأدوار وصفها نقاد بأنها «أيقونية».

واستعاد مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي العديد من مقاطع الفيديو الشهيرة لمحمود عبد العزيز، مثل مشاهد كواليس الغناء التي اشتهر بها ومقاطع لحوارات مع مؤلفي وملحني فيلم «الكيف»، إنتاج 1985، الذي يعدونه بمثابة «نبوءة» لما يشهده الوسط الفني حالياً من «غزو لنجوم المهرجانات»، على حد تعبير الكثير منهم.

ونشر الفنان كريم محمود عبد العزيز صورة لوالده عبر حسابه على «إنستغرام»، كتب تحتها: «8 سنين على أكثر يوم فارق في حياتي، الله يرحمك يا أبو الرجولة كلها»، فيما حصدت رسالة وجهها شقيقه الفنان محمد محمود عبد العزيز إلى روح والده تفاعلاً لافتاً لتطرقه إلى تفاصيل إنسانية في علاقته بأبيه مثل تزامن ذكرى رحيل الفنان مع ميلاد حفيدته بفارق يوم واحد.

محمود عبد العزيز وكريم عبد العزيز (فيسبوك)

من جانبه عدّ الناقد الفني المصري طارق الشناوي الفنان محمود عبد العزيز «موهبة فريدة في تاريخ الفن المصري؛ لأنه كان متعدد الأوجه ما بين الكوميدي والتراجيدي والرومانسي بل والأكشن، وهي أنماط كان يؤديها بشكل مقنع للغاية»، وأشار لـ«الشرق الأوسط» إلى «ذكاء ونضج اختيارات عبد العزيز، حين وافق على المشاركة في فيلم (البريء)، إنتاج 1986، لأحمد زكي، رغم أنه لم يلعب دور البطولة الأولى وكان وقتها أكثر نجوميةً وشهرةً من زكي».

ويرى الناقد الفني المصري، محمد عبد الرحمن، أن الفنان الراحل محمود عبد العزيز يُعد «أيقونة من أيقونات الفن المصري في النصف الثاني من القرن العشرين؛ حيث قدّم أدواراً أيقونية، ويمتلك حضوراً طاغياً ولديه القدرة على الوصول إلى قلوب الناس»، وأضاف، لـ«الشرق الأوسط»، أن «محمود عبد العزيز تمرّد على ملامحه شبه الأوروبية، لا سيما في مرحلة الشباب وأواسط العمر، وانخرط بأدوار شديدة المصرية، تعكس واقع مختلف المستويات الاجتماعية والاقتصادية على نحوٍ بارع وآسر».

وفي الدراما، قدّم عبد العزيز عدداً من المسلسلات التي نالت شهرة واسعة، منها مسلسل «رأفت الهجان» بأجزائه المختلفة، الذي ينتمي إلى نوعية التشويق والجاسوسية، كما لقّب بـ«الساحر» نسبةً إلى فيلم «الساحر» الذي قدّمه في 2002 مع المخرج رضوان الكاشف، ويتناول فيه قضايا الحب في الكهولة ومشكلات تربية البنات في مرحلة المراهقة.

 

محمود عبد العزيز (فيسبوك)

وأكد الناقد الفني محمد عبد الخالق أن «محمود عبد العزيز فنان أحبه الجمهور من أول إطلالة له، بعيداً عن موهبته الفنية التي فرضت نفسها، فقد كان صاحب طلة مريحة يدخل القلب، وكاريزما قوية وخفة دم»، وتابع لـ«الشرق الأوسط» أن «الجمهور عاطفي بطبيعته ويحكم بقلبه أولاً، فضلاً عن جرأة عبد العزيز في تقديم موضوعات قوية وشخصيات غير تقليدية حجزت له مكانة شديدة الخصوصية».

يشار إلى أن محمود عبد العزيز ولد بمدينة الإسكندرية عام 1946 وتخرج في كلية الزراعة، جامعة الإسكندرية، وهي الكلية نفسها التي تخرّج فيها عدد من رموز الفن مثل سمير غانم والمخرج محمد فاضل. وجاءت مشاركاته الفنية الأولى بسيطة للغاية عبر عدد من المسلسلات، إلى أن شارك في مسلسل «الدوامة» مع محمود ياسين عام 1974 وكانت هذه المشاركة بمثابة «نقطة تحول» في معرفة الجمهور به على نحوٍ مهّد لدخوله السينما من خلال فيلم «الحفيد» مع عبد المنعم مدبولي وكريمة مختار ونور الشريف وميرفت أمين، الذي كان بداية موعده مع النجومية.

وبلغ رصيد «الساحر» في السينما نحو 84 فيلماً، من أبرزها «الكيت كات» الذي جسّد فيه شخصية المكفوف خفيف الظل الباحث عن مغامرة، و«الشقة من حق الزوجة» الذي يُعد وثيقةً فنية على حالة المجتمع المصري في حقبة الثمانينات، فضلاً عن أفلام «العذراء والشعر الأبيض»، و«تزوير في أوراق رسمية»، و«العار»، و«الكيف»، و«جري الوحوش»، و«ليلة البيبي دول»، و«سوق المتعة»، و«إبراهيم الأبيض».