فيليب عرقتنجي لـ«الشرق الأوسط»: علينا أن نقف أمام المرآة ونسأل إلى أين؟

يسرد في «صار وقت الحكي» قصته الشخصية

فيليب عرقتنجي أحد أشهر المخرجين السينمائيين في لبنان (مصدرها فيليب عرقتنجي)
فيليب عرقتنجي أحد أشهر المخرجين السينمائيين في لبنان (مصدرها فيليب عرقتنجي)
TT

فيليب عرقتنجي لـ«الشرق الأوسط»: علينا أن نقف أمام المرآة ونسأل إلى أين؟

فيليب عرقتنجي أحد أشهر المخرجين السينمائيين في لبنان (مصدرها فيليب عرقتنجي)
فيليب عرقتنجي أحد أشهر المخرجين السينمائيين في لبنان (مصدرها فيليب عرقتنجي)

طويل هو مشوار المخرج اللبناني فيليب عرقتنجي الذي تنقل فيه بين التلفزيون والتصوير الفوتوغرافي والسينما، وهو من الذين لم يكرروا أنفسهم لأنه يستمد موضوعاته من أحداث الساعة. فأفلامه «بوسطة» و«تحت القصف» هما نموذجان واضحان عن ذلك. ومرات كان يغوص في الماورائيات ويحلق في عالم الخيال كما في «اسمعي». حائز على جوائز كثيرة. استطاع إنتاج وإخراج أكثر من 50 فيلماً بين روائي ووثائقي. يشغل منصب نائب رئيس معهد الشاشة في بيروت. وهو حاصل على لقب «chevaliers des arts et des lettres» من قبل الحكومة الفرنسية.

اليوم وفي خطوة فاجأت كثيرين قرر فيليب عرقتنجي الوقوف على الخشبة. وبدءاً من 15 يونيو (حزيران) المقبل على «مسرح مونو» ستُعرض مسرحيته «صار وقت الحكي». ومن خلالها سيخبر الناس قصة حياته الملونة بالكاميرا والصورة والموسيقى. هي ليست المرة الأولى التي يقرر فيها أن يحاور الزمن ويقلب صفحاته. ففي فيلم «ميراث» وثق قصته مع الهجرة ليرد على سؤال سمعه كثيراً «نبقى أو نرحل؟».

يعتبر المسرح فكرة قديمة تراوده منذ 6 سنوات (مصدرها فيليب عرقتنجي)

فهل المسرحية هي وقفة جديدة أرادها مع نفسه؟ يقول لـ«الشرق الأوسط»: «بالضبط هو كذلك. تراودني الفكرة منذ فترة. ورغبت بإيصال وجهة نظري عن أمور أعيشها، فتخزين تجارب متراكمة يلزمه التفريغ بين وقت وآخر. وأنا أهوى القصص كأي مخرج وكاتب. ولأني لم أستطع إخراجها جميعها إلى النور قررت أن أقدمها بأسلوب جديد».

«يجب على كل شخص أن يضع المرآة أمامه ويسأل نفسه إلى أين يتوجه وما هو حلمه؟»

المخرج اللبناني فيليب عرقتنجي

كثيرون تساءلوا لماذا عرقتنجي لم يقم بهذه الخطوة ضمن فيلم سينمائي إلا أنه يقول: «هناك أسباب كثيرة منعتني عن ذلك، لا سيما أن السينما اليوم تغيرت. فالتوجه صار أكبر نحو المنصات الإلكترونية كـ(نتفليكس) وهو ما قلّص تأمين التمويل اللازم. فصار علينا أن نكتب ما يريدونه وليس العكس. كما أن الأسواق تبدلت وصارت أصغر ومحصورة أكثر. وهذه القصة دقت بابي ولم أجد سوى المسرح مكاناً يستضيفها كما أطمح».

عندما ذكر فيليب فكرته أمام المنتجة جوزيان بولس والمخرجة لينا أبيض شجعتاه على الأمر. «قالتا لي أن في جعبتي قصصاً غنية جداً فيها مضمون جذاب. فاقتنعت بالفكرة خصوصاً أني لا أبتعد فيها عن مهنتي الأساسية».

سيتابع مشاهد مسرحية «صار وقت الحكي» مقاطع ولقطات من نحو 30 فيلماً سينمائياً وعروضاً متتالية فيها الموسيقى والصور والفيديو. «سأحكي مرات وأصمت مرات أخرى لتخرج مقاطع صوتية مسجلة مع مونتاج وموسيقى وأصوات. فالمسرحية هي ترفيهية أيضاً إضافة إلى كونها تعتمد المشهدية البصرية والسمعية». يختلط على عرقتنجي الأمر مرات، ويسمي مسرحيته «فيلم». «هي في الحقيقة فيلم من نوع آخر لأن تفكيري هو نفسه».

سيقف فيليب عرقتنجي وحيداً على الخشبة ليقوم بدوره وإلى جانبه مساعدته. «ستحضر معي من دون أن تتفوه بكلمة، بل تساعدني فقط في توضيب أغراضي ومن هنا تبدأ المسرحية».

تتألف «صار وقت الحكي» من 7 فصول لكل منها عنوان يرتبط بلغة فنية يجيدها المخرج السينمائي اللبناني.
وهو يرى أنه على الخشبة شعر وكأنه يطير كالريشة أو «بالأحرى كأني خلعت عني».

كل ما يمكن أن يسهم في ضبابية المشهد. هناك وضوح ساطع ومباشر وإحساس مكثف. يختلف الأمر تماماً عن السينما التي رويت فيها قصصاً عشتها وأخرى أخبروني إياها، وفي تلك الحالات يمكن أن يمتزج الخيال مع الواقع. أما على المسرح فالمنتج حقيقي مائة في المائة لا كذب فيه. فأبدو كما أنا من دون زيادة أو نقصان. وهذا الأمر يتطلب الكثير من الشجاعة كي لا أقول نوعاً من الجنون. فالخشبة تغلب عليها لغة الخطابة لأن الكلام هو الأساس حتى قبل السينما والصوت».

هكذا ولدت فكرة «صار وقت الحكي» والتحدث مع الذات لأنه وبرأي فيليب: «يجب على كل شخص أن يضع المرآة أمامه ويسأل نفسه إلى أين يتوجه وما هو حلمه؟».

يقول المخرج اللبناني إنه منذ بداياته قام بالمختلف «في سن الـ17 قررت أن أدرس الإخراج ونفذت تقارير مصورة ووثائقيات. حتى وأنا في الـ20 من عمري طلبت للعمل في تلفزيون «إل بي سي آي»، فكان مشواري غنياً بأفلام سينمائية وبالأسفار التي طالت أدغال أفريقيا حيث صورت أفلاماً وثائقية عن الحيوانات».

في المسرحية سنتعرف إلى فيليب عرقتنجي كما لم يسبق أن عرفناه من قبل. فنكتشف حكاياته مع الحب وعلاقاته مع الوالدين وتستوقفنا محطات مؤثرة من حياته.

حقائق

90 دقيقة

يستغرقها عرض مسرحية «صار وقت الحكي» تتلون بالحكي والموسيقى واللقطات المصورة والموسيقية.

ويشاركه جمهور المسرح بمواقف ومحطات كثيرة أخرى من مشواره المهني. «أعتبر أنه إذا ما تشاركنا مع بعضنا كلبنانيين سيكبر اتحادنا وتثبت هويتنا. فنحن بحاجة لنتعرف إلى بعضنا بشكل أكبر، وأن نخبر قصصنا لبعضنا من الأشرفية إلى الضاحية وصولاً إلى جونية والكسليك فننمي ثقافتنا الذاتية. وهذا الأمر أشرت إليه في أكثر من فيلم سينمائي قمت به. فالبعد يساهم في ارتكاب الأخطاء في حق بعضنا. فنحن شعب طيب وكريم ونخاف رب العالمين من الأساس. وهذه الأمور أمرّ عليها في المسرحية وأقولها بالفم الملآن: «لا نزال أفضل من غيرنا بكثير».

مع المخرجة لينا أبيض التي توقع أول عمل مسرحي له (مصدرها فيليب عرقتنجي)

يستغرق عرض مسرحية «صار وقت الحكي» نحو 90 دقيقة تتلون بالحكي والموسيقى واللقطات المصورة والموسيقية. فهو أثناء توضيبه لأغراضه أمام أغراض معينة سيستعيد الذكرى ويخبرنا عنها. «أمرّ على مراحل مختلفة من عمري منذ أن رسبت في الصف الثاني الابتدائي، ومروراً بدروس العزف على البيانو وقصتي مع كاميرا التصوير وغيرها. وفي النهاية سيفهم الحضور لماذا رغبت بمشاركتهم كل هذه الأمور. لقد أردت التأسيس لذاكرة جديدة أنطلق معها».

حلم صغير وضعه لمدة 6 سنوات في جارور خزانته ونام على أوراقه إلى حين دق بابه. هذه هي باختصار قصة فيليب عرقتنجي مع الخشبة، عندما قفز من السينما إلى المسرح. ومن خلال 6 شاشات عملاقة تشكل خلفية بصرية لإطلالته سنتعرف على مشهديات فنية مختلفة. وما يصفه بالإنجاز هو وحده من يقف وراء كتابته وتأليفه وتصوير أفلامه. «لا يجب أن ننسى الدور الكبير الذي لعبته المخرجة لينا أبيض. حين دونت كل ما قمت به لتقولبه مسرحية تشع بمحتوى غني، تتخللها الطرافة والحميمية ومواقف مؤثرة».



حكيم جمعة لـ«الشرق الأوسط»: مسلسل «طراد» يثير تساؤلات عميقة

المخرج حكيم جمعة أثناء تصوير مسلسل طراد (الشرق الأوسط)
المخرج حكيم جمعة أثناء تصوير مسلسل طراد (الشرق الأوسط)
TT

حكيم جمعة لـ«الشرق الأوسط»: مسلسل «طراد» يثير تساؤلات عميقة

المخرج حكيم جمعة أثناء تصوير مسلسل طراد (الشرق الأوسط)
المخرج حكيم جمعة أثناء تصوير مسلسل طراد (الشرق الأوسط)

هل هناك لصوص أبطال؟ سؤال عميق يطرحه المسلسل السعودي «طراد»، المقتبس عن قصة الأسطورة الإنجليزية «روبن هود»، الذي أخذ على عاتقه سرقة أموال الأغنياء وتقديمها إلى الفقراء، وعلى هذا النمط نفسه تدور أحداث «طراد»، الذي يتفق فيه 3 أصدقاء على تشكيل عصابة تعمل على سرقة الأشرار وإنصاف المتضررين منهم.

يصف الممثل السعودي حكيم جمعة تجربته الأولى هذه في إخراج المسلسلات لـ«الشرق الأوسط» بأنها صعبة نوعاً ما، مضيفاً: «كانت أشبه بمعسكر للإخراج، ضمت الكثير من التحديات اللوجيستية والفنية، ومن بينها أني ولأول مرة أصوّر في مدينة الرياض، وبشكل خاص في حي العود، الذي تدور فيه الكثير من أحداث المسلسل».

الممثلة فاطمة الشريف في مشهد من العمل (إنستغرام)

تساؤلات عميقة

قصة العمل قد تثير الكثير من الجدل بين المشاهدين، وهذا ما يعتقد حكيم أنه من الضروريات التي يجب أن يشارك الفن في إثارتها، وذلك من خلال مناقشة الجمهور في الاحتمالات والدوافع لكل فعل، وهل كانت مبررة أم لا، وأضاف: «حاولت أن أستطلع رأي الممثلين الشباب في ذلك، وقد تباينت الآراء فيما بينهم حيال ذلك، فلكل منهم رؤيته الخاصة تجاه الشخصيات والأحداث، وهو ما أتمنى أن يشد الجمهور تجاه العمل».

ويتابع حكيم: «جميعنا مررنا بمواقف صعبة، وحينها ربما تسوّل أنفس البعض منا لفعل ما يخالف قناعاتنا، ولكن حين نفكر بأثر ذلك على المدى البعيد، نتساءل: هل سيعيش الشخص مرتاح الضمير في حال ارتكابه لتلك الأفعال أم لا؟».

أبطال المسلسل الذي يضم عدداً كبيراً من الوجوه السعودية الشابة (إنستغرام)

ويضم مسلسل «طراد» الذي سيتم بدء عرضه على منصة «شاهد» يوم الجمعة المقبل الكثير من الممثلين السعوديين الذين ما زالوا في بداياتهم، مثل: نايف البحر، وعبد الله متعب، وهاشم هوساوي، وسعيد صالح، وسعيد القحطاني، وليلى مالك، وعبد الرحمن نافع، وسارة الحربي وآخرين، وهم ممثلون يراهن حكيم جمعة عليهم، مبيناً أنه اجتمع معهم في نهاية التصوير، وأكد لهم ضرورة أن يستفيدوا من هذه التجربة وكل تجاربهم المقبلة، لتكون زاداً لهم في التعلّم والتقدم.

يصف جمعة تجربته الإخراجية في المسلسل بأنها أشبه بالمعسكر (الشرق الأوسط)

نضوج الحلم

حكيم الذي خاض في عدة أعمال سابقة تجربة الإخراج السينمائي إلى جانب التمثيل، تحدث عن نفسه، قائلاً: «في بداية مسيرتي كنت أتمنى أن أكون جزءاً من الحراك الفني السعودي، أما الآن حلمي صار أكبر، حيث أتطلع لأن أكون أحد الوجوه المعروفة في هذا المجال، وأقرب مثال على ذلك حين جاء الممثل الأميركي العالمي ويل سميث إلى الرياض للمشاركة في منتدى الأفلام السعودي (أكتوبر «تشرين الأول» الماضي)، حرصت حينها أن يظهر حواري معه بالشكل المناسب، فأنا لا أرغب في أن أكون ممثلاً فقط، بل أرغب بأن أكون كذلك أحد المشاركين في هذا الحراك الكبير، وأعتبر ذلك مسؤولية كل الفنانين السعوديين».

وفي ختام حديثه، أشاد حكيم بالمشهد السينمائي السعودي، وخص بذلك فيلم «هوبال» للمخرج عبد العزيز الشلاحي، الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية، قائلاً: «علينا أن نفرّق بين الأفلام السعودية والأفلام التي تعبر عن السعودية، فلقد كنا مهووسين بالنوع الثاني لأننا نحب أن نقدم أفلامنا للجمهور العالمي، بينما (هوبال) يأتي من النوع الأول، فهو فيلم عظيم حقاً!».