الألعاب الفردية في مصر... بين «الروتين» و«إغراءات» الخارج

هروب لاعب مصارعة بتونس جدد الجدل بشأن أوضاعها

منتخب مصر للمصارعة الرومانية المشارك في بطولة أفريقيا للمصارعة (صفحة وزارة الشباب والرياضة على فيسبوك)
منتخب مصر للمصارعة الرومانية المشارك في بطولة أفريقيا للمصارعة (صفحة وزارة الشباب والرياضة على فيسبوك)
TT

الألعاب الفردية في مصر... بين «الروتين» و«إغراءات» الخارج

منتخب مصر للمصارعة الرومانية المشارك في بطولة أفريقيا للمصارعة (صفحة وزارة الشباب والرياضة على فيسبوك)
منتخب مصر للمصارعة الرومانية المشارك في بطولة أفريقيا للمصارعة (صفحة وزارة الشباب والرياضة على فيسبوك)

أحدث اختفاء لاعب منتخب مصر للمصارعة الرومانية، أحمد فؤاد بغدودة، بعد مشاركته في بطولة أفريقيا للمصارعة، التي أقيمت في تونس من 15 إلى 21 مايو (أيار) الحالي، عقب فوزه بالميدالية الفضية، وما أشيع عن هروبه، نوعا من الجدل بشأن أوضاع الألعاب الفردية في مصر، التي تقفز بين حين وآخر إلى الواجهة بفعل حالات مشابهة من هروب اللاعبين، عقب المشاركة في بطولات دولية، ثم تجنّسهم بجنسيات أخرى، بزعم إهمالهم وعدم اهتمام الأجهزة الرياضية المسؤولة بهم ماديا ومعنويا.

وصنعت الواقعة الأخيرة حالة من التفاعل بين فئات المصريين، عكستها منصات التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية، لافتين إلى «ضياع المواهب»، الواحدة تلو الأخرى، منتقدين في إطار ذلك «الروتين» الذي يحيط باللاعبين واتحاداتهم، لا سيما تحصيل الضرائب منهم، وهو ما أثير حول اللاعب «بغدودة»، ما دعا مصلحة الضرائب المصرية، أن تخرج ببيان لها، توضح فيه أن اللاعب يتقاضى شهريا من اتحاد المصارعة مبلغ 3 آلاف جنيه (نحو 97 دولاراً)، والمستحق للاعب هو مبلغ 18 ألف جنيه عن ستة أشهر، حيث تم خصم 10 في المائة ضريبة كسب عمل، بالإضافة إلى 3 في المائة رسم تنمية طبقا للوائح وقوانين الدولة، وكان على اللاعب مبلغ 13 ألفا و680 جنيهاً، رسوم انتقاله من مركز شباب بيلا؛ وذلك للانضمام إلى المشروع القومي للموهبة، وكان يجب على اللاعب سداد هذا المبلغ قبل الانتقال، وتم إرجاء ذلك لحين صرف المستحقات المالية للاعب تيسيراً عليه.

واعتبر متابعون المرتب الشهري «ضئيلاً جداً» بالنظر إلى نوعية المصروفات التي ينفقها اللاعب للحفاظ على وزنه وصحته.

في المقابل، طالت الانتقادات اللاعبين الهاربين أنفسهم، من حيث انسياقهم وراء إغراءات الخارج، بحثا عن الأموال والشهرة بشكل أسرع، واتهامهم بـ«عدم الانتماء والوطنية لقيامهم بتمثيل دول أخرى».

إلى ذلك، وصلت واقعة هروب لاعب المصارعة إلى البرلمان المصري، حيث تقدم رئيس حزب العدل النائب عبد المنعم إمام أمين سر لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، بطلب إحاطة لوزير الشباب والرياضة بشأن هروب لاعب منتخب مصر للمصارعة أحمد بغدودة، قائلا إنها «لم تكن هذه هي واقعة الهروب الأولى للاعبين، فقد حدث مثلها من قبل»، مؤكداً أن «تكرار هذه الوقائع يعد تأكيداً على فشل الوزارة وفشل سياستها في تقدير ودعم اللاعبين الموهوبين معنويا وماديا، خصوصاً داخل اتحاد المصارعة المصري»، ومطالبا الوزير بتفسير تكرار هذه الوقائع والإجراءات التي تتبعها الوزارة لمنع تكرارها.

وأعادت الواقعة إلى الأذهان وقائع أخرى مماثلة، منها لاعب المصارعة أحمد جابر، ابن شقيقة البطل الأولمبي كرم جابر، الذي هرب إلى الولايات المتحدة الأميركية، حيث تم تجنيسه.

وكذلك هروب اللاعب إبراهيم غانم الونش، بعد أن تخلف عن العودة من المنتخب الوطني إلى مصر، عقب المشاركة ببطولة العالم في بولندا تحت 23 عاما، في عام 2017.

وسبق «الونش»، هروب اللاعب طارق عبد السلام أيضا، الذي حصل على الجنسية البلغارية لينجح في حصد ذهبية بطولة أوروبا، بعد أشهر قليلة من تجنيسه. ولحقه لاعب منتخب المصارعة محمود فوزي الذي تم تجنيسه بالجنسية الأميركية.

وفي 2015 هرب المصارع محمد عبد الفتاح «بوجي» إلى البحرين. وفي 2022 هرب المصارع الناشئ محمد عصام لإيطاليا، وهروب لاعب منتخب الشباب للمصارعة الحرة، أحمد حسن بوشا، في 2017، بعد المشاركة في بطولة العالم التي أقيمت بفنلندا. وبعد عامين هرب شقيقه حسن حسن بوشا أيضا خلال بطولة العالم التي أقيمت بالمجر عام 2019.

وفي 2018 هرب لاعب الجمباز عبد الرحمن مجدي لتركيا من أجل اللعب باسم منتخبها. وفي 2022 قرر لاعب الإسكواش محمد الشوربجي، المصنف الثالث عالميا، تمثيل إنجلترا بعد سنوات من اللعب باسم مصر.

وبشأن وقائع هروب اللاعبين خلال السنوات الماضية، قال الدكتور محمد حمدي، مدير عام الإدارة العامة للموهبة الرياضية بوزارة الشباب والرياضة، لــ«الشرق الأوسط»، إن «تكرار وقائع الهروب يعود لجشع هؤلاء اللاعبين وطمعهم، بحثا عن الأموال والثراء والإغراءات المالية في الخارج»، نافيا ما يثار حول تقصير الوزارة والاتحادات، ومؤكداً أن «صاحب الواقعة الأخيرة اللاعب أحمد فؤاد بغدودة، لاقى الاهتمام والرعاية الكاملة من الوزارة والاتحاد، ولم يقصر أحد معه، والدليل على ذلك تحقيقه الميدالية الفضية خلال مشاركته في بطولة أفريقيا للمصارعة»، مستنكرا «وجود مبرر منطقي لهروبه».

كما يوضح حمدي أن «عدم الانتماء والوطنية لدى بعض اللاعبين يعد دافعا لهروبهم وتمثيل دول أخرى»، مشيراً إلى أن وزير الشباب والرياضة الدكتور أشرف صبحي يوجه دائما بالعمل على هذا الشق، لتأكيد مفهوم الوطنية لدى لاعبي المنتخبات، خصوصاً أنهم ذوو أعمار صغيرة، تحتاج إلى توعية كبيرة، ويجب أن يتربى عليها اللاعب.

ولفت حمدي إلى قيام الوزارة في هذا الإطار بعمل توعية مستمرة من خلال الندوات والمحاضرات، مضيفا «سنعمل على تكثف التوعية مستقبلا، ولكنها أيضا مسؤولية مشتركة، بين اللجنة الأولمبية والوزارة والاتحادات الرياضية، فهي مسؤولية تضامنية بين جميع الهيئات لتوعية النشء بمفاهيم الوطنية والانتماء وحمل اسم بلده».

وبشأن مستجدات واقعة اللاعب بغدودة؛ أوضح أنه سيتم اتخاذ عدد من الإجراءات القانونية، بدأت بالتحقيق لاستبيان كافة الإجراءات والضوابط الخاصة بالواقعة، مضيفا «أرى أن بغدودة اختار طريقه، وهو لاعب هارب الآن، ومصر لن تقف عليه، فهناك العشرات غيره، وقادرون على تحقيق الإنجازات».

ويطالب مدير عام الإدارة العامة للموهبة الرياضية بوزارة الشباب والرياضة وسائل الإعلام بتسليط الضوء على اللاعبين الحاصلين على الميداليات من النماذج المشرفة، الذين وصفهم بـ«الرجال»، وترك ما يثار حول اللاعب «بغدودة»، فهذه الإنجازات أولى بالحديث عنها وإبرازها، ومن بينهم اللاعب سعيد دياب الحاصل على الميدالية الذهبية للمصارعة الحرة للكبار في وزن 70 كيلو، وهو زميل للاعب «بغدودة» في المشروع القومي للموهبة. على حد تعبيره.


مقالات ذات صلة

اعتزال اليابانية كينغو بطلة الأولمبياد في المصارعة

رياضة عالمية صورة من نهائي المصارعة الحرة للسيدات بدورة الألعاب الأولمبية (ريو 2016) في البرازيل بين البيلاروسية ماريا ماماشوك واليابانية ريساكو كاواي (أرشيفية - رويترز)

اعتزال اليابانية كينغو بطلة الأولمبياد في المصارعة

قالت اليابانية ريساكو كينغو إن مسيرتها في المصارعة منحتها شعوراً بالإنجاز، بعد أن أعلنت الفائزة بالميدالية الذهبية الأولمبية مرتين اعتزالها في سن الثلاثين.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
رياضة عربية المصارع المصري محمد إبراهيم «كيشو» (رويترز)

المصارع المصري «كيشو» يستعد لتمثيل أميركا وسط جدل

أثار المصارع المصري محمد إبراهيم «كيشو» جدلاً واسعاً بعدما كشف الثلاثاء عن اتخاذ «الخطوة الأولى» نحو تغيير الولاء الرياضي للدفاع عن ألوان الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
رياضة عالمية آل الشيخ وتريبل إتش يتوسطان عددا من المصارعين لحظة الإعلان عن استضافة الرياض للحدث (الشرق الأوسط)

«راسلمينيا 43» في الرياض... وآل الشيخ يعد بنسخة «غير مسبوقة»

أعلن المستشار تركي آل الشيخ، رئيس الهيئة العامة للترفيه عن استضافة موسم الرياض 2027 للحدث الأضخم في عالم المصارعة الحرة "راسلمينيا 43".

«الشرق الأوسط» (الرياض )
رياضة عالمية شخصية هوغان في حلبات المصارعة ألهمت الملايين (أ.ب)

تريبل إتش: هوغان «نجم خارق» ألهم الملايين

حرص فينس مكمان وتريبل إتش على تقديم تعازيهما في وفاة أيقونة اللعبة الأميركي هالك هوغان.

«الشرق الأوسط» (ميامي)
رياضة عالمية هوغان يملك تاريخاً حافلاً على حلبات المصارعة (أ.ب)

ترمب ينعى هوغان: سنفتقدك كثيراً

نعى الرئيس الأميركي دونالدو ترمب، أيقونة مصارعة المحترفين هالك هوغان، الذي توفي الخميس، عن عمر ناهز 71 عاماً.

«الشرق الأوسط» (كليرووتر (أمريكا))

«الملحد» للعرض في السينمات المصرية بعد معركة مع الدعاوى القضائية

«الملحد» تعرَّض لعدد من الدعاوى القضائية التي طالبت بمنع عرضه (الشركة المنتجة)
«الملحد» تعرَّض لعدد من الدعاوى القضائية التي طالبت بمنع عرضه (الشركة المنتجة)
TT

«الملحد» للعرض في السينمات المصرية بعد معركة مع الدعاوى القضائية

«الملحد» تعرَّض لعدد من الدعاوى القضائية التي طالبت بمنع عرضه (الشركة المنتجة)
«الملحد» تعرَّض لعدد من الدعاوى القضائية التي طالبت بمنع عرضه (الشركة المنتجة)

بعد معركة مع الدعاوى القضائية، أعلنت الشركة المنتجة لفيلم «الملحد» طرحه في دور العرض السينمائي بمصر يوم 31 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بالتزامن مع ليلة «رأس السنة»، بعدما رفضت محكمة القضاء الإداري جميع الدعاوى التي طالبت بمنعه، واستند الحكم إلى حصول الفيلم على التراخيص المطلوبة من الرقابة على المصنفات الفنية، وفق منتجه.

الفيلم الذي كان مقرراً عرضه في شهر أغسطس (آب) 2024، تأجّل طرحه أكثر من مرة بسبب تجدد الدعاوى القضائية، من بينها دعوى المحامي مرتضى منصور، بالإضافة إلى الجدل الذي أُثير حوله عقب عرض «البرومو الترويجي»، واعتبار البعض أنه عمل مسيء من الناحية الدينية، إلى جانب تعرّضه لأزمات أخرى، من بينها التحفّظات الرقابية، وانسحاب الفنان الراحل مصطفى درويش من العمل احتجاجاً على آراء مؤلفه.

لقطة من البرومو الترويجي لفيلم «الملحد» (الشركة المنتجة)

وانتقد عدد من الفنانين والنقاد والجمهور، وبعض صنّاعه، منع الفيلم عبر منشورات «سوشيالية»، مؤكدين أن المنع ليس حلاً، وأن حرية الإبداع حق للجميع، ولا بدّ من المشاهدة قبل الاعتراض لوضع تصوّر كامل عن فكرة أي عمل فني.

من جانبه أكّد المنتج أحمد السبكي أن الفيلم حصل على جميع التراخيص والموافقات الرقابية اللازمة، لافتاً في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «قرار تأجيل العرض كان بسبب المناوشات (السوشيالية) من بعض المحامين، التي حصلت بالتزامن مع طرح البرومو الترويجي، وليس لأسباب أخرى».

وأوضح السبكي أن العرض سيتم دون أي تعديل أو حذف، بعدما أصدر القضاء الإداري حكماً يقضي برفض جميع الدعاوى المقامة لمنع عرضه. وقال: «لا توجد أي إشارة تمنع عرضه، وبحوزتي النصّ القانوني الذي يؤكد أن العمل لا يتضمّن أي إساءة كما اعتقد بعضهم، وقد صدر الحكم قبل المشاهدة».

وأشار السبكي إلى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على آراء الجمهور قبل مشاهدة العمل، قائلاً: «في عصر (السوشيال ميديا)، يتشكّل رأي الناس بسرعة من خلال البرومو، وهذا أمر طبيعي، لكننا نؤكد أن الحكم النهائي يعود للمشاهد بعد مشاهدة الفيلم كاملاً».

الملصق الترويجي للفيلم (الشركة المنتجة)

واتّفق نقاد على أن المنع يحدّ من حرية الإبداع؛ إذ أكدت الكاتبة والناقدة المصرية صفاء الليثي رفضها لفكرة المنع، خصوصاً بعد حصول الفيلم على الموافقات الرقابية وتصويره بالفعل. وأشارت إلى أن «المنع بعد إنجاز الفيلم مشكلة كبيرة وكارثة على الصناعة، كما أنه أسلوب غير واقعي؛ فالجمهور اليوم يستطيع الوصول إلى كل الأفكار بسهولة، ولم يعد الاطلاع على أي موضوع أمراً صعباً».

وقالت صفاء الليثي في حديثها لـ«الشرق الأوسط» إن «سياسة المنع لا بدّ من التراجع عنها؛ فمن غير المعقول الحكم على عمل من اسمه أو من لقطاته الترويجية. فالأسماء أحياناً تكون وسيلة للجذب التجاري، وكذلك الأمر بالنسبة للبرومو، الذي لا يُفترض أن يكون ملخصاً للفيلم، بل قد يُستخدم فقط لجذب الجمهور. والحكم من خلاله غير صائب، فهو دافع للمشاهدة لا سبب للرفض والمنع».

ويتناول فيلم «الملحد» قضية فكرية واجتماعية بطريقة درامية، من خلال قصة رجل دين متشدّد وابنه الذي يتمرّد على أفكاره ويعلن إلحاده. والفيلم من بطولة أحمد حاتم، وحسين فهمي، ومحمود حميدة، وصابرين، وتارا عماد، ونخبة من الفنانين، وهو من إخراج محمد العدل، وتأليف إبراهيم عيسى، وإنتاج أحمد السبكي.

من جهتها أكدت الناقدة الفنية المصرية فايزة هنداوي أن «حرية الإبداع مكفولة للجميع، وأنها ضدّ المنع مطلقاً»، لافتةً في حديثها لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «عرض (الملحد) بعد رفض كبير يُعد مؤشراً جيداً إلى أن الحرية تبقى أول العناصر الضرورية للإبداع».


معرض «ديفا» حكايات الإبداع الإيطالي في تصميم المجوهرات

رئيس المعهد الثقافي الايطالي أنجلو جووي خلال جولته في المعرض (الشرق الأوسط)
رئيس المعهد الثقافي الايطالي أنجلو جووي خلال جولته في المعرض (الشرق الأوسط)
TT

معرض «ديفا» حكايات الإبداع الإيطالي في تصميم المجوهرات

رئيس المعهد الثقافي الايطالي أنجلو جووي خلال جولته في المعرض (الشرق الأوسط)
رئيس المعهد الثقافي الايطالي أنجلو جووي خلال جولته في المعرض (الشرق الأوسط)

لا يشكّل معرض «ديفا» (رحلة في بريق المجوهرات الإيطالية) قصة عادية لفنانين مصمّمين، بل يروي حكاية شيّقة عن تاريخ هذا الفنّ اليدوي في إيطاليا. فتبرز خصوصيته في قطعٍ مشغولة بتأنٍ، تشبه بتركيبتها لوحاتٍ تشكيلية مطرّزة بزجاج المورانو وأحجار الـ«سواروفسكي» البلّورية، فتصنع لغةَ أناقةٍ راقية بابتكاراتها، تبدأ منذ خمسينات القرن الماضي وصولاً حتى يومنا هذا.

بعض المجوهرات الطريفة التي تلوّن معرض «ديفا» (الشرق الأوسط)

يحطّ هذا المعرض رحاله في بيروت بعد جولات ناجحة في عدد من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. يقدم رحلة ثقافية فريدة من نوعها، تجمع بين روعة التصميم الإيطالي وإبداعه في عالم المجوهرات عبر التاريخ الحديث. ويقام المعرض برعاية السفارة الإيطالية، بتنظيم من المعهد الثقافي الإيطالي ونادي اليخوت في بيروت.

ومع عرض نحو 200 قطعة مصنوعة يدوياً، يستعرض الزائر سبعين عاماً من المهارة الحرفية الإيطالية. وتشرف على تنسيق المعرض ألبا كابيلييري، أستاذة تصميم المجوهرات في معهد البوليتكنيكو في ميلانو، ومديرة متحف «فيتشنزا» للمجوهرات في إيطاليا.

صُمّم المشروع على شكل معرض متنقّل يزور السفارات والمعاهد الثقافية الإيطالية حول العالم. ويسلّط الضوء على أبرز نماذج هذه الحرفة اليدوية. وتأتي القطع من توقيع أبرز مصممي دور الأزياء الكبرى، الذين يختبرون مواد وتقنيات جديدة، ما يجعل المعرض تجربة تجمع بين الإبداع والتقنية والابتكار.

ويرى رئيس المعهد الثقافي الإيطالي في بيروت، الدكتور أنجلو جووي، أن العاصمة اللبنانية تشكّل محطة بالغة الأهمية لهذا الحدث، إذ يلتقي بإرثها الحرفي المتأثر بتبادل الثقافات. وبذلك، يصبح حضور المعرض في بيروت خاتمة رمزية لمسيرته، ما يمنحه سياقاً غنياً للاحتفاء بالإبداع والمهارة والتصميم.

أطواق مصنوعة من البلاستيك والجلد في أحد أركان معرض «ديفا» (الشرق الأوسط)

ويشير جووي إلى أن المعرض يقدّم تصاميم المجوهرات بعيداً عن قيمة المعادن والأحجار الكريمة. مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» «أنه ينقل تطور صناعة المجوهرات منذ الخمسينات حتى اليوم. ويعرّفنا على أناقة مختلفة برموزها وأبعادها. فمعظم التصاميم تواكب المرأة العملية. وهناك قسم خاص في أحد أركان المعرض يحمل عنوان (الألفية الجديدة). وتتضمن المجوهرات البديلة المعاصرة. وهي منفذة بأدوات تفاجئ مشاهدها، فترتكز على مواد بلاستيكية ومعدنية وأخرى تدخلها مادة الجلد».

المعرض يقوم برحلته الأخيرة في لبنان قبل أن يعود إلى موطنه الأم إيطاليا. «هناك سيتم إعادة هذه المجوهرات لأصحابها من دور أزياء». ويتابع أنجلو جووي: «إن منسقة المعرض ألبا كابيلييري رغبت في أن تلفت نظر هواة المجوهرات إلى أسلوب فني متقدّم، لا يرتكز على الماس والذهب والأحجار الكريمة والمعادن المشهورة، ولكن على حرفية متوارثة تقوم على أسماء عائلات اشتهرت في هذا المجال، فتم ارتداؤها من قبل الناس على اختلافهم، وفي عروض أزياء كبيرة. ففي هذه الأخيرة عادة ما يبتعد منظموها عن استخدام المعادن الثمينة».

تكمل جولتك في المعرض لتطالعك قطع مجوهرات برّاقة، أساور، وأقراط، وعقود وغيرها. ومن بينها موقّع من قبل دور الأزياء الإيطالية المعروفة عالمياً. فتحضر دار «فيرساتشي» كما «غوتشي» و«فالنتينو» وغيرها.

بدأت جولات هذا المعرض في العالم منذ نحو 5 سنوات. وتكمن أهميته في إبرازه تطور هذه الحرفة من خلال مجوهرات معاصرة. وتعدّ ثمينة بفضل إرثها التاريخي الغني.

مائتا قطعةِ مجوهرات تتوزّع على المعرض في نادي اليخوت وسط بيروت. وتمثّل المرآة الجمالية للمجتمع، من «دولتشي فيتا» في خمسينات القرن الماضي إلى أزياء الـ«بريت-آ-بورتيه» في ثمانيناته، وصولاً إلى البساطة في تسعيناته ضمن تكنولوجيا الموضة في الألفية الجديدة. وتُظهر تحوّل الأنماط والعادات، وطموحات النساء وإنجازاتهن، وتطوّر الأشكال والمواد، وتقنيات الإنتاج الجديدة. ويحتضن المعرض الأطواق المؤلّفة من طبقات عدّة، والأساور المنحوتة، وقطعاً مرحةً تترك البسمة عند ناظرها.

يتناول «ديفا» تاريخ حرفة صناعة المجوهرات الايطالية الحديثة (الشرق الأوسط)

وتحمل بعضها اللمحة الشرقية من خلال تقنية الـ«فيلي غرانا»، القائمة تصاميمُها على تجديلاتٍ دقيقة أو على تطعيم القطعة بالزجاج المنفوخ. وهو ما يجسّده تاجٌ ذهبي من توقيع «دولتشي أند غابانا» نلحظه في المعرض. ويذكر رئيس المعهد الثقافي الإيطالي جووي أن نقاط التشابه هذه ولّدت مساحة التقاء بين المعرض ومنطقة الشرق الأوسط.

وعن سبب تسمية الحدث بـ«الديفا» يشرح لـ«الشرق الأوسط»: «إنها إشارة إلى إمكانية أن تتحوّل كلّ امرأة إلى نجمة من خلال أسلوبها في انتقاء المجوهرات والأزياء. فليس من الضروري أن تشعر بذلك من خلال ارتداء الجواهر الثمينة فقط. فيحضر عندها الإحساس بهذا البريق ما دامت منسجمةً مع ما ترتديه، سواء أكان ثميناً أم بسيطاً».


المخرجة سارة جوهر: «عيد ميلاد سعيد» ينافس بقوة على «الأوسكار»

المخرجة المصرية سارة جوهر (الشرق الأوسط)
المخرجة المصرية سارة جوهر (الشرق الأوسط)
TT

المخرجة سارة جوهر: «عيد ميلاد سعيد» ينافس بقوة على «الأوسكار»

المخرجة المصرية سارة جوهر (الشرق الأوسط)
المخرجة المصرية سارة جوهر (الشرق الأوسط)

أعلنت مجلة «فارايتي» الأميركية اختيار المخرجة المصرية سارة جوهر ضمن قائمة «أفضل 10 مخرجين واعدين»، وهي أبرز قائمة سنوية تُسلَّط فيها الأضواء على المواهب الإخراجية الجديدة. ويأتي هذا الاختيار في ظل النجاح الذي يحقّقه فيلمها الروائي الطويل الأول «عيد ميلاد سعيد»، الممثّل لمصر في منافسات الأوسكار.

وذكرت «فارايتي» أن المخرجين العشرة الواعدين سينضمون بذلك إلى أسماء لامعة سبق أن اختارتهم المجلة بوصفهم مواهب جديرة بالمتابعة، مثل كريستوفر نولان، وروبن أوستلوند، وويس أندرسون، وألفونسو كوارون، وستيف ماكوين، وبين زيتلين، وذلك قبل سنوات من حصولهم على ترشيحات لجائزة أفضل مخرج في جوائز «الأوسكار».

وضمّت القائمة كلاً من: أكينولا ديفز عن فيلم «ظلّ أبي»، وبث دي أراجو عن فيلم «جوزفين»، وجان-أولي جيرستر عن فيلم «آيسلندا»، وسارة جوهر عن فيلم «Happy Birthday»، وديف غرين عن فيلم «Coyote vs. Acme»، وشاندلر ليفاك عن فيلم «Mile End Kicks»، وهاري لايتون عن فيلم «Pillion»، وإن. بي. ماجر عن فيلم «Run Amok»، وكريستين ستيوارت عن فيلم «The Chronology of Water»، وولتر سيمبسون هيرنانديز عن فيلم «If I Go Will They Miss Me».

وأعربت سارة جوهر عن سعادتها الكبيرة بهذا الاختيار غير المتوقع، لتكون المخرجة العربية الوحيدة ضمن قائمة أفضل 10 مخرجين واعدين خلال العام الحالي. وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «تفاجأت بهذا الاختيار المذهل، فقد كنت أدرك منذ دراستي للسينما في الولايات المتحدة أهمية هذه القائمة. بعض المخرجين الذين حصدوا جوائز (الأوسكار)، مثل روبن أوستلوند، كانوا ضمنها قبل سنوات. لذلك لا أزال غير مستوعبة تماماً هذا التكريم، وأنا ممتنّة وفخورة بما يحقّقه فيلمي الأول».

سارة جوهر هي رابع مخرجة عربية تُدرج في هذه القائمة، بعد 3 مخرجات سبقتها إليها، وهنّ السعودية هيفاء المنصور، واللبنانية نادين لبكي، والفلسطينية شيرين دعيبس.

وأضافت سارة، الموجودة حالياً في لوس أنجليس لمتابعة عروض «الأوسكار» الخاصة بفيلمها، أنها دعت أعضاء الأكاديمية لمشاهدته في سانتا باربارا ونيويورك وكاليفورنيا، معربةً عن سعادتها بردود فعلهم الإيجابية وتأثرهم أثناء مشاهدة الفيلم.

تدور أحداث الفيلم حول الطفلة «توحة»، التي تعمل خادمة في منزل أسرة ثرية وترتبط بصداقة مع ابنة صاحبة المنزل، حيث تسعى إلى إعداد حفل عيد ميلاد استثنائي لصديقتها، وهي تُخفي في داخلها أمنية بأن تختبر هي أيضاً الاحتفال بعيد ميلادها.

الفيلم من بطولة نيللي كريم، وشريف سلامة، والطفلة ضحى رمضان. وقد عُرض للمرة الأولى في مهرجان «تريبيكا السينمائي» في الولايات المتحدة، وحصد 3 جوائز: أفضل فيلم دولي، وأفضل سيناريو، وجائزة «نورا إيفرون» لأفضل مخرجة.

كتبت سارة جوهر قصة الفيلم بالاشتراك مع زوجها المخرج محمد دياب، في حين شارك في إنتاجه الممثل والمنتج الأميركي جيمي فوكس.

فريق عمل الفيلم في مهرجان تريبيكا (الشرق الأوسط)

وتقول سارة: «حين كنت أعمل على الفيلم لم أفكّر إلى أين سيصل، بل ركّزت على إيجاد أفضل طريقة للتعبير عن مشاعر أبطاله. كان كلّ تركيزي على الأداء وعناصر الفيلم ليترك أثراً قوياً في كل من يشاهده. فالفيلم الجيد، في رأيي، يكمن في قدرته على التأثير وإحداث التغيير لدى المتلقي. وقد أسعدني أن من شاهدوا الفيلم في (صندانس) أو (الجونة) أو في أميركا خرجوا بانطباعات تؤكد هذا التأثير».

ولفتت سارة إلى أن الأيام العشرة المتبقية قبل إعلان نتائج التصفية الأولية لمسابقة «أفضل فيلم دولي غير ناطق بالإنجليزية»، في 15 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، تُعدّ الأكثر أهمية، إذ تشهد حضور معظم أعضاء الأكاديمية لعروض الأفلام المرشّحة. ولذلك تُكثّف جهودها في دعوتهم لمشاهدة الفيلم، الذي تُقام له في الوقت نفسه عروض في مدن أوروبية عدّة، من بينها باريس وبرشلونة وبرلين، لوجود أعضاء للأوسكار فيها. بيد أنها تشير إلى أن الجزء الأكبر من الحملة يجري في الولايات المتحدة، حيث تعقب العروض جلسات نقاش يطرح خلالها أعضاء الأكاديمية أسئلتهم على المخرجة حول الفيلم.

وتشير سارة إلى أن فيلم «عيد ميلاد سعيد» تم اختياره في مهرجان «بالم سبرينغز» ضمن قسم الأوسكار، لافتةً إلى أن أكثر من 90 في المائة من الأفلام التي تُرشَّح للجائزة تكون ضمن برمجة هذا المهرجان، وهو ما تعدّه إنجازاً كبيراً، رغم أن رحلة الفيلم لم تبدأ من المهرجانات الكبرى مثل «كان» و«برلين» و«فينيسيا»، بحسب تعبيرها.

وتشهد مسابقة أفضل فيلم دولي في النسخة الـ98 من جوائز «الأوسكار» منافسة قوية مع مشاركة 86 فيلماً، إضافة إلى حضور عربي لافت تسيطر عليه المخرجات بشكل ملحوظ. إذ تشارك 8 دول عربية هي: السعودية بفيلم «هجرة» لشهد أمين، وتونس بفيلم «صوت هند رجب» لكوثر بن هنية، والمغرب بفيلم «شارع مالقة» لمريم توزاني، ولبنان بفيلم «نجوم الأمل والألم» لسيريل عريس، وفلسطين بفيلم «فلسطين 36» لآن ماري جاسر، والعراق بفيلم «مملكة القصب» لحسن هادي، والأردن بفيلم «اللي باقي منك» لشيرين دعيبس، إضافة إلى الفيلم المصري «عيد ميلاد سعيد» لسارة جوهر.