يُعدّ المطبخ الإنجليزي واحداً من أقدم المطابخ الأوروبية التي حافظت على تقاليدها رغم مرور الزمن وتنوع الثقافات داخل البلاد. يتميز ببساطته واعتماده على المكونات الطازجة مثل اللحوم، البطاطس، الخضروات الموسمية، والأسماك. ومن أبرز سماته أنه يركز على إبراز النكهة الطبيعية دون الإفراط في استخدام التوابل أو الصلصات.

ومع تطور الزمن، تأثر المطبخ الإنجليزي بالثقافات العالمية، مما أضاف إليه لمسات جديدة من المأكولات الهندية والمتوسطية والآسيوية، دون أن يفقد جوهره التقليدي القائم على البساطة والجودة.
في قلب لندن الزاخرة بخيارات الطعام والمطاعم التي تعكس تنوعاً ثقافياً فريداً، افتتح مطعم «روزي» (Rosi) أبوابه مع وعد بتقديم تجربة فريدة لمحبي المأكولات البريطانية الأصيلة. هذا المطعم الجديد ليس مجرد وجهة لتناول الطعام، بل هو احتفاء بتراث المطبخ البريطاني الخجول، من أطباق تقليدية تشعركم بروح إنجلترا القديمة إلى لمسات معاصرة تضفي عليها نكهة حيوية وجديدة.

يتميّز «روزي» بموقعه الحيوي في مايفير بلندن وتحديداً داخل فندق «ذا بومونت مايفير» المعروف بأجوائه الدافئة والمرادفة للذوق الإنجليزي، واستطاع «روزي» بديكوراته التي طغى عليها اللون الوردي والطاولات المصنوعة من الرخام باللون نفسه والجداريات المرسومة خصيصاً بنمط عصري ورومانسي جداً أن يمزج ما بين الأصالة والعصرية في الوقت نفسه، وكان التركيز على المكونات المحلية التي تستخدم في الأطباق التي وضعت الطاهية البريطانية ليزا غودوين ألين لمساتها عليها.

نبدأ باسم المطعم الذي تم اختياره تكريماً لروز سعيد، زوجة رجل الأعمال العربي وفيق سعيد مالك فندق «ذا بومونت مايفير» الذي استمر في توجهه العصري والمفعم بالحيوية منذ انضمام المدير العام التنفيذي ستيورات بروكتر الذي يحمل بجعبته خبرة كبيرة في إدارة الفنادق العريقة في لندن والمختصة بإحياء الثقافة البريطانية.

تُعد الشيف ليزا غودوين ألين واحدة من أبرز الطهاة في المملكة المتحدة، وتنتمي إلى نخبة صغيرة من الطهاة الحاصلات على «نجمة ميشلان». وساهمت في الحفاظ عليها في مطعم «نورثكوت» (Northcote) لأكثر من عقدين من الزمن. وتتميز بأسلوبها الخاص القائم على التقنية الدقيقة والنكهات الجريئة والثقة الإبداعية. كما تعد القوة الدافعة وراء مهرجان «أوبسشن» (Obsession)، أحد أكثر المهرجانات الذواقة شهرة في المملكة المتحدة.

تعمل ليزا جنباً إلى جنب مع الشيف التنفيذي بريندان فايلدز، ورئيس الطهاة التنفيذي الجديد جوزيف روجولسكي، الذي قاد مطبخ مطعم «ذا جيم بيرد» (The Game Bird) في فندق «ذا ستافورد لندن» لمدة ثماني سنوات. وحرص بروكتر على اختيار هذا الفريق ضمن خطته المستمرة لتجديد الفندق.

في مطعم «روزي»، تعيد ليزا تصميم الأطباق الكلاسيكية بأسلوب مرح ومبتكر، لتقدم قائمة مليئة بالحيوية والدفء ولمسة من التفاعل ما بين الزبائن والمطبخ من خلال تقديم فرصة تصميم بعض الأطباق بحسب ذوق كل زبون على الطاولة.
يمكن للضيوف البدء بتناول مقبلات تحمل طابعاً نوستالجياً مثل النقانق والخضروات الطازجة، والمحار. قائمة الطعام كانت مشجعة لأنها تضم أطباقاً مألوفة لأنها مستمدة من المطبخ البريطاني التقليدي، فلم تكن هناك تسميات غريبة أو خلطات لا تتناسب مع العراقة والأصالة.

من الأطباق الأولية اللذيذة: تارتار لحم البقر المعتّق والروبيان.
أما الأطباق الرئيسية فكانت عبارة عن دجاج دايان المشوي مع الصلصة، وهاش براون، وأصابع سمك جون دوري (هذا الطبق قد تكون تسميته بسيطة ولكنه في الواقع لذيذ جداً ويقدم مع صلصلة رائعة المذاق)، ودجاج كييف، ولمحبي الأسماك يقدم «روزي» السمك المشوي إلى جانب صلصة مبتكرة. الصفة المشتركة ما بين الأطباق هي بث إشارات مفعمة بالحنين إلى الماضي ولكن بروح عصرية. وبما أن المكونات كلها موسمية ومحلية فتم اختيار شرائح اللحم بعناية من أجود الأنواع مثل واغو الإنجليزي ولحم يتم استحضاره من مقاطعة «ليك ديستريكت» الشهيرة بمزارعها.

تقديم الحلويات هو عرض بصري، فإذا وقع خيارك على كعكة إسفنجية تأتيك وعليها شعلة من النار تعطي نكهة إضافية للكاسترد، وقد تكون تجربة طلب طبق «السانداي» هي الأجمل والألذ، فيأتيك النادل بورقة كتبت عليها جميع المكونات والإضافات المتوفرة مع قلم، فكل ما يجب أن تقوم به هو اختيار ما تريده لتصميم الحلوى بحسب مذاقك الخاص، كما تقدم الشيف ليزا «تارت المليونير» الشهير على طريقتها الخاصة، تكريماً لموقع المطعم في قلب حي مايفير الفاخر.

في النهاية يمكن القول بأن «روزي» يجمع ما بين الطهو والفن والدفء، والأهم هو مزجه القوة بالأنوثة من خلال اختيار الألون الزاهية مثل الوردي، كما أن تجربة الطعام فيه تعيد تعريف الفخامة والأصالة البريطانية. وحسب الشيف ليزا: «الأطباق في (روزي) هي للأكل وليست للتأمل فقط».










