«بافيون كافيه»... ينبثق من متحف على المستوى الرفيع

جلسته تعانق الثقافة وأطباقه توقّعها المهارة

الشيف حسين حديد يوقّع أطباق المتحف (إنستغرام)
الشيف حسين حديد يوقّع أطباق المتحف (إنستغرام)
TT

«بافيون كافيه»... ينبثق من متحف على المستوى الرفيع

الشيف حسين حديد يوقّع أطباق المتحف (إنستغرام)
الشيف حسين حديد يوقّع أطباق المتحف (إنستغرام)

مهما خطر على بالك من أفكار حول مطعم ينبثق من متحف وعلى المستوى الرفيع، فإن ما ستراه في «بافيون كافيه» سيفاجئك. أجواؤه الراقية مطعّمة بأنامل سيدات لبنانيات، وبأسماء رجال مشهورين في عالمي الهندسة والطعام، فيترك عندك الشوق لاكتشافه مرات متتالية.

هو يأتي من ضمن مشروع «لو بافيون»، وجناح نهاد السعيد للثقافة، ويشكّل امتداداً للمبنى الأصلي للمتحف الوطني وانعكاساً له.

المدخل الرئيسي لـ«كافيه بافيون» يعكس هندسة المتحف الوطني (إنستغرام)

لا يشبه «بافيون كافيه» بموقعه وجلساته أي مطعم آخر في العاصمة. مشرف على ميدان سباق الخيل في منطقة المتحف، أهم ما يميزه ثلاثة أعمدة ضخمة، استوحاها مصممها المهندس رائد أبي اللمع من مبنى المتحف الوطني الملاصق له. تدخله من ممر موريس شهاب فتشعر برهبة اللحظة، ويشكل جانب المطعم الجدار الفاصل للمتحف الوطني. ففي ثمانينات القرن الماضي خطرت للأمير شهاب فكرة بناء جدار حول الواجهة الغربية للمتحف، من أجل حماية المبنى. ولا يزال قسم من هذا الجدار قائماً حتى الآن، يربط المبنى الرئيسي بجناح «لو بافيون»، فيذكرنا بتاريخ المتحف ويقودنا للعبور من القديم إلى الحديث، ومن الذكرى إلى الابتكار.

جلساته تتمتع بالهدوء والسكينة (إنستغرام)

فقد آثر القيمون الإبقاء عليه كذكرى وفاء لشهاب، مدير آثار المتحف آنذاك، الذي بنى أثناء الحرب اللبنانية متاريس إسمنتية مدعمة بالفولاذ. وكانت مسافة آمنة تحول دون الوصول إلى كنوز المتحف، في زمن الفلتان الأمني.

ما إن تطأ قدمك المطعم حتى تغمرك أحاسيس مختلفة. فهو يعانق الثقافة التي تسود أجواءه، وإلى جانبه يقع جناح نهاد السعيد للمعارض التشكيلية. الهدوء والسكينة يخيمان على مشهدية طاولات المطعم الرخامية وكراسيه الحديدية موزعة بين أحضانه بأسلوب حديث وعلى مسافات عن بعضها.

راودت فكرة المطعم المؤسسة الوطنية للتراث التي أسستها منى الهراوي. وفي عام 2014 ناقش أعضاؤها فكرة إنشاء مطعم، حديث الطابع. في عام 2019 توقف تنفيذ المشروع بسبب أزمات متلاحقة أصابت لبنان. ولكن منذ نحو سنتين قررت سلمى السعيد أن تباشر العمل. جلست على كرسي بلاستيكي تراقب الورشة من ألفها إلى يائها. وبلجنة تتألف من 6 أشخاص ينقسمون بالتساوي بين رجال ونساء بدأ بناء المشروع كاملاً، وتتألف من: لمى سلام ويمنى زيادة كرم وسلوى سلمان وريمون عريجي وسمير علي أحمد.

يطلّ على ميدان سباق الخيل في بيروت (إنستغرام)

تركت نساء اللجنة أشغالها وتفرّغت لهذا المشروع. وتقوم فكرة المطعم ومبنى المعرض على أساس التبرع بأرباحه الإضافية للمتحف الوطني.

وتخبر لمى سلام «الشرق الأوسط»: «اخترنا الشيف حسين حديد لأنه يتمتع بخبرة عالمية في تحضير الطعام. وهو ابن ريما شحادة أخت الراحل نهاد السعيد وتولّت زوجته سلمى تمويل القسم الأكبر من هذا المشروع».

أما لائحة الطعام فتتألف من أطباق غربية، صممت ونفذت بأسلوب راقٍ وشهي.

وتتنوع المأكولات بين المقبلات والسلطات والباستا والأطباق الرئيسية، ومن بينها «سمك السلمون المدخن مع الأفوكادو». و«فويتي البندورة والزعتر» اللذيذ، و«كرودو التونا مع صلصة التارتار». ونجد إضافة إلى سلطات «القيصر» و«الذرة مع الكزبرة» وسندويشات «الدجاج كلوب سندويش» و«برغر بافيون».

أطباقه متنوعة ترضي جميع الأذواق (إنستغرام)

وكذلك توجد أطباق رئيسية من إسكالوب دجاج وخليط الأرز مع «الباذنجان الراغو» بصلصة البندورة. وأخرى محضرة مع لحم البقر أو السمك. ومسك الختام مع حلويات كالبسكويت مع الشوكولاته والجبن، وطبق الـ«ملبا مع السوربيه» و«التفاح المكرمل مع مثلجات الفانيليا».

يتسّع «لوبافيون» لنحو 60 شخصاً، وباحته الخارجية مصممة لاستضافة مناسبات خاصة في الهواء الطلق لتستوعب عدداً أكبر من الناس.

تطل صالته الأساسية على ميدان سباق الخيل الشاسع والعريق. وقد تم هدم الجدار المرتفع الفاصل بينه وبين المطعم ليتزود رواده بهذه المشهدية الرائعة. وقد أقيم الحاجز الحديدي الجديد من تصميم ماركة «لونشانغ» الفرنسية.

جلسة تعبق بأجواء الثقافة والطعام الشهي تتوّج «بافيون كافيه»، فتتيح الفرصة لروادها للقيام بزيارة المتحف الوطني. وجود «لو بافيون» على تماس مع معارض تشكيلية، يحدث الاختلاف بينه وبين غيره من مطاعم بيروت المعروفة. الجمع بين المفيد والممتع عنوان يختصر زيارتك لـ«بافيون كافيه»، فتخرج منه بتجربة بعيدة عن المألوف تحضّك على اكتشاف نكهاتها مرة ثانية.


مقالات ذات صلة

من أشهر مطاعم لندن على «إنستغرام» التي تمزج الفن مع الأكل

مذاقات غرفة "غاليري" في سكيتش بحلتها الجديدة (الشرق الاوسط)

من أشهر مطاعم لندن على «إنستغرام» التي تمزج الفن مع الأكل

«سكيتش» Sketch اسم لامع في عالم المطاعم اللندنية، عنوان قديم، لكنه متجدد.

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات "أخو منقوشة" يقدم مذاق المنقوشة اللبنانية على أصولها (الشرق الاوسط)

إبراهيم عكاوي يحمل المنقوشة راية له في الخليج العربي

هاجر إبراهيم عكاوي إلى الخليج العربي منذ نحو 45 عاماً. بدأ مشواره العملي، باحثاً عن لقمة العيش بمحل لبيع الأدوات الكهربائية.

فيفيان حداد (دبي)
مذاقات بائع ذرة في ميدان عبد المنعم رياض وسط القاهرة («الشرق الأوسط»)

الذرة المشوية... «تصبيرة» للفقير و«فولكلور» للغني

في مشهد لا يُنسى من فيلم «الأيدي الناعمة» لم يُقاوِم البرنس «المُفلس» شوكت حلمي، الذي جسد دوره الفنان أحمد مظهر رائحة شواء الذرة

منى أبو النصر (القاهرة)
صحتك يوصي أحد الخبراء بالطعام الهندي لإطالة العمر (رويترز)

ما أفضل الأطعمة التي يجب تناولها إذا أردت العيش حتى سن اﻟ100؟

يرى أحد الخبراء أنه لبلوغ عمر طويل يصل إلى المائة، فإن ثلاثة أنواع من المطاعم عادةً ما تكون رهاناً آمناً.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
مذاقات الفائزون بجائزة أفضل مطعم في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (الشرق الأوسط)

«Orfali Bros Bistro» في دبي... يحتل المرتبة الأولى للمرة الثالثة

اجتمع نجوم الطهي في العاصمة الإماراتية أبوظبي لحضور النسخة الرابعة من حفل جوائز Middle East & North Africa’s 50 Best Restaurants

جوسلين إيليا (أبوظبي)

من أشهر مطاعم لندن على «إنستغرام» التي تمزج الفن مع الأكل

غرفة "غاليري" في سكيتش بحلتها الجديدة (الشرق الاوسط)
غرفة "غاليري" في سكيتش بحلتها الجديدة (الشرق الاوسط)
TT

من أشهر مطاعم لندن على «إنستغرام» التي تمزج الفن مع الأكل

غرفة "غاليري" في سكيتش بحلتها الجديدة (الشرق الاوسط)
غرفة "غاليري" في سكيتش بحلتها الجديدة (الشرق الاوسط)

«سكيتش» Sketch اسم لامع في عالم المطاعم اللندنية، عنوان قديم، لكنه متجدد.

دعونا نبدأ بقصة هذا المطعم الذي يتخطى مهمة تقديم الطعام ويندرج في خانة الفن. فكرته كانت وليدة رؤية رجل الأعمال مراد معزوز، المعروف بحبه للفن وعلاقاته الوطيدة مع أسماء كبرى في عالم التصميم والابتكار، وفنانين أمثال إنديا مهدافي ونووي دوشوفور لورنس ومارتن كريد وديفد شريغلي وينكا شونيبار، وغيرهم.

سكيتش هو إذن وليد الفن وصداقة متينة تجمع ما بين معزوز والشيف الفرنسي الشهير بيير غانيير، معا بدآ هذا المشروع الفريد من نوعه، فوقع خيارهما على مبنى تاريخي في شارع «كوندويت» بوسط لندن يعود تاريخ بنائه إلى عام 1779، من تصميم جيمس يات، وتطور استخدام هذا المبنى عبر التاريخ، وكان في يوم من الأيام مقراً لمؤسسة المهندسين المعماريين البريطانيين، وحضن أيضاً أتولييه المصمم الفرنسي كريستيان ديور.

حلوى منمقة وسندويتشات لذيذة (الشرق الاوسط)

بعد أكثر من عشرين سنة لا يزال «سكيتش» اسماً معروفاً يتهافت عليه الذواقة وجيل الألفية وجيل «زد» المهتمين بالصورة أكثر من المذاق، واستطاع هذا العنوان أن يواكب موجة المطاعم «الانتغرامية» أو ما تعرف بالـInstagrammable لأنه متجدد وعصري، وفيه ما يشد الجميع من كل الشرائح الاجتماعية والأعمار.

«سكيتش» يحتل المبنى بالكامل، ولكنه مقسم إلى عدة أقسام مثل غرفة الغاليري والغلايد وليكتشير روم وغيرها، وعندما نقول «غرف» لا نعني أنها أشبه بغرف صغيرة، إنما تشكل كل منها مطعماً منفصلاً يقدم شيئاً مختلفاً عن غيره.

اخترنا هذه المرة تناول الشاي بعد الظهر على طريقة سكيتش، فكل ما يقدمه هذا المطعم مختلف لأنه لا يؤمن بالنمطية والكلاسيكية، والدليل على ذلك هو وجود كتاب ضخم على المكتب الذي يتصدر مدخل المبنى، عندما تفتحه سوف تفاجأ بكمية التجدد التي يخضع لها المطعم من حيث الديكور والألوان والأثاث... فتارة يكون مطعم الغاليري باللون الوردي الذي لاقى شهرة غير عادية، وبعدها تحول إلى اللون الأبيض بالكامل ليتحول إلى ما هو أشبه بالمتحف... واليوم تحول لون أثاثه وجدرانه إلى اللون الأصفر الذهبي (من تصميم إنديا مهدافي والفنان البريطاني النيجيري ينكا شونيبار)، وعندما ترى هذا الكم من التغيير سوف تسأل نفسك: «أين يخزن مراد معزوز الأثاث والقطع الفنية التي يستبدلها بأخرى جديدة؟».

الحمامات الاشهر على انستغرام (الشرق الاوسط)

قبل أن نبدأ بالتحدث عن الشاي الإنجليزي الذي يقدمه سكيتش يجب أن ننوه بأن هذا المطعم شهير جداً بمرحاضه المصمم على شكل مجسمات للبيض باللون الأبيض تحت سقف من الموازييك المربع الزجاجي الملون، واللافت هو أن الوصول إلى الحمامات الفريدة من نوعها سيمر بما أشبه بغرفة الثلج «إيغلو»، تضم غرفة تقدم الشراب فترة المساء، ولا يمكن أن يزور أي شخص سكيتش من دون التوجه إلى الحمام؛ لالتقاط الصور التي تغزو وسائل التواصل الاجتماعي.

ديكور جددي باللون الاصفر الذهبي (الشرق الاوسط)

اللافت أيضاً عند وصولك إلى سكيتش، الاستقبال الحار من قبل أكثر خمسة أشخاص على الأقل، فتشعر بالأهمية والأبهة، خاصة عندما يستقبلونك بلكنة فرنسية جميلة، تقودك إحدى موظفات الاستقبال إلى طاولتك، وتنصحك بالجلوس في الناحية المطلة على الفرقة الموسيقية ومغنيات الأوبرا الأنيقات، يبدأن بأداء أجمل الأغاني العصرية، مثل أغاني تايلور سويفت، ولكن على طريقة الموسيقى الكلاسيكية، وفي أيام أخرى تكون هناك راقصات باليه يتمايلن ما بين الطاولات في أثناء تناول الشاي فترة بعد الظهر.

كيك فكتوريا على طريقة سكيتش (الشرق الاوسط)

قد يكون الشاي الإنجليزي محدوداً نسبة لما هو معروف به، فهو يقتصر على السندويتشات والشاي بأنواع مختلفة والحلوى والسكونز مع المربى، ولكن في سكيتش يمكن إضافة الطريقة المميزة في التقديم؛ فعلى سبيل المثال يقوم الشيف بتقديم سندويتش الكروك موسيو Croque Monsieur ساخناً ومغلفاً بورق زبدة وملفوفاً بشريط أصفر تفكه قبل الأكل، فكل هذه التفاصيل الصغيرة تجعل منظر حاويات السندوتشات والحلوى جميلة وجذابة.

وهنا يجب التنبيه بأن سكيتش سخي من حيث الكمية، ويحق لك بأن تزيد من السندويتشات وبنفس السعر (80 جنيهاً إسترلينياً)، بما في ذلك الشاي بأصنافه العديدة. جربنا الشاي باللافندر وكان مذاقه جيداً.

الشاي الانجلزي على طريقة سكيتش (الشرق الاوسط)

وتحذير آخر، لا تأكل كل قطع الحلوى الموجودة على صينية التقديم؛ لأن السكونز الذي يقدم مع الكريمة والمربى يأتي منفصلاً لاحقاً، والمفاجأة الكبرى هنا، هي أن السكونز ليست مسك ختام مهرجان السكريات؛ لأن كيك Victoria Sponge على طريقة سكيتش سيكون في طريقه إليك.

زيارة سكيتش ليست فقط لتناول الشاي بعد الظهر أو الغداء أو العشاء، إنما هي مغامرة جميلة تغذي وتبهر العين قبل المعدة، لا يمكن وصفها إلا بالفريدة من نوعها على جميع الأصعدة.