الخضراوات المجففة... «الملاذ الآمن» للطبخ السريع

طهاة يعدّونها من الأطباق الصحية الملائمة للرحلات

الفلفل المجفف
الفلفل المجفف
TT

الخضراوات المجففة... «الملاذ الآمن» للطبخ السريع

الفلفل المجفف
الفلفل المجفف

ما بين البازلاء والفاصوليا الخضراء والبروكلي، يمكنك تكوين طبق من الخضراوات المجففة لاستخدامه فيما بعد بوصف ذلك «ملاذاً آمناً»، في إطار ما يوصف بأنها «أطباق صحية».

فالخضراوات المجففة تعدّ خياراً مريحاً للوجبات المختلفة، تستطيع استخدامها بمفردها أو مع الأطعمة الأخرى أو بوصفها وسيلة مضمونة لإضافة نكهة لطبقك المفضل وفق الشيف المصري أحمد نبيل.

يوماً بعد يومه يتجه الطهاة إلى استكشاف الاتجاهات الجديدة في الخبز والطبخ. يقول نبيل لـ«الشرق الأوسط»: «هي مكونات رائعة للحساء والصلصات واليخنات، ومع ذلك يمكن تقديمها أيضاً بمفردها مع إضافة الزبدة أو صلصة الجبن أو الأعشاب لتعزيز النكهة، وكذلك تقديمها بوصفها طبقاً جانبياً مع المشويات».

إضافة الخضروات المجففة إلى الصلصة في طبق لشيف أحمد نبيل (الشرق الأوسط)

في مقدمة الأطباق التي يقدمها نبيل باستخدام الخضراوات المجففة هي اليخنة باللحم والثوم والبطاطس والحمص مع قائمة من الخضراوات المجففة، وتضم البقدونس والكرفس والبازلاء والجزر والفلفل الأخضر المجفف، ويتابع: «أثناء تحضير الخبز، أضف الخضراوات المجففة سيما الطماطم، واخبزها، وقطعها إلى شرائح، واستمتع بالمذاق الرائع».

ويلفت إلى أن الطماطم بعد تجفيفها «تمثل مكوناً لذيذاً مع اللحوم والمأكولات البحرية، جرب الروبيان بها، وبزيت الزيتون والزبدة المملحة أيضاً، أو أنواع الشوربة المختلفة، كذلك قم بإضافتها إلى الأرز بالبصل والكمون والكركم وملح الكوشير مع البروكلي المجفف»، ويقول نبيل: «البروكلي المجفف يجعل الأرز متمتعاً بمذاق رائع، ويمنحه قيمة غذائية مرتفعة».

وتتميز هذه الخضراوات بسهولة استخدامها، ما يجعلها ملائمة للغاية للسفر والرحلات والتخييم، ربما حين تجربها تصبح محببة لك؛ لأنها حل سريع وعملي أثناء الطهي، خاصة إذا كنت من المهتمين بالطعام الصحي.

ويوضح الشيف نبيل: «أنت هنا غير محاصر بعدد من المهام المملة ـ مثل غسل الخضراوات وتقطيعها ـ في كل مرة تكون بصدد الطهي أو حتى إعداد طبق خفيف، غاية ما في الأمر أنك عند استخدامها عليك ترطيبها؛ نظراً لأن الخضراوات تفقد كل رطوبتها أثناء عملية التجفيف، وسوف تحتاج إلى إضافة الرطوبة إليها لتحتفظ بشكلها المعتاد. ضع الخضراوات المجففة في وعاء، وأضف الماء المغلي فوقها، ثم قم بترطيبها لمدة حوالي نصف الساعة أو حتى تصبح ممتلئة، ثم استخدمها».

تجفيف الطماطم على طريقة شيف أحمد إسماعيل (الشرق الأوسط)

وينصح بتحويل بعض الخضراوات المجففة إلى مسحوق لمزيد من الاستخدامات، إذ يعد مسحوق الخضراوات أيضا بديلاً رائعاً للنكهات، ما عليك سوى إضافة الخضراوات المجففة إلى الخلاط الخاص بك وخفقها حتى تصل إلى قوام المسحوق. أما إذا كنت تريدها مثل المحترفين فيجب أن تكون الخضراوات جافة تماماً قبل أن يتم سحقها إلى مسحوق؛ لذلك من الأفضل تقطيعها إلى قطع أصغر وإعادة تجفيفها في مجفف الطعام أو فرن دافئ حتى تتكسر مثل البسكويت، اطحنها في مطحنة التوابل، ثم خزن مسحوق الخضراوات على الفور في حاوية محكمة الإغلاق.

الخضروات المجففة في طبق للشيف أحمد نبيل (الشرق الأوسط)

وتضاف الخضراوات المطحونة الحيوية على أي طبق، حيث تستطيع إضافتها إلى العصائر الخضراء إذا كنت تحب صنع العصائر، وتريد بعض العناصر الغذائية الإضافية، فيمكنك إضافة بعض الخضراوات مع بعض الفاكهة لجعل عصائرك أكثر صحة.

كذلك قم بإضافتها إلى الصلصات، إذا كان من الصعب إقناع أطفالك بتناول الأطعمة الصحية، فلتدمجها في الأطباق المحببة إليهم، خاصة تلك التي تحتوي على كثير من الألوان والنكهات بالفعل، مثل صلصة السباغيتي أو البيتزا.

إضافة الخضروات المجففة إلى المشويات رفع من قيمتها الغذائية

أيضا قم بإضافتها إلى الحساء والخلطات المهروسة والبرغر والكاري، وإذا كنت تريد تقليل تناول التوابل على سبيل المثال، فيُعد مسحوق الكرفس رائعاً على البطاطس المخبوزة، وسيضفي كذلك البقدونس البودرة على طبق الأومليت مظهراً رائعاً يغري بالتهامه.

أضف الخضروات المجففة إلى الفطائر طبق لشيف أحمد إسماعيل (الشرق الأوسط)

لكن هل تحتفظ الخضراوات المجففة بقيمتها الغذائية؟ يجيب الدكتور أحمد علاء اختصاصي التغذية لـ«الشرق الأوسط»: «قد يتفاجأ بعض الناس عندما يعلمون أن الخضراوات المجففة صحية تماماً مثل نظيراتها الطازجة، كما أنها تحافظ على جميع الفيتامينات والمعادن تقريباً، باستثناء بعض العناصر الغذائية المتطايرة، مثل فيتامين (ب) وفيتامين (ج)». متسائلاً: «أليس ذلك أفضل من الامتناع التام عن تناولها بسبب ضيق الوقت في تحضير الخضراوات الطازجة أو لرفض الأطفال لها».

تجفيف المشروم

اتجه بعض (البلوغرز) إلى استخدام الخضراوات المجففة في بعض الأطباق، كما قدم البعض الآخر طرقاً لحفظها مثل الشيف أحمد إسماعيل، الذي قدم على مدونته طريقة تجفيف الطماطم، مشيراً إلى قيمتها الغذائية ودورها في إضافة نكهة للأطباق من دون أي هدر للطعام. يقول: «أنت هنا تستخدم الكمية التي تحتاجها فقط، وتترك ما يتبقى في البرطمان الذي تحفظها داخله، كما أنه لا شيء يفسد هنا بسبب تركه في الثلاجة، فتستطيع الاحتفاظ بالخضراوات المجففة لعدة شهور».

وينتهي إلى أنه «بالنسبة للطماطم التي قدمت طريقتها هي مناسبة خصوصاً للمعكرونة والتتبيلات والساندوتشات مع رشة زعتر وزيت زيتون».


مقالات ذات صلة

هل تأثرت توابل المصريين بالجاليات الأجنبية؟

مذاقات البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)

هل تأثرت توابل المصريين بالجاليات الأجنبية؟

«رشّة ملح وفلفل»، معادلة مصرية تعود إلى الجدات، تختصر ببساطة علاقة المطبخ المصري بالتوابل، والذي لم يكن يكترث كثيراً بتعدد النكهات.

إيمان مبروك (القاهرة)
مذاقات مبنى «آر إتش» من تصميم المهندس المعماري البريطاني السير جون سوان (الشرق الأوسط)

«آر إتش» عنوان يمزج بين الأكل والأثاث في حضن الريف الإنجليزي

سحر الريف الإنجليزي لا يقاوم، وذلك بشهادة كل من زار القرى الجميلة في إنجلترا. قد لا تكون بريطانيا شهيرة بمطبخها ولكنها غنية بالمطاعم العالمية فيها

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات طبق الكشري المصري (شاترستوك)

مبارزة «سوشيالية» على لقب أفضل طبق كشري في مصر

يبدو أن انتشار وشهرة محلات الكشري المصرية، وافتتاح فروع لها في دول عربية، زادا حدة التنافس بينها على لقب «أفضل طبق كشري».

محمد الكفراوي (القاهرة ) محمد الكفراوي (القاهرة)
مذاقات مطعم "مافرو" المطل على البحر والبقايا البركانية (الشرق الاوسط)

«مافرو»... رسالة حب إلى جمال المناظر الطبيعية البركانية في سانتوريني

توجد في جزيرة سانتوريني اليونانية عناوين لا تُحصى ولا تُعدّ من المطاعم اليونانية، ولكن هناك مطعم لا يشبه غيره

جوسلين إيليا (سانتوريني- اليونان)
مذاقات حليب جوز الهند بلآلئ التابيوكا من شيف ميدو برسوم (الشرق الأوسط)

نصائح الطهاة لاستخدام مشتقات جوز الهند في الطهي

حين تقرّر استخدام جوز الهند في الطهي، فإنك ستجده في أشكال مختلفة؛ إما طازجاً، مجفّفاً، أو حليباً، أو كريمة، وثمرة كاملة أو مبشورة.

نادية عبد الحليم (القاهرة )

هل تأثرت توابل المصريين بالجاليات الأجنبية؟

البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)
البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)
TT

هل تأثرت توابل المصريين بالجاليات الأجنبية؟

البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)
البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)

«رشّة ملح وفلفل»، معادلة مصرية تعود إلى الجدات، تختصر ببساطة علاقة المطبخ المصري بالتوابل، والذي لم يكن يكترث كثيراً بتعدد النكهات، في حين عُرف بالاعتماد على مذاق المكونات الأساسية، مع لمسة محدودة لم تتخطَّ صنفين أو ثلاثة من التوابل.

غير أن الوضع تبدّل الآن، وباتت الأكلات المصرية غارقة في توليفات التوابل، فدخل السماق والزعتر البري والكاري والبابريكا على الوصفات التقليدية. وعلى مدار سنوات عدة قريبة تطوّر المطبخ المصري، وبات أكثر زخماً من حيث النكهات، ليطرح السؤال عن مدى تأثره أو تأثيره في الجاليات التي توجد بالبلاد.

ويرى خبراء الطهي، أن معادلة التوابل لدى المصريين اختلفت بفضل الاندماج الثقافي وتأثير الجاليات العربية التي دفعتهم ظروف الحروب لدخول مصر والاستقرار بها، أيضاً منصات التواصل الاجتماعي التي أزاحت الحدود، ودفعت بمفهوم «المطبخ العالمي»، فنتج خليط من النكهات والثقافات استقبلته المائدة المصرية بانفتاح.

البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)

ورأت الطاهية المصرية أسماء فوزي، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن المطبخ المصري الآن «بات مزيجاً من ثقافات عربية»، وقالت: «عندما بدأت أتعلَّم الطهي من والدتي وجدتي، كانت توليفة التوابل الأشهر تشمل الملح والفلفل، وفي وصفات شديدة الخصوصية قد نستعين بالكمون والحبّهان على أقصى تقدير، أما الكزبرة المجففة فكانت حاضرة في طبق (الملوخية) فقط».

لكنها أشارت إلى أنه قبل سنوات معدودة لاحظت تغييراً واضحاً في تعاطي المطبخ المصري التوابل، و«بدأتُ للمرة الأولى أستعين بنكهات من شتى بقاع الأرض لتقديم مطبخ عصري منفتح على الآخر».

التوابل والأعشاب المصرية مرت برحلة مثيرة عبر قرون من التاريخ والثقافة، واشتهر المطبخ المصري قديماً بمجموعة من الكنوز العطرية، تشمل الكمون بنكهته العميقة التي ارتبطت بطبق «الكشري»، والكزبرة، تلك الأوراق الخضراء المجففة التي تضيف لطبق «الملوخية» نكهته الفريدة، كما عرف الشبت ذو النكهة العشبية المميزة الذي ارتبط ارتباطاً وثيقاً بوصفات التمليح (التخليل) والسلطات.

يتفق محمود عادل، بائع بأحد محال التوابل الشهيرة في مصر، يسمى «حاج عرفة»، مع القول بأن المطبخ المصري تحوّل من محدودية النكهات إلى الزخم والانفتاح، ويقول: «المصريون باتوا يميلون إلى إضافة النكهات، وأصبح أنواع مثل السماق، والأوريجانو، والبابريكا، والكاري، والكركم، وورق الغار، وجوزة الطيب والزعتر البري، مطالب متكررة للزبائن». ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «ثمة انفتاح على المطابخ العالمية بسبب منصات التواصل الاجتماعي انعكس على سوق التوابل، وهو ما يعتبره (اتجاهاً إيجابياً)».

ويرى عادل أن «متجر التوابل الآن أصبح أكثر تنوعاً، وطلبات الزبائن تخطت الحدود المعروفة، وظهرت وصفات تعكس الاندماج بين المطابخ، مثل الهندي الذي تسبب في رواج الكركم وأنواع المساحيق الحارة، فضلاً عن الزعفران»، منوهاً كذلك إلى المطبخ السوري، أو الشامي عموماً، الذي حضر على المائدة المصرية بوصفات اعتمدت نكهات الزعتر والسماق ودبس الرمان، ووضعت ورق الغار في أطباق غير معتادة.

وتعتقد الطاهية أسماء فوزي، أن سبب زخم التوابل وتنوعها الآن في مصر، يرجع إلى «الجاليات العربية التي دخلت البلاد عقب (ثورة) 25 يناير (كانون الثاني) عام 2011، أي قبل أكثر من عقد». وتقول: «بصمة المطبخ السوري بمصر كانت واضحة، فالجالية السورية اندمجت سريعاً، وقدمت مهارات الطهي من خلال المطاعم و(المدونين)، وانعكس ذلك على اختيارات التوابل، وبات ملاحظاً إضافة توليفات التوابل السوري، مثل السبع بهارات لوصفات مصرية تقليدية».

بهارات متنوعة (صفحة محال رجب العطار على «فيسبوك»)

كما أشارت إلى أن «المطبخ العراقي ظهر، ولكن على نحو محدود، وكذلك الليبي»، وتقول: «ما أتوقعه قريباً هو رواج التوابل السودانية، مع تزايد أعدادهم في مصر بعد الحرب، لا سيما أن المطبخ السوداني يشتهر بالتوابل والنكهات».

انفتاح أم أزمة هوية؟

كلما انعكست مظاهر الانفتاح الثقافي على المطبخ المصري، ازدادت معه مخاوف الهوية، وفي هذا الصدد تقول سميرة عبد القادر، باحثة في التراث المصري، ومؤسسة مبادرة «توثيق المطبخ المصري»: «إنه (المطبخ المصري) لم يعتمد في أصوله على النكهات المُعززة بالتوابل المختلطة»، وترى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تفرّد المطبخ المصري القديم يرجع إلى اعتداله في إضافة التوابل... «هذا لا يعني إهماله لسحر مذاق البهارات والتوابل، غير أنه كانت له معادلة شديدة الدقة، كما أن علاقة المصري بالتوابل ذهبت قديماً إلى ما هو أبعد من فنون الطهي».

وأرجعت الباحثة في التراث المصري زيادة الاهتمام بالتوابل إلى (المؤثرين) وطُهاة «السوشيال ميديا»، وتقول: «المطبخ المصري لا يعتمد على التوابل بهذا القدر، في حين هناك عوامل كانت وراء هذا الزخم، أهمها (المؤثرون) و(مدونو) الطعام؛ غير أن إضافة التوابل بهذا الشكل ربما تُفقد المطبخ المصري هويته».

ولفتت إلى أن «المطبخ المصري القديم اعتمد على الملح والفلفل والكمون فقط، أما بقية التوابل فكانت تستخدم لأغراض مثل العلاج والتحنيط؛ وفي العصور الوسطى شهد بعض الاندماج بعد فتح قنوات التواصل مع الدول المحيطة، ولكن على نحو محدود لا يُقارن بالزخم الحالي».