وصفات اقتصادية لحلوى العيد تحافظ على العادة رغم الغلاء

ارتفاع أسعار الجاهزة يدفع الأسر لإعدادها منزلياً

عامل يرش حبات السكر على الكعك في أحد المخابز بالقاهرة (أرشيفية - رويترز)
عامل يرش حبات السكر على الكعك في أحد المخابز بالقاهرة (أرشيفية - رويترز)
TT

وصفات اقتصادية لحلوى العيد تحافظ على العادة رغم الغلاء

عامل يرش حبات السكر على الكعك في أحد المخابز بالقاهرة (أرشيفية - رويترز)
عامل يرش حبات السكر على الكعك في أحد المخابز بالقاهرة (أرشيفية - رويترز)

راجت في الأيام الماضية وصفات اقتصادية لحلوى العيد، مثل الكعك، والبسكويت، قبل أيام من حلوله، ولاقت رواجاً بين متابعين عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي، في الوقت الذي أضحت مواقع التواصل نافذة «تنافسية» بين مقدمي وصفات حلوى العيد بطرق و«تكات» جذابة.

ويعد تناول الحلوى، خصوصاً الكعك، والبسكويت، أحد المظاهر الرئيسية للاحتفال بعيد الفطر في مصر، في الوقت الذي تشهد فيه أسعار الخامات الرئيسية لإنتاج هذه الحلوى ارتفاعاً كبيراً (الدولار=47.35 جنيهاً مصرياً)، مما يجعل شراء «كعك العيد» رفاهية لمعظم الأسر المصرية.

وتحمس الشيف محمود عطية (55 عاماً) لتقديم وصفات اقتصادية للبيتي فور، والكعك عبر صفحته الرسمية بـ«فيسبوك»، مستخدماً (سكر وزيت التموين)، وهما المنتجات التي تقدمها الحكومة المصرية للفئات الأكثر احتياجاً بشكل مدعم، ليخاطب عطية شرائح اجتماعية تحلم بحلوى العيد وإن حلقت أسعاره عالياً.

يصنع عطية حلوى البيتي فور والبسكويت من السكر والزيت بدلاً من السمن (صفحة الشيف عطية بـ«فيسبوك»)

يقول عطية لـ«الشرق الأوسط» إنه قدم وصفات اقتصادية لحلوى العيد في العام الماضي، لكنه لمس ارتفاعاً حقيقياً ليس فقط في أسعار الحلوى الجاهزة التي تقدمها محال الحلوى، ولكن أيضاً في ارتفاع الخامات لصناعة الحلوى منزلياً، وسعى إلى استخدام أقل الخامات التي يمكن أن تنتج الكعك، والبسكويت، موضحاً: «أحياناً تكون وظيفتنا ليس فقط أن نقول للجمهور طريقة عمل الوصفة، ولكن أيضاً كيفية تقديمها ولو بأقل القليل».

وعن الاختلاف في مذاق الحلوى مع اختلاف الخامات، يقول الشيف المصري إنه حتى المكون الواحد مثل السمنة، فهناك درجات عدة؛ فالسمن النيوزيلندي والطبيعي يختلفان عن السمن النباتي، والزبد كذلك، ليقطع بأن الحلوى بالزيت لن تكون مثل السمن، لكنها على الأقل فرصة للباحثين عن صناعة حلوى العيد وفرحته «وسط ظروف اقتصادية صعبة»، وفق قول عطية. وجمعت وصفة واحدة للبيتي فور لعطية على أكثر من 300 ألف مشاهدة في أقل من أسبوعين عبر صفحته على «فيسبوك»، كما تقترب وصفة البسكويت من نصف مليون مشاهدة في نفس الفترة الزمنية.

الشيف محمود عطية (الصفحة الرسمية بـ«فيسبوك»)

وعزت الشيف سلوى عبده إقبال المواطنين على صناعة حلوى العيد في المنزل بدلاً من شراء الجاهزة إلى ارتفاع أسعار الخامات، فضلاً عن شيوع الوصفات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتقول لـ«الشرق الأوسط» إنه «في السابق كانت وصفات البسكويت والكعك قد لا تنجح. لكن هناك شيفات وأيضاً ربَّات منزل يقدمن الوصفات بعدة طرق، مع أسرار نجاحها، وضبطها حتى لا تضيع الوصفة، فتشجعت السيدات لصناعة حلوى العيد حتى ولو بكميات قليلة».

وتقول عبده، التي قدمت وصفة للبيتي فور حازت على أكثر من 81 ألف مشاهدة في أقل من 24 ساعة، إن هناك محال حلوى تقدم علبة واحدة للكعك وزن كيلوغرامين بسعر 750 جنيها، وتوضح: «بهذا السعر يمكن لربة المنزل صناعة كميات أكبر، وأصناف أكثر».

الشيف سلوى عبده قدمت وصفة اقتصادية لحلوى البيتي فور (صفحتها الرسمية بـ«فيسبوك»)

وعن ارتفاع أسعار الخامات، يقول اللواء صلاح العبد رئيس شعبة الحلويات بالغرفة التجارية لمحافظة القاهرة، إن أسعار حلوى العيد ارتفعت هذا العام نظراً لارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج بزيادة تتراوح من 10 إلى 15 في المائة، مضيفاً في تصريحات تلفزيونية أمس (الأحد) أن أبرز الخامات التي ارتفع سعرها هي السمن، يليها السكر، والدقيق، والمكسرات.

وتابع العبد أن عددا من محال الحلوى تتغلب على ذلك بوضع هامش ربح أقل، بالإضافة لعلب حلوى مشكلة، أي تجمع أصناف حلوى العيد بكميات مناسبة، مثل علبة تحتوي على كل الأصناف حتى ولو نصف كيلو.

وليس السمن وحده الذي ارتفع سعره، فتشهد مصر قبل شهر رمضان أزمة في قلة وجود السكر، فضلاً عن ارتفاع سعره، تظهر في طوابير تشهدها المجمعات الاستهلاكية التي تتيح عددا محددا للمواطن من أكياس السكر. في الوقت الذي تؤكد فيه وزارة التموين المصرية على استمرار طرح السكر الحر على بطاقة التموين بسعر 27 جنيهاً (نحو نصف دولار) للكيلوغرام، كما حظرت الوزارة تعبئة السكر الحر غير المربوط على البطاقات التموينية.

ووفقاً لإحدى صفحات محل حلوى شهير في مصر، فيقدر سعر الكعك السادة بـ230 جنيهاً، والبيتي فور بـ250 جنيهاً، والبسكويت بـ200 جنيه. وتبدأ أسعار العلب المشكلة من 100 جنيه (نصف كيلو) وحتى 1900 جنيه (6 كيلو).


مقالات ذات صلة

لبنان يُغنّي في النسخة الـ23 لـ«عيد الموسيقى»

يوميات الشرق بيروت تحتفل بـ«عيد الموسيقى» طوال يومين (المركز الثقافي الفرنسي)

لبنان يُغنّي في النسخة الـ23 لـ«عيد الموسيقى»

لبنان بجميع مناطقه يُغنّي في النسخة الـ23 لـ«عيد الموسيقى» الذي يحلّ في 21 يونيو من كل عام. فاللبنانيون اعتادوا الاحتفال به منذ انطلاقته عام 2001.

فيفيان حداد (بيروت)
العالم العربي عدد من الأضاحي قبل ذبحها في المجازر المعتمدة (مجلس الوزراء)

«عجول نزقة» تجلب مشاهد مصارعة الثيران إلى مصر

حظيت مقاطع فيديو مصورة لمَشاهد «هروب» عجول الأضحية في مصر، بانتشار واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، محققة مشاهدات كبيرة، وتشبيه مدونين لها بـ«مصارعة الثيران»

أحمد عدلي (القاهرة)
الخليج خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز (الشرق الأوسط)

خادم الحرمين: نسأل الله أن يديم الأمن والاستقرار على وطننا والأمتين العربية والإسلامية

هنّأ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، المواطنين والمقيمين والأمتين العربية والإسلامية بعيد الأضحى المبارك.

«الشرق الأوسط» (جدة)
يوميات الشرق رسمت فرحة العيد البهجة والسرور على وجوه الكبار والصغار في مختلف مناطق السعودية (تصوير: سعد الدوسري)

العيد في السعودية... كرنفال للفرح والبهجة

رسمت فرحة العيد البهجة والسرور على وجوه الكبار والصغار في مختلف مناطق السعودية، الذين توافدوا مع ساعات الصباح الأولى على ساحات المساجد والمتنزهات.

إبراهيم أبو زايد (الرياض)
الخليج «طواف الإفاضة» الركن الثالث من أركان الحج (واس)

الحجاج يؤدون «طواف الإفاضة» وسط منظومة من الخدمات المتكاملة

بدأ الحجاج اليوم أداء «طواف الإفاضة» الركن الثالث من أركان الحج في المسجد الحرام مع فجر عيد الأضحى المبارك وسط منظومة من الخدمات والتنظيمات المكثفة

«الشرق الأوسط» (مكة المكرمة)

«السوشي»... شارة اجتماعية أم أكلة محبوبة؟

«السوشي»... شارة اجتماعية أم أكلة محبوبة؟
TT

«السوشي»... شارة اجتماعية أم أكلة محبوبة؟

«السوشي»... شارة اجتماعية أم أكلة محبوبة؟

«جربت السوشي؟»... سؤال يبدو عادياً، لكن الإجابة عنه قد تحمل دلالات اجتماعية أكثر منها تفضيلات شخصية لطبق آسيوي عابر من ثقافات بعيدة. وأمام اتساع جمهوره وتنوعه من المطاعم الفخمة إلى العربات المتنقلة، تزايدت الأسئلة بشأن ما إذا كانت شهرة هذا النوع من الطعام ناتجة عن رغبة حقيقية أم أنها للتباهي فقط.

لم يكن السوشي معروفاً على نطاق واسع في مصر حتى العقود الأخيرة، غير أن شهرته بدأت تتسلل في أواخر التسعينات ومطلع الألفية، على خلفية زيادة انتشار المطاعم اليابانية في مصر، ومع تصاعد استخدام مواقع التواصل الاجتماعي ذاع صيته بدافع المغامرة وتجربة غير التقليدي.

تعود جذور السوشي إلى مناطق متعددة من آسيا، خصوصاً في اليابان، وحسب كتاب «قصة السوشي» الصادر عام 2007 للكاتب تريفور كورسون، لم يكن السوشي طبقاً يؤكل، ولكن كان مجرد عملية تعتمد على الأرز المخمر لحفظ الأسماك، نشأت تحديداً في القرن الرابع الميلادي، وكانت تعرف بـ«ناريزوشي».

مع مرور الوقت، طوّر اليابانيون طريقة الحفظ وأضافوا بعض التغييرات مثل تقليل مدة تخمير الأرز حتى أصبح يُؤكل مع السمك. ثم مرّ بعدّة مراحل للتطوير.

وحسب كورسون، كان النصف الثاني من القرن العشرين هو بداية عبور السوشي خارج حدود الثقافة الآسيوية، حيث بدأ ينتشر في الولايات المتحدة الأميركية، ومنها إلى العالم الذي احتضنه وصنّفه كطبق فاخر يعكس الانفتاح الثقافي لعشاقه.

السوشي في مصر

يرى مدير تسويق شركة «موري إنترناشيونال» المالكة لمطعم «موري سوشي»، أحد أقدم مطاعم السوشي في مصر، محمود سعيد، أن هذا الصنف ارتبط في البداية «بطبقات اجتماعية معينة، وهم المصريون العائدون من الخارج، الذين يتوقون إلى تجربة أكلات تنتمي لثقافات بعيدة».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الرغبة قد تزول بعد الزيارة الأولى للمطعم، أمام الحرص على تناول هذا الصنف؛ واستمرارية مطعمنا في العمل خلال السنوات الماضية تعكس أن السوشي طبق مميز ذو مذاق جذاب».

وافتتح مطعم «موري سوشي» أبوابه للجمهور عام 2007 بعد تجارب محدودة لتقديم الطبق الآسيوي.

وتطرق سعيد إلى اتساع جمهور الراغبين في السوشي، بـ«ظهور العربات المتنقلة لبيعه في الميادين الرئيسية»، وهذا يدل، حسب رأيه، على أنه «بات طبقاً محبوباً من قبل شرائح مصرية عديدة؛ متجاوزاً بذلك ثقافة (الترند)».

طريقة التحضير

السوشي يُحضَّر بطرق متنوعة تضم السمك النيئ ومضافاً إليه مجموعة من الصلصات، وهناك بعض الأطباق المدخنة والمقلية والمطهوة على البخار، كل طريقة لها مجموعة من الصلصات المميزة لها وشهرتها تتنوع حسب المذاق الشخصي.

من بين الأطباق المميزة في قائمة طعام السوشي أطباق النيغيري النيئة، ولفائف الـ«ماكي» المكونة من مزيج الأرز وورق نوري (نوع من الطحالب البحرية)، أما عشاق السوشي المطهوّ بطريقة القلي فربما يفضلون طبق تمبورا رول المكون من لفائف الجمبري المقلي.

أكثر ما يميز أطباق السوشي هي توليفة الصلصات مثل الواسابي، وهي صلصة تشبه المعجون ذات مذاق حار مجهزة من جذور نبات الواسابي القريب في المذاق من الفجل، أيضاً الصويا الصوص الأساسي الذي يُقدّم مع معظم أنواع السوشي، عبارة عن صوص مالح مصنوع من فول الصويا المخمر، بالإضافة إلى صلصة ترياكي المجهزة من الصويا والسكر والزنجبيل.

تجارب المصريين

تقول المصرية خلود عمر (35 عاماً) من سكان القاهرة الجديدة (حي راقٍ في شرق القاهرة)، وهي من عشاق السوشي، إن التجربة الأولى لها مع الطبق الياباني الشهير كانت بدافع ركوب موجة الـ«ترند»، وتضيف لـ«الشرق الأوسط» أنها في أول مرة تناولت بها السوشي «لم ينل إعجابها»، متابعة: «غير أني كررت التجربة مع صديقة كانت تعيش في الخارج وعلى دراية بأطباق السوشي، وتناولت وقتها ترشيحاتها التي كانت تميل إلى الأنواع المطهوّة سواء بالقلي أو البخار، منذ هذا الوقت وبات طبقي المفضل».

بيد أن خلود لا تعشق السوشي بالدرجة نفسها مثل صديقتها فرح فؤاد، التي تقطن في مجمع سكني راقٍ في القاهرة الجديدة أيضاً، والتي قالت لـ«الشرق الأوسط»: «منذ 10 سنوات وأنا أجرّب جميع مطاعم السوشي في مصر، فهو ليس طبقاً عادياً بينما تجربة غنية تشعرك بأنك تجلس على المحيط بصحبة أصدقاء آسيويين». وأضافت: «عشقي للسوشي دفعني لتشجيع أصدقائي على تجربته، ولذلك أقمت العام الماضي حفل عشاء خاص في منزلي وكانت الطاولة بالكامل من أصناف السوشي، وقام الطاهي المتخصص بتحضير أطباق السوشي أمام المدعوين، التجربة كانت ممتعة والمذاق ساحراً».

الأسعار

أسعار أطباق السوشي متفاوتة حسب المطعم، غير أنه ينتمي لقائمة الأطباق الغالية، مثلاً طبق مكون من 40 قطعة صغيرة سعره يتجاوز 1200 جنيه مصري (الدولار يساوي 48.4 جنيه) داخل مطعم متوسط، ويرتفع السعر كلما ارتفعت جودة المكان.

تضيف خلود عن الأسعار: «لا أعدّ السوشي طبقاً باهظ الثمن لأن الأسماك بشكل عام أسعارها مرتفعة، فبجانب أنه طبق ذو مذاق طيب يُعد حالة من الترفيه والمتعة».

ويرى محمد عبد العليم، مدير مطاعم في «فورسيزونز» أن السوشي وجبة مفضّلة لدى جيل الشباب، أما الجيل الأكبر سناً ربما لم يلقَ السوشي لديه القبول عينه، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يمكن تصنيف السوشي في مصر كشارة على طبقة اجتماعية تميل إلى الترف، بينما هو طعام له عشّاقه ومحبوه، والدليل أنه إذا كانت المسألة تتعلق بالوجاهة الاجتماعية، فهناك بالتأكيد أطعمة أغلى وأرفع شأناً منه».

ويتابع عبد العليم قوله: «في مصر نميل لتفضيل السوشي المقلي، أكثر من السوشي النيئ، كما أن الزبون المصري يفضل اللفائف التي تحتوي على الجمبري المقلي أو الجبن».