قُتل بسبب خلطته السحرية... ما السر وراء طاهي مطعم «ماك وإنزي»؟

من لوس أنجليس الأميركية إلى الرياض

الشيف الرئيسي في المطعم (الشرق الأوسط)
الشيف الرئيسي في المطعم (الشرق الأوسط)
TT
20

قُتل بسبب خلطته السحرية... ما السر وراء طاهي مطعم «ماك وإنزي»؟

الشيف الرئيسي في المطعم (الشرق الأوسط)
الشيف الرئيسي في المطعم (الشرق الأوسط)

عشرون شخصاً يقفون انتظاراً خارج المطعم، يخبرهم موظف الاستقبال بأن مدة الانتظار غير محددة، لكن هذا لا يدعوهم للمغادرة، حتى يصل لأحدهم الدور، يعلم حينها أنه لا يستطيع الدخول حتى يقرع الجرس، ويستأذن كي يفتح له النادل الباب مرحِّباً بقدومه في «منزل العائلة».

منذ دخولك لمطعم «ماك وإنزي»، تلاحظ على الحائط الأيمن وجود رسومات لخمسة أشخاص، منهم طاهٍ «قُتل» بسبب تميزه في تحضير خلطة صلصته السحرية، وأربعة إخوة، كانوا شركاءه في إدارة المطعم.

الشيف الرئيسي في المطعم (الشرق الأوسط)
الشيف الرئيسي في المطعم (الشرق الأوسط)

حسب رواية فايز رسول طاهي المطعم الحالي، فإن الطاهي الذي قُتل استهدف بعد تميزه بعمل صلصة باللون الأخضر تُقدم مع شطيرة لحم بقري، وعندما تكررت رسائل التهديد بسبب رفضه إخبارهم لمكونات الصلصة، وخوفاً من أن تذهب معه هذه المكونات للأبد عند دفنه، كتبها في ظرف وأخفاها في منزله.

واجهة مطعم «ماك وإنزي» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)
واجهة مطعم «ماك وإنزي» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

حصل عليها أحد الإخوة الأربعة، واستمروا في تقديمها بطريقة الطاهي، دون تعديل أو تغيير، وبدأت القصة في عام 1920 من مدينة لوس أنجليس الأميركية، حتى وصلت للعاصمة السعودية الرياض في منتصف عام 2023.

واختلفت الروايات في تحديد الطرف الآخر الذي كان يهدده، منهم من يقول بأنهم الإخوة الأربعة، وهناك آخرون اتهموا أطرافاً أرادوا منافسة الإخوة مع الطاهي.

السواد سيد الموقف

منذ الوهلة الأولى حين وقوفك عند عتبة المطعم، تلاحظ أن السواد منتشر في كل مكان، الحائط أسود، صور الشركاء والطاهي سوداء كونها قديمة، المقاعد والطاولات سوداء، الملاعق والصحون كذلك.

رمزية السواد التي تخيم على المكان، ربما كانت عائدة لحادثة الاغتيال في السابق، وإحقاقاً للحق، هذا ليس استنتاجاً يصل إليه الزائر منذ زيارته الأولى، بل كانت إجابة النادل جوزيف سولمون الذي تراه من شدة تفانيه بالعمل كأنه الأخ الرابع من ملاك المطعم.

وتميزت صحون المطعم برسومات عليها جمجمة بشرية، زُيّن بعضها بقبعة سوداء في أعلى الجمجمة يتم تقديمها لعملاء المطعم الرجال، وأما الصحون التي عليها رسومات جمجمة وعليها تاج ذهبي فهي للنساء.

صورة تجمع الإخوة الأربعة إلى جانب طاهي المطعم (الشرق الأوسط)
صورة تجمع الإخوة الأربعة إلى جانب طاهي المطعم (الشرق الأوسط)

يفصل طاولات الطعام بالمنتصف المطبخ، فالطاهي ظاهر أمام كل من يريد متابعة تحضير وجبته، يفصل بينه وبين العملاء زجاج مدبل شفاف، مع انتشار الرائحة الشهية المنتشرة في ثنايا المكان.

وجبة واحدة فقط

حين تشاهد حجم قائمة الطعام الضخمة، يتبادر في ذهنك تنوع الأصناف سواء كانت عبارة عن أطباق رئيسية أو مقبلات، وعندما تقلب الصفحة الأولى تتفاجأ بوجود كتابة جملة واحدة بالخط العريض «وجبة العائلة» فقط!

تتكون «وجبة العائلة» من شطيرة لحم بقري، ورقائق البطاطس، وصلصة خضراء توضع بشكل جانبي، وسلطة خضراء. وسيكون مجموع تكلفة الوجبة 78 ريالاً سعودياً، وفي حال رغبت بإضافة مشروب سيكلفك ذلك 10 ريالات.

يُقدم لك النادل أولاً خبزاً محمصاً، مع الصلصة الخضراء، وبعد فترة زمنية بسيطة، يأتي بالسلطة، وحتى تنتهي منها، تكون شطيرة اللحم جاهزة، بالإضافة لرقائق البطاطس تُقدم دفعة واحدة.

الجرس الواجب قرعه قبل دخول المطعم (الشرق الأوسط)
الجرس الواجب قرعه قبل دخول المطعم (الشرق الأوسط)

خلطة سحرية

كانت الصلصة الخضراء أساس كل شيء، ففي أخذ قضمة من شطيرة اللحم لا بد من وجود الخلطة السحرية معها، حتى رقائق البطاطس بالرغم من طعمها الجميل وحدها، فإنها تزداد جمالاً حين تغمسها بالصلصة.

 

ما بين عيش تجربة قصة تكوين المطعم، والرسومات المعلقة على الحائط، وسماع موسيقى هادئة لا تشعر بوجودها، كانت تجربة مطعم «ماك وإنزي» مذهلة بالمجمل.


مقالات ذات صلة

«محشي ماما»... فكرة وليدة شغف 3 أمهات بالطبخ

مذاقات «محشي ماما»... فكرة وليدة شغف 3 أمهات بالطبخ

«محشي ماما»... فكرة وليدة شغف 3 أمهات بالطبخ

في قلب القاهرة، وفي منطقة شبرا، انطلقت قبل 3 أشهر فكرة فريدة من نوعها بتدشين مطعم «محشي ماما»، الذي يتخصص في تقديم أصناف المحشي الشهية

محمد عجم (القاهرة)
مذاقات «الكوكيز»... حلوى من صنع منصات التواصل الاجتماعي

«الكوكيز»... حلوى من صنع منصات التواصل الاجتماعي

برقائق الشوكولاتة المتناثرة على سطحها، اكتسبت «الكوكيز» الأميركية شعبية كبيرة خلال السنوات الأخيرة في العديد من الدول العربية

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك 4 حقائق صحية تدعوك إلى تناول الفطر

4 حقائق صحية تدعوك إلى تناول الفطر

لا يحتاج الفطر «عيش الغراب» (Mushrooms) إلى ضوء الشمس لينمو، ويتضاعف حجم الفطر كل 24 ساعة، ويُزرع ويُحصد على مدار العام.

د. عبير مبارك (الرياض)
مذاقات الشيف أحمد الزغبي يستعيد نكهات الطواجن اللبنانية على المائدة المصرية (مطعم Aura)

الشيف أحمد الزغبي يسترجع نكهات الماضي بطريقة عصرية

الطواجن من الأطباق الشهيرة خلال شهر رمضان المبارك على المائدة العربية، حيث يتجاوز مفهومها تجمع العائلات حولها، إلى الشوق لروائح الماضي وأساليب الطهي التقليدية.

محمد عجم (القاهرة)
مذاقات البطاطس المشوية بالنعناع من شيف علي عبد الحميد (الشرق الأوسط)

كيف تحضر «السناكس» بطريقة صحية؟

تظل «السناكس» أو المأكولات المسلية الصحية هي النصيحة الذهبية للطهاة، وخبراء التغذية ومدربي اللياقة البدنية؛ لدورها في زيادة الشعور بالشبع

نادية عبد الحليم (القاهرة)

«محشي ماما»... فكرة وليدة شغف 3 أمهات بالطبخ

«محشي ماما»... فكرة وليدة شغف 3 أمهات بالطبخ
TT
20

«محشي ماما»... فكرة وليدة شغف 3 أمهات بالطبخ

«محشي ماما»... فكرة وليدة شغف 3 أمهات بالطبخ

في قلب القاهرة، وفي منطقة شبرا، انطلقت قبل 3 أشهر فكرة فريدة من نوعها بتدشين مطعم «محشي ماما»، الذي يتخصص في تقديم أصناف المحشي الشهية، والأطباق الشرقية الأصلية، مقدماً تجربة منزلية تشرف عليها 3 سيدات، هن أمهات مؤسسات المطعم الثلاث.

يقول أرنست فايز، أحد مؤسسي المطعم، لـ«الشرق الأوسط»: «بدأت فكرة مطعمنا عندما اقترح أحد أصدقائي، الذي تتميز والدته بمهاراتها العالية في إعداد أصناف المحشي، أن نفتتح مطعماً متخصصاً بتحضير هذا الطبق المصري الأصيل. وبالفعل درسنا الفكرة وتبلورت سريعاً، وانطلقت رحلتنا بخبرة و(نَفَس) أمهاتنا لتحقيق هذا الحلم».

ويرى أن «ما يميز مطعمهم هو أن الأمهات هن المشرفات على كل تفاصيل العمل، بدءاً من اختيار ثمار الخضراوات، وصولاً إلى إعداد التسبيكة، ثم الإشراف على عملية الطهي بأكملها، ليكون المنتج النهائي حقاً (محشي ماما) بكل ما تحمله الكلمة من معنى».

ويضيف أحمد مصطفى، شريك آخر بالمطعم : «ما اكتشفناه خلال التأسيس أن المحشي طبق مظلوم في المطاعم، فهو يُقدم عادة كطبق جانبي أو فاتح شهية، رغم أنه طبق أساسي ومحبوب لمختلف فئات المصريين، لذا قررنا اتخاذ خطوة جريئة بتحويل طبق المحشي إلى طبق رئيسي، حيث أردنا أن نمنح هذا الطبق التقليدي مكانته التي يستحقها، وأن نجعله نجم المائدة، إلى جانب استعادة نكهات الماضي، من خلال قائمة طعام مستوحاة من المطبخ المنزلي المصري الأصيل».

يقدم المطعم جميع أصناف المحشي الشهيرة، من الكرنب وورق العنب إلى الكوسة والباذنجان والطماطم والبصل والفلفل والبطاطس. وتضم قائمته تشكيلة واسعة من الطواجن الشرقية، منها طاجن ورق العنب باللحم الـ(ستيك)، وطاجن الكرنب بالكوارع، وطاجن الفريك بالكبد والقوانص، وطاجن الدجاج بالبطاطس، وفتة اللحمة، ومختلف أنواع المشاوي، واللحمة المحمرة بالسمن البلدي، والسجق والكبدة، إلى جانب الملوخية والرقاق.

يتابع مصطفى: «أردنا أن نحافظ على التراث الغذائي المصري، لذلك قمنا بإحياء بعض الأطباق التي توارت ونُسيت في البيوت، مثل العدس والويكا والبصارة، التي تعد جزءاً من هويتنا الثقافية»، ونرى أنه من واجبنا الحفاظ عليها، وهو ما يمتد إلى الخبز الشمسي، وهو نوع من الخبز الصعيدي التقليدي، الذي نخبزه داخل المطعم، لنكون أول مطعم في القاهرة يقدمه، وقد لاقى إقبالاً كبيراً من الزبائن.

«نقدم أيضاً أطباقاً قد لا تتوفر في المنازل دائماً، مثل العكاوي والكوارع، التي يصعب تحضيرها بشكل يومي، حيث نقدمها بجودة عالية وبطريقة منزلية أيضاً، كما نعمل باستمرار على تطوير القائمة وإضافة أصناف جديدة ترضي جميع الأذواق»، يؤكد صاحب المطعم.

«سر خلطة المحشي هو سر»، يقول «أرنست» مبتسماً: «ما يمكنني قوله هو أننا نتبع طقوس تحضير المحشي كما تفعل الأمهات في المنزل تماماً، ونحرص دائماً على استخدام المكونات الطازجة، لأنها أساس النكهة الأصيلة للمحشي، كما نستخدم أفضل أنواع اللحوم البلدية والسمن البلدي».

ويتابع: «نحن نؤمن بأن الأكل الشرقي الأصيل يجب أن يقدم بأفضل صورة، ولأننا هنا في منطقة شبرا الشعبية التي تتميز بكثافة سكانية عالية، وبالعلاقات الحميمة بين قاطنيها، أردنا أن نقدم تجربة مصرية أصيلة، تنقل الزائر إلى دفء المنزل ورائحة المطبخ المصري التقليدي، بحيث يشعر الزبون وكأنه يتناول الطعام في منزل والدته تماماً».

يعود مصطفى للحديث، موضحاً أن المطعم يسعى أيضاً إلى تغيير الصورة النمطية للأكلات الشعبية وتقديمها بأسلوب يناسب الحياة العصرية، حيث يقدم المطعم فكرة «محشي تو جو»، بتقديم المحشي في عبوات مبتكرة كوجبة سريعة، سواء بالحصول عليها من المطعم أو عن طريق خدمة التوصيل، كما تمتد لمسة الابتكار إلى طبق المُمبار، الذي نقدمه تحت اسم «ممبار بوبس»، حيث يتم تقديم قطع صغيرة في ورق على هيئة «كونو»، ما يسهل حمله وتناوله كوجبة سريعة أثناء التنقل.

ويعّقب صاحب المطعم على ذلك بقوله: «نحن نؤمن بأن الأكل الشرقي يمكن أن يكون عصرياً وجذاباً، لذا نسعى إلى تقديم أطباقنا بأفضل شكل ممكن، مع الحفاظ على الطعم الأصيل، ففكرة المحشي والممبار كوجبة سرعة ليست مجرد تغيير في طريقة التقديم، بل هي رؤية لتجديد التراث وتقديمه للأجيال الجديدة».

خلال شهر رمضان، يقدم المطعم قائمة طعامه دون تغيير، التي يأتي أبرزها أصناف المحشي المفضلة من جانب المصريين على المائدة الرمضانية، كما يُضيف وجبة السحور، التي تضم أبرز المأكولات المصرية، وعلى رأسها الفول والفلافل.

لأن «محشي ماما» يسعى إلى تقديم تجربة منزلية أصيلة بكل تفاصيلها، بحسب القائمين عليه، لذا تمتد التجربة إلى ديكورات المكان، التي اعتمدت على اللونين الأخضر والبيج، وهما لون أغلب أصناف المحشي، وكذلك لخلق راحة نفسية للزبائن، إلى جانب إضافة لمسات تراثية للديكور.