«شامادي» مطعم خالٍ من السكر والبيض واللحوم... ولكنه غني بالنكهات

الشيف أندريس موران: ليس مهماً ما لا نستخدمه في الطعام إنما العكس

ديكور وموقع مطلّ على البحر والجبال في أليكانتي (الشرق الأوسط)
ديكور وموقع مطلّ على البحر والجبال في أليكانتي (الشرق الأوسط)
TT

«شامادي» مطعم خالٍ من السكر والبيض واللحوم... ولكنه غني بالنكهات

ديكور وموقع مطلّ على البحر والجبال في أليكانتي (الشرق الأوسط)
ديكور وموقع مطلّ على البحر والجبال في أليكانتي (الشرق الأوسط)

زادت في الفترة الأخيرة نسبة المهتمين بالأكل الصحي أو «الفيغن»، فالبعض يرى أن هذا النوع من الطعام ليس سوى موجة عصرية يركبها الجيل الجديد، والبعض الآخر جرَّب تلك الأطباق الخالية من السكر والبيض والأجبان... واقتنع بفوائدها، وهناك مَن جرَّبها واشتاق لنظامه الغذائي السابق وفضَّل أكل اللحوم ومشتقات الحليب عليها.

ديكور وموقع مطلّ على البحر والجبال في أليكانتي (الشرق الأوسط)

بعد تذوق الطعام في مطعم «شامادي» (Shamadi) التابع لعيادة «شا» في أليكانتي بجنوب إسبانيا، اكتشفتُ كم هو مِن الصعب الجمع ما بين المذاق وطريقة التقديم واستخدام المكونات الصحية بالوقت ذاته؛ فهذا المطعم يعتمد على الخضراوات، ولا تجد في مطبخه البيض والسكر والدقيق الأبيض واللحوم والطماطم والباذنجان، وهو من نوع «فيغن»، وهدفه تقديم المأكولات الصحية لنزلاء العيادة، وغيرهم من الذواقة من خارجها.

«شامادي» مطعم متخصص بالطعام الصحي و«الفيغن» (الشرق الأوسط)

المطعم جميل ومطلّ على مناظر رائعة، ولكن التركيز فيه ليس على الديكور، إنما على الأطباق الصحية، وعلى عكس توقعاتنا، فهي لذيذة جداً وتُشبِع المعدة، لأنها تُقدَّم بكمية جيدة، وتُقدَّم على شكل الأطباق التي تجدها في المطاعم المكلَّلة بـ«نجوم ميشلان».

التقت «الشرق الأوسط»، أندريس موران الشيف الرئيسي في المطعم، وكانت لدينا مجموعة من الأسئلة، على رأسها كيفية ابتكار وتنفيذ أطباق متنوِّعة بكمية محدودة من المكونات؟ والرد جاء سريعاً وعفوياً: «في المطبخ الـصحي ليس من المهم ما لا نستخدمه من مكونات، إنما ما نستخدمه منها، لأن (الشطارة) التي يبرزها الطاهي في هذا النوع من المطبخ أن يستطيع ابتكار عدة أطباق بنكهات مختلفة، ولكن بمكوِّن واحد».

مأكولات صحية ولذيذة بالوقت ذاته (الشرق الأوسط)

الشيف موران كان في الماضي متخصصاً في تحضير الحلوى، وكان دائماً مهتماً بالتفاصيل. عندما انضم إلى فريق «شا» رئيس طهاة الحلوى المعجنات والحلوى، أدرك على الفور أنه المكان المناسب له، لأنه يمكنه من تعزيز تجربة الضيوف الذين يأتون من شتى أنحاء العالم لإعادة التوازن في حياتهم اليومية والغذائية، فرأى في هذه الفكرة تحدياً كبيراً لتطوير مهاراته في مجال الطهي الصحي، وها هو اليوم يعمل في المطعم منذ 8 سنوات، ويقوم حالياً بالإشراف على المطعم في فرع «شا» الجديد بالمكسيك، وقريباً في الإمارات.

جميع الأطباق التي تُقدَّم في «شامادي»، بما فيها الحلويات، مصنوعة من مكونات طبيعية، ومعظمها من الحبوب الكاملة ومفيد للصحة، وهي خالية من السكر والبيض والسمن والألوان الاصطناعية والمواد الحافظة، واللافت أنك إذا قمت بتذوقها فلن تصدق أنها خالية من السكر.

«سايتان» بدلاً من اللحم (الشرق الأوسط)

وعن سؤاله عن دوره في المطبخ، أجاب: «أركِّز على تحقيق الأهداف التي يحددها فريق التغذية في العيادة، سواء أكانت بهدف فقدان الوزن أو التخلص من السموم، أو مجرد النقاهة. فإذا كان الضيف بحاجة لفقدان الوزن، على سبيل المثال، يعقد اجتماعاً مع فريق التغذية لمعرفة ما يجب تحضيره لهذا الشخص، وخَلْق لائحة طعام خاصة به. أما إذا كان الضيف يبحث عن طعام صحي ولذيذ، فنقدم يومياً الفطور والغداء والعشاء بلائحتَي طعام مختلفتين: الأولى (شا) والثانية (بايو)، ويمكن اختيار الأطباق من اللائحتين، مع الإشارة إلى أن لائحة (بايو) أخف من الأولى بقليل».

أطباق خالية من الدقيق الكامل (الشرق الأوسط)

وأطلق الطاهي موران كتاب طبخ جديداً، بعنوان «قوة الغذاء الصحي»، وقام مع فريقه بتنسيق مجموعة من 76 وصفة، بعضها يُقدَّم في المطعم، وجميعها مبني على مفهوم التغذية الصحية الخاص بـ«شا».

يُشار إلى أن لوائح الطعام في «شامادي» تتبدل بحسب المواسم تماماً مثل باقي المطاعم، واستطاع الشيف موران أن يمزج ما بين المطبخَيْن المتوسطي والياباني الصحي، وكانت النتيجة جيدة جداً تُترجَم في مذاقات غير عادية.

مأكولات تعتمد على الخضراوات (الشرق الأوسط)

فهناك بعض الأطباق التي تلعب على النكهة، فتتخيل مثلاً أنك تأكل اللحم البقري، ولكن في الواقع استبدل الطاهي باللحم ما يُعرف بـ«سايتان»، أو «التوفو» بدلاً من الجبن، ودقيق الـ«Spelt» الأسمر بدلاً من الدقيق الكامل الأبيض.

من هو الشيف أندريس موران؟

أندريس موران الشيف الرئيسي في «شامادي» (الشرق الأوسط)

حاصل على شهادة فنون الطهي، عمل في قسم الشوكولاته بشركة إسبانية مرموقة، وبعدها أصبح مطوِّراً وطاهيَ معجنات لدى «باري كاليبو». وعمل أيضاً مع شركة ألمانية مقرها الصين، كل هذا التجارب ساعدته على تطوير فهم أعمق لكيفية تأثير الغذاء على الصحة والجسم. وأدرك من خلالها أهمية دمج الممارسات الصحية في إبداعات الطهي.


مقالات ذات صلة

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

مذاقات «الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

إيمان مبروك (القاهرة)
مذاقات الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)

فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

تقدم فعاليات «موسم الرياض» التي يقودها الشيف العالمي ولفغانغ باك، لمحبي الطعام تجارب استثنائية وفريدة لتذوق الطعام.

فتح الرحمن يوسف (الرياض) فتح الرحمن يوسف (الرياض)
مذاقات فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)

الفواكه والخضراوات تتحول الى «ترند»

تحقق الفواكه والخضراوات المجففة والمقرمشة نجاحاً في انتشارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتتصدّر بالتالي الـ«ترند» عبر صفحات «إنستغرام» و«تيك توك» و«فيسبوك»

فيفيان حداد (بيروت)
مذاقات طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)

الفول المصري... حلو وحار

على عربة خشبية في أحد أحياء القاهرة، أو في محال وطاولات أنيقة، ستكون أمام خيارات عديدة لتناول طبق فول في أحد صباحاتك

محمد عجم (القاهرة)
مذاقات الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

بعد دخولي مطابخ مطاعم عالمية كثيرة، ومقابلة الطهاة من شتى أصقاع الأرض، يمكنني أن أضم مهنة الطهي إلى لائحة مهن المتاعب والأشغال التي تتطلب جهداً جهيداً

جوسلين إيليا (لندن)

تنافس بين الطهاة والمدونين على تقديم وصفات شهية واقتصادية

تنافس بين الطهاة والمدونين على تقديم وصفات شهية واقتصادية
TT

تنافس بين الطهاة والمدونين على تقديم وصفات شهية واقتصادية

تنافس بين الطهاة والمدونين على تقديم وصفات شهية واقتصادية

هل فكرتِ في إعداد أصابع الكفتة دون اللحم؟ وهل خطر في بالك أن تحضري الحليب المكثف في المنزل بدلاً من شرائه؟

قد يبدو تحضير وجبات طعام شهية، واقتصادية أمراً صعباً، في ظل ارتفاع أسعار الغذاء؛ مما يدفع الكثيرين إلى البحث عن طرق مبتكرة لتحضير وجبات شهية دون الحاجة إلى إنفاق مبالغ طائلة.

وهو ما دفع الكثيرين مؤخراً إلى إعادة التفكير في عاداتهم الغذائية، والبحث عن بدائل أكثر اقتصادية، الأمر الذي تفاعلت معه مدونات الطعام على مواقع التواصل الاجتماعي، وبرز لدى القائمين عليها هذا الاتجاه في الطهي بإيقاع تنافسي، لتقديم العديد من الطرق لتحضير الطعام بما يلائم الميزانيات.

وحسب خبراء للطهي، تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، فإنه بقليل من الإبداع والتخطيط، يمكن تحويل مطبخك إلى مكان لإعداد وجبات شهية واقتصادية دون تكلف.

تقول الشيف المصرية سارة صقر، صاحبة مدونة «مطبخ سارة»: «أصبح الطعام الاقتصادي من أهم اتجاهات الطهي حالياً، لمحاولة تقليل النفقات بشكل كبير، تزامن ذلك مع انتشار ثقافة توفير الوقت والجهد، من خلال تحضير وجبات سهلة وسريعة وأيضاً مبتكرة، وهو ما تفاعل معه الطهاة وأصحاب مدونات الطهي، الذين يتسابقون في تقديم أفكار تساعد الجمهور على تلبية احتياجاتهم بشكل اقتصادي، وبطريقة شهية وجذابة».

وتضيف: «من وجهة نظري فإن أساس تحقيق معادلة الشهي والاقتصادي معاً تكمن أولاً في اختيار المكونات البديلة المستخدمة، فمن المهم أن نفكر بشكل دائم في البديل الأوفر في جميع أطباقنا». وتضرب مثلاً بتعويض أنواع البروتين الحيواني بالبروتين النباتي مثل الفطر (المشروم) أو البيض؛ ويمكننا أيضاً استبدال الدواجن باللحوم، مع الابتعاد تماماً عن اللحوم المُصنعة، فهي غير صحية وليست اقتصادية».

وترى أن الابتكار في الوجبات بأبسط المكونات المتوفرة عامل رئيسي في تحقيق المعادلة، و«يمكنني تحويل وجبة تقليدية مُملة للبعض لوجبة شهية وغير تقليدية، وهذا ما أهتم به دائماً، لا سيما عن طريق إضافة التوابل والبهارات المناسبة لكل طبق، فهي أساس الطعم والرائحة الذكية».

من أكثر الأطباق التي تقدمها الشيف سارة لمتابعيها، وتحقق بها المعادلة هي الباستا أو المعكرونة بأنواعها، لكونها تتميز بطرق إعداد كثيرة، ولا تحتاج إلى كثير من المكونات أو الوقت. كما أنها تلجأ إلى الوجبات السهلة التي لا تحتوي على مكونات كثيرة دون فائدة، مع التخلي عن المكونات مرتفعة الثمن بأخرى مناسبة، مثل تعويض كريمة الطهي بالحليب الطبيعي كامل الدسم أو القشدة الطبيعية المأخوذة من الحليب الطازج، فهي تعطي النتيجة نفسها بتكلفة أقل، وبدلاً من شراء الحليب المكثف يمكن صنعه بتكلفة أقل في المنزل.

تشير الشيف سارة إلى أن كثيرات من ربات المنازل قمن باستبدال اللحوم البيضاء بالحمراء، وأصناف الحلوى التي يقمن بإعدادها منزلياً بتكلفة أقل بالحلوى الجاهزة، كذلك استعضن عن المعلبات التي تحتوي على كثير من المواد الحافظة بتحضيرها في مطابخهن.

بدورها، تقول الشيف نهال نجيب، صاحبة مدونة «مطبخ نهال»، التي تقدم خلالها وصفات موفرة وأفكاراً اقتصادية لإدارة ميزانية المنزل، إن فكرة الوجبات الاقتصادية لا تقتصر على فئة بعينها، بل أصبحت اتجاهاً عالمياً يشمل الطبقات كافة.

وترى نهال أن الادخار في الأصل هو صفة الأغنياء، وفي الوقت الحالي أولى بنا أن ندخر في الطعام لأنه أكثر ما يلتهم ميزانية المنزل، وبالتالي فالوجبات الاقتصادية عامل مساعد قوي لتوفير النفقات، لافتة إلى أن «هذا الاتجاه فتح مجالاً كبيراً أمام الشيفات لابتكار وصفات متعددة وغير مكلفة، وفي الوقت نفسه شهية لإرضاء كل الأذواق، فليس معنى أن تكون الوجبات اقتصادية أن تفقد المذاق الشهي».

وتضيف: «محاولة التوفير والاستغناء عن كل ما زاد ثمنه وإيجاد بدائله لا يعني الحرمان، فالأمر يتمثل في التنظيم وإيجاد البدائل؛ لذا أفكر دائماً فيما يفضله أفراد أسرتي من أنواع الطعام، وأحاول أن أجد لمكوناته بدائل اقتصادية، وبذلك أحصل على الأصناف نفسها ولكن بشكل موفر».

وتشير الشيف نهال إلى أن هناك العديد من الوصفات غير المكلفة والشهية في الوقت نفسه بالاعتماد على البدائل، مثال ذلك عند إعداد أصابع الكفتة يمكن إعدادها بطرق متنوعة اقتصادية، تصل إلى إمكانية التخلي عن اللحم وتعويضه بالعدس أو الأرز المطحون أو دقيق الأرز، وتقول إن «قوانص» الدجاج، والمعكرونة المسلوقة، توضع في «الكبة» مع بصل وتوابل ودقيق بسيط لإعطاء النتيجة نفسها، كما يمكن الاعتماد في الكفتة على البرغل أو الخبز أو البقسماط، الذي يضاف إلى كمية من اللحم المفروم لزيادتها.

وكذلك بالنسبة لكثير من أصناف الحلويات، التي يمكن تغيير بعض المكونات فيها لتصبح اقتصادية مع الحفاظ على مذاقها، فعند إعداد الكيك يمكن استخدام النشا كبديل للدقيق الأبيض، واستخدام عصير البرتقال أو المياه الغازية بدلاً من الحليب. وتلفت أيضاً إلى إمكانية إعداد أنواع الصوصات في المنزل بدلاً من شرائها، فهذا سيوفر المال وأيضاً لضمان أنها آمنة وصحية، وكذلك الحليب المبستر يتم الاستغناء عنه لغلو سعره والاستعاضة عنه بالحليب طبيعي، والسمن البلدي يمكن تعويضه بزيت الزيتون الصحي وليس بالسمن المهدرج المضر بالصحة.

من خلال اقترابهما من جمهور «السوشيال ميديا»، وتبادل الأحاديث معهم، توجه الطاهيتان كثيراً من النصائح لحفاظ السيدات على أطباقهن شهية واقتصادية.

فمن النصائح التي توجهها الشيف سارة، التوسع في استخدام البقوليات، خصوصاً العدس والحمص والفاصوليا المجففة، بديلاً اقتصادياً وصحياً للحوم، مع الاعتماد على المكونات الطازجة في موسمها وتخزينها بشكل آمن لتُستخدم في غير موسمها بدلاً من شرائها مُعلبة.

بينما تبين الشيف نهال أن الأجيال الجديدة تفرض على الأم وجود بروتين بشكل يومي، وهو ما زاد من مسؤوليتها في ابتكار وجبات اقتصادية وشهية، وما ننصح به هنا تعويض المكونات ببدائل أخرى، مثل الاستغناء عن اللحوم البلدية واللجوء للمستوردة في بعض الأطباق، واستخدام المشروم بديلاً للبروتين.

وتشير إلى أن لكل ربة منزل «تكات الطهي» أو ما يطلق عليها «النفس»، وهو ما عليها استغلاله لتقديم أطباق مبتكرة، مبينة أن الكثير من صفحات «يوتيوب» و«فيسبوك» توفر أفكاراً اقتصادية متنوعة يمكنها أن تساعد السيدات في تلبية احتياجاتهن.