«شامادي» مطعم خالٍ من السكر والبيض واللحوم... ولكنه غني بالنكهات

الشيف أندريس موران: ليس مهماً ما لا نستخدمه في الطعام إنما العكس

ديكور وموقع مطلّ على البحر والجبال في أليكانتي (الشرق الأوسط)
ديكور وموقع مطلّ على البحر والجبال في أليكانتي (الشرق الأوسط)
TT
20

«شامادي» مطعم خالٍ من السكر والبيض واللحوم... ولكنه غني بالنكهات

ديكور وموقع مطلّ على البحر والجبال في أليكانتي (الشرق الأوسط)
ديكور وموقع مطلّ على البحر والجبال في أليكانتي (الشرق الأوسط)

زادت في الفترة الأخيرة نسبة المهتمين بالأكل الصحي أو «الفيغن»، فالبعض يرى أن هذا النوع من الطعام ليس سوى موجة عصرية يركبها الجيل الجديد، والبعض الآخر جرَّب تلك الأطباق الخالية من السكر والبيض والأجبان... واقتنع بفوائدها، وهناك مَن جرَّبها واشتاق لنظامه الغذائي السابق وفضَّل أكل اللحوم ومشتقات الحليب عليها.

ديكور وموقع مطلّ على البحر والجبال في أليكانتي (الشرق الأوسط)
ديكور وموقع مطلّ على البحر والجبال في أليكانتي (الشرق الأوسط)

بعد تذوق الطعام في مطعم «شامادي» (Shamadi) التابع لعيادة «شا» في أليكانتي بجنوب إسبانيا، اكتشفتُ كم هو مِن الصعب الجمع ما بين المذاق وطريقة التقديم واستخدام المكونات الصحية بالوقت ذاته؛ فهذا المطعم يعتمد على الخضراوات، ولا تجد في مطبخه البيض والسكر والدقيق الأبيض واللحوم والطماطم والباذنجان، وهو من نوع «فيغن»، وهدفه تقديم المأكولات الصحية لنزلاء العيادة، وغيرهم من الذواقة من خارجها.

«شامادي» مطعم متخصص بالطعام الصحي و«الفيغن» (الشرق الأوسط)
«شامادي» مطعم متخصص بالطعام الصحي و«الفيغن» (الشرق الأوسط)

المطعم جميل ومطلّ على مناظر رائعة، ولكن التركيز فيه ليس على الديكور، إنما على الأطباق الصحية، وعلى عكس توقعاتنا، فهي لذيذة جداً وتُشبِع المعدة، لأنها تُقدَّم بكمية جيدة، وتُقدَّم على شكل الأطباق التي تجدها في المطاعم المكلَّلة بـ«نجوم ميشلان».

التقت «الشرق الأوسط»، أندريس موران الشيف الرئيسي في المطعم، وكانت لدينا مجموعة من الأسئلة، على رأسها كيفية ابتكار وتنفيذ أطباق متنوِّعة بكمية محدودة من المكونات؟ والرد جاء سريعاً وعفوياً: «في المطبخ الـصحي ليس من المهم ما لا نستخدمه من مكونات، إنما ما نستخدمه منها، لأن (الشطارة) التي يبرزها الطاهي في هذا النوع من المطبخ أن يستطيع ابتكار عدة أطباق بنكهات مختلفة، ولكن بمكوِّن واحد».

مأكولات صحية ولذيذة بالوقت ذاته (الشرق الأوسط)
مأكولات صحية ولذيذة بالوقت ذاته (الشرق الأوسط)

الشيف موران كان في الماضي متخصصاً في تحضير الحلوى، وكان دائماً مهتماً بالتفاصيل. عندما انضم إلى فريق «شا» رئيس طهاة الحلوى المعجنات والحلوى، أدرك على الفور أنه المكان المناسب له، لأنه يمكنه من تعزيز تجربة الضيوف الذين يأتون من شتى أنحاء العالم لإعادة التوازن في حياتهم اليومية والغذائية، فرأى في هذه الفكرة تحدياً كبيراً لتطوير مهاراته في مجال الطهي الصحي، وها هو اليوم يعمل في المطعم منذ 8 سنوات، ويقوم حالياً بالإشراف على المطعم في فرع «شا» الجديد بالمكسيك، وقريباً في الإمارات.

جميع الأطباق التي تُقدَّم في «شامادي»، بما فيها الحلويات، مصنوعة من مكونات طبيعية، ومعظمها من الحبوب الكاملة ومفيد للصحة، وهي خالية من السكر والبيض والسمن والألوان الاصطناعية والمواد الحافظة، واللافت أنك إذا قمت بتذوقها فلن تصدق أنها خالية من السكر.

«سايتان» بدلاً من اللحم (الشرق الأوسط)
«سايتان» بدلاً من اللحم (الشرق الأوسط)

وعن سؤاله عن دوره في المطبخ، أجاب: «أركِّز على تحقيق الأهداف التي يحددها فريق التغذية في العيادة، سواء أكانت بهدف فقدان الوزن أو التخلص من السموم، أو مجرد النقاهة. فإذا كان الضيف بحاجة لفقدان الوزن، على سبيل المثال، يعقد اجتماعاً مع فريق التغذية لمعرفة ما يجب تحضيره لهذا الشخص، وخَلْق لائحة طعام خاصة به. أما إذا كان الضيف يبحث عن طعام صحي ولذيذ، فنقدم يومياً الفطور والغداء والعشاء بلائحتَي طعام مختلفتين: الأولى (شا) والثانية (بايو)، ويمكن اختيار الأطباق من اللائحتين، مع الإشارة إلى أن لائحة (بايو) أخف من الأولى بقليل».

أطباق خالية من الدقيق الكامل (الشرق الأوسط)
أطباق خالية من الدقيق الكامل (الشرق الأوسط)

وأطلق الطاهي موران كتاب طبخ جديداً، بعنوان «قوة الغذاء الصحي»، وقام مع فريقه بتنسيق مجموعة من 76 وصفة، بعضها يُقدَّم في المطعم، وجميعها مبني على مفهوم التغذية الصحية الخاص بـ«شا».

يُشار إلى أن لوائح الطعام في «شامادي» تتبدل بحسب المواسم تماماً مثل باقي المطاعم، واستطاع الشيف موران أن يمزج ما بين المطبخَيْن المتوسطي والياباني الصحي، وكانت النتيجة جيدة جداً تُترجَم في مذاقات غير عادية.

مأكولات تعتمد على الخضراوات (الشرق الأوسط)
مأكولات تعتمد على الخضراوات (الشرق الأوسط)

فهناك بعض الأطباق التي تلعب على النكهة، فتتخيل مثلاً أنك تأكل اللحم البقري، ولكن في الواقع استبدل الطاهي باللحم ما يُعرف بـ«سايتان»، أو «التوفو» بدلاً من الجبن، ودقيق الـ«Spelt» الأسمر بدلاً من الدقيق الكامل الأبيض.

من هو الشيف أندريس موران؟

أندريس موران الشيف الرئيسي في «شامادي» (الشرق الأوسط)
أندريس موران الشيف الرئيسي في «شامادي» (الشرق الأوسط)

حاصل على شهادة فنون الطهي، عمل في قسم الشوكولاته بشركة إسبانية مرموقة، وبعدها أصبح مطوِّراً وطاهيَ معجنات لدى «باري كاليبو». وعمل أيضاً مع شركة ألمانية مقرها الصين، كل هذا التجارب ساعدته على تطوير فهم أعمق لكيفية تأثير الغذاء على الصحة والجسم. وأدرك من خلالها أهمية دمج الممارسات الصحية في إبداعات الطهي.


مقالات ذات صلة

«محشي ماما»... فكرة وليدة شغف 3 أمهات بالطبخ

مذاقات «محشي ماما»... فكرة وليدة شغف 3 أمهات بالطبخ

«محشي ماما»... فكرة وليدة شغف 3 أمهات بالطبخ

في قلب القاهرة، وفي منطقة شبرا، انطلقت قبل 3 أشهر فكرة فريدة من نوعها بتدشين مطعم «محشي ماما»، الذي يتخصص في تقديم أصناف المحشي الشهية

محمد عجم (القاهرة)
مذاقات «الكوكيز»... حلوى من صنع منصات التواصل الاجتماعي

«الكوكيز»... حلوى من صنع منصات التواصل الاجتماعي

برقائق الشوكولاتة المتناثرة على سطحها، اكتسبت «الكوكيز» الأميركية شعبية كبيرة خلال السنوات الأخيرة في العديد من الدول العربية

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك 4 حقائق صحية تدعوك إلى تناول الفطر

4 حقائق صحية تدعوك إلى تناول الفطر

لا يحتاج الفطر «عيش الغراب» (Mushrooms) إلى ضوء الشمس لينمو، ويتضاعف حجم الفطر كل 24 ساعة، ويُزرع ويُحصد على مدار العام.

د. عبير مبارك (الرياض)
مذاقات الشيف أحمد الزغبي يستعيد نكهات الطواجن اللبنانية على المائدة المصرية (مطعم Aura)

الشيف أحمد الزغبي يسترجع نكهات الماضي بطريقة عصرية

الطواجن من الأطباق الشهيرة خلال شهر رمضان المبارك على المائدة العربية، حيث يتجاوز مفهومها تجمع العائلات حولها، إلى الشوق لروائح الماضي وأساليب الطهي التقليدية.

محمد عجم (القاهرة)
مذاقات البطاطس المشوية بالنعناع من شيف علي عبد الحميد (الشرق الأوسط)

كيف تحضر «السناكس» بطريقة صحية؟

تظل «السناكس» أو المأكولات المسلية الصحية هي النصيحة الذهبية للطهاة، وخبراء التغذية ومدربي اللياقة البدنية؛ لدورها في زيادة الشعور بالشبع

نادية عبد الحليم (القاهرة)

«محشي ماما»... فكرة وليدة شغف 3 أمهات بالطبخ

«محشي ماما»... فكرة وليدة شغف 3 أمهات بالطبخ
TT
20

«محشي ماما»... فكرة وليدة شغف 3 أمهات بالطبخ

«محشي ماما»... فكرة وليدة شغف 3 أمهات بالطبخ

في قلب القاهرة، وفي منطقة شبرا، انطلقت قبل 3 أشهر فكرة فريدة من نوعها بتدشين مطعم «محشي ماما»، الذي يتخصص في تقديم أصناف المحشي الشهية، والأطباق الشرقية الأصلية، مقدماً تجربة منزلية تشرف عليها 3 سيدات، هن أمهات مؤسسات المطعم الثلاث.

يقول أرنست فايز، أحد مؤسسي المطعم، لـ«الشرق الأوسط»: «بدأت فكرة مطعمنا عندما اقترح أحد أصدقائي، الذي تتميز والدته بمهاراتها العالية في إعداد أصناف المحشي، أن نفتتح مطعماً متخصصاً بتحضير هذا الطبق المصري الأصيل. وبالفعل درسنا الفكرة وتبلورت سريعاً، وانطلقت رحلتنا بخبرة و(نَفَس) أمهاتنا لتحقيق هذا الحلم».

ويرى أن «ما يميز مطعمهم هو أن الأمهات هن المشرفات على كل تفاصيل العمل، بدءاً من اختيار ثمار الخضراوات، وصولاً إلى إعداد التسبيكة، ثم الإشراف على عملية الطهي بأكملها، ليكون المنتج النهائي حقاً (محشي ماما) بكل ما تحمله الكلمة من معنى».

ويضيف أحمد مصطفى، شريك آخر بالمطعم : «ما اكتشفناه خلال التأسيس أن المحشي طبق مظلوم في المطاعم، فهو يُقدم عادة كطبق جانبي أو فاتح شهية، رغم أنه طبق أساسي ومحبوب لمختلف فئات المصريين، لذا قررنا اتخاذ خطوة جريئة بتحويل طبق المحشي إلى طبق رئيسي، حيث أردنا أن نمنح هذا الطبق التقليدي مكانته التي يستحقها، وأن نجعله نجم المائدة، إلى جانب استعادة نكهات الماضي، من خلال قائمة طعام مستوحاة من المطبخ المنزلي المصري الأصيل».

يقدم المطعم جميع أصناف المحشي الشهيرة، من الكرنب وورق العنب إلى الكوسة والباذنجان والطماطم والبصل والفلفل والبطاطس. وتضم قائمته تشكيلة واسعة من الطواجن الشرقية، منها طاجن ورق العنب باللحم الـ(ستيك)، وطاجن الكرنب بالكوارع، وطاجن الفريك بالكبد والقوانص، وطاجن الدجاج بالبطاطس، وفتة اللحمة، ومختلف أنواع المشاوي، واللحمة المحمرة بالسمن البلدي، والسجق والكبدة، إلى جانب الملوخية والرقاق.

يتابع مصطفى: «أردنا أن نحافظ على التراث الغذائي المصري، لذلك قمنا بإحياء بعض الأطباق التي توارت ونُسيت في البيوت، مثل العدس والويكا والبصارة، التي تعد جزءاً من هويتنا الثقافية»، ونرى أنه من واجبنا الحفاظ عليها، وهو ما يمتد إلى الخبز الشمسي، وهو نوع من الخبز الصعيدي التقليدي، الذي نخبزه داخل المطعم، لنكون أول مطعم في القاهرة يقدمه، وقد لاقى إقبالاً كبيراً من الزبائن.

«نقدم أيضاً أطباقاً قد لا تتوفر في المنازل دائماً، مثل العكاوي والكوارع، التي يصعب تحضيرها بشكل يومي، حيث نقدمها بجودة عالية وبطريقة منزلية أيضاً، كما نعمل باستمرار على تطوير القائمة وإضافة أصناف جديدة ترضي جميع الأذواق»، يؤكد صاحب المطعم.

«سر خلطة المحشي هو سر»، يقول «أرنست» مبتسماً: «ما يمكنني قوله هو أننا نتبع طقوس تحضير المحشي كما تفعل الأمهات في المنزل تماماً، ونحرص دائماً على استخدام المكونات الطازجة، لأنها أساس النكهة الأصيلة للمحشي، كما نستخدم أفضل أنواع اللحوم البلدية والسمن البلدي».

ويتابع: «نحن نؤمن بأن الأكل الشرقي الأصيل يجب أن يقدم بأفضل صورة، ولأننا هنا في منطقة شبرا الشعبية التي تتميز بكثافة سكانية عالية، وبالعلاقات الحميمة بين قاطنيها، أردنا أن نقدم تجربة مصرية أصيلة، تنقل الزائر إلى دفء المنزل ورائحة المطبخ المصري التقليدي، بحيث يشعر الزبون وكأنه يتناول الطعام في منزل والدته تماماً».

يعود مصطفى للحديث، موضحاً أن المطعم يسعى أيضاً إلى تغيير الصورة النمطية للأكلات الشعبية وتقديمها بأسلوب يناسب الحياة العصرية، حيث يقدم المطعم فكرة «محشي تو جو»، بتقديم المحشي في عبوات مبتكرة كوجبة سريعة، سواء بالحصول عليها من المطعم أو عن طريق خدمة التوصيل، كما تمتد لمسة الابتكار إلى طبق المُمبار، الذي نقدمه تحت اسم «ممبار بوبس»، حيث يتم تقديم قطع صغيرة في ورق على هيئة «كونو»، ما يسهل حمله وتناوله كوجبة سريعة أثناء التنقل.

ويعّقب صاحب المطعم على ذلك بقوله: «نحن نؤمن بأن الأكل الشرقي يمكن أن يكون عصرياً وجذاباً، لذا نسعى إلى تقديم أطباقنا بأفضل شكل ممكن، مع الحفاظ على الطعم الأصيل، ففكرة المحشي والممبار كوجبة سرعة ليست مجرد تغيير في طريقة التقديم، بل هي رؤية لتجديد التراث وتقديمه للأجيال الجديدة».

خلال شهر رمضان، يقدم المطعم قائمة طعامه دون تغيير، التي يأتي أبرزها أصناف المحشي المفضلة من جانب المصريين على المائدة الرمضانية، كما يُضيف وجبة السحور، التي تضم أبرز المأكولات المصرية، وعلى رأسها الفول والفلافل.

لأن «محشي ماما» يسعى إلى تقديم تجربة منزلية أصيلة بكل تفاصيلها، بحسب القائمين عليه، لذا تمتد التجربة إلى ديكورات المكان، التي اعتمدت على اللونين الأخضر والبيج، وهما لون أغلب أصناف المحشي، وكذلك لخلق راحة نفسية للزبائن، إلى جانب إضافة لمسات تراثية للديكور.