لماذا يفضّل الطهاة المقلاة الهوائية؟

البعض يعدها وسيلة لتقليل مستوى الدهون في الطعام

كبيبة البطاطس يسهل صنعها في "الإير فراير" للشيف أحمد إسماعيل (الشرق الأوسط)
كبيبة البطاطس يسهل صنعها في "الإير فراير" للشيف أحمد إسماعيل (الشرق الأوسط)
TT

لماذا يفضّل الطهاة المقلاة الهوائية؟

كبيبة البطاطس يسهل صنعها في "الإير فراير" للشيف أحمد إسماعيل (الشرق الأوسط)
كبيبة البطاطس يسهل صنعها في "الإير فراير" للشيف أحمد إسماعيل (الشرق الأوسط)

عبر هواء ساخن، مع قليل من الزيت، تستطيع الحصول على طعام سريع يلبي رغبات محبي الأطعمة ذات القشرة الخارجية المقرمشة، بعيداً عن محتوى مرتفع من الدهون، هكذا يعتقد كثير من الطهاة ممن يفضلون المقلاة الهوائية.

ويعد الشيف المصري أحمد إسماعيل، هذه المقلاة «الإير فراير» جاءت لتحل «معادلة صعبة» تتمثل في تفضيل الكثيرين لنكهة وملمس الطعام المقلي، كما أنها «تتيح طريقة أكثر صحية لطهي الأطعمة بالنظر إلى قلة استخدام الزيوت المستخدمة».

وفي حين يتردد البعض في استخدام هذه المقلاة تخوفاً من وجود أضرار لها؛ فإن الشيف منى زنفلي، ترى أن الطهي عن طريق توزيع الهواء الساخن حول الطعام للحصول على الطبقة المقرمشة نفسها كما هو الحال في الأطعمة المقلية التقليدية، يتم بطريقة مبسطة.

كبيبة البطاطس في "الإير فراير" وصفة الشيف أحمد إسماعيل

وتتنوع الأطباق المفضلة التي يمكن إعدادها بواسطة المقلاة الهوائية، ما بين الدجاج المقلي، واللحم، والسمك، وتبقى للبطاطس بأنواعها مكانة خاصة في «الإير فراير» لكن لا يتوقف الأمر على القلي كما قد تعتقد؛ فهناك قائمة لا حصر لها من الاستخدامات الأخرى؛ إذ يمكنك على سبيل المثال شواء دجاجة كاملة أو لحم مشوي، وإعادة تسخين الطعام بسرعة، ولا تقل أهمية عن ذلك أنواع مختلفة من الحلويات منها الكيك بأنواعه والسينابون.

وبالنسبة لمحبي الطعام المجفف مثل الفواكه واللحوم والمكسرات، فإن الأمر سهل للغاية تنفيذه في المقلاة الهوائية، وعلى سبيل المثال أيضا جرب الخضراوات المشوية أو المكرملة بالقليل من زيت الزيتون والزعتر والملح والفلفل وبذور الشمر.

باذنجان محشو بالأرز للشيف منى زنفلي (الشرق الأوسط)

كما أن غمس شرائح الكوسة الطازجة في «البقسماط المطحون» أو فتات الخبز المحمص ووضعها في المقلاة الهوائية يجعل منها طبقاً جانبياً صحياً يمكنك تعزيز مذاقه بالبهارات المفضلة لديك والفلفل الحار أو الشطة، أو الإبقاء عليها كوجبة خفيفة مستقلة مع الاكتفاء بالقليل من زيت الزيتون والملح والفلفل.

إليك وصفات أخرى لطهي الخضراوات في هذه المقلاة، منها رقائق الكرنب الخفيفة بزيت جوز الهند، أيضاً الباذنجان أو الفلفل المحشي بالجبن الكريمي اللذيذ أو بمكعبات الموتزاريلا وتقديمها مع صلصة المارينارا، وأيضا تستطيع حشوها باللحم المفروم، كما أن قطع القرنبيط المخبوزة بالجبنة مع صلصة الطماطم الحارة، جربها أحياناً بديلاً أيضا لوجبات البطاطس المقلية؛ حيث تستهلك في هذه الحالة عددا أقل من الكربوهيدرات ودهوناً أقل.

في غضون 10 دقائق فقط سيخرج البروكلي المنتعش في هذا الموسم طرياً ومقرمشاً من القلاية، كما لو قمت بتحميصه في الفرن، لكن تنصحك زنفلي بإعداده بطريقة صحيحة، تتمثل في «وضع البروكلي في وعاء عميق، وتقليبه برفق مع التوابل والزيت، ووضعه في سلة القلاية الهوائية لمدة تتراوح ما بين 8 إلى 10 دقائق عند درجة حرارة 370 درجة (فهرنهايت)، مع التقليب في منتصف المدة». وتتابع: «إذا كنت تبحث عن مذاق خاص أو تعده لأطفالك، فسيكون من الرائع إضافة جبن البارميزان المبشور الطازج في آخر 4 دقائق من القلي؛ لتحصل على قشرة يصعب مقاومتها».

الفلافل من الأطعمة التي يتم إعدادها بنجاح في "الإير فراير" من مطبخ الشيف أحمد إسماعيل

ويمثل الروبيان طعاماً مثالياً لوضعه في المقلاة الهوائية للحصول على طبق لذيذ ومليء بالبروتين؛ نظراً لأنه سريع الطهي، ومن الأكلات الشهية الناجحة في القلاية كذلك سمك السلمون وشرائح لحم البقر المشوية.

الفلافل طعام مثالي في يوم نباتي خال من اللحوم، تضعه القلاية الهوائية بين يديك، من دون أن تضطر إلى الوقوف طويلاً أمام الموقد لقليه، تُطهى الفلافل في المقلاة الهوائية على حرارة 380 درجة لمدة 15 دقيقة، مع التقليب في منتصف المدة؛ فتحصل على وجبة خفيفة ومقرمشة، قدمها مع الحمص والبيتا أو ضع فوقها السلطة ورش عليها صلصة الطحينة.

وتنصح زنفلي بعدم استخدام كثير من الزيت؛ «وإلا فسوف يتساقط ويتجمع في الجزء السفلي من الجهاز؛ ما قد ينتج عنه دخان، كما أنك ستتناول طعاما بزيت زائد لا داعي له؛ لذلك عليك فقط رش الأطعمة برذاذ خفيف من الزيت».

حلويات يمكن صنعها في "الإير فراير" للشيف منى زنفلي (الشرق الأوسط)

وتواصل: «قم في منتصف مدة الطهي برجّ طعامك أو تقليبه مرة واحدة على الأقل في أثناء الطهي؛ للحصول على طعام شهي»، لافتة إلى أن «هناك دائما احتمالا لأن تحتاج إلى الطهي لفترة أكثر أو أقل مما تتطلبه الوصفة؛ دائماً راقب الطعام، وتوقع فارق من 2 إلى 5 دقائق في وقت الطهي».

وتقول زنفلي: «حتى لو كان لديك مقلاة هوائية بسلة كبيرة للغاية، فلا يمكن وضع كثير من الطعام داخلها كما قد تعتقد؛ إذ يحتاج الطعام إلى مساحة ودورة هواء حتى يصبح مقرمشاً».

بالنسبة للجوء إلى منع الالتصاق بورق الزبدة، فإن هذا الأمر ليس ضروريا دائما... هكذا تنصح زنفلي: «لكن في الأوقات التي يكون فيها الطعام الذي تطبخه لزجاً أو رقيقاً بشكل خاص، يمكنك استخدامه، على سبيل المثال، يمكنك أن تفعل ذلك عند طهي السمك؛ حتى لا يتفتت عند إخراجه من السلة».


مقالات ذات صلة

الشيف حسين فياض: «زيت الزيتون ينافس الزبدة بشهرته العالمية»

مذاقات أطباق تدخل فيها الفاكهة (الشرق الأوسط)

الشيف حسين فياض: «زيت الزيتون ينافس الزبدة بشهرته العالمية»

بدقة متناهية يعتمد فيها على المسطرة و«المازورة» والمعايير بالغرامات يعمل الشيف حسين فياض وإذا ما تصفحت صفحته الإلكترونية عبر «إنستغرام»

فيفيان حداد (بيروت )
مذاقات القشطوطة (الحساب الرسمي لمحل بلبن)

الحلويات المصرية تتأثر بالعرب المقيمين

«الحلو إيه» سؤال اعتاد المصريون ترديده بمجرد الانتهاء من سفرة الطعام، فـ«التحلية» جزء أصيل من العادات الغذائية حول العالم، غير أن هذه الأصناف الحلوة شهدت تطورات

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
مذاقات اللمسة خاصة بكل شيف ولا وصفة صارمة تُطبَّق بالحذافير (فيسبوك)

حكايةُ الكنافة بالشكولاته في دبي نجمة الإنترنت الشهية

تخدع التسمية؛ ففي لبنان مثلاً تعني الكنافة كعكة محشوَّة بجبن تعلوه حلوى أقرب إلى «النمّورة»، وسط كثافة القَطر المتدلّي، عادةً، إلا لمَن يفضِّل الحدّ من الحلاوة

فاطمة عبد الله (بيروت)
مذاقات بيير هيرميه «بيكاسو الحلويات» (الشرق الأوسط)

بيير هيرميه «بيكاسو الحلويات» في أبوظبي

أعلن فندق «روزوود أبوظبي» افتتاح «المجلس من بيير هيرميه»، الذي سيكون الوجهة الفريدة من نوعها في قلب «جزيرة الماريه».

«الشرق الأوسط» (أبوظبي )
مذاقات حَمْل الإرث من جيل إلى جيل (صور كلود قريطم)

مثلّجات تخطّى عمرها القرن تُحرّك ذاكرة متذوّقيها

تُكمل كلود قريطم طريق جدّها ووالدها مع شقيقتها، مُتجاوزةً تحدّيات لبنان الاقتصادية والأمنية، بالإصرار على الصمود والجودة وأمانة حَمْل الإرث.

فاطمة عبد الله (بيروت)

مثلّجات تخطّى عمرها القرن تُحرّك ذاكرة متذوّقيها

حَمْل الإرث من جيل إلى جيل (صور كلود قريطم)
حَمْل الإرث من جيل إلى جيل (صور كلود قريطم)
TT

مثلّجات تخطّى عمرها القرن تُحرّك ذاكرة متذوّقيها

حَمْل الإرث من جيل إلى جيل (صور كلود قريطم)
حَمْل الإرث من جيل إلى جيل (صور كلود قريطم)

قبل عامين، تسلَّمت والدة كلود قريطم جائزة المائة عام على نشأة «بوظة قريطم» الشهيرة في زحلة. كانت أيام الأجداد، ولم تكن الثلاجات مألوفة في المطابخ والمحال، ولا الكهرباء وأصناف الراحة. تولَّت برودة الطقس في البقاع اللبناني حفظ ما يؤكل، لتُضيف ابتكارات الإنسان، وفق مبدأ «الحاجة أم الاختراع»، ما يُسهِّل العيش ويُدرِّب على التكيُّف.

بدأت الحكاية من حُبّ الجدّ للحلويات والأطايب، فأكمل ابنه إيلي قريطم دربه. تروي الحفيدة كلود لـ«الشرق الأوسط»: «اعتاد جدّي الصعود إلى جبل صنين القريب من زحلة لجَمْع الثلج وخَلْطه مع الدبس. تذوّق وأحبَّ الطعم. كرّر الخلطة، ووجد أنها ألذّ من الدبس غير المُبرَّد. ثم جرَّب الحامض، وراحت تحلو له النكهات. حينها تساءل: ماذا لو جرَّبتُ الحليب مع الثلج، وكرَّت التساؤلات التي تولّى والدي أمرها لاحقاً حين وضع حجر الأساس لبداية فعلية، بعدما لمعت في باله فكرة أبعد من مجرّد دَمْج الثلج مع المكوِّن الآخر بغرض الالتهام الشخصي».

مائة عام على نشأة «بوظة قريطم» الشهيرة (صور كلود قريطم)

أحضر جدّها وعاء من خشب لوَضْع خليط الثلج والملح مع مكوّنات المثّلجات (البوظة). في الماضي، لم تتّخذ هذه التسمية. كانت لذّة فقط وطعماً شهياً. ثم خطر له دَقّ المكوّنات معاً بواسطة مدّقة خشبية عُرِفت بها تلك الأيام. نجحت الخطوة الأولى، فأكمل والدي الخطوات. أسَّس وُجهة لمَن راحوا يُعجَبون بالطَّعم ويترقّبون الخلطة.

الوعاء الخشبي مع الجدّ أصبح نحاسياً مع الأب، لكنّ المدقّة ظلَّت من خشب. مدّة الدَّقّ امتدّت لساعة للتأكُّد من أنّ المكوِّن بدأ يقسو و«يمغط». تتابع كلود إيلي قريطم: «عُرِف والدي، فقصده الناس لتذوّق خلطاته الباردة. ولمّا تأكّد من أنها تنال الإعجاب، اجتهد ليُطوِّر. أدخل لمسته على مكوّنات الحليب والسكّر والسحلب والمستكة وماء الورد، وتميّز بخلطة بوظة القشطة. آنذاك، كان نهر البردوني يقتصر على الضفاف والأشجار من حوله. لم تتعدَّد المحلات ولا مطاعم كما اليوم. اتّخذ أبي زاويته، وبدأ يبيع المثلّجات وسط صوت الخرير وحفيف الأوراق المتمايلة مع النسائم المنعشة».

مثلّجات على ضفاف النهر بمدينة زحلة البقاعية (صور كلود قريطم)

تذكُر أنها كانت صغيرة حين أيقظها والدها عند الثالثة فجراً لدَقّ «البوظة». ورث هذه العادة من والده الذي اعتاد الاستيقاظ قبل الفجر وارتياد الجبال القريبة والمغاور المنتشرة لإنجاز الخلطة. تقول: «كنتُ أسأل أبي؛ (ولكن أليس من المبكر أن نبدأ العمل في هذه الساعة من الليل؟). ردَّ بجواب حفظه عن أبيه: علينا الاستعجال لتجهز النكهات قبل شروق الشمس، تفادياً للحرارة رغم حفظها بالثلج».

لا تزال «بوظة قريطم» تستعمل المدقّة حتى اليوم لتحضير القشطة. «أما النكهات الأخرى، فتتولّاها الآلات»، تقول الابنة من الجيل الثالث المُحافظة على الإرث لأنه بوصفها «غالٍ جداً، ولن نفرِّط به». سافرتْ إلى إيطاليا وأتت ببعض الوصفات، «لكنني طوّرتها على طريقتي لتصبح خاصة بنا». وبين العربي والإيطالي، «ثمة لمسة لم تتغيَّر، منذ ما يتخطّى الـ100 عام إلى اليوم».

نوستالجيا المكان تُراود الآتين إليه (صور كلود قريطم)

ليس الطَّعم وحده ما تصرُّ كلود قريطم على ألا يفقد خصوصيته من جيل إلى جيل، بل أيضاً العلاقة بالمكان. تتحدّث عن البردوني حيث لا تعبُره سيارة ولا يزال مقصداً لمحبّي الجلسة الحلوة والجوّ الفَرِح. لكنّ المؤثّر في الحكاية هو مرور الزمن على مَن كانوا أطفالاً حين قصدوا النهر لتناوُل المثلّجات مع آبائهم وأمهاتهم، وها هم كبِروا وتزوّجوا وأنجبوا، ومنهم فَقَد السند والدفء بوداع الأهل. تُكمل: «نوستالجيا المكان تُراود الآتين إليه. كثر يتطلّعون إلى المقاعد ويردّدون: هنا جلسنا قبل 20 عاماً. قبل 30. قبل 50... ومنهم مَن تغرّبوا في الأصقاع، ولمّا عادوا في الصيف قصدوا البردوني وقصدونا لاستعادة الذكريات».

عائلة قريطم من مدينة زحلة المُسمَّاة «عروس البقاع». ولمّا شاء المؤسِّس اختيار المكان الأفضل ليُشارك خلطاته الباردة مع المتذوّقين، وجد في ضفاف البردوني وُجهته: «حافظنا على الديكور القديم مع تعديلات طفيفة. فالحجارة أصلها من الجبال الصلبة»، تُنهي كلود قريطم التي تُكمل طريق جدّها ووالدها مع شقيقتها، مُتجاوزةً تحدّيات لبنان الاقتصادية والأمنية، بالإصرار على الصمود والجودة وأمانة حَمْل الإرث.