وجبات نباتية لمجموعة العشرين في الهند... والدخن على راس القائمة

على نحو مختلف تماماً عن المطبخ الدبلوماسي الغني بأطباق اللحوم

الأطباق الهندية النباتية كانت هي الوحيدة المقدمة في قمة مجموعة العشرين (شاترستوك)
الأطباق الهندية النباتية كانت هي الوحيدة المقدمة في قمة مجموعة العشرين (شاترستوك)
TT

وجبات نباتية لمجموعة العشرين في الهند... والدخن على راس القائمة

الأطباق الهندية النباتية كانت هي الوحيدة المقدمة في قمة مجموعة العشرين (شاترستوك)
الأطباق الهندية النباتية كانت هي الوحيدة المقدمة في قمة مجموعة العشرين (شاترستوك)

كانت قمة مجموعة العشرين التي استضافتها الهند مؤخراً شأناً نباتياً في مجملها. فعلى نحو مختلف تمام الاختلاف عن المطبخ الدبلوماسي المعتادة فيه أطباق اللحوم، حصل زعماء العالم -بمن فيهم الرئيس الأميركي جو بايدن، ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، ورئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وحتى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان- على وجبات نباتية كاملة، في أوانٍ مصنوعة من الفضة والذهب.

كانت الأطباق الثلاثة من قائمة الطعام النباتي غنية بالتوابل المنكهة في الهند، مع طبق رئيسي من «صلصة الفاكهة الكبيرة تقدم مع فطر الغابات المزجج»، مصحوباً «بالقليل من الذرة البيضاء المقرمشة، وأوراق الكاري ممزوجة بأرز كيرالا الأحمر».

الدخن دخل في معظم الأطباق التي قدمت على موائد الرؤساء في الهند (شاترستوك)

كان للعشاء الكبير الذي استضافه الرئيس الهندي قائمة طعام نباتية نقية مكونة من 4 أطباق، بما في ذلك أطباق مثل: بانير لابابدار، وسوبيز كورما (الأخضر)، وبطاطا ليونيس، وكاجو مطر ماخانا (الكاجو، والبازلاء، وبذور اللوتس)، وجوار دال تادكا (الذرة البيضاء)، وبياز جييرا كا بولاو (أرز البصل والكمون)، وخيار ريتا، وتاندوري روتي، وزبدة نان، وكولتشا، واللوز المحمص ومرق الخضراوات، والحلوى من شاكلة كوتو مالبوا، وكيسار بيستا رسمالاي.

شمل الخبز الجانبي «باو» الشهير في مومباي، أو الكعك الناعم بالإضافة إلى بكرخاني (الخبز المسطح السميك والمتبل، وهو جزء من مطبخ موغلاي). ولكن في الطبق الرئيسي كانت حبوب الذرة هي البطل، مع رقائق الدخن المقرمشة والمغطاة باللبن الزبادي والصلصة المتبلة، مع أرز كيرالا الأحمر الممتزج مع رقائق الدخن والكاري، وحلوى بودينغ الدخن المعطرة بالهيل، مع مزيج من فواكه التين والخوخ، ومعجنات جاك فروت التي تُقدم مع فطر الغابات.

حمية الدخن (الذرة البيضاء)

تقول قائمة الطعام بالعشاء الرسمي: «لمنح ضيوفنا الكرام مذاق نبتة الدخن التي تنمو في جميع أنحاء الهند، أضفنا بعض الأطباق في قائمة الطعام اليوم. ينمو الدخن في نصف وقت نمو القمح، ويستخدم 30 في المائة من المياه المخصصة لنمو الأرز».

القائمة يطلق عليها «الطعام الفائق»

تقول القائمة إن «الدخن يمكن أن ينمو في ظروف معاكسة وقاحلة»، مضيفة أنها «يمكن أن تلعب دوراً مهماً في معالجة قضايا مثل تغير المناخ والأمن الغذائي».

صرح الطاهي سوريندرا نيغي: «إن جميع القادة يتبعون نظاماً غذائياً محدداً، ومع مراعاة تفضيلات الغذاء للجميع، أُعدت قائمة طعام نباتية للأغلبية بعناية كبيرة. وقال إن رئيس الوزراء مودي طلب منا أن نركز على الدخن، وأدرجنا الدخن مكوناً في كثير من المأكولات، مع مراعاة السنة الدولية للدخن، مضيفاً: «لدينا حتى الحلوى المصنوعة من الدخن، مثل أصابع الدخن (الراغي)، واللادوس (الحلو)، وخير الشعير (بودينغ الحليب)».

عمل أكثر من 120 طباخاً على إعداد القائمة

تصدرت حكومة الهند بقيادة رئيس الوزراء ناريندرا مودي قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، بإعلان عام 2023 سنة دولية للدخن، وأيد اقتراح الهند 72 بلداً. مع المستويات العالية من المعادن مثل الحديد والكالسيوم والزنك، وغيرها من العناصر الغذائية الحيوية، يعد الدخن كنزاً من الفوائد الصحية.

تنتج الهند جميع أصناف الدخن التقليدية التسعة المعروفة: السورغوم، ودخن اللؤلؤ، والدخن الإصبعي، والدخن الثعلبي، ودخن البروسو، والدخن الصغير، ودخن الفناء، والدخن البني، والدخن الكودو.

أعد الطاهي كونال كابور الذي طبخ للسيدات الأوليات خلال قمة مجموعة العشرين، نسخة نباتية من الخيشرا (التي عادة ما يتم إعدادها مع اللحوم والأرز). وقال: «صنعت فطر خيشرا. عادة ما يتم طهيه مع اللحوم، ولكننا لم نستخدم اللحوم على الإطلاق، وكانت الذرة تستخدم بدلاً من الأرز والمرق مع السلطة».

حتى المعكرونة المقدمة كانت تصنع بالدخن، الطعام الفائق.

يتفق المطلعون على أن ثاليس الدخن الخاص (طبق أو صينية) حقق نجاحاً كبيراً بين قادة الدول. كما يُستخدم الثاليس للإشارة إلى وجبة على النمط الهندي، مكونة من مجموعة متنوعة من الأطباق التي تقدم على طبق كبير. وشملت الدخن البولاوي والدخن الإدليسي (الكعك المطهو على البخار الذي عادة ما يُصنع من الأرز المخمر والعدس).

تاريخ النظام النباتي في الهند

يُعد النظام النباتي جزءاً لا يتجزأ من الثقافة الهندية، وكان له تأثير عميق على خيارات الغذاء في البلاد. يعود تاريخ النظام النباتي في الهند إلى العصور القديمة. وتشجع النصوص الفيدية، التي تعد من أقدم النصوص الهندوسية، على النباتية كجزء من ممارسة اللاعنف، وتعكس أهمية اتباع نظام غذائي متوازن يشمل: الحبوب، والفواكه، والخضراوات، والمكسرات، والبذور.

الدخن يستخدم في كثير من الوصفات (شاترستوك)

يختار كثير من الهندوس اتباع نظام غذائي نباتي، كطريقة لإظهار الاحترام لجميع المخلوقات الحية. اعتقد كثير من الهندوس أن تناول اللحوم كان «كارما (نذيراً) سيئاً»، ما جعل النباتية أكثر شعبية.

تعززت ممارسة النظام النباتي من قبل الشخصيات الدينية، مثل بوذا الذي دعا إلى عدم العنف واتباع النظام الغذائي النباتي.

حددت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) الهند باعتبارها الدولة التي لديها أدنى معدل لاستهلاك اللحوم على مستوى العالم، مع واحدة من أعلى النسب المئوية للنباتيين في العالم، ويقدر أن 50- 55 في المائة من السكان يلتزمون بالنظام الغذائي النباتي.

وجد كثير من الدراسات العلمية الحديثة أيضاً أن النظام الغذائي النباتي يعني صحة أفضل. وذكرت دراسة حديثة أجرتها جامعة أكسفورد نشرت في المجلة الأميركية للتغذية السريرية، أن خطر دخول المستشفى والأمراض الصحية يكون أقل لدى الأشخاص النباتيين من أولئك الذين يعتمدون على نظام غذائي للحوم. ووجدت دراسة مماثلة أجراها التحليل العلمي في الولايات المتحدة، أن النظام الغذائي النباتي يرتبط بتقليل المخاطر النسبية لمرض القلب التاجي بنسبة 25 في المائة، وتقليل المخاطر النسبية للسرطان بنسبة 8 في المائة، مع النظام الغذائي النباتي الذي يمنح 15 في المائة الحد من المخاطر النسبية للسرطان.

الأطباق الهندية النباتية كانت هي الوحيدة المقدمة في قمة مجموعة العشرين (شاترستوك)

صنفت منظمة الصحة العالمية اللحوم المصنعة على أنها مسببة للسرطان، واللحوم الحمراء (غير المصنعة) على أنها ربما مسببة للسرطان في البشر. وأخيراً، أثبتت التجارب العشوائية المنضبطة أيضاً فوائد نظام البحر الأبيض المتوسط الغذائي (في الأساس نظام غذائي مهيمن على النباتات) في كل من الوقاية الأولية والثانوية من أمراض القلب والأوعية الدموية، مع فوائد معززة من زيادة الالتزام بنمط غذائي نباتي (أكثر اعتماداً على النباتات).

شارك طبيب «الأيورفيدا» سيدارسثا سريفاستفا من مستشفى دلهي الثاني قائلاً: «في أيورفيدا، يكون الريجيم (النظام) النباتي أكثر شيوعاً من التغَذِّي بالنَّباتاتِ الصِّرْفَة. ويرجع ذلك إلى العلاقة القوية التي تربط أيورفيدا بالحليب والسمن (الزبدة الصافية)، كلاهما يأتي من الأبقار المُعتنى بها جيداً. وتعتبر الأبقار -تقليدياً- مقدسة للغاية في الهند.

يتضمن المطبخ الهندي أيضاً مجموعة متنوعة من التوابل والأعشاب، والتي تستخدم لإضافة نكهة للأطباق. غالباً ما يُعتقد أن هذه التوابل والأعشاب لها خصائص طبية، وتستخدم لإضافة نكهة وفوائد صحية إلى الأطباق.

يعرف المطبخ الهندي أيضاً باستخدامه لمنتجات الألبان، مثل الزبادي والسمن التي تُستخدم غالباً لإضافة الكريمة إلى الأطباق، ويُعتقد أيضاً أنها مفيدة للصحة.

أسماء غريبة وأطعمة الشارع الهندي

مُنحت بعض الأطباق المفضلة في القمة أسماء غير اعتيادية، مثل: «ترمب نصف تندور»، و«بايدن بروكلي». ويُضاف إلى القائمة طبق يدعى موديان جيميكاند (يام)، وهو جزء من الطعام النباتي.

إن أطعمة الشارع الهندي فريدة من نوعها، وزيارة الهند لا تكتمل من دونها. ولهذا السبب، سوف تتضمن قوائم المندوبين أيضاً أطعمة الشارع الهندي، مثل باني بوري، وشاباتي شات، وداهي بهالا، وساموسا، وغيرها.

ثم كانت هناك مخصصات إقليمية، مثل دال باتي تشورما من راجاستان، وبنغالي راسغولا، وماسالا دوسا من جنوب الهند، وليتي شوخا من بيهار.

اشتملت قائمة المشروبات على الكاهوا الكشميرية (التحضير التقليدي للشاي الأخضر «كاميليا سينينسيس» والمستهلكة على نطاق واسع في الهند)، وشاي دارجيلنغ، والقهوة المصفاة الشهيرة في جنوب الهند.


مقالات ذات صلة

الفواكه والخضراوات تتحول الى «ترند»

مذاقات فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)

الفواكه والخضراوات تتحول الى «ترند»

تحقق الفواكه والخضراوات المجففة والمقرمشة نجاحاً في انتشارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتتصدّر بالتالي الـ«ترند» عبر صفحات «إنستغرام» و«تيك توك» و«فيسبوك»

فيفيان حداد (بيروت)
مذاقات طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)

الفول المصري... حلو وحار

على عربة خشبية في أحد أحياء القاهرة، أو في محال وطاولات أنيقة، ستكون أمام خيارات عديدة لتناول طبق فول في أحد صباحاتك

محمد عجم (القاهرة)
مذاقات الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

بعد دخولي مطابخ مطاعم عالمية كثيرة، ومقابلة الطهاة من شتى أصقاع الأرض، يمكنني أن أضم مهنة الطهي إلى لائحة مهن المتاعب والأشغال التي تتطلب جهداً جهيداً

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات كعكة شاي إيرل جراي مع العسل المنقوع بالقرفة والفانيليامن شيف ميدو (الشرق الأوسط)

الشاي... من الفنجان إلى الطبق

يمكن للشاي أن يضيف نكهةً مثيرةً للاهتمام، ويعزز مضادات الأكسدة في أطباق الطعام، وقد لا يعرف كثيرٌ أننا نستطيع استخدام هذه النبتة في الطهي والخبز

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات الشيف الفرنسي بيير هيرميه (الشرق الأوسط)

بيير هيرميه لـ«الشرق الأوسط»: العرب يتمتعون بالروح الكريمة للضيافة

بيير هيرميه، حائز لقب «أفضل طاهي حلويات في العالم» عام 2016، ويمتلك خبرةً احترافيةً جعلت منه فناناً مبدعاً في إعداد «الماكارون» الفرنسيّة.

جوسلين إيليا (لندن )

الفول المصري... حلو وحار

طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)
طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)
TT

الفول المصري... حلو وحار

طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)
طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)

على عربة خشبية في أحد أحياء القاهرة، أو في محال وطاولات أنيقة، ستكون أمام خيارات عديدة لتناول طبق فول في أحد صباحاتك، وفي كل الأحوال البصل الأخضر أو الناشف المشطور حلقات ضيف مائدتك، إن راق لك ذلك.

فطبق الفول «حدوتة» مصرية، تُروى كل صباح بملايين التفاصيل المختلفة، لكي يلبي شهية محبيه لبدء يومهم. فقد يختلف طعمه وفق طريقة الإعداد من «قِدرة» إلى أخرى، وطريقة تقديمه حسب نوعيات الزيت والتوابل، إلا أن كلمة النهاية واحدة: «فول مدمس... تعالى وغمس».

"عربة الفول" تقدم الطبق الشعبي بأصنافه التقليدية (تصوير: الشرق الأوسط)

سواء قصدت «عربة فول» في أحد الأحياء أو اتجهت إلى مطاعم المأكولات الشعبية، ستجد طبق الفول في انتظارك، يستقبلك بنكهاته المتعددة، التي تجذبك لـ«تغميسه»، فالخيارات التي يتيحها ذلك الطبق الشعبي لعشاقه عديدة.

من ناحية الشكل، هناك من يفضلون حبة الفول «صحيحة»، وآخرون يرغبونها مهروسة.

أما عن ناحية المذاق، فيمكن تصنيف أطباق الفول وفق الإضافات والنكهات إلى العديد من الأنواع، ولعل الفول بالطحينة أو بالليمون، هما أكثر الإضافات المحببة لكثيرين، سواء عند إعداده منزلياً أو خارجياً. أما عن التوابل، فهناك من يفضل الفول بالكمون أو الشطة، التي تضاف إلى الملح والفلفل بوصفها مكونات رئيسية في تحضيره. بينما تأتي إضافات الخضراوات لكي تعطي تفضيلات أخرى، مثل البصل والفلفل الأخضر والطماطم.

طبق الفول يختلف مذاقه وفق طريقة الإعداد وطريقة التقديم (مطعم سعد الحرامي)

«حلو أم حار»؟، هو السؤال الأول الذي يوجهه جمعة محمد، صاحب إحدى عربات الفول الشهيرة بشارع قصر العيني بالقاهرة، للمترددين عليه، في إشارة إلى نوعَيْه الأشهر وفق طريقتي تقديمه التقليديتين، فطبق فول بالزيت الحلو يعني إضافة زيت الذرة التقليدي عند تقديمه، أما «الحار» فهو زيت بذور الكتان.

يقول جمعة لـ«الشرق الأوسط»: «الحار والحلو هما أصل الفول في مصر، ثم يأتي في المرتبة الثانية الفول بزيت الزيتون، وبالزبدة، وهي الأنواع الأربعة التي أقدمها وتقدمها أيضاً أي عربة أخرى»، مبيناً أن ما يجعل طبق الفول يجتذب الزبائن ليس فقط نوعه، بل أيضاً «يد البائع» الذي يمتلك سر المهنة، في ضبط ما يعرف بـ«التحويجة» أو «التحبيشة» التي تضاف إلى طبق الفول.

طاجن فول بالسجق (مطعم سعد الحرامي)

وبينما يُلبي البائع الخمسيني طلبات زبائنه المتزاحمين أمام عربته الخشبية، التي كتب عليها عبارة ساخرة تقول: «إن خلص الفول أنا مش مسؤول»، يشير إلى أنه مؤخراً انتشرت أنواع أخرى تقدمها مطاعم الفول استجابة للأذواق المختلفة، وأبرزها الفول بالسجق، وبالبسطرمة، وأخيراً بالزبادي.

كما يشير إلى الفول الإسكندراني الذي تشتهر به الإسكندرية والمحافظات الساحلية المصرية، حيث يعدّ بخلطة خاصة تتكون من مجموعة من البهارات والخضراوات، مثل البصل والطماطم والثوم والفلفل الألوان، التي تقطع إلى قطع صغيرة وتشوح وتضاف إلى الفول.

الفول يحتفظ بمذاقه الأصلي بلمسات مبتكرة (المصدر: هيئة تنمية الصادرات)

ويلفت جمعة إلى أن طبق الفول التقليدي شهد ابتكارات عديدة مؤخراً، في محاولة لجذب الزبائن، ومعه تعددت أنواعه بتنويع الإضافات والمكونات غير التقليدية.

بترك عربة الفول وما تقدمه من أنواع تقليدية، وبالانتقال إلى وسط القاهرة، فنحن أمام أشهر بائع فول في مصر، أو مطعم «سعد الحرامي»، الذي يقصده المشاهير والمثقفون والزوار الأجانب والسائحون من كل الأنحاء، لتذوق الفول والمأكولات الشعبية المصرية لديه، التي تحتفظ بمذاقها التقليدي الأصلي بلمسة مبتكرة، يشتهر بها المطعم.

طاجن فول بالقشدة (مطعم سعد الحرامي)

يبّين سعد (الذي يلقب بـ«الحرامي» تندراً، وهو اللقب الذي أطلقه عليه الفنان فريد شوقي)، ويقول لـ«الشرق الأوسط»، إن الأنواع المعتادة للفول في مصر لا تتعدى 12 نوعاً، مؤكداً أنه بعد التطورات التي قام بإدخالها على الطبق الشعبي خلال السنوات الأخيرة، فإن «لديه حالياً 70 نوعاً من الفول».

ويشير إلى أنه قبل 10 سنوات، عمد إلى الابتكار في الطبق الشعبي مع اشتداد المنافسة مع غيره من المطاعم، وتمثل هذا الابتكار في تحويل الفول من طبق في صورته التقليدية إلى وضعه في طاجن فخاري يتم إدخاله إلى الأفران للنضج بداخلها، ما طوّع الفول إلى استقبال أصناف أخرى داخل الطاجن، لم يمكن له أن يتقبلها بخلاف ذلك بحالته العادية، حيث تم إضافة العديد من المكونات للفول.

من أبرز الطواجن التي تضمها قائمة المطعم طاجن الفول بالسجق، وبالجمبري، وبالدجاج، والبيض، و«لية الخروف»، وبالموتزاريلا، وباللحم المفروم، وبالعكاوي. كما تحول الفول داخل المطعم إلى صنف من الحلويات، بعد إدخال مكونات حلوة المذاق، حيث نجد ضمن قائمة المطعم: الفول بالقشدة، وبالقشدة والعجوة، وبالمكسرات، أما الجديد الذي يجرى التحضير له فهو الفول بالمكسرات وشمع العسل.

رغم كافة هذه الأصناف فإن صاحب المطعم يشير إلى أن الفول الحار والحلو هما الأكثر إقبالاً لديه، وذلك بسبب الظروف الاقتصادية التي تدفع المصريين في الأغلب إلى هذين النوعين التقليديين لسعرهما المناسب، مبيناً أن بعض أطباقه يتجاوز سعرها مائة جنيه (الدولار يساوي 48.6 جنيه مصري)، وبالتالي لا تكون ملائمة لجميع الفئات.

ويبّين أن نجاح أطباقه يعود لسببين؛ الأول «نفَس» الصانع لديه، والثاني «تركيبة العطارة» أو خلطة التوابل والبهارات، التي تتم إضافتها بنسب معينة قام بتحديدها بنفسه، لافتاً إلى أن كل طاجن له تركيبته الخاصة أو التوابل التي تناسبه، فهناك طاجن يقبل الكمون، وآخر لا يناسبه إلا الفلفل الأسود أو الحبهان أو القرفة وهكذا، لافتاً إلى أنها عملية أُتقنت بالخبرة المتراكمة التي تزيد على 40 عاماً، والتجريب المتواصل.

يفخر العم سعد بأن مطعمه صاحب الريادة في الابتكار، مشيراً إلى أنه رغم كل المحاولات التي يقوم بها منافسوه لتقليده فإنهم لم يستطيعوا ذلك، مختتماً حديثه قائلاً بثقة: «يقلدونني نعم. ينافسونني لا».