لطبق الكشري المصري نكهته الخاصة، فهو مهرجان كامل متكامل من الكربوهيدرات التي تمزج ما بين المعكرونة والأرز والعدس والحمص، لكن طعمه يستحق كل سعرة حرارية فيه، خصوصاً إذا كانت طريقة تحضيره صحيحة، وتتبع الخطوات التقليدية اللازمة، وتقديمه يكون مع الصلصة والـ«دَقّة» بكل ما تتمتع به من دغدغة للسان والذائقة.
من زار القاهرة لا بد أنه قام بتذوق الكشري في مطاعم «كشري التحرير» التي تعد من أشهر الأماكن التي تقدم طبق مصر الأول ومحبوب الذواقة من جميع الطبقات الاجتماعية، واليوم وصل هذا الطبق إلى لندن مع افتتاح أول فرع لكشري التحرير في العاصمة البريطانية، وتحديداً في شارع «إدجوير رود» Edgware Road الملقب بشارع العرب في وسط المدينة.
عند زاوية من زوايا الشارع الطويل الذي يبدأ من «ماربل آرتش» لينتهي في أقصى نقطة في شمال غربي لندن تنتشر المطاعم العربية، ولم يكن ينقصها إلا الكشري (على أصوله) وهذا ما كان ينتظره المصريون قبل غيرهم من العرب المقيمين في العاصمة والسياح الذين يقصدونها سنوياً.
صيت المطعم سبق الافتتاح بعدما تداول المصريون الخبر على وسائل التواصل الاجتماعي، ما جعله أشبه بحدث الموسم، خصوصاً أن هذا الطبق لا يباع بلندن بالطريقة التقليدية والنكهة الأصلية.
ديكور المطعم بسيط جداً، ويرتكز على أسلوب الأكل السريع أو الـ Fast Food، وممكن الجلوس إلى طاولات عادية أو إلى طاولات عالية، ويقدم المطعم الكشري في أطباق بلاستيكية تحمل اسم المطعم، أما بالنسبة للصلصة فيختار الزبون ما يريده والكمية التي يفضلها، فواجهة المطبخ مفتوحة، يقوم أحد العاملين بغرف الأرز والمكونات الأخرى من حاويات كبيرة وبعدها يغطيها بالبصل المقرمش، وبالنسبة للصلصات فهي جاهزة وموجودة على الطاولات ليختار الزبون الكمية المناسبة له، لكن تجدر الإشارة هنا إلى أن الصلصة الحريفة الحمراء قوية بعض الشيء؛ لذا لزم التحذير بعدم إضافة الكثير منها.
الأطباق متوافرة بعدة أحجام، الحجم الأكبر King Size بسعر 14 جنيهاً إسترلينياً والحجم الكبير Large بسعر 12 جنيهاً والـTop بـ9 جنيهات والتحرير بسعر 7 جنيهات.
معظم آراء الذين جربوا كشري التحرير في لندن إيجابية، لكن الغالبية رأت أن السعر عالي بعض الشيء لطبق بسيط بمكونات رخيصة وكمية قليلة نوعاً ما، «الشرق الأوسط» زارت المطعم، وجربت الطبق بحجمه الصغير وكانت الكمية كافية، أما بالنسبة للمذاق فهو جيد لكنه ليس كالذي تتذوقه في فرع المطعم بالقاهرة، لكن الحق يقال لأنه لا تجوز مقارنة الأسعار في كشري التحرير بمصر بتلك التي تجدها في الفرع الجديد بلندن، والسبب هو أن موقع المطعم في العاصمة البريطانية سعره مرتفع جداً، والإيجارات واليد العاملة في العاصمة البريطانية مرتفعة جداً، وهذا ما يبرر ارتفاع أسعار الطعام في المطاعم؛ لأنها تعكس غلاء المعيشة العاصف بالبلاد بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، ولأسباب اقتصادية أخرى تعاني منها بقية دول العالم.
كشري التحرير اسم رائد، وافتتح أول فرع له في مصر في عام 1963، ويعد من أهم عناوين بيع الطبق الأشهر في البلاد الذي يقال إن فكرته مستوحاة من طبق هندي يحمل اسم «كيشدي» وتعني «الأرز المخفي»، وكان ابن بطوطة قد ذكر الكشري في كتابه «رحلة»، ووصفه بالطبق الذي لا يتخلى عنه الهنود الذين يتناولونه يومياً، في كل مكان وزمان بما فيه وجبة الفطور، ومن المرجح أن الطبق وصل إلى مصر خلال فترة التبادل التجاري ما بين الجنود المصريين والهنود، ووفق المعلومات التاريخية فإن المصريين لم يعرفوا الكشري إلا بعد اندلاع الحرب العالمية الأولى أي بعد وصول الجنود الهنود برفقة القوات البريطانية التي فرضت كحماية لمصر عام 1914.