مطعم «أكرم» في بحمدون اللبنانية ... جلسة قروية تحت ظلال الشجر

أطباقه خليجية ولبنانية تستقطب السياح العرب

جلسة قروية تحت ظلال الأشجار مع لقمة لبنانية شهية
جلسة قروية تحت ظلال الأشجار مع لقمة لبنانية شهية
TT

مطعم «أكرم» في بحمدون اللبنانية ... جلسة قروية تحت ظلال الشجر

جلسة قروية تحت ظلال الأشجار مع لقمة لبنانية شهية
جلسة قروية تحت ظلال الأشجار مع لقمة لبنانية شهية

وأنت تتنقل في بلدة بحمدون الضيعة، لا بد أن يستوقفك مبنى بسيط سقفه من القرميد، ويستقبلك على باب مدخله تمثال لشيف تآكلت ثيابه من الجص بفعل عوامل الطقس والطبيعة.

إنه مطعم «أكرم» الذي يدلك إليه أهل البلدة كعنوان معروف لتناول أطباق لبنانية وخليجية، فاتحاً أبوابه صيفاً وشتاءً، يعدّ هذا المكان من الأشهر في منطقة بحمدون منذ 20 عاماً حتى اليوم.

صاحبه مدحت سركيس بناه بالصدفة؛ إذ كان ينوي ابنه أكرم فتح «كشك» للمناقيش على الصاج. ويتابع مدحت سرد قصته لـ«الشرق الأوسط»: «زوجتي جمال التي تعد الأطباق في مطبخ المطعم هي ابنة بحمدون. وعندما جئنا هنا كانت البلدة مدمرة بفعل الحرب. فرُحنا نجمع الأحجار المتبقية من كل بيت وبدأنا عملية العمار».

مدحت سركيس أمام المدخنة التي بناها بنفسه

هذه الفسيفساء من الأحجار الصخرية والجبلية بنى منها مدحت سركيس مطعمه. «لا أعرف كيف انتصب هذا المطعم بين ليلة وضحاها بهمة أهل البلدة وأفراد عائلتي. أنا شخصياً الذي عمّرته بيدي وزخرفت أسقفه وجدرانه، تتوسطه مدخنة من الأحجار القديمة، صممتها ونفذتها بأناملي. إنه المكان الأعز على قلبي وهو يشكل باب رزقي منذ 20 سنة حتى اليوم».

تدخل مطعم «أكرم» بهندسته الريفية اللافتة فتشعر بسرعة بدفء المكان وحلاوة الجلوس فيه. وعلى مستويين مختلفين تتوزع أركانه المفروشة بطاولات وكراسي يغمرها القماش الأحمر. الديكورات بسيطة، تتألف من ساعة حائط رخامية وديك رومي مصبّر، وبراميل خشبية تستلقي عليها الزجاجيات من كؤوس وصحون بورسلين، وأمامها تتوزع ثلاث حبات من البطيخ الضخمة المعدة للتقطيع كي تقدم للزبائن، وخلفها رفوف خشبية لمونة لبنانية. أما الباحة الخارجية للمطعم فتظللها الأشجار والخيم المنصوبة فوق الطاولات. يتمتع رواد المطعم بجلسة قروية بامتياز تعبق بروائح التراب والزهور وأشجار الكرز والغار المحيطة بالمكان. وفي مطبخ مفتوحة أبوابه أمام الزبائن تطالعك جمال. وهي زوجة مدحت وسيدة المطعم والمشرفة على عملية الطهي فيه. وحدها تتنقل في أرجائه ترتب صحن الحمص بالطحينة وتفرم البقدونس البلدي لطبق التبولة، وتطبخ الدجاج مع الأرز في الوقت نفسه. وتعلق لـ«الشرق الأوسط»: «لا أحب أن يشاركني أحد في إعداد الأطباق. أقوم بكل شيء بنفسي ومن دون مساعدة أحد».

مطعم «أكرم» ذو الديكورات البسيطة

أما الشيف الذي اكتسبت منه خبرتها في الطهي، فهو سبق وعمل في فندق فينيسيا كرئيس لمطبخه. «لقد توفي الآن ولكنه علّم زوجتي أسرار الطبخ اللذيذ والشهي. ولأنها تعشق إعداد الطعام؛ كانت تلميذة نبيهة وجميع الزبائن يتساءلون عن سرّها في تحضير أكلات تفتح الشهية». هكذا يصف مدحت زوجته المعروفة بـ«أم أكرم» فمع زوجها أطلقا على المطعم هذا الاسم تيمناً بابنهما.

تكمن ميزة هذا المكان بأطباقه التي تتراوح بين اللبنانية التراثية الأصيلة والخليجية المعروفة.

وتقول جمال لـ«الشرق الأوسط»: «زبائن المطعم يأتوننا من بيروت وزحلة والمناطق المجاورة، وبينهم لبنانيون وسياح خليجيون. وكنا نستقبل صبحيات تنظمها سيدات من الخليج باستمرار في مطعمنا. ولذلك أدرجنا على لائحة الطعام عندنا أطباقاً خليجية أيضاً. نحضّر الكبسة السعودية والـ(مندي) والـ(برياني) والـ(فريك) وغيرها. وتتميز هذه الأطباق بنكهاتها الغنية وطريقة تحضيرها المميزة».

وبين كبسة الدجاج واللحم والسمك نطل على أكلات لبنانية عريقة مكوناتها جبلية وطازجة بحيث تحضر مباشرة وكل يوم بيومه. «عندما ينفد الأكل من المطعم أقفل أبوابه وأعود إلى بيتي، فأنا أرفض تقديم أطباق تبيت من يوم لآخر، وهذه هي ميزة مطعمنا». تقول جمال وهي تصب لنا فنجان القهوة ترحيباً.

أكلات وأطباق المازة اللبنانية يقدمها مطعم «أكرم»

يؤمّن المطعم خدمة «الدليفري» (التوصيل المجاني) إلى البيوت، حيث تقام مناسبات خاصة ودعوات غداء أو عشاء. ويشرح مدحت: «نقدم طبقاً يومياً (بلا دي جور) عادة ما يتضمن أكلتين مختلفتين، كاللازانيا وورق الدوالي بالزيت. وكذلك نقدم المغربية والصيادية والملوخية واليخنات على أنواعها. عدا ذلك فكل أطباق المازة اللبنانية تحضر عندنا من حمص وتبولة وفتوش ونقانق وسجق وجوانح الدجاج واللحمة رأس عصفور، وغيرها».

مطعم «أكرم» يقع في بحمدون الضيعة

ولمن يهوون تناول طبق الفوارغ والمقادم والذي أصبح من النادر وجوده في مطاعم لبنان، فإن أم أكرم تلبي طلب صنعه ولكن بموعد مسبق. «يجب أن يتصل الزبون بي قبل وقت قصير إذا ما رغب في تناوله. وأنا آخذ وقتي في تحضيره على طريقة أمي وجدتي. فهما كانتا من أشهر من أعدوا هذا الطبق في بحمدون».

وفي نهاية المطاف يأتي موعد تناول الحلويات التي تعد بعضها أم أكرم. «هناك حلويات كثيرة نحضرها كالبسبوسة اللبنانية (النمورة) والـ(أرز بالحليب) والقطايف بالقشدة. كما نتمسك في تقديم الفواكه الطازجة على أنواعها والتي نقطفها من حدائقنا وهي لذيذة بطعمها ونكهتها. وزبائن المطعم يحبون تذوق المربيات التي أحضرها بنفسي من الكرز والتين».


مقالات ذات صلة

فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

مذاقات الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)

فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

تقدم فعاليات «موسم الرياض» التي يقودها الشيف العالمي ولفغانغ باك، لمحبي الطعام تجارب استثنائية وفريدة لتذوق الطعام.

فتح الرحمن يوسف (الرياض) فتح الرحمن يوسف (الرياض)
مذاقات فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)

الفواكه والخضراوات تتحول الى «ترند»

تحقق الفواكه والخضراوات المجففة والمقرمشة نجاحاً في انتشارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتتصدّر بالتالي الـ«ترند» عبر صفحات «إنستغرام» و«تيك توك» و«فيسبوك»

فيفيان حداد (بيروت)
مذاقات طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)

الفول المصري... حلو وحار

على عربة خشبية في أحد أحياء القاهرة، أو في محال وطاولات أنيقة، ستكون أمام خيارات عديدة لتناول طبق فول في أحد صباحاتك

محمد عجم (القاهرة)
مذاقات الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

بعد دخولي مطابخ مطاعم عالمية كثيرة، ومقابلة الطهاة من شتى أصقاع الأرض، يمكنني أن أضم مهنة الطهي إلى لائحة مهن المتاعب والأشغال التي تتطلب جهداً جهيداً

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات كعكة شاي إيرل جراي مع العسل المنقوع بالقرفة والفانيليامن شيف ميدو (الشرق الأوسط)

الشاي... من الفنجان إلى الطبق

يمكن للشاي أن يضيف نكهةً مثيرةً للاهتمام، ويعزز مضادات الأكسدة في أطباق الطعام، وقد لا يعرف كثيرٌ أننا نستطيع استخدام هذه النبتة في الطهي والخبز

نادية عبد الحليم (القاهرة)

الشاي... من الفنجان إلى الطبق

كعكة شاي إيرل جراي مع العسل المنقوع بالقرفة والفانيليامن شيف ميدو (الشرق الأوسط)
كعكة شاي إيرل جراي مع العسل المنقوع بالقرفة والفانيليامن شيف ميدو (الشرق الأوسط)
TT

الشاي... من الفنجان إلى الطبق

كعكة شاي إيرل جراي مع العسل المنقوع بالقرفة والفانيليامن شيف ميدو (الشرق الأوسط)
كعكة شاي إيرل جراي مع العسل المنقوع بالقرفة والفانيليامن شيف ميدو (الشرق الأوسط)

«يمكن للشاي أن يضيف نكهةً مثيرةً للاهتمام، ويعزز مضادات الأكسدة في أطباق الطعام، وقد لا يعرف كثيرٌ أننا نستطيع استخدام هذه النبتة في الطهي والخبز بطرق غير متوقعة»، هكذا يتحدث الشيف المصري وليد السعيد، عن أهمية الشاي في وصفات لذيذة. أطباق كثيرة يتخللها الشاي وتتنوع بمذاقات مختلفة؛ من بينها فطائر الكريب، وكعكة «شاي إيرل غراي».

وينصح السعيد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بتجربة الشاي الزهري مثل الياسمين والبابونج، أو الأسود العادي، خصوصاً بالنسبة للمصريين، أو شاي بالقرفة والزنجبيل والقرنفل أو شاي دراغون ويل الأخضر الصيني برائحة الكستناء ونكهة الزبد والجوز، وغير ذلك من الأنواع.

الشيف وليد السعيد يستخدم الشاي بأنواعه في الكثير من الوصفات خاصة الحلويات (الشرق الأوسط)

ويرى السعيد أنه «في بعض الأحيان نستخدم نكهات صناعية من دون النظر إلى عواقب إضافة المواد الكيميائية والمضافة إلى طعامنا، في حين أنه يمكن الاستغناء عنها، واللجوء بدلاً من ذلك إلى استخدام الشاي، بوصفه يجمع بين كونه مكوناً طبيعياً، يجنبك تلك المواد الضارة، وكونه مُحمَّلاً بنكهات متنوعة تلائم الأطباق من الحلوة إلى المالحة، والساخنة والباردة».

ويوضِّح السعيد أنه «يمكن لأي وصفة تحتوي على سائل أن تكتسب نكهة جديدة تماماً عند الاستعانة بالشاي في تحضيرها، وذلك عن طريق تحويل هذا السائل إلى شاي، سواء كنت تستبدله بدلاً من الماء أو الحليب أو الشوربة أو غير ذلك».

فطائرالكريب بالشاي الأخضر وجوز الهند من شيف ميدو (الشرق الأوسط)

لكن كيف يمكن استخدام الشاي في هذه الحالة؟ يجيب السعيد: «إذا كانت الوصفة تتطلب الماء مثل العصائر والسموذي، فقم بتحضير بعض الشاي بدلاً من الماء، عن طريق تحضير كمية كبيرة من الشاي وتجميدها، إما في برطمانات أو قوالب مكعبات الثلج، ثم إضافتها للطعام».

«أما إذا كانت الوصفة تحتوي على مرق أو حليب، فيمكنك نقع هذا السائل بالشاي؛ لإضافة نكهة إضافية مع الفوائد الغذائية: سخن السائل، وانقع الشاي واستخدمه حسب الحاجة في الوصفة، لكن عليك أن تراعي أنك ستحتاج إلى مزيد من استخدام الشاي، مع تجنب نقعه لفترة أطول حتى لا يصبح مراً». هكذا يوضح الشيف المصري.

ومن هنا عند دمج الشاي في الوصفات تحتاج إلى صنع نحو ربع كوب شاي أكثر من استخدامك المعتاد. على سبيل المثال، إذا كانت الوصفة تتطلب كوباً واحداً من السائل، فقم بغلي 1.25 كوب من الشاي.

امزج أوراق الشاي المطحونة مع الأعشاب، واستخدمها كفرك (تتبيل) جاف للحوم المشوية أو المطهوة، ولمزيد من الحرفية مثل الطهاة استخدم معه السكر البني والملح والفلفل الأسود وحبيبات أو بودرة البصل والثوم والزعتر وإكليل الجبل وقشر الليمون، والزنجبيل، وقشر البرتقال، ومسحوق الفلفل الحار، والبهارات، والقرفة أو القرنفل.

ويلفت الشيف السعيد إلى أنه يمكن استخدام الحليب أو الكريمة المنقوعة بالشاي لصنع صلصة البشاميل والصلصات الأخرى على شكل كريمة للفطائر والبطاطس المقلية، علاوة على حساء الكريمة والخضراوات الكريمية، على أن تستخدم للطعم الكريمي في هذه الأطباق شاياً بنكهة لذيذة، تكون من ضمن مكوناته الشاي الأخضر والأرز المنفوخ والذرة، ولذلك يفضل أن يكون شاياً يابانياً.

أما بالنسبة للحلويات فاستخدم مسحوق الماتشا في الخليط. إذا كنت تخبز البسكويت، فيمكنك أيضاً نقع الزبد المذاب بأوراق الشاي الكبيرة الطازجة، ثم تصفية ذلك، وفي حالة ما إذا كانت الوصفة تتطلب الحليب، فقم بنقع الشاي في الحليب الدافئ أو الماء لمدة من 5 إلى 10 دقائق، وأمامك خيار آخر، وهو طحن الشاي إلى مسحوق في محضر الطعام وخلطه مع المكونات الجافة.

«وإذا كنت تبحث عن الاستمتاع بنكهة حلوة خفيفة مع نكهات زهرية أو فاكهة، فجرب إحدى خلطات الشاي العشبية الكثيرة مثل شاي البابونج والحمضيات أو شاي الكركديه أو شاي التوت البري. اطحن الشاي السائب في مطحنة التوابل حتى يتحول إلى مسحوق، واستخدم ملعقتين كبيرتين لكل دفعة من العجين، ولأن الشاي يمتص السوائل، قلل من كمية الدقيق المطلوبة في الوصفة بملعقتين كبيرتين»، بحسب السعيد.

وليس بعيداً عن ذلك، ينصح الشيف ميدو الذي يعد واحداً من الطهاة المصريين الذين اعتادوا على استخدام الشاي في الطعام، ومن أشهر أطباقه في هذا المجال فطائر الكريب بالشاي الأخضر وجوز الهند، ويصف ذلك بـ«ثنائية اللون محشوة بكريمة الفانيليا ومغطاة باللون الأخضر»، وكذلك يقدم كعكة «شاي إيرل غراي» مع العسل المنقوع بالقرفة والفانيليا، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «تمنح البقع السوداء الصغيرة من الشاي هذه الكعكة كثيراً من الطعم والرائحة».