بخفة ظل، وطريقة غير تقليدية، استطاع أحمد إسماعيل، الطاهي والمدون المصري، جذب شريحة كبيرة من متابعيه للاستمتاع والاستفادة بما يقدمه من وصفات، وأصناف متنوعة.
وأطلق إسماعيل، سلسلة أفكار تفاعلية تعتمد على التواصل المستمر مع متابعيه. كما أن هناك «بلوغ» لقائمة طويلة لذيذة من الوصفات بانتظارك عبر «إنستغرام» تتنقل بك ما بين مطابخ الشرق والغرب، تضم من بينها، «غراتان البطاطس»، «شورت ريبس»، و«الموساكا»، بالإضافة إلى «السلمون البوسني»، و«المقلوب التونسي». أما الساندوتشات فهي البطل الأساسي لهذه المدونة.
درس الطاهي المصري، علوم «النظم والمعلومات»، وعمل بعد تخرجه مدة 15 عاماً في تصميم الغرافيك، إلا أن هاجس الطبخ ظل يلاحقه منذ كان طفلاً يتعاون مع خال له يعشق الطهي أيضاً في إعداد أطباق شهية.
ترك إسماعيل عمله «مصمم غرافيك»، وطوَّر من هوايته، فأسس مدونة على «إنستغرام»، لينتقل إلى عالم جديد من هندسة الأطباق، وتقديم فقرات عن الطهي في برامج شهيرة، ومنها «الستات مايعرفوش يكدبوا» و«يحكى أن».
«خليها بسيطة تطلع أحلى»... هكذا اختار الشيف الشاب شعار منصته الإلكترونية، انطلاقاً من اقتناعه بأن «الطعام البسيط هو الأكثر روعة دوماً»، ويبرر ذلك في حديثه لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «الطعام المُعقد قد نتوه بين مكوناته، فنفشل في الاستمتاع بمذاقه؛ ولذلك فإن أحلى الأكلات هي أكثرها بساطة».
زاد من تمسكه بالبساطة أن أغلب جمهوره من حديثي العهد بالطبخ كالمغتربين أو السيدات المتزوجات حديثاً. لكن ما هو مفهوم «البساطة»، الذي يقصده إسماعيل ويعتمده في «البلوغ» الخاص به؟ يجيب: «تشمل البساطة عدة جوانب، وهي المكونات، والخطوات، وطريقة الطهي ومدته».
ويوضح: «عندما أقدم وصفات أنظر إلى أكثر المكونات توفراً في البيت العربي، ليتم تضمينها في وصفات لا تتطلب سوى عدد قليل من الخطوات، ومدة تحضير وطبخ قصيرة، وحتى حين أقدم وصفات لأكلات صعبة الإعداد فإنني أحرص على أن أجعلها أكثر سهولة ليتمكن الجميع من تحضيرها».
ساندوتش الدجاج بالجبن وصلصة المارينارا والزعتر والريحان، وفاهيتا الدجاج مع الصوص المكسيكي بالكزبرة والطماطم والفلفل الحار والثوم، والبيض المقلي، المكون من الجرجير السوتيه وشرائح الدجاج المدخنة والبيض المخفوق، بعض من وصفاته للساندوتشات ذات المذاق الخاص، التي حصدت تعليقات إيجابية للغاية من الجمهور.
أما وصفة ساندوتش «الكفتة بصوص الليمون»، فقد حقق وحده مليوني مشاهدة، يقول إسماعيل: «الابتكار في هذا المجال يأتي في إطار احتفائي بالبساطة»، واصفاً الساندوتشات بأنها «سهلة وسريعة ويمكن تناولها في أي وقت، كما يستطيع أي شخص تحضير أنواع لذيذة منها حتى لو لم يكن لديه خبرة في الطهي عبر اتباع خطوات وصفاتي».
لا يسرف إسماعيل في استخدام التوابل، ويدعو متابعيه إلى الحرص على ذلك: «أحاول تبسيط الأمور إلى أكبر حد ممكن، وأعتمد على أنواع محددة من البهارات والتوابل مثل الكمون والكزبرة والفلفل»، ويرى أن الإفراط في استخدامها يفقد الأكل مذاقه الأصلي.
تتنوع سلاسل الأفكار التي يطلقها إسماعيل ليشاركه جمهوره في تنفيذها، ومنها سلسلة «نقلبها تحدي»، ومن خلالها يقترح المتابعون مكونات غير متوافقة مع بعضها بعضاً، لكي يوظفها في وصفة مبتكرة، يؤدي ذلك إلى تجدد الوصفات، والتوصل إلى أطباق جديدة. الأكثر روعة أن المتابعين لا يكتفون بدور المتفرج، أو المتلقي؛ إنما يصبحون شركاء لي في البلوغ. يقول: «هذا يؤدي إلى سهولة إقناعهم بعد ذلك بأفكاري مثل البساطة أو الجرأة في التجريب وصنع أجمل الأطباق من أرخص المكونات أحياناً».
وفي إطار حرصه على «تدليل الدايت» على حد تعبيره، قدّم أطباقاً معروفة من دون دهون مثل «المسقعة» بالباذنجان المشوي، من دون زيت تماماً، والحمام المحشي الدايت، لافتاً إلى أن «الحمية الغذائية لا تعني بالضرورة تلك الأطباق التقليدية مثل الدجاج المشوي والخضراوات السوتيه».
ستجد على «البلوغ» الكثير من الأكلات التقليدية وأحياناً المصرية التراثية، لكن بلمسات خاصة ابتكرها الشيف، فهناك وصفة «ورقة اللحمة» السكندرية، لكن بالصوص البني أوب «ستيك» مضافاً إليه «طشة» الثوم والنعناع، كما ستجد «ورق العنب» مفروداً من دون تعب، لكن بالفتة والثوم، أما الأرز المعمر فيقدمه ممتزجاً بكباب الحلة.
أيضاً قد تنجذب إلى أطباق عربية شهيرة لكن بلمسات جديدة مثل طريقة إعداده للحنيذ اليمني والسعودي، والمبكبكة الليبي، التي دمجها مع البرياني، والبخاري، التي قدمها بطريقة «تسوية المندي». يقول: «أقدم الأطباق التقليدية كما هي من دون تغيير كي لا أمسّ تراثنا الغذائي، وعندما أغيّر بعض مكوناتها أو طريقتها أطلق عليها اسماً جديداً مع ذكر أنه مستلهم منها».
ويعمل إسماعيل على تغيير آراء الناس حول بعض الأكلات التي لا تروق لهم، بينما يحب الكثيرون الرنجة المصرية، يضيف: «البعض تغضبه رائحتها النفاذة وطعمها الخاص»، لذلك قدّم لهم حواوشي الرنجة بالخضراوات والتوابل، كما ابتكر الرنجة المقلية بصوص البافلو والكبابة الصيني إضافة إلى المحمرة بالرنجة.
التغيير أيضاً يمتد على مدونته لأكل المطاعم، فإذا كنت اعتدت على تناول «بريسكت» في مطعم بالقاهرة، فإن من المؤكد أنك تعرف أن ثمن اللحم المستخدم فيه غالي الثمن، كما أن تدخينه يتطلب نحو 10 ساعات، إلا أنك لو اتبعت نصائح الشيف إسماعيل تستطيع طهي الـ«بريسكت» بتكلفة أقل، عن طريق استخدام نوع آخر من اللحم وعدد ساعات أقل لعملية تدخينها لا تتجاوز 5 ساعات، ولتعزيز قوة نكهة الطعام المدخن ينصحك بإضافة القليل من الكاكاو.
لا يتوقف إسماعيل عن التجريب ويرى أن ذلك «سيقودك إلى استكشاف مذاقات جديدة مبهرة، ووقتها ستقول لنفسك، لكم أضعت وقتاً من دون الاستمتاع بنكهات رائعة بسبب نمطيتي».