أسبوع الرياض لأزياء ربيع وصيف 2025... لقاء الثقافة والأناقة

تعاونات عالمية وتطلعات كبيرة

النجمة المصرية نيللي كريم كما ظهرت في عرض هنيدة الصيرفي (هيئة الأزياء)
النجمة المصرية نيللي كريم كما ظهرت في عرض هنيدة الصيرفي (هيئة الأزياء)
TT

أسبوع الرياض لأزياء ربيع وصيف 2025... لقاء الثقافة والأناقة

النجمة المصرية نيللي كريم كما ظهرت في عرض هنيدة الصيرفي (هيئة الأزياء)
النجمة المصرية نيللي كريم كما ظهرت في عرض هنيدة الصيرفي (هيئة الأزياء)

انطلقت، منذ أيام، النسخة الثانية من أسبوع الأزياء في الرياض (RFW) بحضور عدد كبير من النجوم ووسائل الإعلام العالمية في مشهد لم يترك أدنى شك في أن الرياض دخلت خريطة الموضة العالمية. مشاركة النجمة المصرية نيللي كريم في عرض هنيدة الصيرفي كان لها تأثير في أسبوع، جمع الإثارة الفنية بالرغبة في التألق.

فبعد نجاح النسخة الأولى في عام 2023 كان من الطبيعي أن تستقوي النسخة الحالية، وتكتسب بريقاً أكبر بفضل مصمميها الشباب من جهة، والأماكن التي تم انتقاؤها بعناية من جهة ثانية. النتيجة كانت مزيجاً ديناميكياً بين الحضارة والحداثة، شمل كل مناحي الحياة. أُقيم هذا الحدث مثلاً في 3 مواقع أيقونية، هي: قصر طويق، والمدينة الرقمية، وحي جاكس. شهد كل موقع على إبداعات لمصممين من أبناء البلد، إما يتطلعون للعالمية أو وصلوا إليها، مثل عدنان أكبر، وتيما عابد، ومنى الشبل، وأروى العماري، وهنيدة و«دار الحنوف» وعلامة «1886» وكوثر الهريش مُؤسِّسة ومصممة «Kaf by Kaf» وغيرهم. اختلاف تخصصات وتوجهات كل واحد من هؤلاء خلق تنوعاً مثيراً ما بين الـ«هوت كوتور»، والأزياء الجاهزة، والملابس الرياضية.

من عرض عدنان أكبر من خط الـ«هوت كوتور» (هيئة الأزياء)

بيد أن الجميل في الأمر أن هذا التنوع لم يؤثر في هوية الأسبوع. بالعكس تماماً، منحه زخماً عبَّر عنه كل مصمم بلغته وأسلوبه. كل واحد منهم ترجم الهوية السعودية عموماً وتطلعاته الخاصة بخيوط تربطه بجذوره وتراثه. بيد أن هذا لا يعني تشبثاً أعمى بالماضي. فقد فهموا إيقاع الحاضر ومتطلباته، بعد أن استفادوا من دورات التدريب، وبرامج هيئة الأزياء السعودية، مثل «100 براند سعودي» وغيره. هم الآن يُدركون تماماً أن الوصول إلى العالمية، أو على الأقل فرض أسلوبهم، يتطلب التميز والاختلاف. وهذا يعني في كثير من الأحيان، ربط تقاليد الماضي وحرفيته بمتطلبات الحاضر بذكاء، بعيداً عن الاستنساخ. فزبون اليوم يريد أزياء تعكس شخصيته، لكن أيضاً تلائم إيقاع حياته السريع بشكل أنيق يجعله منسجماً مع محيطه أينما كان.

من عرض المصممة تيما عابد (هيئة الأزياء)

هذا تحديداً ما عكسته هذه الدورة من الأسبوع بالنظر إلى كل ما تم تقديمه. كانت غالبية العروض درساً ممتعاً في كيف يمكن أن تتمازج الثقافة والهوية بروح الشباب التواقة لفرض نفسها بطريقتها من دون الخضوع لإملاءات خارجية لا تناسب البيئة العربية. في هذا الصدد، يقول بوراك شاكماك، الرئيس التنفيذي لـ«هيئة الأزياء السعودية»: «إن أسبوع الأزياء في الرياض يعكس رؤيتنا في ترسيخ المملكة العربية السعودية وجهةً عالميةً رائدةً للموضة والإبداع. وتسليط الضوء على الإبداع المذهل لمصممينا في السعودية». وتابع: «هذا الحدث ليس مجرد عرض للأزياء، إنه احتفالٌ بالثقافة، وشهادة على التأثير المتزايد للمملكة في الساحة العالمية. معاً، نرسم معايير جديدة للابتكار والحرفية والتعاون، مما يمهد الطريق لمستقبل الموضة السعودية».

إلى جانب الأزياء قدمت هنيدة الصيرفي عدداً لا يستهان به من حقائب اليد في إشارة إلى رغبتها في التوسع (هيئة الأزياء)

في اليوم الأول مثلاً، قدم كل من عدنان أكبر وتيما عابد، مجموعات قد تبدو مستوحاة من التراث التقليدي، إلا أن تطعيمها بلمسات عصرية ارتقى بها إلى مستوى عالمي. هذا إلى جانب 30 عرضاً لكل منها نكهته على مدى 4 أيام. المصممة هنيدة الصيرفي أيضاً شاركت بمجموعة أكدت مكانتها بوصفها واحدةً من المصممات المتألقات. كان واضحاً أنها بدأت تتوسع إلى جانب الأكسسوارات، حيث قدمت مجموعة متنوعة من حقائب اليد، بعضها مطرز بالورود، وبعضها أخذ أشكال أدوات وظيفية لسقي الورد وغيرها. لكن المفاجأة كانت مشاركة الفنانة المصرية نيللي كريم في العرض بفستان أسود طويل لا يخترق سواده سوى خط عمودي أحمر. إطلالة زادت من دراميتها أكسسوارات مثل طوق شعر مشغول بالورد الأحمر، أظهرها كما لو أنها راقصة فلامنكو.

من عرض كوثر الهريش مؤسسة علامة «كاف باي كاف» الذي تعاونت فيه مع شركة «أديداس» (خاص)

اللافت أيضاً أن شركة «أديداس» تعاونت في هذه الدورة من الأسبوع مع المصممة كوثر الهريش، مُؤسِّسة علامة الأزياء السعودية «Kaf by Kaf» من خلال تشكيلة رياضية عصرية. وأعلنت الشركة العالمية أنه أول عرض أزياء لها في المنطقة على الإطلاق، وأن هدفها منه هو دعم المواهب السعودية المبدعة. كان اختيارهم للمُصمِّمة الشابة موفقاً. فهي لم تُخيب الآمال، وقدمت مجموعة من القطع للجنسين بطابع رياضي أضافت إليها قطعاً ملونة استوحتها من «تاريخ كرة القدم المتأصل في المملكة». وفق قول كوثر الهريش فإن «كرة القدم في السعودية ليست مجرد رياضة، بل هي جزء لا يتجزأ من إرثنا الثقافي».


مقالات ذات صلة

«أسبوع الأزياء بالرياض» يستقطب رموز الموضة العالمية ومصمميها

يوميات الشرق المصمم عدنان أكبر قدّم أعمالاً مستوحاة من التراث التقليدي والصيحات المعاصرة (المركز الإعلامي للحدث)

«أسبوع الأزياء بالرياض» يستقطب رموز الموضة العالمية ومصمميها

شهدت العاصمة السعودية افتتاحاً حافلاً للنسخة الثانية من «أسبوع الأزياء بالرياض»، بحضور نخبة من النجوم، وروّاد الموضة، ومصممين مبدعين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
لمسات الموضة على اليمين ستيف جوبز الرئيس التنفيذي لشركة «أبل» أثناء استقباله تصفيقاً حاراً خلال حدث للشركة في سان فرنسيسكو الأربعاء 9 سبتمبر 2009... ومارك زوكربيرغ خلال مؤتمر صحافي في المدينة نفسها يوم 15 نوفمبر 2010 (أرشيفية- أ.ب- رويترز)

أشهرهم جوبز وزوكربيرغ... لماذا يفضل مشاهير ارتداء الزي نفسه يومياً؟

يختار بعض المشاهير وعدد من رواد الأعمال والسياسيين الظهور بالملابس نفسها تقريباً يومياً.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة تصاميم بنسبة تستوستيرون عالية لربيع وصيف 2025

البدلة تسترجع شخصيتها الذكورية

كانت البدلة في الثمانينات أداة استعملتها المرأة لفرض نفسها في عالم المال والأعمال. الآن هي وسيلة لفرض شخصيتها وثقتها بنفسها

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة تجمع نوف الابتكار بلمسات تراثية خفيفة جداً لتخاطب الساحة العالمية (تصوير: إيلي رزق الله)

تشكيلة «نارما» تستمد من العقال قوة أنوثتها

قطعت المصممة وعداً على نفسها لإنتاج ملابس متينة وأنيقة تحقق للمرأة العصرية تطلعها لأزياء تتميز بذوق رفيع وفريد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة نسخة هذا العام ستضيء على إبداع أكثر من 30 دار أزياء سعودية (الشرق الأوسط)

«أسبوع الرياض للأزياء»... 5 أيام تحتفي بالتنوّع والابتكار والتميُّز

ستشهد نسخة هذا العام المُقامة طوال 5 أيام، قائمة متنوّعة من العروض والفعاليات، وستضيء على إبداع أكثر من 30 دار أزياء سعودية، فيستمتع الحضور بتجربة فريدة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

أشهرهم جوبز وزوكربيرغ... لماذا يفضل مشاهير ارتداء الزي نفسه يومياً؟

على اليمين ستيف جوبز الرئيس التنفيذي لشركة «أبل» أثناء استقباله تصفيقاً حاراً خلال حدث للشركة في سان فرنسيسكو الأربعاء 9 سبتمبر 2009... ومارك زوكربيرغ خلال مؤتمر صحافي في المدينة نفسها يوم 15 نوفمبر 2010 (أرشيفية- أ.ب- رويترز)
على اليمين ستيف جوبز الرئيس التنفيذي لشركة «أبل» أثناء استقباله تصفيقاً حاراً خلال حدث للشركة في سان فرنسيسكو الأربعاء 9 سبتمبر 2009... ومارك زوكربيرغ خلال مؤتمر صحافي في المدينة نفسها يوم 15 نوفمبر 2010 (أرشيفية- أ.ب- رويترز)
TT

أشهرهم جوبز وزوكربيرغ... لماذا يفضل مشاهير ارتداء الزي نفسه يومياً؟

على اليمين ستيف جوبز الرئيس التنفيذي لشركة «أبل» أثناء استقباله تصفيقاً حاراً خلال حدث للشركة في سان فرنسيسكو الأربعاء 9 سبتمبر 2009... ومارك زوكربيرغ خلال مؤتمر صحافي في المدينة نفسها يوم 15 نوفمبر 2010 (أرشيفية- أ.ب- رويترز)
على اليمين ستيف جوبز الرئيس التنفيذي لشركة «أبل» أثناء استقباله تصفيقاً حاراً خلال حدث للشركة في سان فرنسيسكو الأربعاء 9 سبتمبر 2009... ومارك زوكربيرغ خلال مؤتمر صحافي في المدينة نفسها يوم 15 نوفمبر 2010 (أرشيفية- أ.ب- رويترز)

يختار بعض المشاهير وعدد من رواد الأعمال والسياسيين الظهور بالملابس نفسها تقريباً يومياً، في اتجاه بدأ ينتشر مؤخراً، ويثير التساؤل عن سببه.

وعدَّت محررة صحيفة «إندبندنت» البريطانية هيلين كوفي، أن ارتداء الزي نفسه تقريباً يومياً قد يخلق الملل، ضاربة المثل بتريني وودال، وهي ناقدة أزياء بريطانية ومستشارة لتحسين المظهر ومصممة ومذيعة تلفزيونية، وهي ترتدي ملابس متواضعة واحدة وتلتزم بها.

وتقول وودال إننا ربما نحتاج جميعاً إلى خلق تجربة ارتداء ملابس خالية من التوتر، من خلال تقليص خياراتنا إلى مجموعة محدودة، ولكن قابلة للإدارة.

تريني وودال ناقدة أزياء بريطانية ومستشارة لتحسين المظهر (إنستغرام)

وأحد أبرز الرواد في هذا الاتجاه هو ستيف جوبز، مؤسس شركة «أبل»؛ إذ كان يفضل ارتداء سترة سوداء وبنطال من الجينز الأزرق، وحذاء رياضي، حتى وفاته في عام 2011.

ودونالد ترمب أيضاً يفضل ارتداء بذلة ورابطة عنق حمراء، سواء أثناء الحملة الانتخابية أو خارجها.

وتشير الصحيفة إلى أن الملكة إليزابيث الثانية الراحلة هي أشهر من التزموا بجماليات الزي الرسمي. وخصوصاً في العقدين الأخيرين من حياتها. اختارت الملكة بشكل شبه حصري المعاطف والفساتين بألوان جريئة وموحدة، مع قبعات متطابقة وحقائب يد سوداء.

وسخرت الملكة ذات مرة، وقالت: «إذا ارتديتُ اللون البيج، فلن يعرف أحد من أنا»، مشيرة إلى أن جزءاً من الدافع وراء اختياراتها الأسلوبية كان الرؤية والتعرف.

وتؤكد كوفي في مقالها أنه لا شك في أن النهج الموحد يمكن أن يساعد في بناء «العلامة التجارية»، وربما كان الدافع وراء الاستقرار على أسلوب ثابت بالنسبة لعدد أكبر من المشاهير، يتلخص في تجنب «إرهاق اتخاذ القرار».

وعن «إرهاق اتخاذ القرار»، يُنسب إلى جوبز قوله في سيرته الذاتية التي تحمل اسمه، والتي كتبها والتر إيزاكسون: «لا أريد أن أتخذ قرارات بشأن ما أرتديه. لدي كثير من الجينز نفسه والسترات السوداء ذات الياقات العالية».

ويُنظر إلى هذا الاتجاه بنوع من «التقدير»، واعتباره «اختراقاً»؛ بل وارتبط الزي الموحد تقريباً بزيادة الإنتاجية، وتبع جوبز في ذلك كثير من خبراء التكنولوجيا الآخرين الذين كانوا معجبين بما يقدمه مؤسس «أبل».

فعلى سبيل المثال، كان مارك زوكربيرغ الرئيس التنفيذي لشركة «ميتا» ومؤسس «فيسبوك» معروفاً بخزانة ملابسه المحدودة للغاية من الملابس الكاجوال. وقال زوكربيرغ لمضيف برنامج «توداي» على قناة «إن بي سي» مات لور، في عام 2012: «أرتدي الشيء نفسه كل يوم».

وتم الكشف عن أن خزانة زوكربيرغ كانت مليئة بـ«ربما نحو 20» قميصاً رمادياً متطابقاً، عندما شارك مؤسس «فيسبوك» صورة لصف من السترات الرمادية المتطابقة من الخزانة.

في عام 2014، أعرب باراك أوباما، عندما كان رئيساً للولايات المتحدة، عن مشاعر مماثلة: «سترون أنني أرتدي بدلات رمادية أو زرقاء فقط»، كما قال لمجلة «فانيتي فير»، وتابع: «أحاول تقليص القرارات. لا أريد اتخاذ قرارات بشأن ما أتناوله أو أرتديه؛ لأن لدي كثيراً من القرارات الأخرى التي يتعين عليَّ اتخاذها».

ويعد «إرهاق اتخاذ القرار» حالة من «الإرهاق العقلي والعاطفي تحدث بعد اتخاذ كثير من القرارات، ويعني تراجع القدرة على اتخاذ مزيد من القرارات على مدار اليوم». فبعد كثير من الخيارات -ونحن غالباً ما نكون غير قادرين على اختيار أي شيء على الإطلاق- نجد أن إلغاء القرارات اليومية غير الضرورية في الحياة، يمكن أن يوفر مساحة في الدماغ للقرارات الأكثر أهمية.

ووفقاً لتجربة علم نفس المستهلك التي يتم الاستشهاد بها كثيراً، وهي «دراسة المربى»، اشترى 30 في المائة من المتسوقين المربى عندما عُرضت عليهم 6 نكهات مختلفة. واشترى 3 في المائة فقط المربى عندما أتيحت لهم مجموعة مختارة من 24 نكهة. أُطلق على هذه الظاهرة «مفارقة الاختيار»، أو «الإفراط في الاختيار»؛ فإن المزيد لا يعني الأفضل دائماً.