حرب الأناقة بين السياسيات والساسة في أميركا

كامالا وميشيل أوباما تربحان... بالصوت والصورة

إطلالات رتيبة تلعب على المضمون اعتمد عليها السياسيون الأميركيون (إ.ب.أ)
إطلالات رتيبة تلعب على المضمون اعتمد عليها السياسيون الأميركيون (إ.ب.أ)
TT

حرب الأناقة بين السياسيات والساسة في أميركا

إطلالات رتيبة تلعب على المضمون اعتمد عليها السياسيون الأميركيون (إ.ب.أ)
إطلالات رتيبة تلعب على المضمون اعتمد عليها السياسيون الأميركيون (إ.ب.أ)

كم تختلف ليلة قبول نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس، ترشيح الحزب الديمقراطي لها عن البارحة. في هذه الليلة تكررت أمامنا صور تابعناها لسنوات إن لم نقل عقوداً. صور تصيب الناظر بالملل لرتابتها ولعبها على المضمون. المقصود هنا ليس الخطابات بل إطلالات السياسيين الأميركيين، التي افتقدت، ألواناً وتفاصيل، إلى الجُرأة التي يحتاج إليها بعضهم، لكسب قلوب الناخبين صوتاً وصورة. جاءت ألوانهم متشابهة ومتكررة وكأنهم عقدوا هدنة مع الموضة ابتعدوا بموجبها عن كل ما يخض المتعارف عليه أو يُعبِّر عن تفرُّد شخصي.

الأمس كان مختلفاً، وليس أدل على هذا من إطلالات رؤساء من أمثال جي إف كيندي ورونالد ريغان. وبينما يقول البعض إن الأول لم يكن جريئاً بقدر ما كان يتمتع بكاريزما تُعزز وسامته وتميزه بغض النظر عن أزيائه وإكسسواراته، فإن الكل يتفق أن الثاني، ريغان، كان الأكثر أناقة من بين كل من رأسوا الولايات المتحدة الأميركية. نظرة سريعة إلى صور قديمة له تُظهره ببدلات بألوان الزيتون والبن إلى جانب الألوان الكلاسيكية مثل الأزرق والكحلي، وكأنه كان يواجه بدفء هذه الألوان وثقتها برودة العلاقات مع الاتحاد السوفياتي السابق.

اللعب على المضمون

بعد التسعينات من القرن الماضي، انتقلت هذه البرودة إلى خزانات سياسيين جُدد اختاروا تغييب كل ما هو مختلف وجريء لصالح ما هو متكرر ومألوف. المشكلة فيه أنه مغرق في الرسمية، بدءاً من البدلات بألوان الرمادي والأزرق الغامق إلى ربطات العنق بألوان تتوخى إضفاء بعض الحيوية عليها، مثل البنفجسي والأزرق السماوي، لكنها تبقى هي الأخرى أسيرة الدرجات الكلاسيكية.

لم تكن إطلالة باراك أوباما مختلفة أو مميزة... فقط اعتمد فيها على ما يتمتع به من كاريزما (إ.ب.أ)

من بين هذا الجيل، يمكن القول إن باراك أوباما كان حالة شاذة من ناحية أنه كانت له صولات في مجال الموضة. لم تكن دائماً موفقة ولا حتى مقصودة أو محسوبة، لكنها لم تؤذ صورته، بل أصبحت مع الوقت تُحسب له. مثلاً ظهوره في إحدى المناسبات ببنطلون جينز واسع وباهت، عرَّضه للكثير من الانتقادات. هذا التصميم الواسع أصبح اليوم موضة يتبناها جيل «زي» بكل أريحية. بيد أن باراك مثل جي إف كيندي يدين بالكثير للكاريزما التي يتمتع بها. فخلال مؤتمر الحزب الديمقراطي الأخير، شد الحضور بخطابه وطريقة إلقائه، أما من حيث الصورة، فهي لم تختلف عن باقي المشاركين: بدلة كلاسيكية بصف أزرار واحد بلون رمادي داكن، مع قميص أبيض وربطة عنق بلون سماوي، وبالتالي لا يمكن وصفها بالإطلالة الجريئة.

كامالا هاريس مع زوجها دوغلاس إيمهوف وتيم وولتز وزوجته خلال المؤتمر (أ.ف.ب)

دوغ إيمهوف، زوج كامالا هاريس، الذي قد يُصبح زوج أول امرأة ترأس الولايات المتحدة الأميركية، حاول إخفاء افتقاده إلى كاريزما الأناقة ببدلة بلون أزرق داكن مائل إلى الكُحلي وقميص أبيض وربطة عنق أيضاً بالأزرق. لم تخدم مقاييس جسمه بالنظر إلى ياقة البدلة التي لم تكن بمقاس عنقه أو الاكتاف التي تدلت عن مستواها الطبيعي. حتى البنطلون بدا من تحت السترة وكأن حزامه منخفض عن مستوى الخصر بسنتيمرات.

كامالا وميشيل... صورة أجمل

ضمن هذه الصورة النمطية أو الرتيبة، التي تبناها السياسيون الأميركيون، تألقت كامالا هاريس وميشيل أوباما. كل واحدة منهما قدمت درساً في الأناقة الكلاسيكية العصرية بلغتها، فيما ظل التفصيل القاسم المشترك بينهما.

تألقت كامالا ببدلة باللون الأزرق الداكن وبلوزة من الحرير من علامة «كلوي» بدرجة من الأزرق (أ.ف.ب)

لم تكسر كامالا القاعدة التي اعتمدتها منذ ظهورها على الساحة: بدلة رسمية تتكون من جاكيت وبنطلون واسع أو مستقيم، غالباً بلون حيادي. هذه المرة، في المقابل، رشّت جرعة مختلفة كان الهدف منها أن تتميز عن الحضور، الذي احتشد داخل مركز المؤتمر، بفساتين أو قمصان باللون الأبيض، تكريماً لنساء قُدن الحركة النسوية في بداية القرن الماضي وحاربن للحصول على حق التصويت في الانتخابات، وفُزن به في 1920. كامالا لم تعتمد اللون الأبيض مثلهن، مع أن هذا كان متوقعاً منها، بل درجات من الأزرق لوَّنت بدلة رسمية وبلوزة من الحرير من دار الأزياء الفرنسية «كلوي». تصميمها الذي يُعقد حول العنق يُذكر بمارغريت ثاتشر، رئيسة الوزراء البريطانية الراحلة التي كانت تفضله في قمصانها. قد يكون الأمر مجرد صدفة «مرحب بها» لأنها خلقت انطباعاً في غاية الأناقة والثقة. تجدر الإشارة إلى أن هذه الإطلالة ظهرت في العديد من عروض الأزياء الأخيرة التي كان هدفها دمج النسائي بالذكوري. كامالا نجحت في استعمالها بشكل سلس وبعيد عن أي صرعات.

تتكون إطلالة ميشيل أوباما من بنطلون مستقيم بالكاد يلامس الكاحل وجاكيت من دون أكمام من ماركة «مونس» (رويترز)

فيما يتعلق بميشيل أوباما، كانت إطلالتها تجسيداً للموضة «الحياتية» كما نتابعها في شوارع الموضة والمناسبات. أي أنها لا تحمل أي مضامين أو رسائل سياسية. فميشيل رددت في الكثير من اللقاءات أنها بعيدة عن السياسة ولا تميل إليها، وأنها وجدت نفسها مُقحمة فيها بسبب زوجها. كانت هذه التصريحات تأتي كلما سُئلت عن احتمالية ترشيحها لنفسها رئيسةً للولايات المتحدة الأميركية بالنظر للشعبية التي تتمتع بها. شعبية اكتسبتها من خطاباتها الملهمة وكتاباتها.

في المؤتمر الأخير، ظلت مخلصة لرأيها بأنها كأي امرأة تريد أن تستمتع بحياتها من دون قيود رسمية تمليها عليها السياسة. أو هذا على الأقل ما قالته إطلالتها المكونة من بنطلون مستقيم بالكاد يلامس الكاحل، وجاكيت من دون أكمام. الاثنان من ماركة «مونس»، مع العلم أن ظهورها من دون أكمام في هذه المناسبة ليس جديداً. كان دائماً ماركتها المسجلة حتى عندما كانت سيدة البيت الأبيض.

اقرأ أيضاً


مقالات ذات صلة

تالة أبو خالد... سعودية تعيد تعريف الأزياء العصرية بلمسة تراثية

لمسات الموضة المصممة السعودية تالة أبو خالد مع إحدى العارضات خلال عرضها الأول (الشرق الأوسط)

تالة أبو خالد... سعودية تعيد تعريف الأزياء العصرية بلمسة تراثية

في عالم الموضة والأزياء الذي يسيطر عليه المبدعون من جميع أنحاء العالم، برزت تالة أبو خالد بوصفها أصغر مصممة أزياء تدمج بين التراث والثقافة السعودية والتصاميم.

أسماء الغابري (جدة)
الاقتصاد شعار «سينومي ريتيل» (حساب الشركة على «إكس»)

«سينومي ريتيل» السعودية تدخل مفاوضات مع إحدى كبريات شركات تجزئة الأزياء 

أعلنت «شركة فواز عبد العزيز الحكير وشركاه (سينومي ريتيل)» السعودية، الاثنين، دخولها في مفاوضات مع إحدى كبريات شركات التجزئة الرائدة في مجال الأزياء.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق العمر رقم (هاربرز بازار)

ناومي كامبل... أمٌ لطفلين في الخمسين

عارضة الأزياء البريطانية استفاضت في الحديث عن يومياتها ومشاعرها بوصفها أمّاً، وذلك في مقابلة مع مجلة «هاربرز بازار» الأميركية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
لمسات الموضة اهتمامه بالموضة واضح من تسريحته التي أصبحت بمثابة ماركته المسجلة (أ.ب)

كيف يُخطط النجم نوا لايلز ليصبح أيقونة موضة؟

العداء الأميركي نوا لايلز، بعد أن ضمن الميدالية الذهبية في سباق 100 متر رجال، يطمح في «أن يُصبح أيقونة موضة تتسابق الشركات العالمية للتعاقد معه».

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة عقد الربطات الضيقة (رويترز)

كيف تؤثر البدلات غير الملائمة على صورة ترمب السياسية؟

في عالم السياسة، حيث كل تفصيل له تأثير، تلعب البدلات غير الملائمة دوراً في تعزيز الصورة المثيرة للجدل التي يسعى ترمب لتقديمها.

«الشرق الأوسط» (لندن)

تشكيلة «قزي وأسطا» للأزياء الراقية... لوحات منفردة ومتفردة

التشكيلة بعنوان تناقضات جامحة للدلالة على خطوطها المبتكرة وحرفيتها العالية (قزي وأسطا)
التشكيلة بعنوان تناقضات جامحة للدلالة على خطوطها المبتكرة وحرفيتها العالية (قزي وأسطا)
TT

تشكيلة «قزي وأسطا» للأزياء الراقية... لوحات منفردة ومتفردة

التشكيلة بعنوان تناقضات جامحة للدلالة على خطوطها المبتكرة وحرفيتها العالية (قزي وأسطا)
التشكيلة بعنوان تناقضات جامحة للدلالة على خطوطها المبتكرة وحرفيتها العالية (قزي وأسطا)

كشفت علامة «AZZI & OSTA» عن إطلاق تشكيلتها من الأزياء الراقية لموسم خريف وشتاء 2024-2025، جمعت تصاميمَ هي مزيجٌ من التقاليد والابتكار. عنوان تشكيلة العلامة اسمه «Untamed Harmonies» جاء تعبيراً عن جموحها المتناغم واحتفائها بتناقضات تم ترويضها بأسلوب المصممين وتوقهما لمواجهة التحديات، تارة بالعودة إلى الكلاسيكيات وتارة بالاعتماد على الخيال.

جمعت التشكيلة الأساليب التقليدية بأسلوبها الخاص (قزي وأسطا)

يوضح المصممان أنها تشكيلة تستكشف التفاعل بين الحرية والإبداع، وبين المفاهيم التقليدية والهروب من الواقع، لتأتي كل قطعة كأنها لوحة منفردة وفريدة. استعملا فيها خامات مترفة، مثل حرير الكريب، وحرير الفاي، والمواريه، ودانتيل ليون، والمخمل الفاخر. معظمها جرى تطويعها باستعمال ثنيات وتفاصيل أخرى من الساتان المجدول، تأكيداً على تطوير أساليب الحرفية التقليدية.

ورود وأزهار وتطريزات ثلاثية الأبعاد من حرير الأورغانزا (قزي وأسطا)

نقشات الأزهار المصممة يدوياً، لم تغب في هذه التشكيلة. جاء بعضها عبارة عن تطريزات ثلاثية الأبعاد من حرير الأورغانزا، وبعضها الآخر من الجلد الصناعي، مع تفاصيل أخرى من حرير الجازار، أضفت عليها مزيداً من العمق والدقة.

في حين تبرز التصاميم الواسعة بطبقات مزدوجة من الساتان، إلى جانب التنانير المبتكرة من التافتا والفساتين المزودة بأطراف طويلة من التول. كما تضيف الشراشيب المرصعة بالكريستال واللؤلؤ لمسات براقة إلى بعض القطع.

وإلى جانب الأزياء، تضم التشكيلة مجموعة من الإكسسوارات تشمل أقراطاً من الكريستال باللونين البني والبرتقالي، وبروشاً للكتف مطلياً بالذهب ومرصعاً باللؤلؤ وأحجاراً شبه كريمة. كان الغرض منها إضفاء رونق خاص يعزز سحر الأزياء الكلاسيكية الراقية.

استعمال تقنيات الأوريغامي جعل كل فستان عبارة عن لوحة فنية (قزي وأسطا)

أما الألوان فتتميز بتدرجات منتقاة بعناية لكي تكشف عن لوحة بصرية فنية، مثل البني الرملي والأبيض العاجي والأصفر الزاهي والأزرق الداكن، إلى جانب الفضي اللامع والبنفسجي الداكن والبرتقالي والذهبي والأحمر القرمزي والأخضر الفاتح والرمادي. وجرى اختيار هذه التوليفات لتعكس مختلف المشاعر والحالات العاطفية التي تثيرها الأماكن التي يزورها المصممان وأحلامهما.

فساتين كثيرة جاءت بأشكال هندسية وأطراف طويلة من التول (قزي وأسطا)

إطلالة «Red Coral» التي تضم مجموعة من القطع المصنوعة من الساتان الحريري المزدوج باللون الأحمر، تتألق بقصة مستوحاة من فن الأوريغامي، بما في ذلك البطانة الداخلية المزينة بالكريستال، والترتر الناعم المطرز يدوياً. أما تفاصيل الكورسيه المصنوعة من قماش التول الشفاف، فتمنح لمسة رقيقة عند الخصر، في حين تضيف التنانير الواسعة من الساتان المجدول طابعاً حيوياً إلى الإطلالة.

وتسلط هذه القطع الضوء على شغف «AZZI & OSTA» بالتجريب واختبار الأفكار من خلال التلاعب بالأقمشة بهدف تقديم منظور للأزياء الراقية بلغتهما وأدواتهما الخاصة. الأمر نفسه يتعلق بباقي القطع التي أطلق على كل واحدة منها اسماً منحها خصوصية. هناك مثلاً قطعة باسم «الملك الأم»، وأخرى «بانكوك» وغيرهما من الأسماء التي ترتبط في ذهنيهما بمكان أو زمان وبحواسهما بصورة أو رائحة.

حرصت العلامة على تشكيل هوية خاصة لكل قطعة، من خلال إطلاق مختلف الأسماء المميزة عليها، مثل «Queen Mother» و«Bangkok» و«Moonlit Dunes» و«Rosamund»، ما تدعو السيدات على الانطلاق في رحلة غامرة إلى عالمي الأناقة والخيال.

وتحتفي تشكيلة «Untamed Harmonies» من علامة «AZZI & OSTA» بالمهارة الحرفية والإبداع والسرديات التي ترسم ملامح قطاع الأزياء الراقية.