تالة أبو خالد... سعودية تعيد تعريف الأزياء العصرية بلمسة تراثية

الكتان والقطن والتصاميم الفضفاضة أبرز خطوط موضة الصيف

المصممة السعودية تالة أبو خالد مع إحدى العارضات خلال عرضها الأول (الشرق الأوسط)
المصممة السعودية تالة أبو خالد مع إحدى العارضات خلال عرضها الأول (الشرق الأوسط)
TT

تالة أبو خالد... سعودية تعيد تعريف الأزياء العصرية بلمسة تراثية

المصممة السعودية تالة أبو خالد مع إحدى العارضات خلال عرضها الأول (الشرق الأوسط)
المصممة السعودية تالة أبو خالد مع إحدى العارضات خلال عرضها الأول (الشرق الأوسط)

في عالم الموضة والأزياء، الذي يسيطر عليه المبدعون من جميع أنحاء العالم، برزت تالة أبو خالد بوصفها أصغر مصممة أزياء سعودية تدمج بين التراث والثقافة السعودية والتصاميم العصرية بطريقة مبتكرة.

تصميم يجمع بين الأصالة والحداثة في عرض الأزياء الأول للمصممة تالة أبو خالد (الشرق الأوسط)

بدأت تالة رحلتها في عالم تصميم الأزياء عندما تخرجت في المدرسة، باحثة عن تخصص يشبه شخصيتها. فمنذ صغرها كانت تدرك أنها ستدخل في مجال فني، فقد كانت دائماً تحب الرسم والتلوين والأعمال الفنية. كان والداها مصدر إلهامها والحاضنين لشغفها. هما أيضاً من شجعاها على دراسة تصميم الأزياء في جامعة «ESMOD» الفرنسية.

في بداياتها، تأثرت تالة بعديد من المصممين العالميين، منهم المصمم العالمي ألكسندر ماكوين Alexander McQueen، والمصمم اللبناني كريكور جابوتيان Krikor Jabotain، ومع الوقت، بدأ أسلوبها الخاص يتبلور، خصوصاً أنها اجتهدت لتطويره حتى تُثبت ذاتها. وبالفعل حقّقت النجاح في سن صغيرة رغم أن التحديات التي واجهتها كانت عديدة، بدءاً من تأسيس علامتها «Rebirth»، إلى فتح محلها الأول. تقول: «هذه التحديات كانت غنية بالدروس. تعلمت منها كثيراً؛ الأمر الذي ساعدني على تحقيق أحلامي».

استخدام النخيل المعالج يظهر في مجموعة «آيلا» الخاصة بالمصممة تالة أبو خالد (الشرق الأوسط)

قدّمت تالة أبو خالد أول عرض أزياء لها في «أسبوع الموضة» بالبحر الأحمر. «كانت تجربة رائعة مليئة بالتوتر والإثارة»، حسب قولها، إلا أن استقبال الجمهور لتشكيلتها والطاقة الإيجابية التي تلقتها خلال الفعالية، أعطياها دافعاً كبيراً للاستمرار والتطوير.

اختارت تالة كل شيء بعناية، فتصاميمها التي قدمتها في أول عرض أزياء لها، جمعت بين الأصالة والحداثة. أطلقت على مجموعتها عنوان «آيلا» وتكونت من 27 قطعة، استوحتها من جمال سعف النخيل وتنوعه، الذي يُعدّ رمزاً مهماً في التراث السعودي. استخدمت سعف النخيل المعالج بتدرجات ألوانه البنية؛ ما أضفى جمالية خاصة على كل قطعة. انتبهت إلى كل التفاصيل بما فيها الموسيقى التي كانت لها رمزيتها. اختارت فرقة موسيقية صاحبت العرض على إيقاع الطبول اليدوية. فدقات الطبول في الثقافة الأفريقية تستخدم لتمرير الحكايات والتراث وإيصال الرسائل. رسالتها كانت أن تحكي قصة فتاة اسمها «تالة»، وتعني في اللغة العربية «النخلة الصغيرة».

أكثر تصميم تشعر تالة بالفخر عند النظر إليه هو «الكورسيه» المصنوع من أوراق النخيل، الذي أطلقت عليه اسم «بالمارا» (Palmara). تقول: «هذا التصميم يجسّد تراثي وثقافتي بلمسة عصرية، كما يعبر عن فلسفتي في دمج الطبيعة مع الموضة».

التصاميم المريحة والفضفاضة والألوان الهادئة أبرز خطوط موضة الصيف (الشرق الأوسط)

تشير المصممة تالة، إلى أن خطوط الموضة هذا الصيف تتمحور حول استخدام الخامات الطبيعية مثل الكتان والقطن، إلى جانب التصاميم الفضفاضة والمريحة، التي لا تتطلّب سوى ألوان طبيعية وهادئة مثل البيج والأخضر الزيتوني، وهذا ما أخذته بعين الاعتبار.

وحسب تالة فإن النجاحات التي حققتها وهي في سن صغيرة ستساعدها على اختصار الطريق نحو العالمية، بالإضافة إلى المثابرة والعمل المستمر «فهما الأساس لتحقيق أي هدف»، مؤكدة أن التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي أدت دوراً كبيراً في دعم عملها وتطويره بصفتها مصممة أزياء، من خلال تسهيل التواصل مع الجمهور وعرض تصاميمها بصورة أوسع، ومتابعة ردود فعل الجمهور على ما تقدمه.

تصميم يعكس التراث السعودي بلمسة عصرية (الشرق الأوسط)

ترى تالة أن التقاليد والثقافة السعودية يمكن أن تندمج بصورة رائعة مع الموضة العالمية، من خلال تقديم تصاميم تعكس التراث بلمسة عصرية، وتشير إلى أن الذوق العربي، خصوصاً الخليجي والسعودي، يتميّز بالأصالة والفخامة، والتركيز على التفاصيل الدقيقة؛ ما يميّز الأزياء الخليجية عن الأزياء الغربية.

تصميم عصري باستخدام قماش «الشالكي» السعودي (موقع المصممة في إنستغرام)

وتضيف: «لدينا في السعودية أقمشة ونقشات وتطريز وألوان فريدة من نوعها، لم يرَ العالم منها كثيراً بعد. نعم، الأزياء المستوحاة من الطبيعة السعودية والتراث بدأت تضع بصمتها في التصاميم العالمية، وتلقى اهتماماً متزايداً من قبل المصممين العالميين والجمهور نظراً إلى تفاصيلها الفريدة».


مقالات ذات صلة

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

لمسات الموضة حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

مع اقتراب نهاية كل عام، تتسابق المتاجر والمحلات الكبيرة على التفنن في رسم وتزيين واجهاتها لجذب أكبر نسبة من المتسوقين إلى أحضانها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق في عقدها الثامن اختار إريك جدّته «مانيكان» تعرض تصاميمه (حساب المُصمّم على إنستغرام)

إريك ماتيو ريتر وجدّته هدى زيادة... جيلان يلتقيان على أجنحة الموضة

معاً؛ زوّدا عالم الأزياء بلمسة سبّاقة لم يشهدها العالم العربي من قبل. التناغُم بينهما لوّن عالم الموضة في لبنان بنفحة الأصالة والشباب.

فيفيان حداد (بيروت)
لمسات الموضة كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)

إيلي صعب لـ «الشرق الأوسط»: «موسم الرياض» جسّد حلماً عربياً

مطلع العام الحالي، بدأت القصة تنسج خيوطها في لندن، وفي الرياض اكتملت في ليلة استثنائية بعنوان «1001 موسم من إيلي صعب»، تحتفل بمسيرة مصمم أصبح فخر العرب.

جميلة حلفيشي (الرياض)
لمسات الموضة سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)

الرياض تشهد عناق النجوم ببريق الترتر واللؤلؤ

بعد عام تقريباً من التحضيرات، حلّت ليلة 13 نوفمبر (تشرين الثاني). ليلة وعد إيلي صعب أن تكون استثنائية ووفى بالوعد. كانت ليلة التقى فيها الإبداع بكل وفنونه.

جميلة حلفيشي (الرياض)

الرياض تشهد عناق النجوم ببريق الترتر واللؤلؤ

سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)
سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)
TT

الرياض تشهد عناق النجوم ببريق الترتر واللؤلؤ

سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)
سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)

بعد عام تقريباً من التحضيرات، حلت ليلة 13 نوفمبر (تشرين الثاني). ليلة وعد إيلي صعب أن تكون استثنائية ووفى بالوعد. كانت ليلة التقى فيها الإبداع بكل وفنونه، وتنافس فيها بريق النجوم من أمثال مونيكا بيلوتشي، وسيلين ديون، وجينفر لوبيز، وهالي بيري ويسرا، وغيرهن مع لمعان الترتر والخرز واللؤلؤ. 300 قطعة مطرزة أو مرصعة بالأحجار، يبدو أن المصمم تعمد اختيارها ليرسل رسالة إلى عالم الموضة أن ما بدأه منذ 45 عاماً وكان صادماً لهم، أصبح مدرسة ومنهجاً يقلدونه لينالوا رضا النساء في الشرق الأوسط.

من عرض إيلي صعب في الرياض (رويترز)

لقاء الموضة بالموسيقى

كان من المتوقع أن تكون ليلة خاصة بالموضة، فهذه أولاً وأخيراً ليلة خاصة بإيلي صعب، لكنها تعدت ذلك بكثير، أبهجت الأرواح وغذَّت الحواس وأشبعت الفضول، حيث تخللتها عروض فنية ووصلات موسيقية راقصة لسيلين ديون، وجينفر لوبيز، ونانسي عجرم، وعمرو دياب وكاميلا كابيلو. غنت لوبيز ورقصت وكأنها شابة في العشرينات، ثم نانسي عجرم وعمرو دياب، واختتمت سيلين ديون الفعالية بثلاث أغنيات من أشهر أغانيها وهي تتفاعل مع الحضور بحماس. لم تقف وعكتها الصحية التي لا تزال آثارها ظاهرة عليها مبرراً لعدم المشاركة في الاحتفال بمصمم تُكنّ له كل الحب والاحترام. فإيلي صعب صديق قبل أن يكون مصمم أزياء تتعامل معه، كما قالت. يؤكد إيلي الأمر في لقاء جانبي، قائلاً: «إنها علاقة عمرها 25 عاماً».

وهذا ما جعل الحفل أشبه بأغنية حب.

هالي بيري وهي تلبس فستان الأوسكار الأيقوني نفسه الذي ارتدته عام 2002 (خاص)

هالي بيري التي ظهرت في أول العرض بالفستان الأيقوني الذي ظهرت به في عام 2002 وهي تتسلم جائزة الأوسكار بوصفها أول ممثلة سمراء، دمعت عيناها قبل العرض، وهي تعترف بأن هذه أول مرة لها في الرياض وأول مرة تقابل فيها المصمم، رغم أنها تتعامل معه منذ عقود. وأضافت أنه لم يكن من الممكن ألا تحضر المناسبة؛ نظراً للعلاقة التي تربطهما ببعض ولو عن بُعد.

يؤكد إيلي عمق هذه العلاقة الإنسانية قائلاً: «علاقتي بهالي بيري لم تبدأ في عام 2002، بل في عام 1994، حين كانت ممثلة صاعدة لا يعرفها المصممون». وأضاف ضاحكاً: «لا أنكر أن ظهورها بذلك الفستان شكَّل نقلة مهمة في مسيرتي. ويمكنني القول إنه كان فستاناً جلب الحظ لنا نحن الاثنين. فيما يخصني، فإن ظهورها به وسَّع قاعدة جمهوري لتشمل الإنسان العادي؛ إذ إنها أدخلتني ثقافة الشارع بعد أن كنت معروفاً بين النخبة أكثر». غني عن القول أن كل النجمات المشاركات من سيلين وجينفر لوبيز إلى نانسي عجرم من زبوناته المخلصات. 80 في المائة من الأزياء التي كانت تظهر بها سيلين ديون مثلاً في حفلات لاس فيغاس من تصميمه.

عرض مطرَّز بالحب والترتر

بدأ عرض الأزياء بدخول هالي بيري وهي تلبس فستان الأوسكار الأيقوني نفسه. لم يتغير تأثيره. لا يزال أنيقاً ومبتكراً وكأنه من الموسم الحالي. تلته مجموعة تقدر بـ300 قطعة، أكثر من 70 في المائة منها جديدة لخريف وشتاء 2025 ونسبة أخرى من الأرشيف، لكنها كلها كانت تلمع تطريزاً وترصيعاً إما بالترتر والخرز أو اللؤلؤ. فالتطريز لغة أتقنها جيداً وباعها للعالم. استهجنها المصممون في البداية، وهو ما كان يمكن أن يُحبط أي مصمم صاعد يحلم بأن يحفر لنفسه مكانة بين الكبار، إلا أنه ظل صامداً ومتحدياً. هذا التحدي كان واضحاً في اختياراته لليلته «1001 موسم من إيلي صعب» أيضاً بالنظر إلى كمية البريق فيها.

ساهمت في تنسيق العرض كارين روتفيلد، رئيسة تحرير مجلة «فوغ» النسخة الفرنسية سابقاً، والمعروفة بنظرتها الفنية الجريئة. كان واضحاً أنها تُقدّر أهمية ما كان مطلوباً منها. فهذه احتفالية يجب أن تعكس نجاحات مسيرة عمرها 45 عاماً لمصمم وضع صناعة الموضة العربية على الخريطة العالمية. اختير لها عنوان «1001 موسم من إيلي صعب» لتستعرض قوة المصمم الإبداعية والسردية. قال إنه استوحى تفاصيلها من عالم ألف ليلة وليلة. لكن حرص أن تكون اندماجاً بين التراث العربي والابتكار العصري. فكل تصميم كانت له قصة أو يسجل لمرحلة كان لها أثر على مسيرته، وبالتالي فإن تقسيم العرض إلى مجموعات متنوعة لم يكن لمجرد إعطاء كل نجمة مساحة للغناء والأداء. كل واحدة منهم عبَّرت عن امرأة تصورها إيلي في مرحلة من المراحل.

جينفر لوبيز أضفت الشباب والحيوية على العرض (خاص)

جينفر لوبيز التي ظهرت بمجموعة من أزيائه وهي ترقص وتقفز وكأنها شابة في العشرينات، كانت تمثل اهتمامه بمنح المرأة حرية الحركة، بينما كانت نانسي عجرم بفستانها الكلاسيكي المرصع بالكامل، تعبّر عن جذور المصمم اللبناني وفهمه لذوق المرأة العربية ككل، ورغبتها في أزياء مبهرة.

أما المغنية كاميلا كابيلو فجسدت شابة في مقتبل العمر ونجح في استقطابها بتقديمه أزياء مطعَّمة ببعض الجرأة تعكس ذوق بنات جيلها من دون أن تخرج عن النص الذي كتبه لوالدتها. كانت سيلين ديون، مسك الختام، وجسَّدت الأيقونة التي تمثل جانبه الإبداعي وتلك الأزياء التي لا تعترف بزمان أو مكان.

حب للرياض

بعد انتهاء العرض، وركض الضيوف إلى الكواليس لتقديم التحية والتبريكات، تتوقع أن يبدو منهكاً، لكنه كان عكس ذلك تماماً. يوزع الابتسامات على الجميع، يكرر لكل من يسأله أن أكثر ما أسعده، إلى جانب ما شعر به من حب الحضور والنجوم له، أنه أثبت للعالم «أن المنطقة العربية قادرة على التميز والإبداع، وأن ما تم تقديمه كان في المستوى الذي نحلم به جميعاً ونستحقه».

وأضاف: «أنا ممتن لهذه الفرصة التي أتاحت لي أن أبرهن للعالم أن منطقتنا خصبة ومعطاءة، وفي الوقت ذاته أن أعبّر عن حبي للرياض. فأنا لم أنس أبداً فضل زبونات السعودية عليّ عندما كنت مصمماً مبتدئاً لا يعرفني أحد. كان إمكانهن التعامل مع أي مصمم عالمي، لكن ثقتهن في كانت دافعاً قوياً لاستمراري».

سيلين ديون أداء مبهر وأناقة متألقة (خاص)

أسأله إن كان يخطر بباله وهو في البدايات، في عام 1982، أن يصبح هو نفسه أيقونة وقدوة، أو يحلم بأنه سيدخل كتب الموضة بوصفه أول مصمم من المنطقة يضع صناعة الموضة العربية على خريطة الموضة العالمية؟ لا يجيب بالكلام، لكن نظرة السعادة التي كانت تزغرد في عيونه كانت أبلغ من أي جواب، وعندما أقول له إنه مصمم محظوظ بالنظر إلى حب الناس له، يضحك ويقول من دون تردد نعم أشعر فعلاً أني محظوظ.