كيف تغيرت أساليب أزياء العمل وأصبحت هجيناً؟

من الأزياء الراقية إلى الـ«كاجوال»

المظهر المريح والأنيق هو السائد حالياً على المشهد... لأنه يعبِر عن زمننا (هيرميس)
المظهر المريح والأنيق هو السائد حالياً على المشهد... لأنه يعبِر عن زمننا (هيرميس)
TT

كيف تغيرت أساليب أزياء العمل وأصبحت هجيناً؟

المظهر المريح والأنيق هو السائد حالياً على المشهد... لأنه يعبِر عن زمننا (هيرميس)
المظهر المريح والأنيق هو السائد حالياً على المشهد... لأنه يعبِر عن زمننا (هيرميس)

متابعة برامج تلفزيونية عن أجواء العمل في المدة السابقة لـ«كوفيد» قبل عام 2020، تبدو كأنها متابعة لمشاهد من التاريخ... صور موظفين ببدلات رسمية إما باللون الأسود وإما بالأزرق الداكن، مع رباط عنق متناسق، وصور لنساء ببلوزات أنيقة مع تنورات ضيقة وكعب عالٍ... هكذا هي الأزياء التي كانت مقبولة في مكاتب العمل.

ننظر إلى ما يجري حولنا، فتبدو هذه الصور بعيدة كأنها من زمن آخر. الأمر يعود إلى جائحة «كورونا» وما خلّفته من تغييرات في شتى مناحي الحياة، وفقاً لمجلة «هاربرز بازار» وغيرها.

من بين هذه التغييرات أن المدة التي كنا نقضيها في أماكن العمل، وهي 5 أيام في الأسبوع، لم يعد العمل بها جارياً. الآن، وبعد مرور 4 سنوات، وعلى الرغم من أن الحياة عادت إلى مستويات ما قبل الجائحة، فإن الحال بقيت على ما هي عليه، لدرجة أن البدلة الرجالية لم تعد تستخدم لقياس معدل التضخم السنوي من قبل «مكتب الإحصاءات الوطنية» البريطاني، بعد أن انخفض الطلب على الملابس الرسمية.

التحول نحو ملابس أكثر راحة بدأ قبل الجائحة... لكنها فرضته علينا (هيرميس)

كان من البديهي أن يؤثر التحول إلى العمل عن بُعد وما رافقه من تغيرات اجتماعية على اختياراتنا للملابس والإكسسوارات، وفق خبراء الموضة، الذين يشيرون إلى أن هذا التحول نحو ملابس أكثر راحة بدأ قبل الجائحة، لكنه كان خجولاً، قبل أن تُفجّره الجائحة على ما هو عليه الآن. تشرح أليسون لو، مستشارة الأزياء بجامعة شرق لندن: «كان هناك بالفعل اتجاه نحو تبني قطع أكثر راحة في ملابس العمل اليومية، مثل السراويل الأكثر استرخاء والجينز الأسود، إلى جانب دمج قطع المصممين الراقية مع عناصر الموضة السريعة منخفضة الأسعار».

بيد أن فترة الإغلاق عززت الطلب على الملابس المريحة، وفق تقرير صادر عن مجلة «فوربس» في ذلك الوقت أشار إلى زيادة بنسبة 143 في المائة في مبيعات البيجامات في الأشهر القليلة الأولى من الإغلاق، تزامن معها انخفاض بنسبة 13 في المائة في مبيعات حمالات الصدر. ومن المضحك أن مبيعات السراويل انخفضت أيضاً، في حين زادت مبيعات القمصان؛ والسبب أن كثيراً من الشركات والمؤسسات باتت تتعامل مع موظفيها من بيوتهم، عبر «زووم»؛ الأمر الذي كان وراء إطلاق اسم «قميص زووم» على أي قميص رسمي أو أنيق يرتدونه قبل الاجتماعات لتقديم صورة أكثر احتراماً واحترافية أمام الكاميرا.

كثير من المؤسسات الرسمية تتقبل حالياً مظهراً يتخفف من قيودها (هيرميس)

وأفاد استطلاع أجرته شركة «لينكد إن» في عام 2020، بأن 42 في المائة من الموظفين يمتلكون «قميص زووم».

بعد تخفيف القيود وانفتاح العالم بعد الجائحة، لم يكن ممكناً أن تعود الأمور إلى سابق عهدها. اكتشف الكل أنه من الممكن العمل عن بُعد من دون أن يتأثر العمل. في عام 2023، أظهر استطلاع أن 44 في المائة اصبحوا يعملون بنظام العمل الهجين (ما بين المكتب والعمل من المنزل).

وتعيد أليسون لو الأمر إلى ما تسميه «الانجذاب نحو الراحة» الذي اكتسبناه في أثناء العمل من المنزل ولم يفارقنا حتى في الأيام التي نعود فيها إلى المكتب. ظلت خيارات الأزياء المريحة هي السائدة بينما توارت الملابس الرسمية. تشرح لو: «النموذج الهجين للملابس هو الشائع حالياً، وأصبح يعكس المرونة والاحترافية في آن واحد».

إميلي راتاجكوسكي تبدو أنيقة بأزياء تجمع الراحة بالعملية (الصورة مانغو)

وأضافت: «الموظفون الشباب، خصوصاً العاملين في المجالات الإبداعية، هم الأكثر دفعاً لتجديد قواعد الملابس غير الرسمية، بينما تظل بعض القطاعات، مثل البنوك والقطاع العام، متمسكة إلى حد ما بالأساليب التقليدية للملابس الرسمية، وإن كانت هي الأخرى بدأت تتخفف من صرامتها».

ورغم أن الإيجابيات كثيرة، تغطي على السلبيات، فإن الرابح الأكبر هو الإبداع في الأزياء الرسمية الخاصة بالمناسبات المهمة... فهذه سيزيد فيها المصممون من جرعة الابتكار حتى تأتي أكثر تميزاً وتعبيراً عن زمنهم.


مقالات ذات صلة

كامالا هاريس تستعد للرئاسة ببدلات رسمية «سياسية»

لمسات الموضة كونها أول امرأة مرشحة لهذا المنصب يضعها تحت المجهر لهذا تتبنى مظهراً أنيقاً لكن يفتقد لأي إثارة من شأنها أن تثير أي جدل (أ.ف.ب)

كامالا هاريس تستعد للرئاسة ببدلات رسمية «سياسية»

منذ دخول كامالا هاريس إلى دائرة الضوء بصفتها المرشحة عن الحزب الديمقراطي للرئاسة، وابتسامة واسعة تشي بطاقة إيجابية ترتسم على وجهها،

نيويورك تايمز (نيويورك)
لمسات الموضة حملت معها اللون البيج إلى جوهانسبرغ بجنوب أفريقيا أول أكتوبر 2019 (أرشيفية - رويترز)

هل تلعب ميغان ماركل دور الضحية؟

تجد نفسها أمام خيارين صعبين: إما الحصول على مظهر متألق يجعلها أيقونة موضة، وإما تصريحات نارية تُكسبها التعاطف والشعبية.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة دارا حمامة (خاص)

السباق بدأ والنهائيات ستكون في مراكش الحمراء

«فاشن تراست أرابيا لعام 2024» تعلن عن الأسماء الذين وصلوا إلى النهائيات ليتم الاختيار منهم 7 في حفل كبير بمراكش

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة عطر خاص بالكلاب يحمل اسم «فافيه» (دولتشي آند غابانا)

«دولتشي آند غابانا» تطلق عطراً للكلاب

أطلقت «دولتشي آند غابانا» عطراً خاصاً بالكلاب يحمل اسم «فافيه».

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة سيلينا جوميز في فستان من تصميم «فيرساتشي» (غيتي)

كيف تنعكس شخصيتك على اختيارك لملابسك؟

في عالم تتغيّر فيه اتجاهات الموضة باستمرار، يبقى الأسلوب الشخصي العنصر الأكثر ثباتاً وقوة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الموضة والرياضة.. علاقة بدأت قبل أكثر من قرن واكتسبت شرعيتها في التسعينات

الفنانة زيندايا وحذاء بكعب عال تزينه كرة مضرب حقيقية (أ.ف.ب)
الفنانة زيندايا وحذاء بكعب عال تزينه كرة مضرب حقيقية (أ.ف.ب)
TT

الموضة والرياضة.. علاقة بدأت قبل أكثر من قرن واكتسبت شرعيتها في التسعينات

الفنانة زيندايا وحذاء بكعب عال تزينه كرة مضرب حقيقية (أ.ف.ب)
الفنانة زيندايا وحذاء بكعب عال تزينه كرة مضرب حقيقية (أ.ف.ب)

ليست غريبة أو وليدة اليوم تلك العلاقة الحميمة بين الموضة والرياضة، فهي تنسج خيوطها منذ بداية القرن العشرين عندما استعملت المصممة غابرييل شانيل، المعروفة بكوكو، قماش الجيرسيه لأول مرة في بنطلونات واسعة وسترات مريحة لا تفتقد إلى الأناقة بل العكس، كانت مثل نسمة هواء، أو مضاد حيوي للكورسيهات والملابس المعقدة التي كانت تعاني منها المرأة.

كان هدف كوكو منها تحرير المرأة من قيود الماضي، وفي الوقت ذاته استعمال قماش لم يفكر فيه أحد قبلها خارج إطار ملابس النوم، وهو ما كان مناسباً لها بوصفها مصممة بإمكانيات مادية محدودة آنذاك. يمكن القول إنها كانت أول من زرع بذرة ما أصبح يعرف بـ«سبورت شيك».

المصمم تومي هيلفغر كان من أوائل المصممين الذين تبنوا الأسلوب الرياضي الأميركي ولا يزال (تومي هيلفغر)

مرت السنون، وتطورت التقنيات وتكنولوجيا الأنسجة والاجتهادات، لتزيد هذه العلاقة قوة في السبعينات على يد مصممين أميركيين تحديداً من أمثال رالف لورين وتومي هيلفغر وشركة «ليفايس» وغيرهم.

في التسعينات وبداية الألفية، انتقلت العدوى إلى أوروبا. طرح مصممون كبار تشكيلات رياضية أو مستوحاة من عالمها، مثل ميوتشا برادا التي خاضت هذا المجال لأول مرة بخط «برادا سبورت» في عام 1998. لم تكن الأولى. سبقتها بيوت أزياء أخرى مثل «إيسي مياكي» و«ديور» و«بيربري» وآخرون، اكتشفوا أن هذه التصاميم لها جمهور عريض يمكنهم استقطابه والاستفادة منه.

في هذه الفترة، أي التسعينات، اكتسب الزواج بين الموضة المترفة والراقية والرياضة بتصاميمها العملية، رسميته. ابتكرت أقمشة خفيفة ومتينة في الوقت ذاته، وتمت الاستعاضة عن الأزرار بسحابات في تصاميم غلبت عليها العملية. شركات الساعات كان لها هي الأخرى قُرص في هذا العرس. تنافست على إصدار ساعات يد بتعقيدات ووظائف موجهة للرياضات المائية بكل أشكالها وتسلق الجبال وطبعاً كرة القدم. شركة «هيبلو» واحدة من هذه الشركات. فهي تقدم ساعات ذكية خاصة ببطولة الدوري الإنجليزي الممتاز، وساعات كرونوغراف ميكانيكية للبطولة نفسها منذ عام 2006.

في عرض «بول كوستيللو» ظهرت العارضات بأزياء وإكسسوارات مستوحاة من ميادين التنس (بول كوستيللو)

في التاريخ الحديث، يعيد بعض الخبراء اجتياح الأزياء الـ«سبور» عالم الموضة إلى جائحة كورونا. كانت فترة عصيبة على كل الأصعدة، لكن من إيجابياتها على الموضة، أنها منحت المصممين الوقت الكافي للتركيز على تطوير التقنيات وتحفيزهم على المزيد من الاختبار والابتكار، الأمر الذي نتج عنه أنسجة خفيفة تمنح الجسم التهوية في الصيف والدفء في الشتاء، إلى جانب إخراج هذه التصاميم من إطارها العملي أو الوظيفي إلى الشارع والمناسبات المهمة تماشياً مع التغيرات التي لمست حياتنا بشكل مباشر.

في لقاء خاص مع «الشرق الأوسط» صرح داميان برتراند، الرئيس التنفيذي لدار «لورو بيانا» بأنه استغل «الجائحة لقراءة تحولات السوق». اكتشف خلالها أنه من الصعب على المرأة أن تعود إلى أزياء معقدة بما فيها الحذاء ذي الكعب المدبب والعالي. كان واضحاً أنها استحلت طعم الراحة، وفي الوقت ذاته لا تريد التنازل عن أناقتها. على هذا الأساس، عمل برتراند مع استوديو التصميم على طرح أزياء وإكسسوارات تعكس هذه المطالب، منها مجموعة أزياء «كوكونينغ» التي نفدت من الأسواق في غضون أسابيع قليلة.

بيد أنه ما من شك أن المد الرياضي الذي تابعناه مؤخراً في عروض الأزياء العالمية، يدين بشعبيته لدورة الألعاب الأوروبية الأخيرة، كما لبطولة ويمبلدون للتنس، وأخيراً وليس آخراً ألعاب الأولمبياد التي تستضيفها باريس هذه الأيام. العديد من المصممين دخلوا منافساتها وكلهم أمل أن يحصدوا ميداليات ذهبية تترجمها أرقام المبيعات بطرح أزياء وإكسسوارات، إما تحتفل برياضة ما، وإما تُغري بأخرى.

بأسلوبها المعهود رسمت «موسكينو» في خط ريزورت لعام 2025 تشكيلتها بفنية عالية تعكس أجواء رياضية (موسكينو)

في عرضها لربيع وصيف 2025، مثلا، كشفت علامة «موسكينو» عن ثاني تشكيلة لمديرها الإبداعي أدريا أبيولازا. أطلق عليها عنوان «لوست أند فاوند»، وتعمد فيها أن يحتفل بكل ما هو متفرد ويستكشف الإنجازات والبطولات الإنسانية. الاحتفال بالرياضة وتحديداً كرة القدم واحدة منها، رسم الصورة على طريقة «موسكينو» بأسلوب أقرب إلى الـ«بوب آرت» ظهرت فيه نقشات سادت في تسعينات القرن الماضي، مثل زهور السلام وكرات القدم.

دار «كنزو» التي تنضوي تحت جناح مجموعة «إل في آم آش» التي صممت ملابس فريق الجودو الفرنسي، هي الأخرى طرحت سلسلة من الأحذية الرياضية للجنسين، صرحت بأنها تحتفل بها بالأولمبياد وبفرنسا، لكنها يمكن أن تناسب أي زمان ومكان إذا كان المطلوب هو الراحة.

الفنانة زيندايا بإطلالة من «برونو كوتشينيللي» تُلخص كل معاني «السبورت شيك» (برونو كوتشينيللي)

في كل الحالات، فإن الحماس الذي صاحب الفعاليات الرياضية التي شهدها عام 2024، فتح نفس عشاق الموضة على تصاميم مريحة وأنيقة أدخلتهم عالم البطولات. إقبالهم عليها يمنحهم الشعور بأنهم مواكبون للأحداث. ليس هذا فحسب، فالمهم فيها أن مصمميها تأكدوا أن تجمع الأناقة بالراحة والعملية، وتنقل صاحبها من أماكن العمل إلى المناسبات الخاصة بسلاسة، وليس أدل على هذا من إطلالة الفنانة زيندايا لدى حضورها بطولة «روليكس مونتي كارلو ماسترز» Rolex Monte-Carlo Masters الأخيرة. اختارت أزياء مستوحاة من عالم التنس قد تكون جريئة بالنسبة لشخص عادي، لكنها في غاية الإثارة والجمال. كانت الإطلالة من تشكيلة دار «برونو كوتشينيللي» لخريف وشتاء 2024، تتكون من كنزة من الصوف بياقة على شكل V تزينها أزرار، وشعار بالأسود والأصفر على جانب الصدر، وتنورة ماكسي من حرير الساتان، أيضاً باللون الأبيض الكريمي، أضفت عليها الجيوب روحاً شبابية.

نجمات وشخصيات أخريات ركبن الموجة، كل حسب ذوقها. المؤثرة هايلي بيبر والعارضة بيلا حديد مثلا ظهرتا في عدة مناسبات ببنطلونات قصيرة مستوحاة من سباقات الدراجات الهوائية. مظهر يستحضر في الكثير من تفاصيله بعض إطلالات الأميرة الراحلة دايانا، وهي متوجهة إلى ناديها الرياضي أو ترافق الأميرين وليام وهاري إلى المدرسة: شورت ضيق وكنزة صوفية واسعة. مظهر ارتبط بحقبة الثمانينات التي شهدت انتعاش بنطلونات الليكرا. اكتسحت ساحة الموضة ودخلت الحياة اليومية بل حتى الملاهي الليلية آنذاك، وهو ما سجلته أفلام سينمائية حققت نجاحات كبيرة، مثل Grease وغيرها من الأفلام التي صدرت في تلك الحقبة.

كنزة مستوحاة من عالم التنس على بنطلون واسع مريح (بول كوستيللو)

رغم شعبيتها، تعرضت بنطلونات الليكرا تحديداً للكثير من الانتقادات من خبراء الموضة، والتنمر من المنتقدين، لأنها لم تكن رحيمة بكل المقاسات والمقاييس. لكن شتان بين القطع الرياضية في الثمانينات وبينها اليوم. أصبحت أكثر أناقة، ولم تعد تقتصر على الـ«ديسكو» أو النوادي الرياضية، بعد أن دخلت أماكن العمل بفضل تقنياتها الجديدة من جهة، وتخففها من رسميتها من دون ابتذال. من بين أكبر المؤشرات على دخولها الموضة الراقية، دخول بيوت أزياء مثل «لورو بيانا» و«زيغنا» و«برونو كوتشينيللي» والمصمم الإيرلندي الأصل، بول كوستيللو و«برادا» ميدانها، وأصبحت مفعمة بالأناقة تفصيلاً وتفاصيل.