كان يا ما كان... مجوهرات صاغتها «شوبارد» لمهرجان «كان»

من وحي حكايات الطفولة والأساطير قطع ثمينة تنافس النجوم بريقاً

بروش مبتكر يحتفي بعالم الحيوان بشكل يجمع الشقاوة والمرح (شوبارد)
بروش مبتكر يحتفي بعالم الحيوان بشكل يجمع الشقاوة والمرح (شوبارد)
TT

كان يا ما كان... مجوهرات صاغتها «شوبارد» لمهرجان «كان»

بروش مبتكر يحتفي بعالم الحيوان بشكل يجمع الشقاوة والمرح (شوبارد)
بروش مبتكر يحتفي بعالم الحيوان بشكل يجمع الشقاوة والمرح (شوبارد)

شهر مايو (أيار) بالنسبة لدار «شوبارد» ليس ككل الأشهر. إنه الشهر الذي تستعرض فيه إمكانيات ورشاتها وحرفييها في صياغة مجوهرات رفيعة تتحدى المتعارف عليه فنياً وتقنياً. العمل على هذه الإبداعات يجري على قدم وساق في مختبرات الابتكار والتصميم والتنفيذ الواقعة في سويسرا. أما العيون فمصوبة نحو الريفييرا الفرنسية، وتحديداً مهرجان «كان السينمائي». فهذا المهرجان أصبح ميدانها منذ أن أصبحت شريكه الرسمي في عام 1998. تصول وتجول فيه بأجمل الإبداعات وأغلى الأحجار التي تتزين بها النجمات. ببريقها وابتكارها لا تعرف إن كان ذلك يزيدهن بريقاً أم لا، وهن يختلن بها على السجادة الحمراء. الطريف أن هذه المجموعات السنوية أيضاً بعنوان «السجادة الحمراء».

أقراط باسم «فراشات» تظهر فيها فراشتان من الذهب مرصعتان بحجرين من الزبرجد على شكل كمثرى. يعطيان الانطباع كما لو أنهما تطيران وتحلقان برشاقة قبل أن تحطا على أزهار لتلقيحها وزرع بذور الحياة فيها.

هذا العام قررت كارولين شوفوليه، الرئيسة المشاركة والمديرة الإبداعية لدار شوبارد أن تذهب أبعد مما عودتنا عليه. لم تقتصر مجموعتها هاته على إتحافنا بصرياً. دخلت المنافسة السردية مع الأفلام السينمائية المتنافسة على سعفتها الذهبية. نسجت حكايات تُلهب الخيال تبدأ كل واحدة منها بـ«كان يا ما كان» ثم تتفرع إلى أخرى تحمل كل واحدة منها حكاية لوحدها.

تعتقد كارولين أنه في كل الأزمان وكل الثقافات «تعد الحكايات والأساطير جزءاً من الخيال الجمعي، تدعونا منذ الطفولة لدخول أبواب الغابات المسحورة، والممالك البعيدة، والحيوانات الناطقة، والمخلوقات ذات القوى السحرية». من ذكريات الطفولة وقراءاتها استلهمت كارولين شوفوليه، سيناريو مجموعتها لعام 2024، جمعت فيه 77 قطعة فريدة وحكاية يختلط فيها الخيال بمهارة حرفيين.

قلادة مستوحاة من شجرة بلوط استغرق صنعها ستة أشهر على يد أربعة حرفيين (شوبارد)

أبطال هذا السيناريو المثير مُشكلون من حيوانات ونباتات يعيشون في وئام ويمنحون الحياة معنى السعادة. ضخَت كل واحد من هذه الكائنات بتفاصيل دقيقة جعلتهم في بعض الأحيان يتحركون بشكل يعطي الانطباع كما لو أنهم يتنفَسون. من بين هذه الحكايات، تلفت قلادة مستوحاة من شجرة بلوط الأنظار، يسكنها ويحتمي بها عدد من الحيوانات الصغيرة والحشرات والطيور. استغرقت حبكتها وصياغتها بالذهب الوردي والتيتانيوم الأخلاقي، ستة أشهر على يد أربعة حرفيين.

خاتم مستوحى من الفطر بتدرجات لونية تتباين بين الأبيض والبرتقالي والبني (شوبارد)

أسفل هذه الشجرة الوارفة والغنية بالألوان، يظهر خاتم على شكل فطر مصنوع من الذهب الوردي، غطاؤه الرقيق والمضلع، مرصع بالألماس الأبيض والبرتقالي والبني، في تدرج لوني مثير. لحبك الحكاية، كان مهماً أن تأتي التفاصيل بأهمية الأحجار والمعادن. أوراق الشجرة مثلاً جاءت من التيتانيوم والتسافوريت؛ وأزهارها مُرصعة بالكامل بياقوت باللون الأصفر مقطوع بتقنية «بريوليت». أما أوراق ثمرة البلوط فجاءت منحوتة وملونة بشكل مثير بفضل استعمال التيتانيوم.

غصن مستوحى من زنبق الوادي مصنوع من التيتانيوم زرعته كارولين شيفوليه على الجانبين ليسند أزهاراً مرصعة بالألماس (شوبارد)

وطبعاً لا تكتمل هذه الحكاية من دون غصن من زنبق الوادي مصنوع من التيتانيوم، زرعته كارولين شيفوليه على الجانبين ليسند أزهاراً على شكل أجراس مرصعة بالألماس ومدقاتها الصغيرة من الذهب الأصفر. عند ارتداء هذا الغصن كـ«بروش» فإنه يُغني عن كل ما سواه.

تجدر الإشارة إلى أن التيتانيوم، وهو مادة نادراً ما تستخدم في المجوهرات التقليدية، بات منذ بضع سنوات، أداة قوية في يد حرفيي الدار يتجاوزون به الكثير من القيود التقنية التي تفرضها أحيانا معادن أخرى مثل الذهب. فهو يتميز بميزتين، الأولى خفة وزنه التي تجعل تطويعه سهلاً، والثانية إمكانية تلوينه بألوان أكثر تنوعاً عن طريق الأكسدة. عند الانتهاء من عملية التلوين يصبح جاهزاً وكامل الأوصاف لا يحتاج إلى أي أحجار كريمة تُزينه. يمكن أيضاً ترصيعه بأحجار بنفس الألوان. في هذه الحالة يكون التأثير مختلفاً، حيث يبدو فيها مثل الحرباء بانعكاس ألوانه.

عقد طويل متعدد الألوان باسم «فلاور»

في حكاية أخرى تعكس حياة النباتات، يظهر عقد طويل متعدد الألوان، تتفتح فيه زهرة من الروبليت والتسافوريت وألماس ملون في قلب كريستال تحيط به تسع زهور من التيتانيوم مصنوعة يدوياً بشكل فردي. تم ختم هذه اللوحة المصغرة بلآلئ صغيرة تستحضر ندى الصباح وهو يزين أوراق التسافوريت.

ضفدعتان تحضنان خاتماً مصنوعاً من الذهب الأصفر والتيتانيوم مرصعتان بأحجار الزمرد على شكل كمثرى (شوبارد)

بعد انتهائها من قصة الفراشات، تعرج كارولين وفريق العمل على مخلوقات أخرى لإثراء الحكاية. تظهر ضفدعتان صغيرتان تحضنان خاتماً مصنوعاً من الذهب الأصفر و التيتانيوم، تُرصِعهما بأحجار الزمرد على شكل كمثرى، فتدعمان تاجاً مرصعاً بالروبليت والألماس الأبيض والأصفر. وفي وسط هذا العمل يتموضع حجر روبليت مقطوع بشكل دائري بوزن 17.7 قيراط.

بحركة بسيطة تتحول الـ«جنية» التي تزين التاج إلى بروش يمكن استعماله بشكل مستقل (شوبارد)

وطبعاً لأن حكايات الطفولة لا تكتمل من دون «جنية طيبة» تتمتع بقوى خارقة من شأنها أن تغير مسار حياة أي شخص، تبرز في هذا التاج واحدة في قمة الدقة تأخذ مكانها وسط تاج هيكلي وهي محاطة بمجموعة من النجوم تجسدها قطرات من الماس الصافي. أما جناحاها فمصنوعان من عرق اللؤلؤ. بحركة بسيطة تُلوِح عصاها السحرية، فتتحول إلى بروش أنيق، يعكس قوتها وقوة «شوبارد» الكامنة في تقنياتها وتوهج ألوانها.


مقالات ذات صلة

التول والمخمل... رفيقا الأفراح والجمال

لمسات الموضة الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)

التول والمخمل... رفيقا الأفراح والجمال

بين المرأة والتول والمخمل قصة حب تزيد دفئاً وقوة في الاحتفالات الخاصة والمناسبات المهمة

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة بين ميغان ماركل وكايلي جينر قواسم مشتركة وفوارق عديدة في الوقت ذاته (أ.ف.ب)

ميغان ماركل وكايلي جينر والصراع على المرتبة الأولى

هناك فعلاً مجموعة من القواسم المُشتركة بين ماركل وجينر، إلى جانب الجدل الذي تثيرانه بسبب الثقافة التي تُمثلانها ويرفضها البعض ويدعمها البعض الآخر.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كشفت «بيركنشتوك» عن حملتها الجديدة التي تتوجه بها إلى المملكة السعودية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)

اختيار أميرة ويلز له... مواكبة للموضة أم لفتة دبلوماسية للعلم القطري؟

لا يختلف اثنان أن الإقبال على درجة الأحمر «العنابي» تحديداً زاد بشكل لافت هذا الموسم.

جميلة حلفيشي (لندن)

الأقمشة تبرز لاعباً أساسياً في أزياء المساء والسهرة هذا الموسم

الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)
الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)
TT

الأقمشة تبرز لاعباً أساسياً في أزياء المساء والسهرة هذا الموسم

الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)
الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)

في عالم الموضة هناك حقائق ثابتة، واحدة منها أن حلول عام جديد يتطلب أزياء تعكس الأمنيات والآمال وتحتضن الجديد، وهذا يعني التخلص من أي شيء قديم لم يعد له مكان في حياتك أو في خزانتك، واستبدال كل ما يعكس الرغبة في التغيير به، وترقب ما هو آتٍ بإيجابية وتفاؤل.

جولة سريعة في أسواق الموضة والمحال الكبيرة تؤكد أن المسألة ليست تجارية فحسب. هي أيضاً متنفس لامرأة تأمل أن تطوي صفحة عام لم يكن على هواها.

اقترح المصمم رامي علي لربيع وصيف 2025 قطعاً متنوعة كان فيها التول أساسياً (رامي علي)

بالنسبة للبعض الآخر، فإن هذه المناسبة فرصتهن للتخفف من بعض القيود وتبني أسلوب مختلف عما تعودن عليه. المتحفظة التي تخاف من لفت الانتباه –مثلاً- يمكن أن تُدخِل بعض الترتر وأحجار الكريستال أو الألوان المتوهجة على أزيائها أو إكسسواراتها، بينما تستكشف الجريئة جانبها الهادئ، حتى تخلق توازناً يشمل مظهرها الخارجي وحياتها في الوقت ذاته.

كل شيء جائز ومقبول. المهم بالنسبة لخبراء الموضة أن تختار قطعاً تتعدى المناسبة نفسها. ففي وقت يعاني فيه كثير من الناس من وطأة الغلاء المعيشي، فإن الأزياء التي تميل إلى الجرأة والحداثة اللافتة لا تدوم لأكثر من موسم. إن لم تُصب بالملل، يصعب تكرارها إلا إذا كانت صاحبتها تتقن فنون التنسيق. من هذا المنظور، يُفضَّل الاستثمار في تصاميم عصرية من دون مبالغات، حتى يبقى ثمنها فيها.

مع أن المخمل لا يحتاج إلى إضافات فإن إيلي صعب تفنن في تطريزه لخريف وشتاء 2024 (إيلي صعب)

المصممون وبيوت الأزياء يبدأون بمغازلتها بكل البهارات المغرية، منذ بداية شهر أكتوبر (تشرين الأول) تقريباً، تمهيداً لشهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول). فهم يعرفون أن قابليتها للتسوق تزيد في هذا التوقيت. ما يشفع لهم في سخائهم المبالغ فيه أحياناً، من ناحية الإغراق في كل ما يبرُق، أن اقتراحاتهم متنوعة وكثيرة، تتباين بين الفساتين المنسدلة أو الهندسية وبين القطع المنفصلة التي يمكن تنسيقها حسب الذوق الخاص، بما فيها التايورات المفصلة بسترات مستوحاة من التوكسيدو أو كنزات صوفية مطرزة.

بالنسبة للألوان، فإن الأسود يبقى سيد الألوان مهما تغيرت المواسم والفصول، يليه الأحمر العنابي، أحد أهم الألوان هذا الموسم، إضافة إلى ألوان المعادن، مثل الذهبي أو الفضي.

المخمل كان قوياً في عرض إيلي صعب لخريف وشتاء 2024... قدمه في فساتين وكابات للرجل والمرأة (إيلي صعب)

ضمن هذه الخلطة المثيرة من الألوان والتصاميم، تبرز الأقمشة عنصراً أساسياً. فكما الفصول والمناسبات تتغير، كذلك الأقمشة التي تتباين بين الصوف والجلد اللذين دخلا مناسبات السهرة والمساء، بعد أن خضعا لتقنيات متطورة جعلتهما بملمس الحرير وخفته، وبين أقمشة أخرى أكثر التصاقاً بالأفراح والاحتفالات المسائية تاريخياً، مثل التول والموسلين والحرير والمخمل والبروكار. التول والمخمل تحديداً يُسجِّلان في المواسم الأخيرة حضوراً لافتاً، سواء استُعمل كل واحد منهما وحده، أو مُزجا بعضهما ببعض. الفكرة هنا هي اللعب على السميك والشفاف، وإن أتقن المصممون فنون التمويه على شفافية التول، باستعماله في كشاكش كثيرة، أو كأرضية يطرزون عليها وروداً وفراشات.

التول:

التول كما ظهر في تشكيلة المصمم رامي علي لربيع وصيف 2025 (رامي علي)

لا يختلف اثنان على أنه من الأقمشة التي تصرخ بالأنوثة، والأكثر ارتباطاً بالأفراح والليالي الملاح. ظل طويلاً لصيقاً بفساتين الزفاف والطرحات وبأزياء راقصات الباليه، إلا أنه الآن يرتبط بكل ما هو رومانسي وأثيري.

شهد هذا القماش قوته في عروض الأزياء في عام 2018، على يد مصممين من أمثال: إيلي صعب، وجيامباتيستا فالي، وسيمون روشا، وهلم جرا، من أسماء بيوت الأزياء الكبيرة. لكن قبل هذا التاريخ، اكتسب التول شعبية لا يستهان بها في القرنين التاسع عشر والعشرين، لعدد من الأسباب مهَّدت اختراقه عالم الموضة المعاصرة، على رأسها ظهور النجمة الراحلة غرايس كيلي بفستان بتنورة مستديرة من التول، في فيلم «النافذة الخلفية» الصادر في عام 1954، شد الانتباه ونال الإعجاب. طبقاته المتعددة موَّهت على شفافيته وأخفت الكثير، وفي الوقت ذاته سلَّطت الضوء على نعومته وأنوثته.

التول حاضر دائماً في تشكيلات المصمم إيلي صعب خصوصاً في خط الـ«هوت كوتور» (إيلي صعب)

منذ ذلك الحين تفتحت عيون صناع الموضة عليه أكثر، لتزيد بعد صدور السلسلة التلفزيونية الناجحة «سيكس أند ذي سيتي» بعد ظهور «كاري برادشو»، الشخصية التي أدتها الممثلة سارة جيسيكا باركر، بتنورة بكشاكش وهي تتجول بها في شوارع نيويورك في عز النهار. كان هذا هو أول خروج مهم لها من المناسبات المسائية المهمة. كانت إطلالة مثيرة وأيقونية شجعت المصممين على إدخاله في تصاميمهم بجرأة أكبر. حتى المصمم جيامباتيستا فالي الذي يمكن وصفه بملك التول، أدخله في أزياء النهار في تشكيلته من خط الـ«هوت كوتور» لعام 2015.

إطلالة من خط الـ«كروز» لدار «ديور» استعملت فيها ماريا غراتزيا تشيوري التول كأرضية طرزتها بالورود (ديور)

ما حققه من نجاح جعل بقية المصممين يحذون حذوه، بمن فيهم ماريا غراتزيا تشيوري، مصممة دار «ديور» التي ما إن دخلت الدار بوصفها أول مصممة من الجنس اللطيف في عام 2016، حتى بدأت تنثره يميناً وشمالاً. تارة في فساتين طويلة، وتارة في تنورات شفافة. استعملته بسخاء وهي ترفع شعار النسوية وليس الأنوثة. كان هدفها استقطاب جيل الشابات. منحتهن اقتراحات مبتكرة عن كيفية تنسيقه مع قطع «سبور» ونجحت فعلاً في استقطابهن.

المخمل

إطلالة من خط الـ«كروز» لدار «ديور» اجتمع فيها المخمل والتول معاً (ديور)

كما خرج التول من عباءة الأعراس والمناسبات الكبيرة، كذلك المخمل خرج عن طوع الطبقات المخملية إلى شوارع الموضة وزبائن من كل الفئات.

منذ فترة وهو يغازل الموضة العصرية. في العام الماضي، اقترحه كثير من المصممين في قطع خطفت الأضواء من أقمشة أخرى. بملمسه الناعم وانسداله وألوانه الغنية، أصبح خير رفيق للمرأة في الأوقات التي تحتاج فيها إلى الدفء والأناقة. فهو حتى الآن أفضل ما يناسب الأمسيات الشتوية في أوروبا وأميركا، وحالياً يناسب حتى منطقة الشرق الأوسط، لما اكتسبه من مرونة وخفة. أما من الناحية الجمالية، فهو يخلق تماوجاً وانعكاسات ضوئية رائعة مع كل حركة أو خطوة.

تشرح الدكتورة كيمبرلي كريسمان كامبل، وهي مؤرخة موضة، أنه «كان واحداً من أغلى الأنسجة تاريخياً، إلى حد أن قوانين صارمة نُصَّت لمنع الطبقات الوسطى والمتدنية من استعماله في القرون الوسطى». ظل لقرون حكراً على الطبقات المخملية والأثرياء، ولم يُتخفف من هذه القوانين إلا بعد الثورة الصناعية. ورغم ذلك بقي محافظاً على إيحاءاته النخبوية حتى السبعينات من القرن الماضي. كانت هذه هي الحقبة التي شهدت انتشاره بين الهيبيز والمغنين، ومنهم تسلل إلى ثقافة الشارع.

يأتي المخمل بألوان غنية تعكس الضوء وهذه واحدة من ميزاته الكثيرة (إيلي صعب)

أما نهضته الذهبية الأخيرة فيعيدها الخبراء إلى جائحة «كورونا»، وما ولَّدته من رغبة في كل ما يمنح الراحة. في عام 2020 تفوَّق بمرونته وما يمنحه من إحساس بالفخامة والأناقة على بقية الأنسجة، وكان الأكثر استعمالاً في الأزياء المنزلية التي يمكن استعمالها أيضاً في المشاوير العادية. الآن هو بخفة الريش، وأكثر نعومة وانسدالاً بفضل التقنيات الحديثة، وهو ما جعل كثيراً من المصممين يسهبون فيه في تشكيلاتهم لخريف وشتاء 2024، مثل إيلي صعب الذي طوعه في فساتين و«كابات» فخمة طرَّز بعضها لمزيد من الفخامة.

من اقتراحات «سكاباريللي» (سكاباريللي)

أما «بالمان» وبرابال غورانغ و«موغلر» و«سكاباريللي» وغيرهم كُثر، فبرهنوا على أن تنسيق جاكيت من المخمل مع بنطلون جينز وقميص من الحرير، يضخه بحداثة وديناميكية لا مثيل لها، وبان جاكيت، أو سترة مستوحاة من التوكسيدو، مع بنطلون كلاسيكي بسيط، يمكن أن ترتقي بالإطلالة تماماً وتنقلها إلى أي مناسبة مهمة. الشرط الوحيد أن يكون بنوعية جيدة حتى لا يسقط في خانة الابتذال.