«سيلين» تعيد «التوكسيدو» للصدارة في مهرجان «كان»

ونادين لبكي تتحدى شخصيته الذكورية بأنوثتها

اللقطة التي تظهر تفوق «التوكسيدو» على الفستان (أ.ف.ب)
اللقطة التي تظهر تفوق «التوكسيدو» على الفستان (أ.ف.ب)
TT

«سيلين» تعيد «التوكسيدو» للصدارة في مهرجان «كان»

اللقطة التي تظهر تفوق «التوكسيدو» على الفستان (أ.ف.ب)
اللقطة التي تظهر تفوق «التوكسيدو» على الفستان (أ.ف.ب)

إذا كان هناك شيء واحد سلطت المخرجة والممثلة اللبنانية نادين لبكي الضوء عليه في مهرجان «كان» الأخير، فهو أن الموضة خيار يعكس حالة مزاجية وشخصية. أكدت لنا إطلالتها في حفل الافتتاح أيضاً أنه كما للفستان، بذيله الطويل وأكتافه المكشوفة جمالياته في المناسبات الكبيرة، كذلك للتايور أو «التوكسيدو» تأثيره الدرامي. الأول يضفي الأنوثة ويحرك ذكريات الطفولة وصوراً حالمة للأميرات، والثاني يعكس القوة والاستقلالية، مع لمسة تمرّد على المتعارف عليه، إن احتاج الأمر.

إطلالة قوية رسمها هادي سليمان في دار «سيلين» وجسدتها نادين لبكي بدقة (أ.ب)

كل هذا جسّدته لنا نادين لبكي في حفل افتتاح الدورة 77 لمهرجان «كان» بارتدائها «توكسيدو» بطابع رجالي عوض فستان طويل. «التوكسيدو» من علامة «سيلين» وتصميم هادي سليمان. لم تحاول أن تُذوِّب شخصيته الذكورية أو تخفف منها، بالعكس لعبت على هذه النقطة، كأنها تتحداه بأنوثتها، أو فقط تحترم الحقوق الأدبية لقطعة يعدّها الرجل ملكه الخاص. سواء كان هذا أو ذاك، فإنها إطلالة ميَزتها عن باقي المشاركات في حفل الافتتاح. صُنع الجاكيت من الموهير الخفيف والناعم، نسقته مع قميص أبيض كلاسيكي من القطن، وبنطلون أيضاً بقصة سموكنغ. كل التفاصيل تحتضن طابعه الرجالي، من القصة المستقيمة والخط الساتاني الذي يمتد من أعلى الخصر إلى أسفل، والحزام، والـ«بابيون»، الذي يعدّ لحد الآن من الإكسسوارات الرجالية التي لم تسرقها المرأة بعد.

لم تحاول نادين تذويب الجرعة الرجالية أو التخفيف منها... بالعكس أبرزتها أكثر باستعمال «بابيون» (رويترز)

ليست هذه أول مرة يُسجل فيه «التوكسيدو» حضوره فوق السجادة الحمراء. سبق وألهبت أنجلينا جولي مواقع التواصل الاجتماعي والمجلات البراقة في حفل توزيع جوائز «البافتا»، بإطلالة مشابهة بتوقيع دار «سان لوران» في عام 2014، التي كان هادي سليمان، مصمماً لها قبل التحاقه بدار «سيلين». حينها أيضاً كانت الإطلالة درامية لفتت الأنظار إلى مهارته في تصميم بدلات تغوي الرجال والنساء على حد سواء.

تجدر الإشارة إلى أن كثيراً من النجمات ظهرن بـ«التوكسيدو» في مناسبات سابقة، مثل بيانكا جاغر في السبعينات، وكايت بلانشيت وكاري موليغان وغيرهن. فهذه القطعة كما نعرفها اليوم زرع الراحل إيف سان لوران بذرتها في بداية السبعينات. لكن ولا نجمة استطاعت أن تُزحزح أنجلينا جولي عن عرشها وتلك الصورة التي خلقتها في عام 2014، بالقميص الأبيض والربطة القصيرة التي تركتها مفتوحة تتدلى من الجانبين. ثم جاءت نادين لبكي لتنافسها، وذلك بتقديم هذه الإطلالة الذكورية بترجمة مختلفة ومتميزة، ساعدها في خلقها الفنان وخبير الأزياء سليمان ضياء، محترماً شخصيتها كفنانة وأسلوب هادي سليمان كمبدع لهذه القطعة.

صحيح أن الأب الروحي لهذه القطعة هو إيف سان لوران، إلا أن هادي سليمان يمنحها في كل موسم، وفي أغلب تشكيلاته لـ«سيلين» روحاً تتمرد على الفروقات الاجتماعية لمفهومي الذكورة والأنوثة. ربما يعود الفضل إلى مقولة شهيرة لبيير بيرجيه شريك المصمم الراحل أنه «إذا كانت كوكو شانيل قد حرَرت المرأة، فإن إيف سان لوران منحها القوة». وهذا تحديداً ما يقدمه في كل موسم، و جسدته إطلالة نادين لبكي برسمها لوحة لامرأة تحضُن أنوثتها وتفرَدها بقوة.


مقالات ذات صلة

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

لمسات الموضة حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

مع اقتراب نهاية كل عام، تتسابق المتاجر والمحلات الكبيرة على التفنن في رسم وتزيين واجهاتها لجذب أكبر نسبة من المتسوقين إلى أحضانها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق في عقدها الثامن اختار إريك جدّته «مانيكان» تعرض تصاميمه (حساب المُصمّم على إنستغرام)

إريك ماتيو ريتر وجدّته هدى زيادة... جيلان يلتقيان على أجنحة الموضة

معاً؛ زوّدا عالم الأزياء بلمسة سبّاقة لم يشهدها العالم العربي من قبل. التناغُم بينهما لوّن عالم الموضة في لبنان بنفحة الأصالة والشباب.

فيفيان حداد (بيروت)
لمسات الموضة كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)

إيلي صعب لـ «الشرق الأوسط»: «موسم الرياض» جسّد حلماً عربياً

مطلع العام الحالي، بدأت القصة تنسج خيوطها في لندن، وفي الرياض اكتملت في ليلة استثنائية بعنوان «1001 موسم من إيلي صعب»، تحتفل بمسيرة مصمم أصبح فخر العرب.

جميلة حلفيشي (الرياض)
لمسات الموضة سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)

الرياض تشهد عناق النجوم ببريق الترتر واللؤلؤ

بعد عام تقريباً من التحضيرات، حلّت ليلة 13 نوفمبر (تشرين الثاني). ليلة وعد إيلي صعب أن تكون استثنائية ووفى بالوعد. كانت ليلة التقى فيها الإبداع بكل وفنونه.

جميلة حلفيشي (الرياض)

كيف ألهمت أنابيب نقل الغاز «بولغري»؟

ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)
ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)
TT

كيف ألهمت أنابيب نقل الغاز «بولغري»؟

ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)
ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)

في منتصف القرن الماضي، كان فن الـ«آرت ديكو» والقطع المصنعة من البلاتين تُهيمن على مشهد المجوهرات الفاخرة. في خضم هذه الموجة التي اكتسحت الساحة، ظلت دار «بولغري» وفيّة لأسلوبها المتميز بالجرأة، واستعمال الذهب الأصفر والأحجار الكريمة المتوهجة بالألوان.

رغم أن عقداً واحداً يكفي فإن استعمال أكثر لا يؤثر بقدر ما يزيد من الفخامة (بولغري)

في هذه الفترة أيضاً ابتكرت تقنية خاصة بها، أصبحت تعرف بـ«توبوغاس»، وتستمد اسمها من الأنابيب التي كانت تستخدم لنقل الغاز المضغوط في عشرينات القرن الماضي. ففي تلك الحقبة أيضاً بدأ انتشار التصميم الصناعي في أوروبا، ليشمل الأزياء والديكور والمجوهرات والفنون المعمارية وغيرها.

ظهر هذا التصميم أول مرة في سوار ساعة «سيربنتي» الأيقونية (بولغري)

في عام 1948، وُلدت أساور بتصميم انسيابي يتشابك دون استخدام اللحام، تجسَّد في سوار أول ساعة من مجموعتها الأيقونية «سيربنتي». أدى نجاحها إلى توسعها لمجموعات أخرى، مثل «مونيتي» و«بارينتيسي» و«بولغري بولغري».

في مجموعتها الجديدة تلوّنت الأشكال الانسيابية المتموجة والأجسام المتحركة بدرجات دافئة من البرتقالي، جسَّدها المصور والمخرج جوليان فالون في فيلم سلط الضوء على انسيابية شبكات الذهب الأصفر ومرونتها، واستعان فيه براقصين محترفين عبّروا عن سلاستها وانسيابيتها بحركات تعكس اللفات اللولبية اللامتناهية لـ«توبوغاس».

بيد أن هذه التقنية لم تصبح كياناً مهماً لدى «بولغري» حتى السبعينات. فترة أخذت فيها هذه التقنية أشكالاً متعددة، ظهرت أيضاً في منتجات من الذهب الأصفر تُعبر عن الحرفية والفنية الإيطالية.

ظهرت تقنية «توبوغاس» في مجوهرات شملت أساور وساعات وعقوداً (بولغري)

لكن لم يكن هذا كافياً لتدخل المنافسة الفنية التي كانت على أشدّها في تلك الحقبة. استعملتها أيضاً في مجوهرات أخرى مثل «بارينتيسي»، الرمز الهندسي المستوحى من الأرصفة الرومانية. رصَّعتها بالأحجار الكريمة والألماس، وهو ما ظهر في عقد استخدمت فيه «التنزانيت» و«الروبيت» و«التورمالين الأخضر» مُحاطة بإطار من الأحجار الكريمة الصلبة بأشكال هندسية.

بعدها ظهرت هذه التقنية في ساعة «بولغري توبوغاس»، تتميز بسوار توبوغاس الأنبوبي المرن، ونقش الشعار المزدوج على علبة الساعة المصنوعة من الذهب الأصفر والمستوحى من النقوش الدائرية على النقود الرومانية القديمة. تمازُج الذهب الأصفر والأبيض والوردي، أضفى بريقه على الميناء المطلي باللكر الأسود ومؤشرات الساعة المصنوعة من الألماس.

من تقنية حصرية إلى أيقونة

تزينت بمجوهرات الدار نجمات عالميات فكل ما تقدمه يُعدّ من الأيقونات اللافتة (بولغري)

«بولغري» كشفت عن مجموعتها الجديدة ضمن مشروع «استوديو بولغري»، المنصة متعددة الأغراض التي تستضيف فيها مبدعين معاصرين لتقديم تصوراتهم لأيقوناتها، مثل «بي زيرو1» و«بولغري بولغري» و«بولغري توبوغاس». انطلق هذا المشروع لأول مرة في سيول في مارس (آذار) الماضي، ثم انتقل حديثاً إلى نيويورك؛ حيث تستكشف الرحلة الإرث الإبداعي الذي جسدته هذه المجموعة من خلال سلسلة من أعمال التعاون من وجهات نظر فنية متنوعة.

قوة هذه التقنية تكمن في تحويل المعدن النفيس إلى أسلاك لينة (بولغري)

بين الحداثة والتراث

قدّم الفنان متعدد المواهب، أنتوني توديسكو، الذي انضم إلى المنصة منذ محطتها الأولى ترجمته للأناقة الكلاسيكية بأسلوب امتزج فيه السريالي بالفن الرقمي، الأمر الذي خلق رؤية سردية بصرية تجسد التفاعل بين الحداثة والتراث. منح الخطوط المنسابة بُعداً ميتافيزيقياً، عززته التقنيات التي تتميز بها المجموعة وتحول فيه المعدن النفيس إلى أسلاك لينة.

تطورت هذه التقنية لتشمل قطعاً كثيرة من مجموعات أخرى (بولغري)

ساعده على إبراز فنيته وجمالية التصاميم، الفنان والمصمم الضوئي كريستوفر بودر، الذي حوَّل الحركة اللامتناهية وتدفق اللوالب الذهبية في «بولغري توبوغاس» إلى تجربة بصرية أطلق عليها تسمية «ذا ويف» أو الموجة، وهي عبارة عن منحوتة ضوئية حركية تتألف من 252 ضوءاً يتحرك على شكل أمواج لا نهاية لها، تتكسر وتتراجع في رقصة مستمرة للضوء والظل، لكنها كلها تصبُّ في نتيجة واحدة، وهي تلك المرونة والجمالية الانسيابية التي تتمتع بها المجموعة، وتعكس الثقافة الرومانية التي تشرَّبتها عبر السنين.