مصممات أزياء مصريات يتنافسن على «كوليكشن رمضان»

عبر تشكيلات نسائية محتشمة مستوحاة من التراث

عمل من تصميم عزة فاضل (صفحة المصممة على «فيسبوك»)
عمل من تصميم عزة فاضل (صفحة المصممة على «فيسبوك»)
TT

مصممات أزياء مصريات يتنافسن على «كوليكشن رمضان»

عمل من تصميم عزة فاضل (صفحة المصممة على «فيسبوك»)
عمل من تصميم عزة فاضل (صفحة المصممة على «فيسبوك»)

اتجه عدد من بيوت الأزياء المصرية منذ سنوات عدة إلى طرح مجموعات جديدة من الملابس النسائية في الشهر الكريم؛ حيث باتت تلك البيوت تخصّص مجموعة حصرية للاحتفال بهذا الشهر، وذلك تحت عنوان «كوليكشن رمضان»، التي يغلب عليها الخطوط المحتشمة والزخارف والعناصر المستلهمة من التراث، فهل بات رمضان موسماً للسباق والتنافس بين المصممين؟

المصممة نيها حته تعلق على ذلك قائلة: «بالفعل أصبحت ظاهرة واسعة الانتشار، ونسبة كبيرة من العلامات المصرية أصبحت تعتمد فكرة أن رمضان ينبغي أن تكون له تصاميم خاصة به، وتم تلخيصها في مفهوم القفطان والعباءة والكيمونو». وأضافت في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «الفكرة في حد ذاتها جيدة للغاية، فمن الرائع ظهور المرأة بإطلالة تمثل الثقافة العربية الإسلامية، لكن المشكلة أن تطورها بدأ يتخذ مساراً غير إيجابي؛ لأن البعض خرج من نطاق رمضان بوقاره وعباداته وهدوئه الروحاني إلى الاستعراض والاستهلاك والتنافس المبالغ فيه سواء من جانب أصحاب العلامات أو السيدات أنفسهن».

تصميم لنيها حته بعنوان «البشت أصله مصري» من كوليكشن رمضان (الشرق الأوسط)

وحول مجموعتها لأزياء رمضان 2024 تقول حته إنها استوحتها من الفلكلور والموروث الشعبي المصري، خصوصاً جنوب الصعيد، وذلك تحت عنوان (حدوتة مصرية)، تقول: «اعتمدت فكرة المجموعة على الاستلهام من الثقافة النوبية وموروثاتها الشعبية من أزياء وأكسسوارات وخامات، وجاء لون الطين في سريانه مع نهر النيل من الجنوب للشمال سمةً مميزةً لها».

وقدمت الفنانة الجلابية «الألجة الصعيدي» التي يرتديها رجال الصعيد، ولكن بمفهوم أنثوي رقيق، فقد أضافت قطعاً من لوحات لعازفين نوبيين يحملون البشرة السمراء نفسها من روح النوبة، ولبعض راقصات الفلكلور النوبي، وغيرها بروح نوبية صريحة. كما قدمت البشت من الكتان الطبيعي، الذي كان يرتديه الكهنة من آلاف السنين وفق حته، فضلاً عن بعض من القفاطين المستلهمة من قفاطين العمدة وشيخ الخفر في الريف المصري، ولا تخلو أكسسوارات المجموعة من الحلقان المخروطة والطارة والفضة والكردان الصعيدي وغيرها.

ملابس تراثية بنكهة عصرية ضمن مجموعة المصممة ناهد أمين الرمضانية (الشرق الأوسط)

من جهتها، قالت المصممة ناهد أمين لـ«الشرق الأوسط»: «أحرص على تقديم تشكيلة رمضانية كل عام؛ لترافق الأناقةُ المرأةَ في العزائم والخروجات كلها، وأؤيد للغاية هذه الفكرة، التي لا تقتصر على العلامات المصرية وحدها»، لافتة: «دخلت هذا السباق بيوت الأزياء العالمية أيضاً؛ مما يؤكد شغف المرأة العربية بأناقة ذات طابع خاص خلال الشهر الفضيل».

وتتابع: «أرى أن هذا الاتجاه الذي يحتفي بالحشمة والعصرية معاً إنما يمثل خوض المرأة لتجربة روحانية في إطار احتفالية رمضانية متميزة بالأناقة والجمال».

تصميم من كوليكشن رمضان للمصممة ناهد أمين (الشرق الأوسط)

اللافت في مجموعة ناهد أمين صاحبة علامة «مرح هاند ميد» هو دمجها التراث بلمسات عصرية في قطع منقوشة ومزدانة بموتيفات تقليدية ورسوم وأشكال فلكورية مستلهمة من البيئة، كما تميزت التشكيلة بقصّات حديثة وتطريزات يدوية، غلبت عليها الألوان الفاتحة والحيادية؛ لإبراز العمل اليدوي بشكل أكثر وضوحاً، مع لمسات بسيطة من ألوان أخرى. كما مزجت في بعض القطع أكثر من نوع قماش معاً لإكساب مَن ترتديها طلة جديدة.

قفطان من تصميم عزة فاضل يتميز بموضة الأكمام المنتفخة (صفحة المصممة على «فيسبوك»)

وتلبيةً لرغبة المرأة إمداد خزانة ملابسها بأزياء رمضانية تتماشى مع أجواء الشهر الكريم تمزج بين التراث والعصرية، طرحت المصممة عزة فاضل صاحبة العلامة التجارية «FAZZALI» مجموعتها لرمضان 2024 واختارت أناقة اللونين الأسود والأبيض؛ لتغلب على التشكيلة، مستخدمة خامات ثرية من التول والدانتيل والساتان مع تطريز بعض القطع، وشملت المجموعة القفطان المقصوص بشكل أنيق.

وحرصت على إبراز موضة الأكمام المنتفخة من خلال تصاميم مميزة، حيث تعد من الاتجاهات الرائجة، التي لا تنتهي، ومن اللافت أن التصاميم تناسب المرأة ذات الشخصية الانتقائية التي تحرص على الإطلالة الراقية الهادئة، والحريصة على تحقيق التوازن ما بين الجاذبية والاحتشام، حيث تحافظ كل قطعة من المجموعة على الحشمة التي هي الغاية من العباية أو القفطان، ولكنها في الوقت ذاته تتمتع بتصميم غير تقليدي لتبرز غنى الشرق بالسحر والجمال.


مقالات ذات صلة

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

لمسات الموضة حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

مع اقتراب نهاية كل عام، تتسابق المتاجر والمحلات الكبيرة على التفنن في رسم وتزيين واجهاتها لجذب أكبر نسبة من المتسوقين إلى أحضانها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق في عقدها الثامن اختار إريك جدّته «مانيكان» تعرض تصاميمه (حساب المُصمّم على إنستغرام)

إريك ماتيو ريتر وجدّته هدى زيادة... جيلان يلتقيان على أجنحة الموضة

معاً؛ زوّدا عالم الأزياء بلمسة سبّاقة لم يشهدها العالم العربي من قبل. التناغُم بينهما لوّن عالم الموضة في لبنان بنفحة الأصالة والشباب.

فيفيان حداد (بيروت)
لمسات الموضة كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع.

جميلة حلفيشي (لندن)
الاقتصاد صورة تُظهر واجهة متجر دار الأزياء الإيطالية «فالنتينو» في وسط روما (أ.ف.ب)

للمرة الأولى منذ الركود العظيم... توقعات بانخفاض مبيعات السلع الفاخرة عالمياً

من المتوقع أن تنخفض مبيعات السلع الفاخرة الشخصية عالمياً في عام 2025 لأول مرة منذ الركود العظيم، وفقاً لدراسة استشارية من شركة «بين».

«الشرق الأوسط» (روما)
لمسات الموضة في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)

هل حان الوقت ليصالح صناع الموضة ميلانيا ترمب؟

قامت ميلانيا بالخطوة الأولى بدبلوماسية ناعمة بإعلانها أنها امرأة مستقلة ولها آراء خاصة قد تتعارض مع سياسات زوجها مثل رأيها في حق المرأة في الإجهاض وغير ذلك

جميلة حلفيشي (لندن)

الرياض تشهد عناق النجوم ببريق الترتر واللؤلؤ

سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)
سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)
TT

الرياض تشهد عناق النجوم ببريق الترتر واللؤلؤ

سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)
سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)

بعد عام تقريباً من التحضيرات، حلت ليلة 13 نوفمبر (تشرين الثاني). ليلة وعد إيلي صعب أن تكون استثنائية ووفى بالوعد. كانت ليلة التقى فيها الإبداع بكل وفنونه، وتنافس فيها بريق النجوم من أمثال مونيكا بيلوتشي، وسيلين ديون، وجينفر لوبيز، وهالي بيري ويسرا، وغيرهن مع لمعان الترتر والخرز واللؤلؤ. 300 قطعة مطرزة أو مرصعة بالأحجار، يبدو أن المصمم تعمد اختيارها ليرسل رسالة إلى عالم الموضة أن ما بدأه منذ 45 عاماً وكان صادماً لهم، أصبح مدرسة ومنهجاً يقلدونه لينالوا رضا النساء في الشرق الأوسط.

من عرض إيلي صعب في الرياض (رويترز)

لقاء الموضة بالموسيقى

كان من المتوقع أن تكون ليلة خاصة بالموضة، فهذه أولاً وأخيراً ليلة خاصة بإيلي صعب، لكنها تعدت ذلك بكثير، أبهجت الأرواح وغذَّت الحواس وأشبعت الفضول، حيث تخللتها عروض فنية ووصلات موسيقية راقصة لسيلين ديون، وجينفر لوبيز، ونانسي عجرم، وعمرو دياب وكاميلا كابيلو. غنت لوبيز ورقصت وكأنها شابة في العشرينات، ثم نانسي عجرم وعمرو دياب، واختتمت سيلين ديون الفعالية بثلاث أغنيات من أشهر أغانيها وهي تتفاعل مع الحضور بحماس. لم تقف وعكتها الصحية التي لا تزال آثارها ظاهرة عليها مبرراً لعدم المشاركة في الاحتفال بمصمم تُكنّ له كل الحب والاحترام. فإيلي صعب صديق قبل أن يكون مصمم أزياء تتعامل معه، كما قالت. يؤكد إيلي الأمر في لقاء جانبي، قائلاً: «إنها علاقة عمرها 25 عاماً».

وهذا ما جعل الحفل أشبه بأغنية حب.

هالي بيري وهي تلبس فستان الأوسكار الأيقوني نفسه الذي ارتدته عام 2002 (خاص)

هالي بيري التي ظهرت في أول العرض بالفستان الأيقوني الذي ظهرت به في عام 2002 وهي تتسلم جائزة الأوسكار بوصفها أول ممثلة سمراء، دمعت عيناها قبل العرض، وهي تعترف بأن هذه أول مرة لها في الرياض وأول مرة تقابل فيها المصمم، رغم أنها تتعامل معه منذ عقود. وأضافت أنه لم يكن من الممكن ألا تحضر المناسبة؛ نظراً للعلاقة التي تربطهما ببعض ولو عن بُعد.

يؤكد إيلي عمق هذه العلاقة الإنسانية قائلاً: «علاقتي بهالي بيري لم تبدأ في عام 2002، بل في عام 1994، حين كانت ممثلة صاعدة لا يعرفها المصممون». وأضاف ضاحكاً: «لا أنكر أن ظهورها بذلك الفستان شكَّل نقلة مهمة في مسيرتي. ويمكنني القول إنه كان فستاناً جلب الحظ لنا نحن الاثنين. فيما يخصني، فإن ظهورها به وسَّع قاعدة جمهوري لتشمل الإنسان العادي؛ إذ إنها أدخلتني ثقافة الشارع بعد أن كنت معروفاً بين النخبة أكثر». غني عن القول أن كل النجمات المشاركات من سيلين وجينفر لوبيز إلى نانسي عجرم من زبوناته المخلصات. 80 في المائة من الأزياء التي كانت تظهر بها سيلين ديون مثلاً في حفلات لاس فيغاس من تصميمه.

عرض مطرَّز بالحب والترتر

بدأ عرض الأزياء بدخول هالي بيري وهي تلبس فستان الأوسكار الأيقوني نفسه. لم يتغير تأثيره. لا يزال أنيقاً ومبتكراً وكأنه من الموسم الحالي. تلته مجموعة تقدر بـ300 قطعة، أكثر من 70 في المائة منها جديدة لخريف وشتاء 2025 ونسبة أخرى من الأرشيف، لكنها كلها كانت تلمع تطريزاً وترصيعاً إما بالترتر والخرز أو اللؤلؤ. فالتطريز لغة أتقنها جيداً وباعها للعالم. استهجنها المصممون في البداية، وهو ما كان يمكن أن يُحبط أي مصمم صاعد يحلم بأن يحفر لنفسه مكانة بين الكبار، إلا أنه ظل صامداً ومتحدياً. هذا التحدي كان واضحاً في اختياراته لليلته «1001 موسم من إيلي صعب» أيضاً بالنظر إلى كمية البريق فيها.

ساهمت في تنسيق العرض كارين روتفيلد، رئيسة تحرير مجلة «فوغ» النسخة الفرنسية سابقاً، والمعروفة بنظرتها الفنية الجريئة. كان واضحاً أنها تُقدّر أهمية ما كان مطلوباً منها. فهذه احتفالية يجب أن تعكس نجاحات مسيرة عمرها 45 عاماً لمصمم وضع صناعة الموضة العربية على الخريطة العالمية. اختير لها عنوان «1001 موسم من إيلي صعب» لتستعرض قوة المصمم الإبداعية والسردية. قال إنه استوحى تفاصيلها من عالم ألف ليلة وليلة. لكن حرص أن تكون اندماجاً بين التراث العربي والابتكار العصري. فكل تصميم كانت له قصة أو يسجل لمرحلة كان لها أثر على مسيرته، وبالتالي فإن تقسيم العرض إلى مجموعات متنوعة لم يكن لمجرد إعطاء كل نجمة مساحة للغناء والأداء. كل واحدة منهم عبَّرت عن امرأة تصورها إيلي في مرحلة من المراحل.

جينفر لوبيز أضفت الشباب والحيوية على العرض (خاص)

جينفر لوبيز التي ظهرت بمجموعة من أزيائه وهي ترقص وتقفز وكأنها شابة في العشرينات، كانت تمثل اهتمامه بمنح المرأة حرية الحركة، بينما كانت نانسي عجرم بفستانها الكلاسيكي المرصع بالكامل، تعبّر عن جذور المصمم اللبناني وفهمه لذوق المرأة العربية ككل، ورغبتها في أزياء مبهرة.

أما المغنية كاميلا كابيلو فجسدت شابة في مقتبل العمر ونجح في استقطابها بتقديمه أزياء مطعَّمة ببعض الجرأة تعكس ذوق بنات جيلها من دون أن تخرج عن النص الذي كتبه لوالدتها. كانت سيلين ديون، مسك الختام، وجسَّدت الأيقونة التي تمثل جانبه الإبداعي وتلك الأزياء التي لا تعترف بزمان أو مكان.

حب للرياض

بعد انتهاء العرض، وركض الضيوف إلى الكواليس لتقديم التحية والتبريكات، تتوقع أن يبدو منهكاً، لكنه كان عكس ذلك تماماً. يوزع الابتسامات على الجميع، يكرر لكل من يسأله أن أكثر ما أسعده، إلى جانب ما شعر به من حب الحضور والنجوم له، أنه أثبت للعالم «أن المنطقة العربية قادرة على التميز والإبداع، وأن ما تم تقديمه كان في المستوى الذي نحلم به جميعاً ونستحقه».

وأضاف: «أنا ممتن لهذه الفرصة التي أتاحت لي أن أبرهن للعالم أن منطقتنا خصبة ومعطاءة، وفي الوقت ذاته أن أعبّر عن حبي للرياض. فأنا لم أنس أبداً فضل زبونات السعودية عليّ عندما كنت مصمماً مبتدئاً لا يعرفني أحد. كان إمكانهن التعامل مع أي مصمم عالمي، لكن ثقتهن في كانت دافعاً قوياً لاستمراري».

سيلين ديون أداء مبهر وأناقة متألقة (خاص)

أسأله إن كان يخطر بباله وهو في البدايات، في عام 1982، أن يصبح هو نفسه أيقونة وقدوة، أو يحلم بأنه سيدخل كتب الموضة بوصفه أول مصمم من المنطقة يضع صناعة الموضة العربية على خريطة الموضة العالمية؟ لا يجيب بالكلام، لكن نظرة السعادة التي كانت تزغرد في عيونه كانت أبلغ من أي جواب، وعندما أقول له إنه مصمم محظوظ بالنظر إلى حب الناس له، يضحك ويقول من دون تردد نعم أشعر فعلاً أني محظوظ.